الأحد، 10 يونيو 2018

50.نفخة الصعق

50. نفخة الصعق

نَفْخَةُ الصَّعْقِ
يَمُوتُ بِسَبَبِهَا جَمِيعُ الْمَوْجُودِينَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ; إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَقِيلَ : هُمْ حَمَلَةُ الْعَرْشِ ، وَجِبْرِيلُ ، وَمِيكَائِيلُ ، وَإِسْرَافِيلُ ، وَمَلَكُ الْمَوْتِ . وَقِيلَ : هُمُ الشُّهَدَاءُ . وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ .

قَالَ تَعَالَى : وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ [ الزُّمَرِ : 68 ] . وَقَالَ تَعَالَى : فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً إِلَى قَوْلِهِ : يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ [ الْحَاقَّةِ : 13 - 18 ] .

[ ص: 335 ] وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الصُّورِ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَأْمُرُ إِسْرَافِيلَ فَيَقُولُ لَهُ : " انْفُخْ نَفْخَةَ الصَّعْقِ . فَيَنْفُخُ ، فَيُصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِمَلَكِ الْمَوْتِ ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ بَقِيَ : فَمَنْ بَقِيَ؟ فَيَقُولُ : بَقِيتَ أَنْتَ ، الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ، وَبَقِيَتْ حَمَلَةُ عَرْشِكَ ، وَبَقِيَ جِبْرِيلُ ، وَمِيكَائِيلُ " . فَيَأْمُرُهُ اللَّهُ بِقَبْضِ رُوحِ جِبْرِيلَ ، وَمِيكَائِيلَ ، ثُمَّ يَأْمُرُهُ بِقَبْضِ أَرْوَاحِ حَمَلَةِ الْعَرْشِ ، ثُمَّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَمُوتَ ، وَهَوَ آخِرُ مَنْ يَمُوتُ مِنَ الْخَلَائِقِ .

وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ ، مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا بَلَغَهُ ، وَعَنْهُ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ : " أَنْتَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِي ، خَلَقْتُكَ لِمَا رَأَيْتَ ، فَمُتْ ، ثُمَّ لَا تَحْيَا " . وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ فِيمَا بَلَغَهُ ، فَيَقُولُ لَهُ "مُتْ مَوْتًا لَا تَحْيَا بَعْدَهُ أَبَدًا ، فَيَصْرُخُ عِنْدَ ذَلِكَ صَرْخَةً لَوْ سَمِعَهَا أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَمَاتُوا فَزَعًا " . قَالَ الْحَافِظُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ : لَمْ يُتَابَعْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ ، وَلَمْ يَقُلْهَا أَكْثَرُ الرُّوَاةِ .

قُلْتُ : وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي مَعْنَى هَذَا : " مُتْ مَوْتًا لَا تَحْيَا بَعْدَهُ أَبَدًا " . يَعْنِي : لَا تَكُونُ بَعْدَ هَذَا مَلَكَ مَوْتٍ أَبَدًا ، لِأَنَّهُ لَا مَوْتَ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ ، كَمَا ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحِ " : " يُؤْتَى بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صُورَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ ، [ ص: 336 ] فَيُذْبَحُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، ثُمَّ يُقَالُ : يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ ، خُلُودٌ وَلَا مَوْتَ ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ ، خُلُودٌ وَلَا مَوْتَ " .

فَمَلَكُ الْمَوْتِ وَإِنْ حَيِيَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مَلَكَ مَوْتٍ بَعْدَهَا أَبَدًا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، بَلْ يُنْشِئُهُ اللَّهُ خَلْقًا آخَرَ غَيْرَ ذَلِكَ كَالْمَلَائِكَةِ . وَبِتَقْدِيرِ صِحَّةِ هَذَا اللَّفْظِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَحْيَا بَعْدَ مَوْتِهِ أَبَدًا ، فَيَكُونُ التَّأْوِيلُ الْمُتَقَدِّمُ بَعِيدَ الصِّحَّةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .

  -----------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق