82.ب نوش

ب نوشيرك 8.

 الثانوية العامة ٣ثانوي. /عقوبة من قتل نفسه؟وصف الجنة والحور العين /المدونة التعليمبة الثانية أسماء صلاح ٣.ثانوي عام /الفتن ونهاية العالم /المقحمات ا. /قانون الحق الإلهي اا /القرانيون الفئة الضالة اوه /قواعد وثوابت قرانية /مسائل صحيح مسلم وشروح النووي الخاطئة عليها اوهو /المسائل الفقهية في النكاح والطلاق والمتعة والرجعة /مدونة  /الصفحات المقتوحة /الخوف من الله الواحد؟ /قانون ثبات سنة الله في الخلق /اللهم ارحم أبي وأمي والصالحين /السيرة النبوية /مدونة {استكمال} مدونة قانون الحق الإلهي /مدونة الحائرين الملتاعين. /الجنة ومتاعها والنار وسوء جحيمها /عياذا بالله الواحد./  لابثين فيها أحقابا /المدونة المفتوحة /نفحات من سورة الزمر/  /أمَاهُ عافاكِ الله ووالدي ورضي عنكما ورحمكما /ترجمة معان القران /مصنفات اللغة العربية /كتاب الفتن علامات القيامة لابن كثير /قانون العدل الإلهي /الفهرست /جامعة المصاحف /قانون الحق الإلهي /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا /تعلم للتفوق بالثانوية العامة /مدونات لاشين /الرافضة /قانون الحق الألهي ٣ /قانون الحق الإلهي٤. /حدود التعاملات /العقائدية بين المسلمين /المقحمات اا. /منصة الصلاة اا*/*

موضوعات علمية 

م موضوعات علمية

الأحد، 10 يونيو 2018

85.ذكر أول ما يقضى بين الناس فيه يوم القيامة ومن يناقش في الحساب ومن يسامح فيه

85. ذكر أول ما يقضى بين الناس فيه يوم القيامة ومن يناقش في الحساب ومن يسامح فيه
ذِكْرُ أَوَّلِ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يُنَاقَشُ فِي الْحِسَابِ وَمَنْ يُسَامَحُ فِيهِ

قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ : " لَتُؤَدَّنَّ الْحُقُوقُ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقْتَصَّ لِلشَّاةِ الْجَمَّاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ " . وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ : " وَحَتَّى لِلذَّرَّةِ مِنَ الذَّرَّةِ " . وَالْمُرَادُ بِالذَّرَّةِ هَاهُنَا النَّمْلَةُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِذَا كَانَ هَذَا حُكْمَ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ مُكَلَّفَةً ، فَلَتَخْلِيصُ الْحُقُوقِ مِنَ الْآدَمِيِّينَ وَالْجَانِّ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْلَى وَأَحْرَى ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " ، وَ " مُسْنَدِ أَحْمَدَ " ، وَ " سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ " ، وَ " النَّسَائِيِّ " ، وَ " ابْنِ مَاجَهْ " ، مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَوَّلُ مَا يُقْضَى فِيهِ بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ " .

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الصُّورِ أَنَّ الْمَقْتُولَ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَشْخُبُ أَوْدَاجُهُ [ ص: 19 ] دَمًا - وَفِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ : " وَرَأْسُهُ فِي يَدِهِ " - فَيَتَعَلَّقُ بِالْقَاتِلِ ، حَتَّى وَلَوْ كَانَ قَتَلَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : لِمَ قَتَلْتَهُ ؟ فَيَقُولُ : يَا رَبِّ : قَتَلْتُهُ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لَكَ . فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : صَدَقْتَ . وَيَقُولُ الْمَقْتُولُ ظُلْمًا : يَا رَبِّ ، سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : لِمَ قَتَلْتَهُ ؟ فَيَقُولُ : قَتَلْتُهُ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِي - وَفِي رِوَايَةٍ : " لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِفُلَانٍ " - فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : تَعِسْتَ . ثُمَّ يَقْتَصُّ مِنْهُ لِكُلِّ مَنْ قَتَلَهُ ظُلْمًا ، ثُمَّ يَبْقَى فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ ، وَإِنْ شَاءَ رَحِمَهُ . وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَاتِلَ لَا يَتَعَيَّنُ عَذَابُهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ، كَمَا يُنْقَلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَغَيْرِهِ مِنَ السَّلَفِ ، حَتَّى نَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْهُ : أَنَّ الْقَاتِلَ لَا تَوْبَةَ لَهُ . وَهَذَا إِذَا حُمِلَ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ - وَهِيَ لَا تَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ - صَحِيحٌ ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِقَابِهِ فَلَيْسَ بِلَازِمٍ ، بِدَلِيلِ حَدِيثِ الَّذِي قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ ، ثُمَّ أَكْمَلَ الْمِائَةَ ، ثُمَّ سَأَلَ عَالِمًا مَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ ؟ فَقَالَ : وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ ؟ ائْتِ بَلَدَ كَذَا وَكَذَا ، فَإِنَّهُ يُعْبَدُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا فَاعْبُدِ اللَّهَ مَعَهُمْ . فَلَمَّا تَوَجَّهْ نَحْوَهَا ، وَتَوَسَّطَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ ، فَنَأَى بِصَدْرِهِ نَحْوَ الَّتِي هَاجَرَ إِلَيْهَا ، فَتَوَفَّتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ . الْحَدِيثُ بِطُولِهِ ، وَفِي سُورَةِ " الْفُرْقَانِ " نَصٌّ [ ص: 20 ] عَلَى قَبُولِ تَوْبَةِ الْقَاتِلِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَنْ تَابَ الْآيَةَ [ الْفُرْقَانِ : 68 - 70 ] وَالَّتِي بَعْدَهَا ، وَمَوْضِعُ تَقْرِيرِ هَذَا فِي كِتَابِ " الْأَحْكَامِ " ، وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ .

وَقَالَ الْأَعْمَشُ ، عَنْ شَمِرِ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، قَالَ : يَجِيءُ الْمَقْتُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيَجْلِسُ عَلَى الْجَادَّةِ ، فَإِذَا مَرَّ بِهِ الْقَاتِلُ قَامَ إِلَيْهِ ، فَأَخَذَ بِتَلَابِيبِهِ فَقَالَ : يَا رَبِّ ، سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي ؟ فَيَقُولُ : أَمَرَنِي فُلَانٌ فَيُؤْخَذُ الْآمِرُ وَالْقَاتِلُ ، فَيُلْقَيَانِ فِي النَّارِ . وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخَرَابُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ - وَفِي رِوَايَةٍ : لَزَوَالُ الدُّنْيَا - أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ " .

وَقَالَ فِي حَدِيثِ الصُّورِ : " ثُمَّ يَقْضِي اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ خَلْقِهِ ، حَتَّى لَا تَبْقَى مَظْلَمَةٌ لِأَحَدٍ عِنْدَ أَحَدٍ إِلَّا أَخَذَهَا مِنْهُ ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُكَلِّفُ شَائِبَ اللَّبَنِ بِالْمَاءِ ثُمَّ يَبِيعُهُ ، أَنْ يُخَلِّصَ اللَّبَنَ مِنَ الْمَاءِ " . وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [ ص: 21 ] [ آلِ عِمْرَانَ : 161 ] ، وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ ، وَغَيْرِهِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " مَنْ ظَلَمَ قَيْدَ شِبْرٍ مَنْ أَرْضٍ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " .

وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " : " مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ " ، وَفِي رِوَايَةٍ : " إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ ، وَيُقَالُ لَهُمْ : أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ " .

وَفِي " الصَّحِيحِ : " مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ ، وَلَيْسَ بِفَاعِلٍ " . وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي أَمْرِ الْغُلُولِ ، وَأَنَّ مَنْ غَلَّ شَيْئًا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ ، وَهُوَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " بِطُولِهِ .

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ الْبَصْرِيُّ ، ثَنَا أَبُو مِحْصَنٍ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " لَا تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ [ ص: 22 ] خَمْسٍ : عَنْ عُمُرِكَ فِيمَا أَفْنَيْتَ ؟ وَعَنْ شَبَابِكَ فِيمَا أَبْلَيْتَ ؟ وَعَنْ مَالِكَ ; مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبْتَهُ ؟ وَفِيمَا أَنْفَقْتَهُ ؟ وَمَا عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ " ؟ . وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ هِلَالٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ ، قَالَ : كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ : مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيَخْلُو اللَّهُ بِهِ ، كَمَا يَخْلُو أَحَدُكُمْ بِالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، فَيَقُولُ : يَا عَبْدِي ، مَا غَرَّكَ بِي ؟ مَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ ؟ مَاذَا أَجَبْتَ الْمُرْسَلِينَ ؟

هَكَذَا أَوْرَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ بَعْدَ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُحِلِّ بْنِ خَلِيفَةَ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " وَلَيَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ يَحْجُبُهُ ، وَلَا تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ ، فَيَقُولُ : أَلَمْ أُوتِكَ مَالًا ؟ فَيَقُولُ : بَلَى . فَيَقُولُ : أَلَمْ أُرْسِلْ إِلَيْكَ رَسُولًا ؟ فَيَقُولُ : بَلَى . فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ ، وَيَنْظُرُ عَنْ يَسَارِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ ، فَلْيَتَّقِ أَحَدُكُمُ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ " وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا بَهْزٌ ، وَعَفَّانُ ، قَالَا : حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ ، قَالَ : كُنْتُ آخِذًا بِيَدِ ابْنِ عُمَرَ ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي النَّجْوَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ فَقَالَ : سَمِعْتُ [ ص: 23 ] رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ ، وَيَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ ، وَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ ، فَيَقُولُ لَهُ : أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ؟ حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ ، قَالَ : فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا ، وَإِنِّي أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ . ثُمَّ يُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ بِيَمِينِهِ ، وَأَمَّا الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ فَ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [ هُودٍ : 18 ] وَأَخْرَجَاهُ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا بَهْزٌ وَعَفَّانُ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَقُولُ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ : يَا ابْنَ آدَمَ ، حَمَلْتُكَ عَلَى الْخَيْلِ ، وَالْإِبِلِ ، وَزَوَّجْتُكَ النِّسَاءَ ، وَجَعَلْتُكَ تَرْبَعُ وَتَرْأَسُ ، فَأَيْنَ شُكْرُ ذَلِكَ " ؟ .

وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ قَالَ فِيهِ : " فَيَلْقَى اللَّهُ تَعَالَى الْعَبْدَ فَيَقُولُ : أَيْ فُلْ ، أَلَمْ أُكْرِمْكَ ، وَأُسَوِّدْكَ ، وَأُزَوِّجْكَ ، وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ ، وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ ؟ فَيَقُولُ : بَلَى ، أَيْ رَبِّ . فَيَقُولُ : أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ ؟ [ ص: 24 ] فَيَقُولُ : لَا . فَيَقُولُ : فَإِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي . ثُمَّ يَلْقَى الثَّانِيَ ، فَيَقُولُ : أَيْ فُلْ ، أَلَمْ أُكْرِمْكَ ، وَأُسَوِّدْكَ ، وَأُزَوِّجْكَ ، وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ ، وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ ؟ فَيَقُولُ : بَلَى ، أَيْ رَبِّ . فَيَقُولُ : أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ ؟ فَيَقُولُ : لَا . فَيَقُولُ : فَإِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي . ثُمَّ يَلْقَى الثَّالِثَ ، فَيَقُولُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ آمَنْتُ بِكَ وَبِكِتَابِكَ وَبِرَسُولِكَ ، وَصَلَّيْتُ وَصُمْتُ وَتَصَدَّقْتُ . وَيُثْنِي بِخَيْرٍ مَا اسْتَطَاعَ ، فَيَقُولُ : هَاهُنَا إِذًا " . قَالَ : " ثُمَّ يُقَالُ : الْآنَ نَبْعَثُ شَاهِدَنَا عَلَيْكَ . فَيُفَكِّرُ فِي نَفْسِهِ : مَنِ الذِي يَشْهَدُ عَلَيَّ ؟ فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ ، وَيُقَالُ لِفَخِذِهِ وَلَحْمِهِ وَعِظَامِهِ : انْطِقِي . فَتَنْطِقُ فَخِذُهُ وَلَحْمُهُ وَعِظَامُهُ بِعَمَلِهِ كَائِنًا مَا كَانَ ، وَذَلِكَ لِيُعْذِرَ مِنْ نَفْسِهِ ، وَذَلِكَ الْمُنَافِقُ ، وَذَلِكَ الَّذِي يَسْخَطُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ : تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ " . وَسَيَأْتِي الْحَدِيثُ بِطُولِهِ .

وَقَدْ رَوَى الْبَزَّارُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ سُعَيْرِ بْنِ الْخِمْسِ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَأَبِي سَعِيدٍ ، رَفَعَاهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ إِلَى قَوْلِهِ : " فَالْيَوْمَ أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي " .

وَرَوَى مُسْلِمٌ ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ ، مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدٍ الْمُكْتِبِ ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، [ ص: 25 ] قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ ، وَقَالَ : " هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ " ؟ قَالَ : قُلْنَا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : " مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ - يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ - يَقُولُ : يَا رَبِّ ، أَلَمْ تُجِرْنِي مِنَ الظُّلْمِ ؟ قَالَ : يَقُولُ : بَلَى . قَالَ : فَيَقُولُ : فَإِنِّي لَا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إِلَّا شَاهِدًا مِنِّي . قَالَ : فَيَقُولُ : كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا . قَالَ : فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ ، وَيُقَالُ لِأَرْكَانِهِ : انْطِقِي . قَالَ : فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ ، ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلَامِ . قَالَ : فَيَقُولُ : . بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا ! فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ " .

وَقَالَ أَبُو يَعْلَى : حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ دَرَّاجٍ ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ عُرِّفَ الْكَافِرُ بِعَمَلِهِ ، فَجَحَدَ ، وَخَاصَمَ ، فَيُقَالُ : هَؤُلَاءِ جِيرَانُكَ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ . فَيَقُولُ : كَذَبُوا . فَيَقُولُ : أَهْلُكَ وَعَشِيرَتُكَ . فَيَقُولُ : كَذَبُوا . فَيَقُولُ : احْلِفُوا . فَيَحْلِفُونَ ، ثُمَّ يُصْمِتُهُمُ اللَّهُ وَتَشْهَدُ أَلْسِنَتُهُمْ ، وَيُدْخِلُهُمُ النَّارَ " .

وَرَوَى أَحْمَدُ ، وَالْبَيْهَقِيُّ ، مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " تَجِيئُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَفْوَاهِكُمُ الْفِدَامُ ، فَأَوَّلُ مَا يَتَكَلَّمُ مِنَ ابْنِ آدَمَ فَخِذُهُ وَكَفُّهُ " .

[ ص: 26 ] وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ أَبَانٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَخْزُومِيُّ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ اللَّيْثِيُّ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَوَّلُ مَنْ يَخْتَصِمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلُ وَامْرَأَتُهُ ، وَاللَّهِ مَا يَتَكَلَّمُ لِسَانُهَا ، وَلَكِنْ يَدَاهَا وَرِجْلَاهَا ، يَشْهَدَانِ عَلَيْهَا بِمَا كَانَتْ تُغَيِّبُ لِزَوْجِهَا ، وَتَشْهَدُ يَدَاهُ وَرَجْلَاهُ بِمَا كَانَ يُولِيهَا ، ثُمَّ يُدْعَى بِالرَّجُلِ وَخَدَمِهِ مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يُدْعَى بِأَهْلِ الْأَسْوَاقِ ، فَمَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ دَوَانِيقُ وَلَا قَرَارِيطُ ، وَلَكِنْ حَسَنَاتُ هَذَا تُدْفَعُ إِلَى هَذَا الَّذِي ظُلِمَ ، وَتُدْفَعُ سَيِّئَاتُ هَذَا إِلَى الَّذِي ظَلَمَهُ ، ثُمَّ يُؤْتَى بِالْجَبَّارِينَ فِي مَقَامِعَ مِنْ حَدِيدٍ ، فَيُقَالُ : سُوقُوهُمْ إِلَى النَّارِ . فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَيَدْخُلُونَهَا ، أَمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا [ مَرْيَمَ : 71 ، 72 ] " .

ثُمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ وَالْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ خُزَيْمَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ : يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا [ الزَّلْزَلَةِ : 4 ] . قَالَ : " أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا ؟ " قَالُوا ؟ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : " فَإِنَّ أَخْبَارَهَا أَنْ تَشَهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ وَأَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا ; أَنْ تَقُولَ : [ ص: 27 ] عَمِلَ كَذَا وَكَذَا فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا . فَذَلِكَ أَخْبَارُهَا " .

وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ ، بِهِ ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ : حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ .

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، حَدَّثَنَا صَعْصَعَةُ عَمُّ الْفَرَزْدَقِ ، أَنَّهُ قَالَ : قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ : فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [ الزَّلْزَلَةِ : 7 ، 8 ] فَقَالَ : وَاللَّهُ لَا أُبَالِي أَنْ لَا أَسْمَعَ غَيْرَهَا ، حَسْبِي حَسْبِي .

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ أَبُو عُثْمَانَ الْمَدِينِيُّ ، أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ حَدَّثَهُ أَنَّ شُفَيًّا حَدَّثَهُ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَدِينَةَ ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقَالُوا : أَبُو هُرَيْرَةَ . فَقَالَ : فَدَنَوْتُ مِنْهُ ، حَتَّى [ ص: 28 ] قَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُحَدِّثُ النَّاسَ ، فَلَمَّا سَكَتَ وَخَلَا ، قُلْتُ لَهُ : أَنْشُدُكَ بِحَقِّ وَحَقِّ لَمَا حَدَّثْتَنِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَلْتَهُ وَعَلِمْتَهُ . ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً ، فَمَكَثَ طَوِيلًا ، ثُمَّ أَفَاقَ ، ثُمَّ قَالَ : لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَيْتِ ، مَا مَعَنَا أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ . ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً أُخْرَى ، فَمَكَثَ طَوِيلًا كَذَلِكَ ، ثُمَّ أَفَاقَ ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ ، فَقَالَ : أَفْعَلُ ، لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَيْتِ ، مَا مَعَنَا أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ . ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً شَدِيدَةً ، ثُمَّ مَالَ خَارًّا عَلَى وَجْهِهِ ، وَأَسْنَدْتُهُ طَوِيلًا ، ثُمَّ أَفَاقَ ، فَقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَزَلَ إِلَى الْعِبَادِ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمْ ، وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ ، فَأَوَّلُ مَنْ يُدْعَى رَجُلٌ جَمَعَ الْقُرْآنَ ، وَرَجُلٌ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَرَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْقَارِئِ : أَلَمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي ؟ قَالَ : بَلَى يَا رَبِّ . قَالَ : فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ ؟ قَالَ : كُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ ، وَآنَاءَ النَّهَارِ . فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ : كَذَبْتَ . وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ : كَذَبْتَ . وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : إِنَّمَا أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ : فُلَانٌ قَارِئٌ . فَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ . وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْمَالِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ : أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ ؟ قَالَ : بَلَى يَا رَبِّ . قَالَ : فَمَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ ؟ قَالَ . كُنْتُ [ ص: 29 ] أَصِلُ الرَّحِمَ ، وَأَتَصَدَّقُ . فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : كَذَبْتَ . وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ : كَذَبْتَ . وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ : بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ : فُلَانٌ جَوَادٌ . فَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ .

وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَيُقَالُ لَهُ : فِيمَا قُتِلْتَ ؟ فَيَقُولُ : أُمِرْتُ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ ، فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ . فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : كَذَبْتَ . وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ : كَذَبْتَ . وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ : فُلَانٌ جَرِيءٌ . فَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ " . قَالَ
أَبُو هُرَيْرَةَ : ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُكْبَتِي فَقَالَ : " يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، أُولَئِكَ الثَّلَاثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " .

قَالَ الْوَلِيدُ أَبُو عُثْمَانَ : فَأَخْبَرَنِي عُقْبَةٌ أَنَّ شُفَيًّا - وَكَانَ سَيَّافًا لِمُعَاوِيَةَ - دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ ، فَأَخْبَرَهُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : قَدْ فُعِلَ بِهَؤُلَاءِ هَذَا ، فَكَيْفَ بِمَنْ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ ؟ ثُمَّ بَكَى مُعَاوِيَةُ بُكَاءً شَدِيدًا ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ هَالِكٌ ، ثُمَّ أَفَاقَ ، وَمَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ ، وَقَالَ : صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ : مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [ هُودٍ : 15 ، 16 ] .

وَهَذَا الْحَدِيثُ لَهُ شَاهِدٌ صَحِيحٌ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَوَّلُ مَا تُسَعَّرُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِثَلَاثَةٍ ; بِالْعَالِمِ وَالْمُتَصَدِّقِ وَالْمُجَاهِدِ ، الَّذِينَ أَرَادُوا بِأَعْمَالِهِمُ الدُّنْيَا " .

[ ص: 30 ] وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ مَعْبَدٍ ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ بِلَالٍ ، قَاضِي دِمَشْقَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ حُرَيْثِ بْنِ قَبِيصَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الرَّجُلُ صَلَاتُهُ ، فَإِنْ صَلَحَتْ صَلَحَ سَائِرُ عَمَلِهِ ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِهِ ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ : انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي نَافِلَةٌ ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ نَافِلَةٌ أُتِمَّتْ بِهَا الْفَرِيضَةُ . ثُمَّ سَائِرُ الْفَرَائِضِ كَذَلِكَ " . وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ ، مِنْ حَدِيثِ هَمَّامٍ ، عَنْ قَتَادَةَ . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ : حَسَنٌ غَرِيبٌ .

وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا ، مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ دَاوُدَ أَبِي الْعَوَّامِ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ ، حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ - هُوَ ابْنُ فَضَالَةَ - عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أُرَاهُ ذَكَرَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الْعَبْدَ الْمَمْلُوكَ لَيُحَاسَبُ بِصَلَاتِهِ ، فَإِذَا نَقَصَ مِنْهَا قِيلَ : لِمَ نَقَصْتَ مِنْهَا ؟ فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، سَلَّطْتَ عَلَيَّ مَلِيكًا شَغَلَنِي عَنْ صَلَاتِي . فَيَقُولُ : قَدْ رَأَيْتُكَ تَسْرِقُ مِنْ مَالِهِ لِنَفْسِكَ ، فَهَلَّا سَرَقْتَ [ ص: 31 ] لِنَفْسِكَ مِنْ عَمَلِكَ ؟ - أَوْ عَمَلِهِ ؟ - قَالَ : فَيَتَّخِذُ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحُجَّةَ " .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ ، أَنْبَأَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَوَّلُ مَا تُسْأَلُ عَنْهُ الْمَرْأَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، عَنْ صَلَاتِهَا ، ثُمَّ عَنْ بَعْلِهَا ، كَيْفَ فَعَلَتْ إِلَيْهِ ؟ " وَهَذَا مُرْسَلٌ جَيِّدٌ .

وَقَالَ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ إِذْ ذَاكَ وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " تَجِيءُ الْأَعْمَالُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَتَجِيءُ الصَّلَاةُ فَتَقُولُ : يَا رَبِّ ، أَنَا الصَّلَاةُ . فَيَقُولُ : إِنَّكِ عَلَى خَيْرٍ . ثُمَّ تَجِيءُ الصَّدَقَةُ ، فَتَقُولُ : يَا رَبِّ ، أَنَا الصَّدَقَةُ . فَيَقُولُ : إِنَّكِ عَلَى خَيْرٍ . ثُمَّ يَجِيءُ الصِّيَامُ ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، أَنَا الصِّيَامُ . فَيَقُولُ : إِنَّكَ عَلَى خَيْرٍ . ثُمَّ تَجِيءُ الْأَعْمَالُ ، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ : إِنَّكَ عَلَى خَيْرٍ . ثُمَّ يَجِيءُ الْإِسْلَامُ فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، أَنْتَ السَّلَامُ وَأَنَا الْإِسْلَامُ . فَيَقُولُ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ : إِنَّكَ عَلَى خَيْرٍ ، بِكَ الْيَوْمَ آخُذُ ، وَبِكَ أُعْطِي . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ : وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [ آلِ عِمْرَانَ : 85 ] .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْمَرْوَزِيُّ ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ الْكَلَاعِيُّ ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُلْثُومٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " يُؤْتَى بِالْحُكَّامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ; بِمَنْ قَصَّرَ ، وَبِمَنْ تَعَدَّى ، فَيَقُولُ اللَّهُ : [ ص: 32 ] أَنْتُمْ خُزَّانُ أَرْضِي ، وَرُعَاةُ غَنَمِي ، وَعِنْدَكُمْ بُغْيَتِي . فَيَقُولُ لِلَّذِي قَصَّرَ : مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ ؟ فَيَقُولُ : الرَّحْمَةُ . فَيَقُولُ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ . : أَنْتَ أَرْحَمُ بِعِبَادِي مِنِّي ؟! وَيَقُولُ لِلَّذِي تَعَدَّى : مَا حَمْلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ ؟! فَيَقُولُ : غَضِبْتُ لَكَ . فَيَقُولُ اللَّهُ : أَنْتَ أَشَدُّ غَضَبًا مِنِّي ؟! فَيَقُولُ اللَّهُ : انْطَلِقُوا بِهِمْ ، فَسُدُّوا بِهِمْ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ جَهَنَّمَ " .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : لَمَّا رَجَعَتْ مُهَاجِرَةُ الْحَبَشَةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَلَا تُخْبِرُونِي بِأَعْجَبِ مَا رَأَيْتُمْ فِي أَرْضِ الْحَبَشَةِ ؟ " ، فَقَالَ فِتْيَةٌ مِنْهُمْ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ إِذْ مَرَّتْ عَلَيْنَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِهِمْ ، تَحْمِلُ عَلَى رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاءٍ ، فَمَرَّتْ بِفَتًى مِنْهُمْ ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْهَا ، ثُمَّ دَفَعَهَا ، فَخَرَّتْ عَلَى رُكْبَتَيْهَا ، وَانْكَسَرَتْ قُلَّتُهَا ، فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ ، وَقَالَتْ : سَوْفَ تَعْلَمُ يَا غُدَرُ ، إِذَا وَضَعَ اللَّهُ الْكُرْسِيَّ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ ، وَجَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ، وَتَكَلَّمَتِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ، سَوْفَ تَعْلَمُ كَيْفَ أَمْرِي وَأَمْرُكَ عِنْدَهُ غَدًا . قَالَ : يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " صَدَقَتْ ، كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّهُ قَوْمًا لَا يُؤْخَذُ مِنْ شَدِيدِهِمْ لِضَعِيفِهِمْ ؟ " .

[ ص: 33 ] وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ ، أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُنَادِي الْعِبَادَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيَقُولُ : أَنَا الْمَلِكُ ، أَنَا الدَّيَّانُ ، لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَلِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ كَمَا تَقَدَّمَ ، رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " .

وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " مَنْ كَانَتْ لِأَخِيهِ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ " . وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، وَمُسْلِمٌ .

وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مِنْ حَدِيثِ الْعَلَاءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَتَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ ؟ " قَالُوا : مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا دِينَارَ . فَقَالَ : " بَلِ الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا ، وَضَرْبَ هَذَا ، فَيُقْضَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ " .

[ ص: 34 ] وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ السَّكُونِيُّ أَنْبَأَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَمُوتَنَّ وَعَلَيْكَ دَيْنٌ ; فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، إِنَّمَا هِيَ الْحَسَنَاتُ ، جَزَاءً بِجَزَاءٍ ، وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا " . وَرُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّهُ لَيَأْتِيَ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَقَدْ سَرَّتْهُ حَسَنَاتُهُ ، فَيَجِيءُ الرَّجُلُ فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، ظَلَمَنِي هَذَا ، فَيُؤْخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَيُجْعَلُ فِي حَسَنَاتِ الَّذِي سَأَلَهُ ، فَمَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى مَا تَبْقَى لَهُ حَسَنَةٌ ، فَإِذَا جَاءَ مَنْ يَسْأَلُهُ ، نَظَرَ إِلَى سَيِّئَاتِهِ فَجُعِلَتْ مَعَ سَيِّئَاتِ الرَّجُلِ ، فَلَا يَزَالُ يُسْتَوْفَى مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَتُرَدُّ عَلَيْهِ سَيِّئَاتُ مَنْ ظَلَمَهُ ، فَمَا يَزَالُ يُسْتَوْفَى مِنْهُ حَتَّى يَدْخُلَ النَّارَ " .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ ص: 35 ] " الدَّوَاوِينُ عِنْدَ اللَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ ، ثَلَاثَةٌ : دِيوَانٌ لَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِ شَيْئًا ، وَدِيوَانٌ لَا يَتْرُكُ اللَّهُ مِنْهُ شَيْئًا ، وَدِيوَانٌ لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ ; فَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ فَالشِّرْكُ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ [ الْمَائِدَةِ : 72 ] وَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِ شَيْئًا ، فَظُلْمُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ ، مِنْ صَوْمِ يَوْمٍ تَرَكَهُ ، أَوْ صَلَاةٍ تَرَكَهَا ، فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ ذَلِكَ ، وَيَتَجَاوَزُ إِنْ شَاءَ ، وَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَتْرُكُ اللَّهُ مِنْهُ شَيْئًا فَظُلْمُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا ، الْقِصَاصُ لَا مَحَالَةَ " .

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ زَائِدَةَ بْنِ أَبِي الرُّقَادِ ، عَنْ زِيَادٍ النُّمَيْرِيِّ ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا : " الظُّلْمُ ثَلَاثَةٌ : فَظُلْمٌ لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ ، وَهُوَ الشِّرْكُ ، وَظُلْمٌ يَغْفِرُهُ ، وَهُوَ ظُلْمُ الْعِبَادِ أَنْفُسِهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ ، وَظُلْمٌ لَا يَتْرُكُ اللَّهُ مِنْهُ شَيْئًا ، وَهُوَ ظُلْمُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا ، حَتَّى يَدِينَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ " . ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ ، عَنْ أَنَسٍ ، مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ ، وَكِلَا الطَّرِيقَيْنِ ضَعِيفٌ .

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ ، عَنْ شَرِيكٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ زَاذَانَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُكَفِّرُ كُلَّ شَيْءٍ - أَوْ قَالَ : يُكَفِّرُ الذُّنُوبَ كُلَّهَا - إِلَّا الْأَمَانَةَ " . قَالَ : " يُؤْتَى [ ص: 36 ] بِصَاحِبِ الْأَمَانَةِ ، فَيُقَالُ لَهُ : أَدِّ أَمَانَتَكَ . فَيَقُولُ : أَنَّى يَا رَبِّ ، وَقَدْ ذَهَبَتِ الدُّنْيَا ؟ فَيُقَالُ : اذْهَبُوا بِهِ إِلَى الْهَاوِيَةِ . فَيُذْهَبُ بِهِ إِلَيْهَا ، فَيَهْوِي حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى قَعْرِهَا ، فَيَجِدُهَا هُنَاكَ كَهَيْئَتِهَا ، فَيَحْمِلُهَا فَيَضَعُهَا عَلَى عَاتِقِهِ ، فَيَصْعَدُ بِهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ ، حَتَّى إِذَا رَأَى أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ زَلَّتْ فَهَوَتْ ، وَهَوَى فِي إِثْرِهَا ، فَهُوَ كَذَلِكَ أَبَدَ الْآبِدِينَ " . قَالَ : " وَالْأَمَانَةُ فِي الصَّلَاةِ ، وَالْأَمَانَةُ فِي الصَّوْمِ ، وَالْأَمَانَةُ فِي الْوُضُوءِ ، وَالْأَمَانَةُ فِي الْحَدِيثِ ، وَأَشَدُّ ذَلِكَ الْوَدَائِعُ " . قَالَ : فَلَقِيتُ الْبَرَاءَ ، فَقُلْتُ : أَلَا تَسْمَعُ إِلَى مَا يَقُولُ أَخُوكَ عَبْدُ اللَّهِ ؟ قَالَ : صَدَقَ .

قَالَ شَرِيكٌ : وَحَدَّثَنَا عَبَّاسُ الْعَامِرِيُّ ، عَنْ زَاذَانَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْأَمَانَةَ فِي الصَّلَاةِ ، وَالْأَمَانَةَ فِي كُلِّ شَيْءٍ . إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ ، وَلَمْ يَرْوِهِ أَحْمَدُ ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ . عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا ، مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ ، يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنِّي خَطَايَايَ ؟ قَالَ : " نَعَمْ ، إِلَّا الدَّيْنَ " .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ [ الزُّمَرِ : 30 ، 31 ] ، قَالَ الزُّبَيْرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَيُكَرَّرُ عَلَيْنَا مَا [ ص: 37 ] يَكُونُ بَيْنَنَا فِي الدُّنْيَا مَعَ خَوَاصِّ الذُّنُوبِ ؟ قَالَ : " نَعَمْ ، لَيُكَرَّرَنَّ عَلَيْكُمْ ، حَتَّى تُؤَدُّوا إِلَى كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ " . فَقَالَالزُّبَيْرُ : وَاللَّهِ إِنَّ الْأَمْرَ لِشَدِيدٌ .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سِنَانٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ زَاذَانَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : الْأُمَمُ جَاثُونَ لِلْحِسَابِ ، فَلَهُمْ يَوْمَئِذٍ أَشَدُّ تَعَلُّقًا بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا ، الْأَبُ بِابْنِهِ ، وَالِابْنُ بِأَبِيهِ ، وَالْأُخْتُ بِأَخِيهَا ، وَالْأَخُ بِأُخْتِهِ ، وَالزَّوْجُ بِامْرَأَتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ بِزَوْجِهَا . ثُمَّ تَلَا عَبْدُ اللَّهِ : فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ [ الْمُؤْمِنُونَ : 101 ] .

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ : حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يُؤْتَى بِالْمَلِيكِ وَالْمَمْلُوكِ ، وَالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ ، فَيُحَاسَبُ الْمَلِيكُ وَالْمَمْلُوكُ ، وَالزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ ، حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ : شَرِبْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا عَلَى لَذَّةٍ . وَيُقَالُ لِلزَّوْجِ : خَطَبْتَ فُلَانَةً مَعَ خُطَّابٍ فَزَوَّجْتُكَهَا وَتَرَكْتُهُمْ " . وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ حِبَّانَ مَوْلَى بَنِي تَمِيمٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ يَدْعُو الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيُذَكِّرُهُ وَيَعُدُّ عَلَيْهِ : دَعَوْتَنِي يَوْمَ كَذَا وَكَذَا فَأَجَبْتُكَ . [ ص: 38 ] حَتَّى يَعُدَّ عَلَيْهِ فِيمَا يَعُدُّ ; وَقُلْتَ : يَا رَبِّ ، زَوِّجْنِي فُلَانَةً - وَيُسَمِّيهَا بِاسْمِهَا - فَزَوَّجْنَاكَهَا " . وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ ، مَوْقُوفًا ، بِنَحْوِهِ .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ عِيسَى ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الْعَارَ لَيَلْزَمُ الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، حَتَّى يَقُولَ : يَا رَبِّ لَإِرْسَالُكَ بِي إِلَى النَّارِ أَيْسَرُ عَلَيَّ مِمَّا أَلْقَى مِنَ الْعَارِ . وَإِنَّهُ لَيَعْلَمُ مَا فِيهَا مِنْ شِدَّةِ الْعَذَابِ " . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [ التَّكَاثُرِ : 8 ] .

وَفِي " الصَّحِيحِ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَكَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فِي حَدِيقَةِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ مِنْ تِلْكَ الشَّاةِ الَّتِي ذُبِحَتْ لَهُ ، وَأَكَلُوا مِنَ الرُّطَبِ ، وَشَرِبُوا مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ ، قَالَ : " هَذَا مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ " . أَيْ عَنِ الْقِيَامِ بِشُكْرِهِ ، وَمَاذَا عَمِلْتُمْ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ ، كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ : " أَذِيبُوا طَعَامَكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ، وَبِالصَّلَاةِ ، وَلَا تَنَامُوا عَلَيْهِ ، فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ " . وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ ثَابِتٍ - أَوْ أَبِي ثَابِتٍ - أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ مَسْجِدَ [ ص: 39 ] دِمَشْقَ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ آنِسْ وَحْشَتِي ، وَارْحَمْ غُرْبَتِي ، وَارْزُقْنِي جَلِيسًا صَالِحًا . فَسَمِعَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ ، فَقَالَ : لَئِنْ كُنْتَ صَادِقًا لَأَنَا أَسْعَدُ بِمَا قُلْتَ مِنْكَ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ [ فَاطِرِ : 32 ] . قَالَ : الظَّالِمُ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ الْحَزَنُ وَالْغَمُّ . وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ . قَالَ : يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا . وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ . قَالَ : يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ " . وَسَتَأْتِي الْأَحَادِيثُ فِيمَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ، وَكَمْ عِدَّتُهُمْ .




 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق