الجمعة، 15 يونيو 2018

ترجمة ابن كثير الحافظ


تفسير ابن كثير - إسلام ويب
تفسير سورة البقرة · تفسير سورة الكهف · تفسير سورة المائدة · تفسير سورة العصر
ابن كثير ومنهجه في التفسير - موقع مقالات إسلام ويب
الحافظ ابن كثير محدث مفسر لا نعلم من اتهمه بالتدليس - إسلام ...
حول تفسير ابن كثير وإحياء علوم الدين - إسلام ويب - مركز
منزلة تفسير ابن كثير ومنهجه - إسلام ويب - مركز الفتوى
الروايات الإسرائيلية في تفسير ابن كثير مسندة ومبينة
الكتب - البداية والنهاية- الجزء رقم1 - إسلام ويب
الكتب - تفسير القرآن العظيم - تفسير سورة الأنبياء
معنى قول ابن كثير هذا حديث غريب عزيز - إسلام ويب - مركز
تفسير ابن كثير - ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

حديثنا في هذه السطور عن إمام جليل، وحافظ عليم، ومفسر قدوة، طار صيته في الآفاق، ونال القبول في الحياة قبل الممات، إنه إسماعيل بن عمرو بن كثير الدمشقي، الفقيه الشافعي.
تلقى العلم عن أكابر علماء عصره، ومن بينهم ابن تيمية الذي لازمه فترة، وامتحن بسببه، وكان ميالاً إلى كثير من آرائه واجتهاداته.
كان رحمه الله على مبلغ من العلم عظيم، وعلى مكان من العقل وفير، شهد له أهل العلم بذلك؛ فهذا ابن حجر يصفه بأنه "كان كثير الاستحضار، حسن المفاكهة، وطارت تصانيفه في البلاد في حياته، وانتفع بها الناس بعد وفاته"، أما الإمام الذهبي فيقول في وصفه: "الإمام المفتي، المحدث البارع، فقيه متفنن، محدث متقن، مفسر نقَّال، له تصانيف مفيدة". ومهما قال القائلون فيه، فإن شخصية ابن كثير العلمية تتجلى بوضوح لمن يقرأ "تفسيره" أو "تاريخه"، وهما من خير ما ألَّف، وأجود ما أَخرج للناس، فقد أجاد فيهما وأفاد.
فتفسيره -وهو موضوع حديثنا- المسمى "تفسير القرآن العظيم" يُعدُّ من أشهر ما دُوِّن في موضوع التفسير بالمأثور، وهو بهذا الاعتبار يأتي بعد تفسير الطبري.
ومما امتاز به هذا التفسير سهولة عبارته، وإيجاز صياغته؛ فقارئه لا يحتاج إلى كثير عناء لتحصيل المعنى المراد، وهو أيضًا ليس بالطويل الممل، ولا بالوجيز المخِلَّ، بل كان طريقًا وسطًا، بين بين.
وقد صدَّر ابن كثير "تفسيره" بمقدمة هامة ضمَّنها كثيرًا من الأمور ذات الصلة بالقرآن الكريم وتفسيره، واعتمد في ذلك على كلام شيخه ابن تيمية رحمه الله في مقدمته التفسيرية.
أما عن منهج ابن كثير في "تفسيره" فيمكن حصره في خطوات ثلاث:
الأولى: اعتماده تفسير القرآن الكريم على المأثور؛ فهو أولاً يفسر الآية بآية أخرى، وهو في هذا شديد العناية، وبارع إلى أقصى غاية في سرد الآيات المتناسبة في المعنى الواحد. ثم بعد ذلك يشرع في سرد الأحاديث المتعلقة بالآية المراد تفسيرها، ويبين ما يُقبل من تلك الأحاديث وما لا يُقبل. ثم يشفع هذا وذاك بذكر أقوال الصحابة والتابعين، ومَن بعدهم من أهل العلم، ويرجِّح ما يراه الأرجح، ويُعْرِض عن كل نقل لم يصح ثبوته، وعن كل رأي لم ينهض به دليل.
الثانية: ومن منهجه -وهو مما امتاز به- أن ينبِّه إلى ما في التفاسير من منكرات المرويات الإسرائيلية؛ فهو مثلاً عند تفسيره لقصة البقرة، وبعد أن يسرد الروايات الواردة في ذلك نجده يقول: "والظاهر أنها مأخوذة من كتب بني إسرائيل، وهي مما يجوز نقلها، ولكن لا تصدق ولا تكذب، فلهذا لا يعتمد عليها إلا ما وافق الحق عندنا". وقد حدد موقفه من الروايات الإسرائيلية، فقال: " وإنما أباح الشارع الرواية عنهم، في قوله صلى الله عليه وسلم: (وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) فيما قد يُجوِّزه العقل، فأما فيما تحيله العقول، ويحكم فيه بالبطلان، ويغلب على الظنون كذبه فليس من هذا القبيل".
أما الخطوة الثالثة من منهجه، فتظهر من خلال التعرف على موقفه من آيات الأحكام، إذ نجده ينقل أقوال أهل العلم في مسائل الأحكام، مشفوعة بأدلة كل منهم، ثم يُرجِّح من أقوالهم ما يرى أن الدليل يدعمه، أو أن السياق يؤيده؛ وهو في كل ذلك مقتصد غير مسرف، ومعتدل غير مفرط.
وعلى الجملة...فإن تفسير ابن كثير من أخير التفاسير بالمأثور وأنفعها، وأقومها سبيلاً، يُنْبِئُكَ بهذا قبول الناس له قديمًا وحديثًا، ويكفيك في هذا ما قاله الإمام السيوطي رحمه الله في حق هذا التفسير: "بأنه لم يؤلَّف على نمطه مثله".
ويشار أخيراً إلى أن هذا التفسير قد طُبع أكثر من طبعة، وقام على تحقيقه وتخريج أحاديثه عدد من العلماء، المشهود لهم بالخير والصلاح، وطول الباع في هذا الشأن، وقد قدموا بعملهم هذا خدمة جليلة لهذا التفسير، الذي لا يزال يحظى برضى الجميع من الخاصة والعامة الرابط من ويكبيديا........
ومن ملتقي اهل الحديث
لإمام ابن كثير المفسر

اسمه ونسبه:
هو إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير بن ضوء بن زرع، الشيخ الإمام العلامة عماد الدين أبو الفداء ابن الشيخ شهاب الدين أبي حفص القرشي البصروي الدمشقي الشافعي، المعروف بابن كثير[1]. وُلِد سنة 701هـ/ 1301م[2]، في قرية مجيدل من أعمال بُصْرى الشام[3]، وعاش في دمشق[4].
طفولته وتربيته:
كان للبيئة المحيطة بابن كثير أثر كبير في نشأته؛ فقد كان أبوه خطيبًا ببلدة مجيدل القُرَيَّة إلى أن توفِّي سنة 703هـ، وبقي ابن كثير تحت رعاية أخيه كمال الدين عبد الوهاب، الشقيق والشفيق، وترعرع في طفولته في هذه القرية مدة أربع سنوات، وهي سن الطفولة يتيمًا بعد فَقْد الوالد ولكنه امتلأ قلبه من ذكريات الطفولة، ونَعِم بآثار والده المعنوية، وحفظ أحاديث الناس عن خطب والده، وأقواله المأثورة، وأشعاره المحفوظة، وأدرك بحسِّه منزلة العالم المخلص، وأثره في الحياة والمجتمع، ومكانته في القلوب والنفوس، وسمع من إخوته وأخواته سبب تسميته بإسماعيل، تيمنًا بأخيه الأكبر (من أبيه) الذي سلك طريق العلم، فأخذه عن والده.
ثم ارتحل إلى دمشق لاستكمال التكوين العلمي، فاختطفته يد المنون في شبابه، فوُلِد للوالد هذا الابن الأخير فسمَّاه إسماعيل ليكون كأخيه في طلب العلم، فاتجه ابن كثير رحمه الله تعالى إلى تحصيل العلم منذ السن المبكر؛ ليقرَّ عين والده في قبره، وليصبح كأبيه في قلوب الناس.
ولما بلغ ابن كثير السابعة من عمره، ارتحل بصحبة أخيه الشقيق عبد الوهاب إلى مدينة دمشق التي كانت مَوْئِلَ العلماء، وحاضرة العلم، ومركز الحضارة، وينبوع العطاء، ومحط الأنظار، ومرابع المعرفة التي يفد إليها العلماء والطلاب من كل حدب وصوب.
وكان أخوه عبد الوهاب بمنزلة الأب والأستاذ الأول لابن كثير، الذي أخذ منه الشيء الكثير، واستمر في ملازمته والاستفادة من علمه طوال حياته التي امتدت إلى سنة 750هـ.
ويحدثنا ابن كثير -رحمه الله تعالى- عن رحلته إلى دمشق بصحبة أخيه عبد الوهاب، فيقول: "ثم تحولنا من بعده (بعد وفاة الوالد) في سنة سبع وسبعمائة إلى دمشق، صحبه كمال الدين عبد الوهاب، وقد كان لنا شقيقًا، وبنا رفيقًا شفوقًا، وقد تأخرت وفاته إلى سنة خمسين، فاشتغلت على يديه في العلم، فيسَّر الله تعالى منه ما يسر، وسهَّل منه ما تعسر"[5].
واستقر ابن كثير في دمشق، وصار ابنًا من أبنائها، وعالمًا من علمائها، وخطيبًا ومدرسًا فيها، وأحبها من قلبه فلم يفارقها حتى مات ودُفن فيها، وكان وفيًّا لها فكتب تاريخها، ووصف أفراحها وانتصاراتها، وبكى أحزانها وأتراحها، وشارك في أحداثها، وكان له دور فاعل في ذلك حتى صار يُشار إليه بالبنان: محدِّثًا ومفسرًا، ومدرسًا ورئيسًا، ومصلحًا وداعيةً، ومعلمًا ومؤرخًا[6].
ملامح شخصيته وأخلاقه:
لقد حبا الله ابن كثير -رحمه الله- بكثيرٍ من الصفات الحميدة، والشمائل الكريمة، والخلال العذبة، والتي لا يتصف بها إلا العلماء الأخيار الأفذاذ؛ ومن هذه الصفات:
1- الحفظ: وهب الله ابن كثير حافظة قوية، وذاكرة ممتازة، وموهبة متفوقة، فكان قادرًا على حفظ العلوم والمتون، واكتناز المعلومات، وظهر أثر ذلك في مصنفاته؛ فقد حفظ ابن كثير القرآن الكريم وهو في الحادية عشرة من عمره، كما صرَّح بذلك في تاريخه[7]، وحفظ التنبيه في الفقه الشافعي، وعرضه سنة ثماني عشرة، وحفظ مختصر ابن الحاجب في أصول الفقه[8]، وحفظ المتون المتنوعة في العلوم؛ ولذلك وصفه عدد من العلماء بحفظ المتون، فقال شيخه الذهبي: "ويحفظ جملة صالحة من المتون والرجال وأحوالهم، وله حفظ ومعرفة"[9].
وقال عنه تلميذه ابن حِجِّي: "كان أحفظ مَن أدركناه لمتون الأحاديث، وأعرفهم بجرحها ورجالها، وصحيحها وسقيمها، وكان أقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك"[10].
2- الاستحضار: اقترنت صفة الحفظ عند ابن كثير بصفة أخرى وهي صفة الاستحضار؛ مما يدل على المنحة الإلهية له بقوة الذاكرة، وقلة النسيان. وهو من أعظم المواهب الإلهية، وأكبر ميزة للعالم والمصنِّف والفقيه؛ لذلك كان ابن كثير يستحضر المتون والكتب والعلوم حتى لفت نظر المحققين والمحدثين، فهو ينقل من مصادر عدة، ولكنه يضع المعلومات بصيغته وأسلوبه الخاص به، مما يرجح أنه كان يكتب ويصنف من ذاكرته وحافظته، ويتصرف بذلك حسب مقتضى الحال والمقام[11].
3- الفَهْم الجيد: هذه الصفة من المنح الإلهية للإنسان، ومن التوفيق الرباني له، وتتأثر بالعوامل المكتسبة عن طريق الإخلاص، والتقصِّي والدراسة، والاستيعاب والاجتهاد، وتحرِّي الدقة العلمية؛ مما تساعد صاحبها -بفضل الله تعالى وتوفيقه- على الفهم الجيد، والإدراك الصحيح، والاستنتاج المقبول[12]؛ لذلك يقول عنه تلميذه ابن حجي: "وكان فقيهًا جيد الفهم، صحيح الذهن"[13].
4- خفة الروح: وهذه الصفة من الصفات الحسنة للإنسان عامَّةً، ومن عوامل التفوق والنجاح في التدريس والوعظ خاصَّةً، وتدل على سماحة النفس، والاهتمام بالطلاب، والتخفيف عنهم، والترويح في التدريس[14].
5- الالتزام بالحديث والسُّنَّة: من صفات ابن كثير أنه كان حريصًا على التزام السنة، والدعوة إلى اتِّباع السلف، وهو ما يظهر عند مراجعة مؤلفاته وكتبه؛ ولا غرابة في ذلك فهو المحدِّث الفقيه الحافظ لأحاديث الرسول ، وكان ابن كثير رحمه الله يحارب البدع، ويدعو إلى تركها، ويساهم في إنكارها، ويفرح لإبطالها، ويسجِّل هذه المشاعر والعواطف والمبادئ في كتبه ومصنفاته، وكان يتتبع البدع ويتألم لوجودها، ويسعى لإبطالها، ويهلل لإلغائها[15].
6- الخلق والفضيلة والموضوعية: كانت أخلاق ابن كثير رحمه الله حميدة، ويلتزم الفضائل والقيم، وسعة الصدر، والحلم، والصداقة المخلصة، والتقدير لشيوخه؛ فقد ترجم لعدد كبير منهم في تاريخه، وأثنى عليهم خيرًا، وعدَّد مناقبهم، وأثبت فضائلهم، واعترف بالأخذ عن الأساتذة، وحسن الصحبة للزملاء والمعاصرين[16].
7- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وهذا من المبادئ الإسلامية الرشيدة في الدعوة والنصح والإرشاد، والتكافل والتناصح بين أفراد الأمة والمجتمع، وهو واجب عيني على كل مسلم قادر ومستطيع أن يقوم به[17]؛ لحديث رسول الله "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ..."[18]. ويتأكد واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الدعاة والعلماء والمصلحين، ثم على الحكام والمحكومين؛ وكان ابن كثير يعرف واجبه في هذا الجانب الخطير، ويؤدِّي حقه في مرضاة الله تعالى للحاكم والمحكومين، لا يبتغي بذلك إلا الأجر والثواب من الله تعالى، ولا يخشى في الله لومة لائم؛ فيقول الحق، ويقرر الشرع، ويؤدي الأمانة، ويبلِّغ حكم الله تعالى في كل الأمور والظروف والأحوال، ولو كان الأمر يتعلق بشئون الحكم، والخلاف بين الأمراء الذين يحاولون أن يتحصنوا بفتوى كبار العلماء، ويجعلوها ذريعة لتحقيق مآربهم[19].
8- إنصاف الخصوم: يقول الله : {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 58]. والعدل مطلوب من الحكام والقضاة، ومن كل ذي ولاية وسلطة مهما تنوعت واختلفت وتفاوتت درجتها، وذلك بإنصاف الناس -وحتى الخصوم- من النفس، وحينئذٍ يصبح الإنسان من السابقين إلى ظلِّ الله تعالى يوم القيامة.
والعدل من الفضائل، وخاصةً إذا كان الأمر مع الخَصْم، فهو أعلى درجات العدل بأن ينصف الإنسان خصمه من نفسه، وهذه المرتبة العليا لا يبلغها إلا القلة، وتدل على أن صاحبها بلغ رتبة عالية من تطبيق أحكام الشرع وآدابه، ومراقبة الله تعالى في ذلك، حتى يجاهد نفسه فيخضعها للحق، ويقف بها عند جادَّة الصواب، ولا يستسلم لهواه وأهوائه.
وهذا ما حدث مع ابن كثير -رحمه الله- في ترجمته لكثير من خصومه في الرأي والفكر والمواقف، فيصفهم بالحق والعدل، ولا يتجنى عليهم، ولا ينقصهم صفة لهم؛ ومن الشواهد الكثيرة على ذلك نجد في (البداية والنهاية) أنه كان بين ابن كثير وبين قاضي القضاة تقي الدين السبكي خصومة فكرية، وتشاء الظروف أن تُوجَّه اتهامات إلى قاضي القضاة بالتفريط في أموال الأيتام، وطُلِب من المفتين أن يضعوا خطوطهم بتثبيت الدعوى ضده لتغريمه ومحاكمته، ويصل الأمر إلى صاحبنا العلامة ابن كثير ذي الخُلُق الكريم، والموقف العادل، فيأبى الكتابة، ويُنصِف قاضي القضاة، ويوقف الافتراء والاتهام إلى أن يتبين الحق، ويسجِّل ذلك في تاريخه في أحداث سنة 743هـ[20].
9- الإصلاح الديني: نزل الإسلام صافيًا من السماء، وبلغه رسوله عليه الصلاة والسلام حتى لحق بالرفيق الأعلى، وقد ترك أمته على المحجة البيضاء، والتزم الصحابة -رضوان الله عليهم- بهذا الطريق القويم، وأدوا الأمانة، ونشروا الإسلام في الخافقين، وسار التابعون وتابعو التابعين على نهجهم، فكانوا خير القرون في تطبيق الإسلام، ونصاعة مبادئه. ثم بدأ يعلق به الغبار مع الأيام، وتُضاف إليه بعض الأمور التي لا تتفق مع جوهر الدين، وتُلحق به البدع والخرافات شيئًا فشيئًا، وقد تستشري في بعض الأحيان لتشوه صورة الإسلام النقية.
وهنا يأتي دور العلماء والدعاة والمصلحين الذين ينادون بالدعوة إلى تطبيق الإسلام، والعودة إلى مبادئه الصافية، وتطهيره من البدع والخرافات. وقد ظهر في القرن السابع والثامن الهجريين علماء أفذاذ يمثلون هذا الاتجاه الإصلاحي، وكان الأشهر والأبرز في هذه المدرسة شيخ الإسلام ابن تيمية، الذي وقف في وجه البدع والخرافات الموجودة والمنتشرة في ذلك الوقت، ورفع الراية في وجه المبتدعة وغلاة الصوفية.
وكان من نتيجة ذلك أن انقسم العلماء والفقهاء والحكام والناس في شأن ابن تيمية إلى فريقين، فتحامل عليه علماء الصوفية، وكثير من الفقهاء والقضاة حتى وشوا به عند الحكام، فوقف بعضهم بجانبه، والبعض الآخر وقف ضده، وكان من الذين وقفوا مع ابن تيمية وناصروه ابن كثير رحمه الله[21].
شيوخه:
أخوه الأكبر عبد الوهاب بن عمر بن كثير كمال الدين[22]، وعيسى المطعم، وأحمد بن الشيخة، والقاسم بن عساكر، ومحمد بن محمد بن محمد الشيرازي، وإسحاق بن يحيى الآمدي، ومحمد بن أحمد الزراد، وابن قاضي شهبة، وابن الزَّمْلَكاني، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وبرهان الدين الفزاري (ابن الفِرْكاح)، ومحمد بن شرف الدين البعلبكي الحنبلي، وابن الشحنة، وعبد الله بن محمد بن يوسف المقدسي، وأبو الفتح الدَّبُوسي، وعلي بن عمر الواني، ويوسف الختني، ومؤرخ الشام البِرْزالي، والحافظ أبو الحجاج المِزِّي، ومؤرِّخ الإسلام الذهبي، وشمس الدين الأصفهاني، وغيرهم[23].
تلاميذه:
من أشهر تلاميذ ابن كثير: سعد الدين النووي[24]، وشهاب الدين بن حجي[25]، وابن الجزري[26]، والزركشي[27]، وغيرهم.
مؤلفات ابن كثير:
(تفسير القرآن العظيم)، و(البداية والنهاية)، وكتاب (التكميل في معرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل) جمع فيه كتابي شيخيه المِزِّي والذهبي وهما: "تهذيب الكمال في أسماء الرجال" و"ميزان الاعتدال في نقد الرجال"، مع زيادات مفيدة في الجرح والتعديل. و(تخريج أحاديث أدلة التنبيه في فروع الشافعية)، و(تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب في أصول الفقه)، و(فضائل القرآن)، وكتاب في السماع، ومسند الشيخين، والنهاية في الفتن والملاحم، والمقدمات، ومسند عمر بن الخطاب والآثار المروية عنه.
وكتاب (الهَدْي والسَّنَن في أحاديث المسانيد والسُّنَن) وهو المعروف بجامع المسانيد، جمع فيه بين مسند الإمام أحمد والبزار وأبي يعلى ومعجمي الطبراني مع الكتب الستة: الصحيحين والسنن الأربعة، ورتبه على الأبواب. و(طبقات الشافعية) مجلد وسط، ومعه مناقب الشافعي، وشرع في (شرح صحيح البخاري) ولم يكمله، وشرع في كتاب كبير في (الأحكام) وصل فيه إلى الحج، واختصار علوم الحديث، اختصر فيه مقدمة ابن الصلاح المعروفة، وسمَّاه (الباعث الحثيث)، و(مسند الشيخين) يعني أبا بكر وعمر، و(السيرة النبوية) مطوَّلة ومختصرة، و(الاجتهاد في طلب الجهاد)، و(قصص الأنبياء)، وغيرها[28].
منهج ابن كثير في تفسيره:
أ- تفسير الآية بعبارة سهلة، وبأسلوب مختصر، يوضِّح المعنى العام للآية الكريمة.
ب- تفسير الآية بآية أخرى إن وجدت؛ حتى يتبين المعنى، ويظهر المراد، وقد يذكر ابن كثير عدة آيات في تفسير الآية الأولى، وكأنه يجمع بين الآيات المتشابهة والمتماثلة في المعنى، والمتحدة في الموضوع، فتأتي الآيات المتناسبة في مكان واحد.
ج- رواية الأحاديث بأسانيدها غالبًا، وبغير إسناد أحيانًا لإلقاء الضوء النبوي على معنى الآية؛ لأن وظيفة الرسول التبليغ والبيان.
د- تفسير القرآن بأقوال الصحابة؛ حيث يُردِف ابن كثير في تفسير الآية ما وصله من أقوال الصحابة في تفسير هذه الآية، حسب المؤهلات التي يمتلكونها.
هـ- الاستئناس بأقوال التابعين وتابعي التابعين ومَن يليهم من علماء السلف، وخاصةً أهل القرون الأولى الذين شهد لهم النبي بالخيرية، وحملوا الدعوة والإسلام[29].
و- الإسرائيليات: نتج عن روايات بعض الصحابة وبعض التابعين وجود الأحاديث والروايات المأخوذة من مصادر أهل الكتاب، والتي تُسمَّى الإسرائيليات، ومعظمها غير صحيح وغير معقول، وأكثرها غرائب وطرائف. وقد نوَّه ابن كثير على وجود هذه الإسرائيليات في مقدمة تفسيره، فقال: "تُذكر للاستشهاد لا للاعتضاد"[30].
وكان ابن كثير ينبِّه على الإسرائيليات والموضوعات في التفسير، تارةً يذكرها ويعقِّب عليها بأنها دخيلة على الرواية الاسلامية، ويبين أنها من الإسرائيليات الباطلة المكذوبة، وتارةً لا يذكرها بل يشير إليها، ويبيِّن رأيه فيها. وقد تأثر في هذا بشيخه ابن تيمية، وزاد على ما ذكره كثيرًا، وكل من جاء بعد ابن كثير من المفسرين ممن تنبه إلى الإسرائيليات والموضوعات، وحذر منها.
ولا عجب في هذا، فهو من مدرسة عُرفت بحفظ الحديث، والعلم به روايةً ودرايةً، وأصالة النقد، والجمع بين المعقول والمنقول، وهي مدرسة شيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه: ابن القيم، والذهبي، وابن كثير، وأمثالهم.
ز- الأحكام الفقهية: يتعرض ابن كثير عند تفسير آيات الأحكام إلى بيان الأحكام الشرعية، ويستطرد في ذكر أقوال العلماء وأدلتهم، ويخوض في المذاهب ويعرض أدلتهم.
حـ- الشواهد اللغوية والشعرية: اعتمد ابن كثير على اللغة العربية في فهم كلام الله تعالى الذي نزل باللغة العربية، ويجب أن يفسر حسب مقتضى الألفاظ، وأساليب اللغة، ودلالات الألفاظ، وشواهد الشعر التي تدل على المعنى، وتوضِّح المراد.
ط- الأعلام والرجال: حرص ابن كثير على ذكر الأعلام الذين نقلت عنهم الآراء؛ ليكون دقيقًا في نقله، مع المحافظة على الأمانة العلمية، فجاء تفسيره زاخرًا بأسماء العلماء وأعلام الرجال.
ك- قوة الشخصية: عرض ابن كثير لأحاديث متعددة، وروايات كثيرة، وأقوال مختلفة، ولكنه لم يقف عند هذا الحد، بل كانت شخصيته العلمية واضحة وبارزة، فكان يبين درجة الأحاديث، ويثبت صحة أكثرها، ويضعِّف بعض الروايات، ويعدِّل بعض الرواة، ويجرِّح بعضًا آخر؛ وكل ذلك لباعه الطويل في فنون الحديث وأحوال الرجال. وسار على هذا النهج في إيراد الأحكام الفقهية، وآراء المذاهب، فيعمد إلى بيان الراجح منها، والموافق لدلالات الآيات الكريمة.
ي- الاقتباس: كان ابن كثير رحمه الله يعتمد على من سبقه من المفسرين، وينقل عنهم، ويصرح بذلك؛ ومنهم إمام المفسرين ابن جرير الطبري، وابن أبي حاتم، وابن عطية، وأقوال شيخ الإسلام ابن تيمية[31].
آراء العلماء فيه:
قال عنه الذهبي: "الإمام الفقيه المحدِّث البارع عماد الدين، درس الفقه وأفتى، وتفهم العربية والأصول، ويحفظ جملة صالحة من المتون والرجال وأحوالهم، وله حفظ ومعرفة"[32]. وقال الذهبي في المختص: "الإمام المفتي، المحدث البارع، ثقة، متفنن، محدث متقن"[33]. وقال عنه السيوطي: "الإمام المحدث الحافظ، ذو الفضائل، عماد الدين..."[34].
وقال عنه المؤرخ الشهير ابن تغري بردي: "الشيخ الإمام عماد الدين أبو الفداء...، وجمع وصنَّف، ودرَّس وحدَّث وألَّف، وكان له اطلاع عظيم في الحديث والتفسير والفقه والعربية وغير ذلك"[35].
وقال ابن حبيب فيه: "إمام ذوي التسبيح والتهليل، وزعيم أرباب التأويل، سمع وجمع وصنَّف، وأطرب الأسماع بقوله وشنَّف، وحدَّث وأفاد، وطارت أوراق فتاويه إلى البلاد، واشتهر بالضبط والتحرير، وانتهت إليه رئاسة العلم في التاريخ والحديث والتفسير"[36]. وقال عنه الزركلي: "حافظ مؤرخ فقيه"[37].
آراء العلماء في مؤلفاته:
قال السيوطي عن تفسير ابن كثير: "وله التفسير الذي لم يؤلَّف على نمطه مثله"[38]. وقال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة: "وسارت تصانيفه في البلاد في حياته، وانتفع بها الناس بعد وفاته"[39]. وقال الذهبي في المعجم المختص: "وله تصانيف مفيدة"[40].
وقال ابن تغري بردي عن كتابه (البداية والنهاية): "وهو في غاية الجودة... وعليه يعول البدر العيني في تاريخه"[41].
وفاته:
اتفق المؤرخون على أن ابن كثير -رحمه الله- تُوفِّي بدمشق يوم الخميس، السادس والعشرين من شعبان سنة 774هـ/ 1373م عن أربع وسبعين سنة، وكانت جنازته حافلة ومشهودة، ودُفن بوصية منه في تربة شيخ الإسلام ابن تيمية لمحبته له، وتأثره به؛ لينعم بجواره حيًّا وميتًا[42]. وقد رثاه أحد طلاب العلم فقال:
لفقـدك طلاب العلوم تأسفوا *** وجادوا بدمع لا يبيد غزير
ولو مزجوا ماء المدامع بالدِّمـا *** لكان قليلاً فيك يابن كثير[43]
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله عن الإسلام والقرآن خير الجزاء.
[1] ابن تغري بردي: المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي 1/ 177. السيوطي: طبقات الحفاظ 1/ 112.
[2] ابن تغري بردي: السابق نفسه، الصفحة نفسها.
[3] د. محمد الزحيلي: ابن كثير الدمشقي ص55، 56.
[4] السابق نفسه ص68.
[5] ابن كثير: البداية والنهاية 14/ 32.
[6] د. محمد الزحيلي: ابن كثير الدمشقي ص66- 69.
[7] ابن كثير: البداية والنهاية 14/150- 312.
[8] ابن حجر: إنباء الغمر بأبناء العمر 1/ 39. ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 6/ 231. ابن تغري بردي: المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي 1/ 416. د. محمد الزحيلي: ابن كثير الدمشقي ص119.
[9] الذهبي: معجم محدثي الذهبي (المعجم المختص) ص56. وانظر: المنهل الصافي 2/ 416.
[10] الداودي: طبقات المفسرين 1/ 111. النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس 1/36.
[11] د. محمد الزحيلي: ابن كثير الدمشقي ص121.
[12] السابق نفسه ص123.
[13] الداودي: طبقات المفسرين 1/ 111.
[14] د. محمد الزحيلي: ابن كثير الدمشقي ص123.
[15] د. محمد الزحيلي: ابن كثير الدمشقي ص124.
[16] السابق نفسه ص126.
[17] السابق نفسه ص130.
[18] مسلم: كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان وأن الإيمان يزيد وينقص وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان (49). والنسائي (5008)، وأحمد (11166).
[19] د. محمد الزحيلي: ابن كثير الدمشقي ص130، 131.
[20] ابن كثير: البداية والنهاية 14/131، 132. د. محمد الزحيلي: ابن كثير الدمشقي ص132- 135.
[21] د. محمد الزحيلي: ابن كثير الدمشقي ص137- 140.
[22] ابن تغري بردي: المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي 1/ 177.
[23] ابن قاضي شهبة: طبقات الشافعية 1/ 156. ابن تغري بردي: السابق نفسه، الصفحة نفسها.
[24] ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 7/ 49. السخاوي: الضوء اللامع 3/ 254.
[25] ابن قاضي شهبة: طبقات الشافعية 1/ 156.
[26] ابن الجزري: طبقات القراء 2/ 247. السخاوي: الضوء اللامع 9/ 255. الزركلي: الأعلام 7/ 274.
[27] ابن حجر: الدرر الكامنة 4/ 17.
[28] د. محمد الزحيلي: ابن كثير الدمشقي ص150- 152.
[29] السابق نفسه ص216- 218.
[30] ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 1/ 4.
[31] د. محمد الزحيلي: ابن كثير الدمشقي ص218- 222.
[32] ابن تغري بردي: المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي 1/ 177.
[33] السيوطي: طبقات الحفاظ 1/ 112.
[34] السيوطي: ذيل طبقات الحفاظ ص361.
[35] ابن تغري بردي: المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي 2/ 415.
[36] ابن حجر: إنباء الغمر 1/ 12.
[37] الزركلي: الأعلام 1/ 320.
[38] السيوطي: طبقات الحفاظ 1/ 112.
[39] ابن حجر: الدرر الكامنة 1/ 125. السيوطي: السابق نفسه 1/ 112.
[40] ابن حجر: السابق نفسه، الصفحة نفسها.
[41] ابن تغري بردي: المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي 1/ 177.
[42] ابن قاضي شهبة: طبقات الشافعية 1/ 156. ابن تغري بردي: السابق نفسه، الصفحة نفسها.
[43] ابن تغري بردي: السابق نفسه، الصفحة نفسها.
................
. نسبه وميلاده:
هو الإمام الحافظ، المحدث، المؤرخ، عماد الدين، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير بن ضوء بن درع القرشي الدمشقي الشافعي.
ولد بقرية "مجدل" من أعمال بصرى، وهي قرية أمه، سنة سبعمائة للهجرة أو بعدها بقليل
نشأته:
نشأ الحافظ ابن كثير في بيت علم ودين، فأبوه عمر بن حفص بن كثير أخذ عن النواوي والفزاري وكان خطيب قريته، وتوفى أبوه وعمره ثلاث سنوات أو نحوها، وانتقلت الأسرة بعد موت والد ابن كثير إلى دمشق في سنة (707 هـ)، وخلف والده أخوه عبد الوهاب، فقد بذل جهدا كبيرا في رعاية هذه الأسرة بعد فقدها لوالدها، وعنه يقول الحافظ ابن كثير: "وقد كان لنا شقيقا، وبنا رفيقا شفوقا، وقد تأخرت وفاته إلى سنة (750 هـ) فاشتغلت على يديه في العلم فيسر الله منه ما تيسر وسهل منه ما تعسر"
شيوخه:
· شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن تيمية، رحمه الله
· الحافظ أبو الحجاج يوسف المزي، رحمه الله.
· الحافظ أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، رحمه الله
· الشيخ أبو العباس أحمد الحجار الشهير بـ "ابن الشحنة".
· الشيخ أبو إسحاق إبراهيم الفزاري، رحمه الله
· الحافظ كمال الدين عبد الوهاب الشهير بـ "ابن قاضي شهبة".
· الإمام كمال الدين أبو المعالي محمد بن الزملكاني، رحمه الله.
· الإمام محيي الدين أبو زكريا يحيى الشيباني، رحمه الله.
· الإمام علم الدين محمد القاسم البرزالي، رحمه الله
· الشيخ شمس الدين أبو نصر محمد الشيرازي، رحمه الله
· الشيخ شمس الدين محمود الأصبهاني، رحمه الله
· عفيف الدين إسحاق بن يحيى الآمدي الأصبهاني، رحمه الله
· الشيخ بهاء الدين القاسم بن عساكر، رحمه الله.
· أبو محمد عيسى بن المطعم، رحمه الله.
· عفيف الدين محمد بن عمر الصقلي، رحمه الله
· الشيخ أبو بكر محمد بن الرضى الصالحي، رحمه الله.
· محمد بن السويدي، بارع في الطب
· الشيخ أبو عبد الله بن محمد بن حسين بن غيلان، رحمه الله
· الحافظ أبو محمد عبد المؤمن الدمياطي، رحمه الله
· موسى بن علي الجيلي، رحمه الله
· جمال الدين سليمان بن الخطيب، قاضي القضاة
· محمد بن جعفر اللباد، شيخ القراءات
· شمس الدين محمد بن بركات، رحمه الله
· شمس الدين أبو محمد عبد الله المقدسي، رحمه الله
· الشيخ نجم الدين بن العسقلاني.
· جمال الدين أبو العباس أحمد بن القلانسي، رحمه الله
· الشيخ عمر بن أبي بكر البسطي، رحمه الله.
· ضياء الدين عبد الله الزربندي النحوي، رحمه الله
· أبو الحسن علي بن محمد بن المنتزه، رحمه الله
· الشيخ محمد بن الزراد، رحمه الله.
تلاميذه:
· الحافظ علاء الدين بن حجي الشافعي، رحمه الله.
· محمد بن محمد بن خضر القرشي، رحمه الله
· شرف الدين مسعود الأنطاكي النحوي، رحمه الله
· محمد بن أبي محمد بن الجزري، شيخ علم القراءات، رحمه الله
· ابنه محمد بن إسماعيل بن كثير، رحمه الله
· الإمام ابن أبي العز الحنفي، رحمه الله
· الحافظ أبو المحاسن الحسيني، رحمه الله.
مؤلفاته:
أ- في علوم القرآن:
- تفسير القرآن العظيم .
- فضائل القرآن: وهو ملحق بالتفسير في النسخة البريطانية، والنسخة المكية، وقد طبعت مفردة بتحقيق الأستاذ محمد البنا في مؤسسة علوم القرآن ببيروت.
ب- في السنة وعلومها:
· أحاديث الأصول
· شرح صحيح البخاري.
· التكميل في الجرح والتعديل ومعرفة الثقات والمجاهيل: منه نسخة بدار الكتب المصرية برقم (24227) في مجلدين، وهي ناقصة
· اختصار علوم الحديث: ( نشر بمكة المكرمة سنة (1353 هـ بتحقيق الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة، ثم شرحه الشيخ أحمد شاكر، رحمه الله، وطبع بالقاهرة سنة (1355 هـ)
· جامع المسانيد والسنن الهادي لأقوم سنن: منه نسخة بدار الكتب المصرية برقم (184) حديث، ونشره مؤخرا الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي، وطبع بدار الكتب العلمية ببيروت.
· مسند أبي بكر الصديق، رضي الله عنه
· مسند عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: نشره الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي، وطبع بدار الوفاء بمصر.
· الأحكام الصغرى في الحديث
· تخريج أحاديث أدلة التنبيه في فقه الشافعية.
· تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب: طبع مؤخرا بتحقيق الكبيسي، ونشر في مكة.
· مختصر كتاب "المدخل إلى كتاب السنن" للبيهقي
· جزء في حديث الصور.
· جزء في الرد على حديث السجل.
· جزء في الأحاديث الواردة في فضل أيام العشرة من ذي الحجة.
· جزء في الأحاديث الواردة في قتل الكلاب.
· جزء في الأحاديث الواردة في كفارة المجلس.
جـ - في الفقه وأصوله:
· الأحكام الكبرى.
· كتاب الصيام.
· أحكام التنبيه.
· جزء في الصلاة الوسطى.
· جزء في ميراث الأبوين مع الإخوة.
· جزء في الذبيحة التي لم يذكر اسم الله عليها.
· جزء في الرد على كتاب الجزية.
· جزء في فضل يوم عرفة
· المقدمات في أصول الفقه.
د- في التاريخ والمناقب:
البداية والنهاية: مطبوع عدة طبعات في مصر وبيروت، أحسنها الطبعة التي حققها الدكتور علي عبد الستار وآخرون.و مطبوع في مصر بتحقيق أحمد عبد العزيز.
· جزء مفرد في فتح القسطنطينية.
· السيرة النبوية: مطبوع باسم الفصول في سيرة الرسول بدمشق
· طبقات الشافعية: منه نسخة في شستربيتى بإيرلندا، وقد طبع مؤخرا في مصر
· الواضح النفيس في مناقب محمد بن إدريس: منه نسخة في شستربيتى بإيرلندا.
· مناقب ابن تيمية.
· مقدمة في الأنساب
كتاب تفسير القرآن العظيم
1- تاريخ كتابته:
لم يحدد الحافظ ابن كثير، رحمه الله، تاريخ بدايته في كتابة هذا التفسير ولا تاريخ انتهائه منه، لكن ثمة دلائل تدل على تاريخ انتهائه منه، فإنه ذكر عند تفسير سورة الأنبياء شيخه المزي ودعا له بطول العمر مما يفهم منه أنه قد ألف أكثر من نصف التفسير في حياة شيخه المزي المتوفى سنة (742 هـ).
واقتبس منه الإمام الزيلعي في كتابه تخريج أحاديث الكشاف (2-180) والزيلعي توفي سنة (762 هـ)، مما يدل على أن كتاب الحافظ ابن كثير انتشر في هذه الفترة.
هذا وتعتبر النسخة المكية أقدم النسخ التي وقعت بأيدينا، وقد جاء بآخرها: "آخر كتاب فضائل القرآن وبه تم التفسير للحافظ العلامة الرحلة الجهبذ مفيد الطالبين الشيخ عماد الدين إسماعيل الشهير بابن كثير، على يد أفقر العباد إلى الله الغني محمد بن أحمد بن معمر المقري البغدادي، عفا الله عنه ونفعه بالعلم، ووفقه للعمل به آمين.... بتاريخه يوم الجمعة عاشر جمادى الآخرة من سنة تسع وخمسين وسبعمائة هلالية هجرية".
2- أهميته:
يعد تفسير الحافظ ابن كثير، رحمه الله، من الكتب التي كتب الله لها القبول والانتشار، فلا تكاد تخلو منه اليوم مكتبة سواء كانت شخصية أو عامة.
وقد نهج الحافظ ابن كثير فيه منهجًا علميًا أصيلا وساقه بعبارة فصيحة وجمل رشيقة، وتتجلى لنا أهمية تفسير الحافظ ابن كثير، رحمه الله، في النقاط التالية:
1-ذكر الحديث بسنده.
2-حكمه على الحديث في الغالب.
3-ترجيح ما يرى أنه الحق، دون التعصب لرأي أو تقليد بغير دليل.
4-عدم الاعتماد على القصص الإسرائيلية التي لم تثبت في كتاب الله ولا في صحيح سنة رسول الله ، وربما ذكرها وسكت عليها، وهو قليل.
5-تفسيره ما يتعلق بالأسماء والصفات على طريقة سلف الأمة، رحمهم الله، من غير تحريف ولا تأويل ولا تشبيه ولا تعطيل.
6-استيعاب الأحاديث التي تتعلق بالآية،
وقد قال السيوطي في ترجمة الحافظ ابن كثير: "له التفسير الذي لم يؤلف على نمط مثله".
وقال الشوكاني: "وله تصانيف، منها التفسير المشهور وهو في مجلدات، وقد جمع فيه فأوعى، ونقل المذاهب والأخبار والآثار، وتكلم بأحسن كلام وأنفسه، وهو من أحسن التفاسير إن لم يكن أحسنها".
3- رأيه في الإسرائيليات:
الحافظ ابن كثير، رحمه الله له كلمات قوية في شأن الإسرائيليات وروايتها، وتفسيره يعد من الكتب الخالية من الإسرائيليات، اللهم إلا القليل الذي يحكيه ثم ينبه عليه، والنادر الذي يسكت عنه، وقد نبهت عليه في الحاشية.
ومن كلماته في الإسرائيليات قال في مقدمة تفسيره -بعد أن ذَكر حديثَ "بلّغُوا عنِّي ولو آيةً، وحدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حَرَجَ، ومن كذب عليّ متعمدًا فليتبوأْ مقعده من النار"-: "ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تُذكر للاستشهاد، لا للاعتضاد. فإنها على ثلاثة أقسام:
أحدها: ما علمنا صحتَه مما بأيدينا مما نشهدُ له بالصدق، فذاك صحيح.
والثاني: ما علمنا كذبَه بما عندنا مما يخالفه.
والثالث: ما هو مسكوت عنه، لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمِنُ به ولا نكذّبه، وتجوزُ حكايتُه لما تقدّم. وغالبُ ذلك مما لا فائدة فيه تعودُ إلى أمرٍ دينيّ. ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيرًا، ويأتي عن المفسرين خلافٌ بسبب ذلك.
مصادره:
بلغت مصادره 217 مصدر في تفسيره ومن خلال هذا العدد الهائل من المصادر يتضح لنا الجهد العظيم الذي بذله الحافظ ابن كثير، رحمه الله، في إخراج كتابه.
وفاته ورثاؤه:
في يوم الخميس السادس والعشرين من شهر شعبان سنة أربع وسبعين وسبعمائة توفي الحافظ ابن كثير بدمشق، ودفن بمقبرة الصوفية عند شيخه ابن تيمية، رحمه الله.
وقد ذكر ابن ناصر الدين أنه "كانت له جنازة حافلة مشهودة، ودفن بوصية منه في تربة شيخ الإسلام ابن تيمية بمقبرة الصوفية".
وقد قيل في رثائه، رحمه الله:
لفقــدك طلاب العلـوم تأسـفوا ** وجـادوا بـدمع لا يبـير غزيـر
ولو مزجوا ماء المـدامع بالدمـا ** لكـان قلـيلا فيـك يـا بن كثيـر
منقول عن ترجمة لابن كثير رحمه الله (للدكتور سيد جمعه سلام) باختصار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق