19.حديث فاطمة بنت قيس في الدجال
ثُمَّ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سَيَّارٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ فَاطِمَةَ ، قَالَتْ . فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ ، فَقَالَ : " إِنَّ بَنِي عَمٍّ لِتَمِيمٍ الدَّارِيِّ رَكِبُوا فِي الْبَحْرِ " . وَسَاقَ الْحَدِيثَ .
وَمِنْ حَدِيثِ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْهَا ، فَذَكَرَتْهُ : أَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ رَكِبَ فِي الْبَحْرِ ، فَتَاهَتْ بِهِ السَّفِينَةُ ، فَسَقَطَ إِلَى جَزِيرَةٍ ، فَخَرَجَ إِلَيْهَا يَلْتَمِسُ الْمَاءَ ، فَلَقِيَ إِنْسَانًا يَجُرُّ شَعْرَهُ ، وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ ، وَفِيهِ : فَأَخْرَجَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّاسِ ، فَحَدَّثَهُمْ ، قَالَ : " هَذِهِ طَيْبَةُ ، وَذَاكَ الدَّجَّالُ " .
[ ص: 132 ] حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ ، يَعْنِي الْحِزَامِيَّ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَقَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ ، حَدَّثَنِي تَمِيمٌ الدَّارِيُّ أَنَّ أُنَاسًا مِنْ قَوْمِهِ كَانُوا فِي الْبَحْرِ فِي سَفِينَةٍ لَهُمْ ، فَانْكَسَرَتْ بِهِمْ ، فَرَكِبَ بَعْضُهُمْ عَلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ ، فَخَرَجُوا إِلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ " . وَسَاقَ الْحَدِيثَ ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ ، مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ مَجَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْهَا ، بِنَحْوِهِ .
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْهَا ، وَقَالَ : حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ ، مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ .
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ ، عَنْ الشَّعْبِيِّ ، عَنْهَا بِنَحْوِهِ ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ، عَنْ عَفَّانَ ، وَعَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبِ ، كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهِ .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، ثَنَا مَجَالِدٌ ، عَنْ عَامِرٍ ، قَالَ : قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ ، فَأَتَيْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ ، فَحَدَّثَتْنِي أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا عَلَى عَهْدِ [ ص: 133 ] رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ ، فَقَالَ لِي أَخُوهُ : اخْرُجِي مِنَ الدَّارِ . فَقُلْتُ : إِنَّ لِي نَفَقَةً وَسُكْنَى حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ . قَالَ : لَا . قَالَتْ : فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : إِنَّ فَلَانًا طَلَّقَنِي ، وَإِنَّ أَخَاهُ أَخْرَجَنِي ، وَمَنَعَنِي السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ . فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : " مَا لَكَ ، وَلِابْنَةِ آلِ قَيْسٍ؟ " قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَخِي طَلَّقَهَا ثَلَاثًا جَمِيعًا . قَالَتْ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " انْظُرِي يَا ابْنَةَآلِ قَيْسٍ ، إِنَّمَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى لِلْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا ، مَا كَانَتْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ فَلَا نَفَقَةَ وَلَا سُكْنَى ، اخْرُجِي فَانْزِلِي عَلَى فُلَانَةَ " . ثُمَّ قَالَ : " إِنَّهُ يُتَحَدَّثُ إِلَيْهَا ، انْزِلِي عَلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ; فَإِنَّهُ أَعْمَى لَا يَرَاكِ " . ثُمَّ قَالَ : " لَا تَنْكِحِي حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُنْكِحُكِ " .
قَالَتْ : فَخَطَبَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْتَأْمِرُهُ ، فَقَالَ : " أَلَا تَنْكِحِينَ مَنْ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ؟ " فَقُلْتُ : بَلَى ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَأَنْكِحْنِي مَنْ أَحْبَبْتَ . قَالَتْ : فَأَنْكَحَنِي مِنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ . قَالَ : فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَخْرُجَ ، قَالَتِ : اجْلِسْ حَتَّى أُحَدِّثَكَ حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَالَتْ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَوْمًا مِنَ الْأَيَّامِ ، فَصَلَّى صَلَاةَ الْهَاجِرَةِ ، ثُمَّ قَعَدَ فَفَزِعَ النَّاسُ ، فَقَالَ : " اجْلِسُوا أَيُّهَا النَّاسُ ، فَإِنِّي لَمْ أَقُمْ مَقَامِي هَذَا لِفَزَعٍ ، وَلَكِنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي خَبَرًا مَنَعَنِي مِنَ الْقَيْلُولَةِ; مِنَ الْفَرَحِ وَقُرَّةِ الْعَيْنِ ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَنْشُرَ عَلَيْكُمْ فَرَحَ نَبِيِّكُمْ . أَخْبَرَنِي أَنَّ رَهْطًا مِنْ بَنِي عَمِّهِ رَكِبُوا الْبَحْرَ ، فَأَصَابَتْهُمْ رِيحٌ عَاصِفٌ ، فَأَلْجَأَتْهُمُ الرِّيحُ إِلَى [ ص: 134 ] جَزِيرَةٍ لَا يَعْرِفُونَهَا فَقَعَدُوا فِي قُوَيْرِبِ سَفِينَةٍ ، حَتَّى خَرَجُوا إِلَى الْجَزِيرَةِ ، فَإِذَا هُمْ بِشَيْءٍ أَهْلَبَ كَثِيرِ الشَّعْرِ ، لَا يَدْرُونَ أَرَجُلٌ هُوَ أَوِ امْرَأَةٌ؟ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ ، فَرَدَّ عَلَيْهِمُ السَّلَامَ ، فَقَالُوا : أَلَا تُخْبِرُنَا؟ فَقَالَ : مَا أَنَا بِمُخْبِرِكُمْ ، وَلَا بِمُسْتَخْبِرِكُمْ ، وَلَكِنَّ هَذَا الدَّيْرَ الَّذِي قَدْ رَهِقْتُمُوهُ فِيهِ مَنْ هُوَ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ أَنْ يُخْبِرَكُمْ وَيَسْتَخْبِرَكُمْ . قَالُوا : قُلْنَا : مَا أَنْتِ؟ قَالَ : أَنَا الْجَسَّاسَةُ . فَانْطَلَقُوا حَتَّى أَتَوُا الدَّيْرَ ، فَإِذَا هُمْ بِرَجُلٍ مُوثَقٍ شَدِيدِ الْوَثَاقِ ، مُظْهِرِ الْحُزْنِ كَثِيرِ التَّشَكِّي ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ ، فَرَدَّ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ : مِمَّنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا : مِنَ الْعَرَبِ . قَالَ : مَا فَعَلَتِ الْعَرَبُ؟ أَخَرَجَ نَبِيُّهُمْ بَعْدُ؟ قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ : فَمَا فَعَلُوا؟ قَالُوا : خَيْرًا ، آمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ . قَالَ : ذَلِكَ خَيْرٌ لَهُمْ . قَالَ : فَكَانَ لَهُ عَدُوٌّ فَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ : فَالْعَرَبُ الْيَوْمَ إِلَهُهُمْ وَاحِدٌ ، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ ، وَكَلِمَتُهُمْ وَاحِدَةٌ؟ قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ : فَمَا فَعَلَتْ عَيْنُ زُغَرَ؟ قَالُوا : صَالِحَةٌ ، يَشْرَبُ مِنْهَا أَهْلُهَا ، تَسْقِيهِمْ ، وَيَسْقُونَ مِنْهَا زَرْعَهُمْ . قَالَ : فَمَا فَعَلَ نَخْلٌ بَيْنَ عَمَّانَ وَبَيْسَانَ؟ قَالُوا : صَالِحٌ ، يُطْعِمُ جَنَاهُ كُلَّ عَامٍ . قَالَ " فَمَا فَعَلَتْ بُحَيْرَةُ الطَّبَرِيَّةِ؟ قَالُوا : مَلْأَى . قَالَ : فَزَفَرَ ثُمَّ زَفَرَ ثُمَّ زَفَرَ ، ثُمَّ حَلَفَ : لَوْ خَرَجْتُ مِنْ مَكَانِي هَذَا مَا تَرَكْتُ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ اللَّهِ إِلَّا وَطِئْتُهَا غَيْرَ طَيْبَةَ ، لَيْسَ لِي عَلَيْهَا سُلْطَانٌ " . قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِلَى هَذَا انْتَهَى فَرَحِي " . ثَلَاثَ مَرَّاتٍ . " إِنَّ طَيْبَةَ الْمَدِينَةُ ، إِنَّ اللَّهَ ، عَزَّ وَجَلَّ ، حَرَّمَ [ ص: 135 ] حَرَمهَا عَلَى الدَّجَّالِ أَنْ يَدْخُلَهَا " . ثُمَّ حَلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا لَهَا طَرِيقٌ ضَيِّقٌ وَلَا وَاسِعٌ فِي سَهْلٍ وَلَا جَبَلٍ إِلَّا عَلَيْهِ مَلَكٌ شَاهِرٌ بِالسَّيْفِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، مَا يَسْتَطِيعُ الدَّجَّالُ أَنْ يَدْخُلَهَا عَلَى أَهْلِهَا " .
قَالَ عَامِرٌ : فَلَقِيتُ الْمُحَرَّرَ بْنَ أَبِي هُرَيْرَةَ ، فَحَدَّثْتُهُ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ، فَقَالَ : أَشْهَدُ عَلَى أَبِي أَنَّهُ حَدَّثَنِي كَمَا حَدَّثَتْكَ فَاطِمَةُ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّهُ فِي نَحْوِ الْمَشْرِقِ " . قَالَ : ثُمَّ لَقِيتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، فَذَكَرْتُ لَهُ حَدِيثَ فَاطِمَةَ ، فَقَالَ : أَشْهَدُ عَلَى عَائِشَةَ أَنَّهَا حَدَّثَتْنِي كَمَا حَدَّثَتْكَ فَاطِمَةُ غَيْرَ أَنَّهَا قَالَتْ : " الْحَرَمَانِ عَلَيْهِ حَرَامٌ ، مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ " .
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ ، مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ مَجَالِدٍ ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ، بَسَطَهُ ابْنُ مَاجَهْ ، وَأَحَالَهُ أَبُو دَاوُدَ عَلَى الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ قَبْلَهُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُتَابَعَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَعَائِشَةَ ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ .
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ : حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَّرَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ : " إِنَّهُ حَبَسَنِي حَدِيثٌ كَانَ يُحَدِّثُنِيهِ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ عَنْ رَجُلٍ فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ ، فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ تَجُرُّ شَعْرَهَا ، قَالَ : مَا أَنْتِ؟ قَالَتْ : أَنَا الْجَسَّاسَةُ ، اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الْقَصْرِ . فَأَتَيْتُهُ ، [ ص: 136 ] فَإِذَا رَجُلٌ يَجُرُّ شَعْرَهُ ، مُسَلْسَلٌ فِي الْأَغْلَالِ ، يَنْزُو فِيمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، فَقُلْتُ : مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ : أَنَا الدَّجَّالُ ، خَرَجَ نَبِيُّ الْأُمِّيِّينَ بَعْدُ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : أَطَاعُوهُ أَمْ عَصَوْهُ؟ قُلْتُ : بَلْ أَطَاعُوهُ . قَالَ : ذَاكَ خَيْرٌ لَهُمْ . فَهَذِهِ مُتَابَعَةٌ لِلشَّعْبِيِّ ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ بِبَعْضِهِ ، ثُمَّ أَوْرَدَ أَبُو دَاوُدَ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ، بِطُولِهِ كَنَحْوٍ مِمَّا تَقَدَّمَ .
ثُمَّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ : حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُمَيْعٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ : " إِنَّهُ بَيْنَمَا أُنَاسٌ يَسِيرُونَ فِي الْبَحْرِ ، فَنَفِدَ طَعَامُهُمْ ، فَرُفِعَتْ لَهُمْ جَزِيرَةٌ ، فَخَرَجُوا يُرِيدُونَ الْخُبْزَ ، فَلَقِيَتْهُمُ الْجَسَّاسَةُ " . قُلْتُ لِأَبِي سَلَمَةَ : وَمَا الْجَسَّاسَةُ؟ قَالَ : امْرَأَةٌ تَجُرُّ شَعَرَ جِلْدِهَا وَرَأْسِهَا . فَقَالَتْ : فِي هَذَا الْقَصْرِ . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَسَأَلَ عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ ، وَعَيْنِ زُغَرَ . قَالَ : هُوَ الْمَسِيحُ . فَقَالَ لِي ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ : إِنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ شَيْئًا مَا حَفِظْتُهُ . قَالَ : شَهِدَ جَابِرٌ أَنَّهُ ابْنُ صَيَّادٍ . قُلْتُ : فَإِنَّهُ قَدْ مَاتَ . قَالَ : وَإِنْ مَاتَ . قُلْتُ : فَإِنَّهُ أَسْلَمَ . قَالَ : وَإِنْ أَسْلَمَ . قُلْتُ : فَإِنَّهُ قَدْ دَخَلَ الْمَدِينَةَ . قَالَ : وَإِنْ دَخْلَ الْمَدِينَةَ . تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ ، وَهُوَ غَرِيبٌ جِدًّا .
[ ص: 137 ] وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ سَعْدُ بْنُ زِيَادٍ ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ مَوْلَايَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَوَى عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَقَالَ : " حَدَّثَنِي تَمِيمٌ " . فَرَأَى تَمِيمًا فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ : " يَا تَمِيمُ ، حَدِّثِ النَّاسَ مَا حَدَّثْتَنِي " . فَقَالَ : كُنَّا فِي جَزِيرَةٍ ، فَإِذَا نَحْنُ بِدَابَّةٍ لَا يُدْرَى قُبُلُهَا مِنْ دُبُرِهَا . فَقَالَتْ : تَعْجَبُونَ مِنْ خَلْقِي ، وَفِي الدَّيْرِ مَنْ يَشْتَهِي كَلَامَكُمْ! فَدَخَلْنَا الدَّيْرَ ، فَإِذَا نَحْنُ بِرَجُلٍ مُوثَقٍ فِي الْحَدِيدِ ، مِنْ كَعْبِهِ إِلَى أُذُنِهِ ، وَإِذَا أَحَدُ مِنْخَرَيْهِ مَسْدُودٌ ، وَإِحْدَى عَيْنَيْهِ مَطْمُوسَةٌ ، وَالْأُخْرَى كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ . قَالَ : مَنْ أَنْتُمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ ، فَقَالَ : مَا فَعَلَتْ بُحَيْرَةُ طَبَرِيَّةَ؟ قُلْنَا : كَعَهْدِهَا . قَالَ : فَمَا فَعَلَ نَخْلُ بَيْسَانَ؟ قُلْنَا : بِعَهْدِهِ . قَالَ : لَأَطَأَنَّ الْأَرْضَ بِقَدَمَيَّ هَاتَيْنِ ، إِلَّا بَلْدَةَ إِبْرَاهِيمَ وَطَابَا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " طَابَا هِيَ الْمَدِينَةُ " . وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا .
وَقَدْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : أَبُو عَاصِمٍ هَذَا لَيْسَ بِالْمَتِينِ .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ امْرَأَةً مِنَ الْيَهُودِ بِالْمَدِينَةِ وَلَدَتْ غُلَامًا مَمْسُوحَةً عَيْنُهُ ، طَالِعَةً نَاتِئَةً ، فَأَشْفَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ الدَّجَّالَ ، فَوَجَدَهُ تَحْتَ قَطِيفَةٍ يُهَمْهِمُ ، فَآذَنَتْهُ أُمُّهُ فَقَالَتْ : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، هَذَا أَبُو الْقَاسِمِ قَدْ [ ص: 138 ] جَاءَ فَاخْرُجْ إِلَيْهِ . فَخَرَجَ مِنَ الْقَطِيفَةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا لَهَا قَاتَلَهَا اللَّهُ؟ لَوْ تَرَكَتْهُ لَبَيَّنَ " .
ثُمَّ قَالَ : " يَا ابْنَ صَيَّادٍ مَا تَرَى؟ " قَالَ : أَرَى حَقًّا ، وَأَرَى بَاطِلًا ، وَأَرَى عَرْشًا عَلَى الْمَاءِ . قَالَ : فَلُبِسَ عَلَيْهِ . فَقَالَ : " أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ " . فَقَالَ هُوَ : أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ " . ثُمَّ خَرَجَ وَتَرَكَهُ ، ثُمَّ أَتَاهُ مَرَّةً أُخْرَى ، فَوَجَدَهُ فِي نَخْلٍ لَهُ يُهَمْهِمُ ، فَآذَنَتْهُ أُمُّهُ ، فَقَالَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، هَذَا أَبُو الْقَاسِمِ قَدْ جَاءَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا لَهَا قَاتَلَهَا اللَّهُ؟ لَوْ تَرَكَتْهُ لَبَيَّنَ " . قَالَ : فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطْمَعُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ كَلَامِهِ شَيْئًا؟ لِيَعْلَمَ أَهْوَ هُوَ أَمْ لَا؟ قَالَ : " يَا ابْنَ صَيَّادٍ مَا تَرَى؟ " . قَالَ : أَرَى حَقًّا ، وَأَرَى بَاطِلًا ، وَأَرَى عَرْشًا عَلَى الْمَاءِ . قَالَ : " أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ " . قَالَ هُوَ : أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ " . فَلُبِسَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ خَرَجَ وَتَرَكَهُ . ثُمَّ جَاءَ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَأَنَا مَعَهُ . قَالَ : فَبَادَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَيْدِينَا ، وَرَجَا أَنْ يَسْمَعَ مِنْ كَلَامِهِ شَيْئًا ، فَسَبَقَتْهُ أُمُّهُ إِلَيْهِ ، فَقَالَتْ : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، هَذَا أَبُو الْقَاسِمِ قَدْ جَاءَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا لَهَا قَاتَلَهَا اللَّهُ؟ لَوْ تَرَكَتْهُ لَبَيَّنَ " . فَقَالَ : " يَا ابْنَ صَيَّادٍ مَا تَرَى؟ " . قَالَ : أَرَى حَقًّا ، وَأَرَى بَاطِلًا ، وَأَرَى عَرْشًا عَلَى الْمَاءِ . قَالَ : " أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ " . قَالَ : أَتَشْهَدُ [ ص: 139 ] أَنْتَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ " . فَلُبِسَ عَلَيْهِ . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا ابْنَ صَيَّادٍ ، إِنَّا قَدْ خَبَّأْنَا لَكَ خَبِيئًا ، فَمَا هُوَ؟ " . قَالَ : الدُّخُّ ، الدُّخُّ . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اخْسَأْ اخْسَأْ " . فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ائْذَنْ لِي فَأَقْتُلَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنْ يَكُنْ هُوَ فَلَسْتَ صَاحِبَهُ ، إِنَّمَا صَاحِبُهُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، وَإِنْ لَا يَكُنْ هُوَ فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَقْتُلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ " . قَالَ - يَعْنِي جَابِرًا - : فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُشْفِقًا أَنَّهُ الدَّجَّالُ . وَهَذَا سِيَاقٌ غَرِيبٌ جِدًّا .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا يُونُسُ ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَمْشِي إِذْ مَرَّ بِصِبْيَانٍ يَلْعَبُونَ ، فِيهِمُ ابْنُ صَيَّادٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " تَرِبَتْ يَدَاكَ ، أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ " فَقَالَ هُوَ : أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : دَعْنِي فَلْأَضْرِبْ عُنُقَهُ . قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنْ يَكُنِ الَّذِي تَخَافُ فَلَنْ تَسْتَطِيعَهُ " . وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي ابْنِ صَيَّادٍ كَثِيرَةٌ ، وَفِي بَعْضِهَا التَّوَقُّفُ فِي أَمْرِهِ ، هَلْ هُوَ الدَّجَّالُ أَمْ لَا؟ فَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَأْنِ الدَّجَّالِ وَتَعْيِينِهِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ فِي ذَلِكَ ، وَهُوَ فَاصِلٌ فِي هَذَا الْمَقَامِ ، وَسَنُورِدُ مِنَ الْأَحَادِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّجَّالَ لَيْسَ بِابْنِ صَيَّادٍ . وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا [ ص: 140 ] اللَّيْثُ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ ، سَبْطُ الشَّعْرِ ، يَنْطِفُ - أَوْ : يُهَرَاقُ - رَأْسُهُ مَاءً ، قُلْتُ : مَنْ هَذَا؟ قَالُوا : ابْنُ مَرْيَمَ . ثُمَّ ذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ ، فَإِذَا رَجُلٌ جَسِيمٌ ، أَحْمَرُ ، جَعْدُ الرَّأْسِ ، أَعْوَرُ الْعَيْنِ ، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ ، قَالُوا : هَذَا الدَّجَّالُ ، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ ، رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ " .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي خِفَّةٍ مِنَ الدِّينِ ، وَإِدْبَارٍ مِنَ الْعِلْمِ ، فَلَهُ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً يَسِيحُهَا فِي الْأَرْضِ ، الْيَوْمُ مِنْهَا كَالسَّنَةِ ، وَالْيَوْمُ مِنْهَا كَالشَّهْرِ ، وَالْيَوْمُ مِنْهَا كَالْجُمُعَةِ ، ثُمَّ سَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ هَذِهِ ، وَلَهُ حِمَارٌ يَرْكَبُهُ ، عَرْضُ مَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا ، فَيَقُولُ لِلنَّاسِ : أَنَا رَبُّكُمْ . وَهُوَ أَعْوَرُ - وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ - مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ : كَافِرٌ ، ك ف ر مُهَجَّاةٌ ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ ، كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ ، يَرِدُ كُلَّ مَاءٍ وَمَنْهَلٍ إِلَّا الْمَدِينَةَ وَمَكَّةَ; حَرَّمَهُمَا اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَقَامَتِ الْمَلَائِكَةُ بِأَبْوَابِهَا ، وَمَعَهُ جِبَالٌ مَنْ خُبْزٍ ، وَالنَّاسُ فِي جَهْدٍ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَهُ ، وَمَعَهُ نَهَرَانِ - أَنَا أَعْلَمُ بِهِمَا مِنْهُ ، [ ص: 141 ] نَهَرٌ يَقُولُ : الْجَنَّةُ . وَنَهَرٌ يَقُولُ : النَّارُ . فَمَنْ أُدْخِلَ الَّذِي يُسَمِّيهِ الْجَنَّةَ فَهُوَ النَّارُ ، وَمَنْ أُدْخِلَ الَّذِي يُسَمِّيهِ النَّارَ فَهُوَ الْجَنَّةُ " . قَالَ : " وَتُبْعَثُ مَعَهُ شَيَاطِينُ تُكَلِّمُ النَّاسَ ، وَمَعَهُ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ ، يَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ ، وَيَقْتُلُ نَفْسًا ثُمَّ يُحْيِيهَا فِيمَا يَرَى النَّاسُ ، لَا يُسَلَّطُ عَلَى غَيْرِهَا ، وَيَقُولُ لِلنَّاسِ : هَلْ يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا إِلَّا الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ؟ " قَالَ : " فَيَفِرُّ الْمُسْلِمُونَ إِلَى جَبَلِ الدُّخَانِ بِالشَّامِ ، فَيَأْتِيهِمْ فَيُحَاصِرُهُمْ ، فَيَشْتَدُّ حِصَارُهُمْ ، وَيُجْهِدُهُمْ جُهْدًا شَدِيدًا ، ثُمَّ يَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، فَيُنَادِي مِنَ السَّحَرِ ، فَيَقُولُ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَخْرُجُوا إِلَى الْكَذَّابِ الْخَبِيثِ؟ فَيَقُولُونَ : هَذَا رَجُلٌ جِنِّيٌّ . فَيَنْطَلِقُونَ ، فَإِذَا هُمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فَتُقَامُ الصَّلَاةُ ، فَيُقَالُ لَهُ : تَقَدَّمْ يَا رُوحَ اللَّهِ . فَيَقُولُ : لِيَتَقَدَّمْ إِمَامُكُمْ فَلْيُصَلِّ بِكُمْ . فَإِذَا صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ خَرَجُوا إِلَيْهِ " قَالَ : " فَحِينَ يَرَاهُ الْكَذَّابُ يَنْمَاثُ كَمَا يَنْمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ ، فَيَمْشِي إِلَيْهِ فَيَقْتُلُهُ ، حَتَّى إِنَّ الشَّجَرَةَ وَالْحَجَرَ يُنَادِي : يَا رُوحَ اللَّهِ ، هَذَا يَهُودِيٌّ ، فَلَا يَتْرُكُ مِمَّنْ كَانَ يَتْبَعُهُ أَحَدًا إِلَّا قَتَلَهُ " . تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ أَيْضًا ، وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ ، وَهُوَ ثِقَةٌ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق