فَصْلُ ( الْمَدِينَةُ النَّبَوِيَّةُ لَا يَدْخُلُهَا الدَّجَّالُ )
وَأَمَّا الْمَدِينَةُ النَّبَوِيَّةُ فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الدَّجَّالَ لَا يَدْخُلُهَا وَلَا مَكَّةَ ، وَأَنَّهُ يَكُونُ عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلَائِكَةٌ يَحْرُسُونَهَا مِنْهُ .
وَفِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " ، مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ ، عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ ، عَنْ أَبِي [ ص: 246 ] هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا يَدْخُلُهَا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ ، وَلَا الطَّاعُونُ " . وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُخَيِّمُ بِظَاهِرِهَا ، وَأَنَّهَا تَرْجُفُ بِأَهْلِهَا ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ كُلُّ مُنَافِقٍ وَمُنَافِقَةٍ ، وَفَاسِقٍ وَفَاسِقَةٍ ، وَيَثْبُتُ فِيهَا كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ ، وَمُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ ، وَيُسَمَّى يَوْمَئِذٍ يَوْمَ الْخَلَاصِ ، وَأَكْثَرُ مَنْ يَخْرُجُ إِلَيْهِ النِّسَاءُ وَهِيَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّهَا طَيْبَةُ ، تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طِيبُهَا " .
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ الْآيَةَ [ النُّورِ : 26 ] .
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْمَدِينَةَ تَكُونُ عَامِرَةً أَيَّامَ الدَّجَّالِ ، ثُمَّ تَكُونُ كَذَلِكَ فِي زَمَنِ الْمَسِيحِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، حَتَّى تَكُونَ وَفَاتُهُ بِهَا ، وَدَفْنُهُ بِهَا ، ثُمَّ تُخَرَّبُ بَعْدَ ذَلِكَ .
كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " لَيَسِيرَنَّ الرَّاكِبُ فِي جَنَبَاتِ الْمَدِينَةِ ، ثُمَّ لَيَقُولُ : لَقَدْ كَانَ فِي هَذَا حَاضِرٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ كَثِيرٌ " . قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : وَلَمْ يَجُزْ بِهِ حَسَنٌ الْأَشْيَبُ جَابِرًا . انْفَرَدَ بِهِمَا أَحْمَدُ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق