إشارة
نبوية إلى أن الفساد سيكثر حتى ليغبط الأحياء الأموات
وقال
البخاري: حدثنا إسماعيل، حدثني مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تقومُ الساعة حتى يمر الرجلُ
بِقَبْر الرجل فَيَقُولَ يا ليتني مكانَه".
إشارة
نبوية إلى عودة الصنمية قبل قيام الساعة إلى بعض أحياء العرب
قال
البخاري: حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب، عن الزهري. أخبرني سعيد بن المسيب أنا أبا
هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تقوم الساعةُ حتى
تَضْطَرِبَ أَليَاتُ نساءَ دَوْسٍ على ذي الخَلَصَة، وذو الخلصَة طاغيةُ دَوْس
الذي كانوا يعبدون في الجاهلية".
إخبار
الرسول عليه السلام بما ستتفجر عنه الأرض العربية من ثروات هائلة وما سيكون لهذه
الثروات من إثارة الشقاق وأسباب النزاع والقتال بين الناس
وقال
البخاري: حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي، عن عقبة بن خالد، حدثنا عبيد الله عن
حبيب بن عبد الرحمن، عن جده حفص بن عاصم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "يُوشِك الفراتُ أَن يَحْسِر عن كنز من ذهب فمن حَضَر َفلا
يأخُذْ منه شيئاً".
قال عقبة: وحدثنا عبد الله: حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي
صلى الله عليه وسلم مثله إلا أنه قال: "يَحْسِرُعن جَبَل من ذَهَب".
وكذلك رواه مسلم من حديث عقبة بن خالد من الوجهين، ثم رواه عن قتيبة، عن يعقوب بن
عبد الرحمن، عن سهل، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"لا تقوم الساعة حتى يَحْسِرَ الفراتُ عن جبل من ذهب يَقْتتِل الناسُ عَلَيه
فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مائة تِسْعَةٌ وتسعون ويقول كلُّ رجل منهم لعلي أَكون أَنا
الَّذِي أَنْجُو".
ثم روى من حديث عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: كنت واقفاً مع أبي بن كعب في ظل
أجم حسان فقال: لا يزالط الناس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا قلت أجل قال: إني
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يُوشِك الفرات أَن يَحْسِرَ عن
جَبل من ذهبِ فإِذا اسمَع به الناسُ سَاروا إليه فيقول مَنْ عِنْدَه لَئِنْ
تَرَكْنَا الناسَ يأخذون منه لَيُذْهَبَنَّ به كلِّه، قال فَيَقْتَتلون عليه
فَيقْتَل مِن كُلِّ مائَةٍ تسعةٌ وَتسعون".
إشارة
نبوية إلى ظهور كثير من الدجالين قبل قيام الساعة وإلى مفاجأة الساعة للناس وهم
عنها لاهون غافلون
وقال
البخاري: حدثنا أبواليمان، أخبرنا شعيب، حدثنا أبو الزناد، عن عبد الرحمن، عن أبي
هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان
عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة دَعْوَاهمَا واحدة، وحتى يُبْعَث دجالون كذابون
قريب من ثلاثين كلٌّ يَزْعم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وحتى يُقْبَض العلمُ
وتَكْثرَ الزلازلُ ويَتَقَارَبَ الزمانُ وتَظْهَرَ الفتنُ ويكْثرُ الْهَرْجُ وهو
الْقَتْلُ، وحتى يَكثر فيكم المالُ حتى يهِمَّ رب المال من يَقْبَل صَدَقَتَة وحتى
يَعْرضَه فيقول الذي يَعْرضة عليه لا أَرَب لي به، وحتى يَتَطَاوَلَ الناسُ في
البنيانِ، وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانَه، وحتى تطلعُ الشمسُ
مِن مَغْرِبها فإِذَا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون، ولكن حينَ لا ينفع نفساً
إيمانها لم تكن آمنت من قبل أَوكسبت في إيمانها خيراً، ولتَقومن الساعة وقد نَشَر
الرجلانِ ثَوبهمَا بينهما فَلاَ يَتَبَايَعَانِه ولا يَطْويَانِه، ولتقَومنَّ
الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لِقْحَتِه فلا يَطْعمهُ، ولتقومَن الساعة وهو يليطُ
حَوْضَه فلا يَسْقِيَ فيه، ولتَقُومَنَّ السَّاعَة وقد رفع أَكْلَتَهُ إلى فِيه
فلا يَطْعَمُها".
وقال
مسلم: حدثني حرملة بن التجيبي، أخبرنا ابن وهب، أخبرنا ابن يونس عن ابن شهاب أن
أبا إدريس الجولاني قال: قال حذيفة بن اليمان: والله إني لأعلم الناس بكل فتنة
كائنة فيما بيني وبين الساعة وما بي أن لا يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرّ
َلي في ذلك شيئاً لم يحدثه غيري، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث
مجلساً أنا فيه عن الفتن فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعد الفتن
منهن ثلاث لا يكدن يذرن شيئاً، ومنهن فتن كرياج الصيف منها صغار ومنها كبار، فقال
حذيفة فذهب أولئك الرهط كلهم غيري، وروى مسلم من حديث نفير، عن سهل، عن أبيه، عن
أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "منعت العراق درهمها
وقفيزها، ومنعت الشام مديها، ودينارها، ومنعت مصر إردبها، ودينارها وعدتم من حيث
بدأتم وعدتم من حيث بدأتم وعدتم من حيث بدأتم شهد ذلك لحم أبي هريرة ودمه".
وقال الإِمام أحمد: حدثنا إسماعيل، حدثنا الحريري، عن أبي نصرة قال: كنا عند جابر
فقال: يوشك أهل العراق أن لا يجيء إليهم دينار ولا مدى، قلنا من أين ذاك? قال: من
قبل الروم يمنعون ذلك: قال: ثم سكت هنيهة ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "يكون في آخر أمتي خليفة يحثو المال حثواً لا يعده عداً"، قال
الحريري فقلت لأبي نصرة وأبي العلاء كأنه عمر بن عبد العزيز? فقالا: لا. رواه مسلم
من حديث الحريري بنحوه.
وقال الإِمام أحمد حدثنا أبو عامر، حدثنا أفلح بن سعيد الأنصاري شيخ من أهل قباء
من الأنصار، حدثني عبد الله بن رافع مولى أم سلمة قال: سمعت أبا هريرة يقول سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنْ طالت بكم مدَّةٌ أوْشَكَ أن
تُدْنِيَ قَوْماً يَغدُونَ في سَخَطِ اللَّهِ ويَرُوحون في الفتنة في أيديهم مثل
أذناب البقر".
وأخرجه مسلم، عن محمد بن عبد الله بن عين، عن زيد بن الحباب، عن أفلح ابن سعيد به:
إشارة
نبوية إلى ما سيكون من ظهور صنفين من أهل النار والعياذ باللّه رب العالمين
ثم
روي، عن زهر بن حرب، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "صِنْفَانِ مِن أهل النار لم أرَهُما بَعْدُ قومٌ مَعَهُم سِيَاطٌ
كأذْنَابِ البَقَرِ يضربون بها الناس ونساءُ كَاسِيَات عاريَاتٌ مَائِلاتٌ
مُمِيلاتٌ رؤوسُهُنَّ كَأسْنِمَةِ الْبخْت المائلةِ لا يَدْخلْنَ الجَنّةَ ولا
يَجِدْنَ ريحهَا وإن ريحها لتوجدُ من مسيرةِ كذا وكذا".
بعض
مبررات ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وقال
أحمد: حدثنا زيد بن يحيى الدمشقي، حدثنا أبو سعيد، حدثنا أبو مكحول عن أنس بن مالك
قال: قيل يا رسول الله متى ندع الائتمار بالمعروف والنهي عن المنكر? قال:
"إذا ظهر فيكم مِثْلُ ما ظهر في بني إِسرائيل? إِذا كانت الفاحشة في كباركم
والعلم في أَراذِلكم والملكُ في صغاركم".
رواه ابن ماجه، عن العباس بن الوليد، عن زيد بن يحيى بن عبيد، عن الهيثم بن حيد،
عن أبي معبد حفص بن عيلان مكحول، عن أنس فذكر نحوه.
إشارة
نبوية إلى ما سيكون من خروج الناس أفواجاً من الدين
وقال
الإِمام أحمد: حدثنا معاوية بن عمر، حدثنا أبو إسحاق، عن الأوزاعي، حدثنا أبو
عمار، حدثني جار جابر بن عبد الله قال: قدمت من سفر فجاءنا جابر ليسلم عليَّ فجعلت
أحدثه عن افتراق الناس وما أحدثوا فجعل جابر يبكي ثم قال سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: "إِنَّ الناسَ دخلوا في دين الله أَفواجاً وسيخرجون منه
أَفْواجاً".
إِخبار
الرسول صلى الله عليه وسلم بنشوب فتن مهلكة تجعل القابض على دينه أثناءها كالقابض
على الحجر
وقال
الإِمام أحمد: حدثنا يحيى بن إسحاق، حدثنا ابن لميعة، حدثنا أبو يونس عن أبي
هريرة، وقال حسن حدثنا أبو لميعة، حدثنا أبو يونس عن أبي هريرة قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: "وَيْلٌ للعرب من شرٍ قد اقتربَ فِتَنٌ كَقَطِيع الليل
المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً يبيع قوم دينَهم بعَرَض من الدنيا قليل
المتمسك يومئذ بدينهِ كالقابِض على الخَمْر أو قال على الشوْك".
وقال حسن في حديث تخبط الشوك:
إشارة
نبوية إلى ما سيكون من تجمع الأمم ضد المسلمين استضعافاً لهم وطمعاً فيهم
مع
كثرة المسلمين ووفرة عددهم حينئذ
وقال
الإِمام أحمد: حدثنا أبو جعفر المدايني، حدثنا عبد الصمد بن حبيب الأزدي، عن أبيه
حبيب عبد الله، عن سبيل، عن عوف، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول لثوبان: "كيف أنت يا ثوبان إذا تداعت عليكم الأمم كما تداعى الأكلة
على قصعتها. فقال بأبي أنت وأمي يا رسول الله أمن قلة بنا? قال: لا بل أنتم يومئذ
كثير ولكن يلقي في قلوبكم الوهن، قال: وما الوهن يا رسول الله? قال: "حُبُّكم
الدنيا وكراهيَتُكم القتال".
إشارة
من الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن فتنةً مهلكة ستحدث وإن النجاة منها في البعد
عنها وتجنب طريقها
وقال
الإِمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن رجل عن عمرو بن وابصة الأسدي عن
أبيه قال: إني بالكوفة في داري إذ سمعت على باب الدار السلام عليكم إليّ فقلت
عليكم السلام فلجّ، فلما دخل فإذا هو عبد الله بن مسعود، فقلت أبا عبد الرحمن أية
ساعة زيارة هذه? وذلك في نحر الظهر فقال: طال عليَّ النهار فذكرت من أتحدث إليه قال
فجعل يحدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تكون فتنةٌ النائمُ فيها
خيرٌ من المضْطَجعَ، والمضطجعُ فيها خَيرٌ من القاعدة والقاعدُ فيها خيرٌ مِنَ
الْقَائِم والقَائِم فيها خير من الماشي? والماشي خيرٌ من الراكب، والراكب خَيرٌ
مِنَ الساعي? قَتْلاَهَا كُلَّها في النارِ: قلتُ يا رسول الله ومَتى ذلك? قال:
أيَّام الهَرْج حين لاَ يأمَنُ الرجلُ جَليسه، قال: فما تَأمُرُني إِنْ أدركتُ
ذلك. قال اكفُفْ نفسكَ وَيَدَكَ وادخلُ دَارَك. قال قلت يا رسول الله أَرَايْتَ
إِنْ دَخَلَ رجُل عَلَيّ داري? قالَ فأقْفِلْ بيتَكَ: قال افرَأيْتَ إِن دخل على
بيتي? قال فادخل مسجدَك واصنع هكذا وق فّ لسانَك وَيَدَك وكُنْ حِلْساً من أحْلاَس
بَيْتِكَ. قال يعني وابصِه فلما قتل عثمان طَار قلبي مطَاره".
فركبت حتى أتيت دمشق فلقيت حذيم بن فاتك الأسدي فحلف بالله الذي لا إله إلا هو لقد
سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إشارة
من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ضروب من الفتن ستكون وإن النجاة منها من
اعتزال المجتمع
كما
حدثنا ابن مسعود، وقال أبو داود حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا وكيع عن عثمان
السحام، حدثني مسلم بن أبي بكرة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"إنها ستكون فتنة المُضْطَجعْ فيها خير من الجالس والجالسُ خير من القائم?
والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعِي. قال يا رسول الله مَا تَأمُرُني?
قَال: من كانت له إِبلٌ فلْيَلْحَقْ بإِبِلِهِ، ومن كانت لَه غَنَمٌ فَلْيَلْحَقْ
بِغَنَمِهِ، وَمَنْ كَانَتْ لَه أرض فلْيَلْحَقْ بِأرْضِهِ. قال: فمن لَم يَكُن له
شيءُ من ذلك فلْيَعْمَدْ إِلى سَيْفِهِ فيدُقَّ عَلَى حَدِّهَ بِحَجَرٍ ثم ليَنْجُ
ما اسْتَطَاعَ النَّجَاءَ".
وقد رواه مسلم من حديث عثمان السحام بنحوه.
وقال أبو داود: حدثنا الفضل عن عياش عن بكير عن بشر بن سعيد عن حسين بن عبد الرحمن
الأشجعي أنه سمع سعد بن أبي وقاص يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا لحديث
قال: قلت يا رسول الله أرأيت إن دخل على بيتي وبسط يده ليقتلني? فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: "كُنْ كَابْن آدَمَ وتلا: "لَئِنْ بَسَطْتَ إِليَّ
يدكَ".
انفرد به أبو داود من هذا الوجه.
وقال أحمد: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث بن سعد عن عياش بن عباس عن بكر بن عبد
الله عن بشر بن سعيد أن سعد بن أبي وقاص "قال عند فتنة عثمان بن عفان أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنها ستكونُ فتنةٌ القاعدُ فيها خيرٌ من
القائم والقائم خَيْر من الماشي والماشي خيرٌ من الساعي. قال: أرأَيْتَ إِن دخل
على بيتي فبَسَطَ يده أي ليقتلني قال كُنْ كابن آدَم.
وهكذا رواه الترمذي عن قتيبة عن الليث عن عياش بن عباس القنياني عن بكير بن عبد
الله بن الأشج عن بسرة بن سعيد الحضرمي عن سعيد بن أبي وقاص فذكره وقال هذا حديث
حسن، ورواه بعضهم عن الليث فزاد في الإِسناد رجلاً يعني الحسين، وقيل الحلبي بن
عبدِ الرحمن، ويقال عبد الرحمن بن الحسين عن سعد، كما رواه أبو داود فيما تقدم
آنفاً.
نصح
الرسول عليه السلام بتحمل الأذى عند قيام الفتن والبعد عن المشاركة في الشر
ثم
قال أبو داود: حدثنا مسدد، حدثنا عبد الوارث بن سعد، عن محمد بن حجارة، عن عبد
الرحمن بن نزوان، عن هذيل، عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "إِنَّ بَيْنَ يَدَي السَّاعَةِ فِتَناً كَقَطِيع الليل المظلِمً يصبحُ
فيها مؤمناً ويُمْسِي كافراً ويمسي مؤمناً ويُصْبحُ كافراً: القاعدُ خيرمن القائم
والماشي فيها خيرٌ من الساعي، فَكسّروا قِسِيّكُمْ وقَطِّعُوا أوْتَارَكُمْ
واضربُوا سُيُوفَكُمْ بِالحجارة، فإِن دُخِلَ يَعْنِي عَلَى أحَدٍ منكم فَلْيَكنْ
كَخَيْرِ ابْنِي آدَمَ".
ثم قال الإِمام أحمد: حدثنا أم حرام، حدثني أبو عمران الجوني عن عبد الله بن
الصامت عن أبي ذر قال: ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم وَأرْدَفَنِي خَلْفَهُ
فقالَ: "يا أبا ذَرّ أرأيْتَ إِنْ أصَابَ الناسَ جوعٌ شَديد لاَ تَسْتَطِيعُ
معه أنْ تقومَ مِن فِراشِك إِلى مسجدك كَيْفَ تَصْنَعُ? قلت الله ورسولهُ أعْلَمُ.
قال: اصْبِر، قال يا أبا ذر: أرأيت إِن أصاب الناس موت شديدٌ كيف تصنع قلت الله
ورسوله أعلم. قال: اصْبِرْ. قال يا أَبا ذر: أرأيت إِن قَتَلَ الناسُ بَعضُهم
بعْضاً يعني حتى تَغْرِقَ حجارهُ الْبَيْتِ من الدماءِ كيف تصنع قال الله ورسوله
أعلم. قال: اقْعُدْ في بَيْتِكَ وأغلِقْ عَلَيْكَ بَابَكَ. قال: فإِن لم أتْرَكْ
أفأخُذُ سِلاَحي? قال: إِذاً تُشَاركُهُم فيما هم فِيه، ولكن إِن خشيت أن
يُرَوّعَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ فالْق طَرَفَ رِدَائِكَ عَلَى وَجْهِكَ كَيْ يَبْوءُ
بإثمه وإِثمك".
هكذا رواه الإِمام أحمد، وقد رواه أبو داود عن مسدد وابن ماجه وعن أحمد بن عبدة
كلاهما عن حماد بن زيد عن أبي عمران الجوني عن المشعث بن طريف عن عبد الله بن
الصامت عن أبي ذر بنحوه، ثم قال أبو داود: ولم يذكر المشعث في هذا الحديث غير حماد
بن زيد، وقال أبو داود: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا
عبد الواحد بن زياد، حدثنا عاصم الأحول عن أبي لبيبة قال: سمعت أبا موسى يقول قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِن بين أيدِيكم فتناً كقطع الليل يُصبحُ
الرجل فيها مؤمناً ويُمْسي كافراً ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً القاعدُ فيها خيرٌ من
القائم والقائم خيرٌ من الماشي والماشِي خير من السَّاعِي قال فما تَأمُرُنا? قال:
كانوا أَحْلاَسَ بُيُوتكم".
إشارة
الرسول عليه السلام إلى ما سيكون من ردة بعض المسلمين إلى الصنمية
وقال الإِمام أحمد: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة
عن أبي أسماء عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهّ
زَوَى لي الأرضَ فرأَيتُ مشارقهَا ومَغارِبَها وإِن مُلكَ أمَّتِي سيبلغ ما زُوِي
مِنْهَا، وإِنِّي أعْطِيتُ الكنزَين الأحْمَرَ والأَبيضَ، وإِني سأَلتُ ربي أَن لا
يُهْلَكُوا بِسَنَةٍ بِعَامَةٍ ولاَ يُسَلِّطَ عليهم عدوًّا مِنْ سِوَى
أَنْفُسِهِمْ فَيَستَبِيح بَيْضَتَهُمْ، وإنَّ رَبي عَزَّ وَجَلَّ قال يَا محمدُ
إِني إِذا قضيتُ قِضاءَ فإِنَّه لا يُرَد، وإِني أعْطَيْتُكَ لأمتك أنْ لاَ
أَهْلِكَهُم بِسنة عَامة ولا أسَلِّطَ عليهمْ عدواً من سِوَى أنفسِهم فَيَستبيحَ
بَيْضَتَهُمْ ولو اجْتَمَعَ عَلَيْهمْ مَنْ بَيْنَ أَقطَارِهَا، أَو قال مَنْ
بِأَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضاً ويَسْبِي بَعْضُهُمْ
بَعْضاً، وإِنَّما أَخَاف عَلى أمتِي الأئمة المُضِلِّينَ، وإِذا وُضِعَ في أمتي
السيفُ لَم يًرْفَعْ عنهم إِلى يَوم القيامة ولا تقوم الساعة حتى تَلْحَقَ قبائلُ
من أمتي بالمشركين وحتى تَعْبُد قبائل من أمتي الأوثان، وإِنه سيكون في أمتي
كذابون ثلاثون كلٌّ يزعمُ أنَّه نَبِي وأَنا خاتمُ النَّبِيِّينَ لا نَبِيّ
بَعْدِي، ولا تَزَال طائفة من أمتي ظاهرين على الحَق لا يضرهم من خالفهم حتى ياتي
أمر الله عَزَّ وَجَلّ".
رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه من طرق عن أبي قلابة عبد الله بن زيد
الجرمي، عن أبي أسماء عمرو بن مزيد، عن ثوبان بن محمد بنحوه، وقال الترمذي حسن
صحيح.
فتنة
الأحلاس:
وقال
أبو داود: حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا أبو داود، حدثنا يحيى بن عثمان بن سعيد
الحمصي، حدثنا أبو المغيرة، حدثني عبد الله بن سالم، حدثني العلاء بن عتبة عن عمر
بن هانىء العنسي سمعت عبد الله بن عمر يقول: "كنا قعوداً عند رسول الله فذكر
الفتن فأكثر في ذكرها حتى ذكر فتنة الأحلاس فقال قائل يا رسول الله وما فتنة
الأحلاس? قال هي حرب وهرب، ثم فتنة السراء دخلها أو دخنها من تحت قدمي رجل من أهل
بيتي يزعم أنه ابني وليس مني إنما أوليائي المتقون، ثم يصطلح الناس على رجل كورك
على ضلع، ثمٍ فتنة الدهيماء لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته حتى إذا قيل
انقضت عادت يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً حتى يصير الناس إلى فسطاطين فسطاط
إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من
يومه أو من غده". وتفرد به أبو داود، وقد رواه أحمد في مسنده عن أبي المغيرة
بمثله.
وقال أبوداود: حدثنا القعنبي، حدثنا عبد العزيز يعني ابن أبي حازم عن أبيه عن
عمارة بن عمرو عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله قال: "كَيْفَ بِكم
وَزَمَانٌ أَوْشَكَ أَنْ يأتِي يُغَرْبَلُ الناسُ فيه غَرْبَلَةً والناسُ قد
مَرَجَت عُهُودهُمْ واختلفوا فكانوا هكذا وشَبَّكَ بين أصابِعِهِ? قالوا كيف بنا
يا رسول اللهّ? قال: تأخذون بما تعرفون وتَدَعُون ما تُنْكِرون تُقْبلون على أمرِ
خَاصَّتِكم وتَذَرُون أمْر عَامَّتكم". قال أبو داود: هكذا روي عن عبد الله بن
عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه، وهكذا رواه ابن ماجه عن
هشام بن عمار ومحمد بن الصباح عن عبد العزيز بن أبي حازم به.
فقد رواه الإِمام أحمد عن حسين بن محمد عن مطرف عن أبي حازم عن عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده فذكر مثله أو نحوه، ثم قال أبو داود: حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا
الفضل بن دكين، حدثنا يونس يعني ابن أبي إسحاق عن هلال بن حباب أبي العلامة، حدثنا
عكرمة، حدثني عبد الله بن عمرو بن العاص قال: بينما نحن حول رسول الله صلى الله
عليه وسلم إذ ذكر الفتنة أو ذكرت عنده فقال: "ورأيتم الناس قد مرَجَتْ عهودهم
وخَفَّتْ أماناتُهُم وكانوا هكذا وشبَّك بين أَصابعه، قال فقمت اليه فقلت كيف أفعل
عند ذلك جَعَلنِي اللَّهُ فدَاك? قال: الزَمْ بَيْتَك وامْلِك عَلَيْكَ لسَانَك
وخُذْ بما تَعْرِفُ وَدَعْ ما تُنكِر وعَليك بأمر خاصَّةِ نفسك وَدع عنك أمر
العَامَّةِ.
وهكذا رواه أحمد عن أبي نعيم والفضل بن دكين به، وأخرجه النسائي في اليوم والليلة
عن أحمد ابن بكار عن مخلد بن مزيد عن يونس بن أبي إسحاق فذكر بإسناده نحوه.
إشارة
نبوية إلى أنه ستكون فتنة وقع اللسان فيها أشد من وقع السيف
وقال
أبو داود: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا الليث عن طاووس عن رجل
يقال له زياد عن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم :
"إِنَّه سَتَكُون فِتْنَةٌ وسَتُصِيبُ العَرَبَ قَتْلاَهَا في النَّارِة
وقْعُ اللسان فيها أَشدُّ مِنْ وَقْع السَّيْفِ ".
وقد رواه أحمد عن أسود بن عامر عن حماد بن سلمة، والترمذي وابن ماجه من حديثه عن
الليث عن طاووس عن زياد وهو الأعجم، ويقال له زياد سمين كوش، وقد حكى الترمذي عن
البخاري أنه ليس لزياد حديث سواه، وأن حماد بن زيد رواه عن الليث موقوفاً، وقد
استمرك ابن عساكر على البخاري هذا فإن أبا داود من طريق حماد بن زيد مرفوعاً فالله
أعلم، وقال الإِمام أحمد حدثنا وكيع، وقال: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش عن زيد
بن وهب عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة عن عبدالله بن عمر وكنت جالسأ معه في ظل
الكعبة وهو يحدث الناس قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا
منزلأ إِذْ نادَى مُنَادِي رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصلاةُ جَامِعَةُ قال
فَانتهيتُ إِليه وهو يخطب الناسَ ويقول: لا أيها الناس إِنه لم يَكنْ شيء قبلِي
إِلاَّ كان حقاً على الله أن يدل عِبَادَهُ مِنْهُ على مَا يَعْلَمهُ خَيراً لهم
ويُنذِرَهُم مَا يَعْلَمُهُ شراً لهم، أَلاَ وَإِنَّ عَافيَةَ هذه الأَمةِ في
أَوَّلها وسَيُصيبُ آخرَها بلاءُ وفتنٌ يرافق بعضها بعضاً تجيءُ الفتنة فيقول
المؤمنُ هذه هذه مُهْلِكتِي ثم تَنْكشفُ، ثم تجيءُ فيقول هذه هذه ثم تجيءُ فَيَقول
هذه هذه ثم تنكشِف، فمن أحب أَن يُزَحْزَحَ عن النارِ ويُدْخَلَ الجنةَ
فَلْتُدْرِكْهُ ميتتُهُ وهو يؤمن بِاللَّه واليوم الآخِر وليْاتِ إِلَى الناس ما
يحب أن يُوتَى إِليه، ومن بَايع إِمَاماً فأَعطَاهُ صفْقَةَ يدِه وثَمَرة قلبهِ
فَلْيُطِعْهً إِن أسْتَطَاعَ وقال مرة ما استُطاع ". قال عبد الرحمن: فلَمَا
سَمِعتَها أدخلت رأسي بين رجلي وقلت فإِن ابنَ عمِّك معاويةَ يأمرنا أَن نأَكلَ
أَموال الناس بالباطل وأَن نَقْتُل أَنفسنا وقد قال الله تعالى: "يا أَيُّها
الذِينَ آمَنُوا لاَ تَئهُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِل" النساء:
29،. قال: فجمع يديه فوضعهما على جبهته ثم نكّس هُنَيْهًةَ ثم رَفَعَ رَأسَهُ فقال
أَطِعْه في طَاعَةِ في طَاعَةِ الله واعْصِهِ في مَعصِيَةِ الله. قلت له: أنتَ
سمعتَ هذَا من رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ? قال: نعمِ سمعتهُ أذنَاي
وَوَعَاهُ قَلْبِي ".
رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث الأعمش به، وأخرجه مسلم من حديث
الشعبي عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة بن عبدالله بن عمر وبنحوه.
وقال أحمد: حدثنا ابن نميرحدثنا الحسن بن عمرو عن أبي الزبيرعن عبدالله بن عمرو
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِذا رأيتُمْ أمَّتِي تهابُ
الظَّالِمَ أَنْ تَقول له إِنَّكَ ظالم فقد تُوُدِّعَ مِنْهُمْ ".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يكون في أمتي قَذْف وخَسْف
ومَسْخ".
وقال أبو داود: حدثنا عبد الملك بن شعيب، حدثنا ابن وهب، حدثني الليث عن يحيى بن
سعيد قال: قال لي خالد بن عمران، عن عبد الرحمن بن السلماني، عن عبد الرحمن أبي
هند، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"سَتَكونُ فِتنةٌ صَمَّاءُ بَكْمَاءُ عَمْيَاءُ مَنْ أشرفَ لَهَا اسْتَشْرَف
لَه، وقعُ اللسان فيها أَشَدّ مِنْ وَقْع السَّيْفِ".
إشارة
نبوية إلى القسطنطينية ستفتح قبل رومية
وقال
الإِمام أحمد: حدثنا يحيى بن إسحاق، حدثنا يحيى بن أيوب، حدثني أبو قتيل قال: كنا
عند عبد الله بن عمر وسئل أي المدينتين تفتح القسطنطينية أو رومية. قال: قال فدعا
عبد الله بصندوق له حلق فأخرج منه كتاباً قال: فقال عبد الله بينا نحن حول رسول
الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المدينتين
نفتح أولاً القسطنطينية أو رومية? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"مَدِينة هرَقلَ تُفْتَحَ أَولاً يعني القسطنطينية".
إشارة
منسوبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ما سيكون من خراب بعض البلدان وأسباب
خراب كل بلد وهي إشارة تضمنها حديث بين الوضع
وقال
القرطبي في التذكرة، وروي من حديث حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال: "ويبدأ الخَرابُ في أطْراف الأرض حتى تَخْرِبَ مصرُ، ومصر آمنةٌ من
الخراب حتى تخربَ البصرة، وخراب البصرة من الغرق، وخراب مصر من جفاف النيل، وخراب
مكة وخراب المدينة من الجوع، وخراب اليمن من الجرَاد، وخراب الأبلَّةِ من الحصارِ،
وخرَاب فارِسَ من الصَّعاليكِ، وخراب التركِ من الدَّيْلَم، وخراب الديلم من
الأرْمَن، وخراب الأرمن من الخَزرِ، وخرابُ الخزر منَ التُرْكِ، وخراب الترك من
الصَّواعِق، وخراب السند من الهِنْدِ، وخراب الهند من الصين، وخراب الصين من
الرُّمُل، وخراب الحبشةِ من الرجفة، وخراب الزَوراءِ من السُّفْياني، وخراب
الروحاءِ من الخَسْفِ وخراب العراق من القتل".
ثم قال ورواه أبو الفرج بن الجوزي قال وسمعت أن خراب الأندلس بالريح العقيم.
فصل
تعدد
الآيات والأَشراط
قال
الإِمام أحمد: حدثنا حسن، حدثنا خلف يعني ابن خليفة، عن جابر، عن أبيه، عن عبد
الله ابن عمر وقال: "دخلت على عبد الله بن عمر وهو يتوضأ مُنكَّساً فرفع
رأسَه فنظر إِليَّ فقال ستٌّ فِيكم أَيتها الأمة مَوْت نبيكم قال فَكَأنَّما
انتزعَ قلبي من مكانه".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "واحدةٌ قال ويَفِيضُ المالُ فِيكُمْ حتى
إِن الرجلَ ليُعْطَى عَشْرَةَ آلافٍ يظل يَسْخَطُها".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اثنتين قال وفتنة تدخلُ بيتَ كل رجل
مِنْكم".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثَلاَثٌ قال وموت كقُصاصَ الغَنم".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَربَعٌ وهدنَةٌ تكون بينكم وبين بني
الأَصفَر فيجمعون لكم تِسعة أَشهرٍ كَقَدْر حَمْل الْمَرْأةِ ثم يكونون أولى
بالعدل منكم".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اثنتان خمس".
قلت يا رسول الله أي مدينة تفتح القسطنطينية أو رومية? قال: قسطنطينية، وهذا
الإِسناد فيه نظر من جهة رجاله ولكن له شاهد من وجه آخر صحيح، فقال البخاري: حدثنا
الحميدي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الله بن العلاء بن يزيد، سمعت يزيد بن
عبد الله أنه سمع أبا إدريس يقول سمعت عوف بن مالك رضي الله عنه يقول: أتيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهو في غزوة تبوك وهو في قبة أدم فقال: "أعدُدْ
سِتّاً بَيْنَ يَدَي الساعةِ موتي، ثم فَتْحُ بيتِ المقدس، ثم مُوتَانٌ يأخذكم
كقُصاص الغنم، ثم استِفاضةُ المالِ حتى يُعطَى الرجلُ مائَةَ دينار فَيَظَلُ
ساخِطاً، ثم فِتنةٌ لا تُبْقِي بَيْتاً من العَربِ إِلاَّ دَخَلَتْه، ثم هُدنةٌ
تكون بَيْنكم وبين بني الأصفرِ فيَغْمُون فيأتونكم تحت ثمانين رايةً تحتَ كل رايةٍ
اثنا عَشَرألْفاً". ورواه أبو داود وابن ماجه والطبراني من حديث الوليد بن
مسلم ووقع في رواية الطبراني، عن الوليد، عن بشر بن عبد الله فالله أعلم.
علامات
بين يدي الساعة
وقال
الإِمام أحمد: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، حدثنا عبد الرحمن بن جبير بن نظير،
عنأبيه، عن عوف بن مالك الأشجعي قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه
فقال: "عَوْف? فقلت نَعَمْ فقال أدخُلْ: قال قلْتُ كلَي أوْ بَعْضِي? فقال:
كُلُّكَ، فقال: اعْدُدْ يَا عَوْفُ سِتّاً بَيْنَ يَدَي السّاعَةِ أَوَّلهُنَّ
مَوْتي قال فاسْتَبْكَيْتً حتّى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسْكِتُني قال قل
واحدة قلت واحدةً، والثانيةُ فتحُ بيتِ الْمَقْدِس قال قل اثْنَتَيْن قلت
اثْنَتَيْن، والثالثَة مُوتَان يكون في أمّتي يأخذهم مثل قصَاص الغنم قل ثلاثاً،
والرابعة فتنة تكون في أمّتي أعْظَمُها قل أربعاً، والخامسة يَفيضُ المال فِيكم
حتى إنَّ الرجل ليُعْطَى مائَةَ دينَارٍ فَيَسْخَطها قل خمساً، والسادسة هُدْنةٌ
تكون بينكم وبين بني الأصفر فيسيرون إليكم على ثمانين غايةً. قلت: وما الغايةُ:
قال: الرايةُ تحت كل غايةٍ اثنا عشر ألفاً وفُسْطَاط المسلمين يومئذ في أرض يقال
لها الغُوطَة في مدينة يقال لها دِمَشقُ".
تفرَّد به أحمد من هذا الوجه، وقال أبو داود: حدثنا هشام بن عمار، حدثنا يحيى بن
حمزة، حدثنا أبو جابر، حدثني زيد بن أرطأة، سمعت جبير بن نفير، عن أبي الدرداء أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن فُسْطاطَ المسلمين يوم المَلْحَمة
بالغًوطة إلى جانب مدينة يقال لها دِمَشْق من خَير مَدًائِن الشام".
وقال الإِمام أحمد: حدثنا وكيع عن النهاش بن فهم، حدثني شداد أبو عمار، عن معاذ بن
جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستٌّ من أشْراط الساعة. موتي،
وفتحُ بيتِ المقدِس، وموتٌ يأخذ في الناس كقُصَاص الغنم، وفتنَة يدخل حريمُها
بَيْتَ كلِّ مسلم، وأن يعطى الرجل ألف دينارٍ فَيسخَطُها، وأن يغمُرَ الرومَ
فيسيرونَ بثمانين بنداً تحت كل بند اثْنا عَشَر ألفاً".
طلب
الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبادر المؤمنون بالأعمال الصالحة ستة أمور قبل
وقوعها
وقال
الإِمام أحمد: حدثنا عبد الصمد وعفان قالا: حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن الحسن، عن
زياد بن رباح، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بَادِرُوا
بالأعمال سِتّاً طلوعَ الشمس من مَغْرِبها، والدجالَ، والدخانَ، ودابة الأرض،
وخوَيِّصة أحدِكُم، وأمْرَ العامَّةِ، وكان قتادة يقول إذا قال وأمر العامة قال
يَعْني أمر الساعة".
وهكذا رواه مسلم من حديث شعبة وعبد الصمد كلاهما عن همام به، ثم رواه أحمد منفرداً
به عن أبي داود، عن عمران القطان، عن قتادة، عن عبد الله بن رباح بن أبي هريرة
مرفوعاً مثله.
وقال أحمد: حدثنا سليمان، حدثنا إسماعيل، أخبرني العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بادروا بالأعمال سِتّاً طلوعَ الشمس من
مغربها، والدجال، والدخانَ، والدابة، وخاصة أحدِكم، وأمرَ العامّة".
ورواه مسلم من حديث إسماعيل بن جعفر المدني به.
عشر
آيات قبل قيام الساعة
وقال
الإِمام أحمد: حدثنا سفيان بن عيينة، عن فرات، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسد
قال: اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر الساعة فقال: "مَا
تَذْكِرُونَ? قُلْنا نَذْكُرُ الساعَةَ، فقال: إنها لن تقومَ حَتَّى تَرَوْا عَشْر
آياتٍ: الدخانَ والدجالَ والدابَّةَ وطلوعَ الشمس مِن مَغْرِبها ونزولَ عيسى ابن
مَرْيَمَ ويأجُوجَ ومَأجُوجَ وثَلاَثَةَ خسوفٍ خَسْفٌ بالمشرِق وخسف بالمغربِ
وخسْفٌ بجزيرة العربِ، وآخر ذلك نارٌ تَخْرُجُ من قِبَل المشرق تسوق الناس إلى
مَحْشَرِهم".
النار
التي تخرج من قعر عدن هي نار من نار الفتن
قال
أبو عبد الرحمن عبد الله ابن الإِمام أحمد سقط كلمة، ثم رواه أحمد عن حديث سفيان
الثوري وشعبة كلاهما عن فرات القزاز، عن أبي الطفيل عامر بن وائلة، عن حذيفة بن
أسيد، عن ابن شريحة الغفاري فذكره وقال فيه: "ونار تخرج من قعْر عَدَن تسوقُ
أو تَحْشُرُ الناس تبيتُ معهُم حيثُ بَاتوا وتَقِيلً معهُم حيث قَالُوا".
قال
شعبة: وحدثني بهذا الحديث رجل عن أبي الطفيل، عن أبي شريحة ولم يرفعه إلى النبي
صلى الله عليه وسلم فقال أحد هذين الرجلين: نزول عيسى ابن مريم، وقال الآخر: ريح
تلقيهم في البحر، وقد رواه مسلم من حديث سفيان بن عيينة وشعبة عن فرات القزاز، عن
أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد موقوفاً ورواه أهل السنن الأربعة من طرق فرات عن
القزاز به.
ذكر
قتال الملحَمة مع الرّوم الذي آخره فتح القسطنطينيَّة
وعنده
يخرج المسيح الدجال فينزل عيسى ابن مريم من السماء الدنيا إلى الأرض على المنارة
البيضاء الشرقية بدمشق وقت صلاة الفجر، كما سيأتي بيان ذلك كله بالأحاديث الصحيحة.
وقال الإِمام أحمد: حدثنا محمد بن مصعب هو القرقساني، حدثنا الأوزاعي، عن حسان بن
عطية، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن ذي مخمر، عن النبي صلى الله عليه
وسلم: "تُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحاً آمِناً وتَقْهَرُونَ أنْتُمْ وهُمْ
عدواً من وَرائهم فتسلمون وتغنمون ثم تنزلون بمرج ذي تلول، فيقوم الرجل من الروم
فيرفَعُ الصليب ويقولُ الأغلبُ الصليبُ، فيقوم إليه رجل من المسلمين فيقتله فعند
ذلك تغدر الرومُ وتكونُ الملاحمُ فيجمعون لكم فيأتونَكم في ثمانين غايةً مع كُلِّ
غايةٍ عشرةُ آلاف".
ثم رواه أحمد عن روح عن الأوزاعي به وقال فيه: "فعند ذلك تغمر الروم ويجمعون
الملحمة" وهكذا رواه أبو داود، وابن ماجه من حديث الأوزاعي به. وقد تقدم في
حديث عوف بن مالك في صحيح البخاري: "فَيأاتُونكُمْ تحت ثمانين غايةً كل غايةٍ
اثْنَا عَشَرألفاً".
وهكذا في حديث شداد أبي عمار عن معاذ: "يسيرون إليكم بثمانين بنداً تحت كل
بند إثنا عشر ألفاً".
وقال الإِمام أحمد: حدثنا إسماعيل، حدثنا أيوب، عن حميد بن هلال، عن أبي قتادة، عن
أسير بن جابر قال: هاجت ريح حمراء بالكوفة فجاء رجل ليس له هجيري إلا يا عبد الله
بن مسعود جاءت الساعة، وكان عبد الله متكئاً فجلس فقال: إن الساعة لا تقوم حتى لا
يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة، قال: ثم قال بيده هكذا ونحاها نحو الشام، وقال عدو
يجمعون لأهل الإِسلام ويجمع لهم أهل الإِسلام قلت: "الرومَ تعْني? قال: نعم ويكون
عند ذاكُم القتال ردةٌ شديدةٌ".
قال: فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم
الليل فيبقى هؤلاء كل غير غالب تفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع
إلا غالبة فيقتتلون ثم يبقى هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة، ثم يشترط
المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء
وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة، فإذا كان اليوم الرابع نهد إليهم بقية أهل
الإسلام فيجعل الله الدائرة عليهم فيقتتلون مقتلة إما قال لا ندري مثلها، وإما قال
لا يرى مثلها حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فما يخلفهم حتى يخر ميتاً فيعاد بنو
الأرب كانوا مائْة فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد، فبأي غنيمة يفرح أو أي
ميراث يقاسم. قال: فبينما هم كذلك إذا سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك قال فجاءهم
الصريخ أن الدجال قد خلفهم في ذراريهم فيرفضون ما في أيديهم ويقبلون فيبعثون عشرة
فوارس طليعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأعلم أسماءهم وأسماء
آبَائِهم وألوانَ خيولهم هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذٍ".
تفرّد بإخراجه مسلم، فرواه عن أبي بكر بن أبي شيبة وعلي بن حجر كلاهما عن إسماعيل
بن علية من حديث حماد بن زيد كلاهما عن أيوب، ومن حديث سليمان بن المغيرة كلاهما
عن حميد بن هلالي العدوي، عن أبي قتادة العدوي، وقد اختلف في اسمه والأشهر ما
ذكره، ابن معين أنه يهم ابن نذير، وقال ابن منده وغيره كانت له صحبة فالله أعلم.
وتقدم
من رواية جبير بن نفير، عن عوف بن مالك في تعداد الأشراط بين يدي الساعة أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: "والسادسة هُدْنة تكون بينكم وبين بني الأصفر
فيسيرون إليكم في ثمانين غايةً تحت كل غايةٍ اثنا عَشر ألفاً، وفُسطاطُ المسلمين
يومئذ في أرض يقال لها الغُوطةُ في مدينة يقال لها دِمَشقُ" رواه أحمد. وروى
أبو داود من حديث جبير بن نفير أيضاً، عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: "إِن فسْطَاطَ المسلمين يومَ الْمَلحَمَةِ بالْغُوطةِ إلى جانب
مدينة يقال لها دمشق من خير مدائن الشام". وتقدم حديث أبي خذم، عن عبد الله
بن عمر في فتح القسطنطينية، وكذا حديث أبي قبيل عنه في فتح رومية بعدها أيضاً.
لا
تقوم الساعة حتى يقتل المسيح عليه السلام الدجال عليه لعنة اللّه أو حتى ينتصر
الخير ونوره على الباطل وظلامه
وقال
مسلم بن الحجاج، حدثني زهير بن حرب، حدثنا يعلى بن منصور، حدثنا سليمان بن بلال،
حدثنا سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا
تقوم الساعة حتى ينزل الرومُ بالأعماق أو بدابِقَ، فيخر فنزل عيسى ابن مريم
فأمهُم، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملحُ في الماء فلو تركه لانْذَابَ حتى
يَهْلِكَ ولكن يَقْتُلُه الله بِيدهِ فيريهم دَمَهُ في حَرْبَتِه".
لا
إله إلا اللّه واللّه أكبر بعزم شديد وايمان صادق تدك الحصون وتفتح المدائن
وقال
مسلم: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز يعني ابن محمد، عن ثور وهو ابن زيد
الديلي، عن أبي المغيث، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"سمعتم بمدينة جانبٌ منها في البر وجانبٌ منها في البحر? قالوا نعمِ يا رسول
الله قال لا تقوم الساعة حتى يغزوهَا سبعون ألفاً من بني إسحاق، فإذا جاءُوها
نَزَلُوا فَلَمْ يُقاتِلُوا بسلاح ولم يرْمُوا بِسَهْم، وإنما قالوا لا إله إلا
الله والله أكبر فيسْقَطُ أحدُ جانِبَيْها. قال ثَوْر: ولا أعْلَمُهُ إلا قال الذي
في البحر، ثم يقولوا الثانية لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط جانبها الآخر، ثم
يقولوا الثالثة لا إله إلا الله والله أكبر فيُفَرِّجُ لهم فيدخلونها
فيَغْنَمُون".
فبينما هم يقسمون الغنائم إذ جاءهم الصريخ فقال: إن الدجال قد خرج فيتركون كل شيء
ويرجعون.
إشارة
نبوية إلى فتح المسلمين لبلاد الروم واستيلائهم على كثير من الغنائم
وقال
ابن ماجه: حدثنا علي بن ميمون الرقي، حدثنا أبو يعقوب الحبيبي، عن الكثير بن عبد
الله بن عمرو بن عون، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لا تقوم الساعة حتى يكون أدنى شُيُوخ المسلمين يَتَوَلَّى، ثم قال يا علي يا
علي يا علي: قال بأبي أنت وأمي يا رسول الله، قال: إنّكم ستقاتلون بني الأصفر
ويقاتلهم الذين نم بَعْدِكم حتى يَخْرجَ إليهمُ رُوقَةُ الإِسلام أهل الحجاز الذين
لا يخافون في الله لَومةَ لائم، فيفتحون القسطنطينية بالتسبيح والتكبير فيصيبون
غنائم لم يصيبوا مثلها حتى يقتسموا بالأترِسةِ، ويأتي آت فيقولُ إن المسيح قد خرج
في بلادكم ألا وهِيَ كِذْبَة فالأخذ نادم والتارك نادمٌ".
إشارة
نبوية إلى ما سيكون من فتح المسلمين لبعض الجزر البحرية ولبلاد الروم وبلاد فارس
ومن انتصار حقهم على باطل الدجال
وقال
مسلم: حدثنا قتيبة، حدثنا جرير، عن عبد الملك بن. عمر، عن جابر بن سمرة، عن نافع
بن عيينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تغزون جزيرة البحر فيفتحها
الله، ثم فارس فيفتحها الله، ثم تغزون الرومَ فيفتحها الله، ثم تغزون الدجالَ
فيفتحه الله".
بعض
خصال الروم الحسنة
وقد
روى مسلم من حديث الليث بن سعد، حدثني موسى بن علي، عن أبيه قال: قال المستورد
القرشي عند عمرو بن العاص سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تقوم
الساعة والروم أكثرُ الناس فقال له عمرو: أبْصِرْ ما تقولُ: قال أقُولُ ما سمعتُ
من رسوٍل الله صلى الله عليه وسلم. قال: لئنْ قلتَ ذَاك فإن فِيهِمْ لخِصالاً
أرْبعاً: إنَّهم لأحكمُ الناس عند فتنةٍ، وأسرعُهم إفَاقَة. بعد مصية، وأوشكهم
كرةً بعد فَرةٍ ، وخيرُهم لمِسْكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من
ظُلم الملوك".
تقوم
الساعة والروم أكثر الناس
ثم
قال مسلم: حدثني حرملة بن يحيى، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثني أبو شريح أن عبد
الكريم بن الحارث حدثه أن المستورد القرشي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: "تقوم الساعة والروم أكثر الناس قال: فبلغ ذلك عمرو بن العاص فقال: ما
هذه الأحاديثُ التي يُذْكَرُ عنك أنك تقُولها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم?
فقال له المستورد: قلت الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمرو:
"إنْ قلتَ ذاكَ إنَّهم لأحكمُ الناس عند فتنةٍ ، وأجْبرُ الناس عند مصيبة،
وخيرُ الناس لمساكينِهم وضعفائِهم".
وهذا يدل على أن الروم يسلمون في آخر الزمان، ولعل فتح القسطنطينية يكون على يدي
طائفة منهم كما نطق به الحديث المتقدم أنه يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق،
والروم من سلالة العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل، فمنهم أولاد عم بني إسرائيل
وهو يعقوب بن إسحاق، فالروم يكونون في آخر الزمان خيراً من بني إسرائيل، فإن
الدجال يتبعه سبُعون ألفاً من يهود أصبهان فهم أنصار الدجال، وهؤلاء أعني الروم قد
مدحوا في هذا الحديث فلعلهم يسلمون على يدي المسيح ابن مريم والله أعلم.
وقال إسماعيل بن أبي أويس، حدثنا كثيرّ بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن
جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ستقاتلون بني الأصفر ويقاتلهم من
بَعْدكُم من المؤمنين أهْل الحجاز ِحتى يَفْتَح الله عليهم القسطنطينيةَ وروميةَ
بالتسبيح والتكبير قيتهدّم حصنَها فيصيبون ما لم يصيبوا مثله قط حتىِ إنهم يقتسمون
بالأترسة، ثم يصرخ صارخٌ يا أهل الإِسلام المسيحُ الدجال في بلادكم وذراريكم،
فيَنْفَضُّ الناس عن المالِ منهم الآخذُ ومنهم التاركُ الآخذ نادم والتارك نادمٌ
يقولون: مَن هذَا الصارخً? ولا يعلمون من هو، فيقولون ابعثوا طليعةً إلى إيلياءُ
فإن يَكُنْ المسيحُ قد خرج يأتوكم بعلمه. فيأتون فينظرون ولا يَرَوْنَ شَيئاً
ويَرَوْنَ الناس ساكِنين، ويقولون ما صرخَ الصارخُ إلا لنبأ عظيم فاعزموا ثم
ارفضُّوا فيعزمون أن نخرج بأجمعنا إلى إيلياء، فإن يكن الدجال خرج نقاتله حتى يحكم
الله بيننا وبينه، وإن تكن الأخرى فإنها بلادكم وعشائركم إن رجعتم إليها".
إشارة
إلى أن المدينة المنورة ستتعرض للضعف حين يعمر بيت المقدس
وقال
الإِمام أحمد: حدثنا أبو النضر، حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن
مكحول، عن جبير بن نفير، عن مالك بن بحار، عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "عمرانُ بيتِ المقدِس خرابُ يثرب، وخروج الملحمة فتح
القسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال قال ثم ضرب بيده على فخذ الذي حدثه أو
منكبِه ثم قال: "إنَّ هَذَا لَحَق مِثْلُ مَا إِنَّكَ ها هُنَا أوْ كَمَا
أَنَّكَ قاعد".
وهكذا رواه أبو داود، عن عباس العنبري، عن أبي النضر هاشم بن القاسم به، وقال هذا
إسناد جيد وحديث حسن وعليه نور الصدق وجلالة النبوة، وليس المراد أن المدينة تخرب
بالكلية قبل خروج الدجال، وإنما ذلك في آخر الزمان كما سيأتي بيانه في الأحاديث
الصحيحة، بل تكون عمارة بيت المقدس سبباً في خراب المدينة النبوية، فإنه قد ثبت في
الأحاديث الصحيحة أن الدجال لا يقدر على دخولها يمنع من ذلك بما على أبوابها من
الملائكة القائمين بأيديهم السيوف المصلتة.
عصمة
المدينة المنورة من الطاعون ومن دخول الدجال
وفي
صحيح البخاري من حديث مالك، عن نعيم المحمر، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: "المدينة لا يدخلها الطاعونُ ولا الدجالُ".
وفي جامع الترمذي أن المسيح عيسى ابن مريم يدفن إذا مات في الحجرة النبوية.
إشارة
نبوية الى ما سيكون من امتداد عمران المدينة المنورة
وقد
قال مسلم: حدثني عمرو بن الناقد، حدثنا الأسود بن عامر، حدثنا زهير، عن سهيل بن
أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"تَبلُغُ المساكنُ إهابَ أو يهَاب".
قال زهير، قلت لسهيل: وكم ذلك من المدينة? قلت: كذا وكذا مثلاً، فهذه العمارة إما
أن تكون قبل عمارة بيت المقدس وقد تكون بعد ذلك بدهر، ثم تخرب بالكلية كما دلت على
ذلك الأحاديث التي سنوردها.
إشارة
نبوية إلى خروج أهل المدينة منها في بعض الأزمة المستقلة
وقد
روى القرطبي من طريق الوليد بن مسلم، عن ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر أنه
سمع عمر بن الخطاب على المنبر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم يقول:
"يخرج أهل المدينة منها ثم يعودون إليها فيَعْمُرُونَها حتى تمتلىء ثم
يَخْرُجُونَ منها ثم لا يعودون إليها أبداً".
وفي حديث عن أبي سعيد مرفوعاً مثله وزاد الوليد عنها: "وهي خير ما تكون مربعة".
قيل: فمن يأكلها. قال: الطير والسباع.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يتركون
المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافي يريد عوافي السباع والطير، ثم يخرج
راعيان من مزينة يريدان المدينة ينعقان بغنمهما فيجدانها وحشى، حتى إذا بلغا ثنية
الوداع خرا على وجوههما".
وفي حديث حذيفة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء إلا أني لم أسأله ما
يخرج أهل المدينة منها? وفي حديث آخر عن أبي هريرة: "يخرجون منها ونصف ثمرها
رطب. قال: ما يخرجهم منها يا أبا هريرة? قال: امرؤ السوء".
وقال أبو داود: حدثنا ابن مقيل، حدثنا عيسى بن يونس، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن
الوليد بن سفيان الغساني، عن يزيد بن قطيب السلواني، عن أبي بحر، عن معاذ بن جبل
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الملحمة الكبرى وفتحُ القسطنطينية
وخروجُ الدجال في سبعة أشهر".
ورواه الترمذي، عن عبد الله بن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، عن الحكم بن أبان،
عن الوليد بن مسلم به. وقال: حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وفي الباب عن مصعب بن
حبابة، وعبد الله بن بسر، وعبد الله بن مسعود وأبي سعيد الخدري، ورواه ابن ماجه،
عن هشام بن عمار، عن الوليد بن مسلم وإسماعيل بن عياش عن أبي بكر بن أبي مريم به.
وقال الإِمام أحمد، وأبو داود واللفظ له، حدثنا حيوة بن شريح الحمصي، حدثنا بقية،
عن بحر بن سعد، عن خالد هو ابن معدان، عن أبي بلال، عن عبد الله بن بسر أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: "بَيْنَ الملحمة وفتح المدينة ستّ سنين ويخرج الدجال
في السابعة".
وهكذا رواه ابن ماجه، عن سويد بن سعيد، عن بقية بن الوليد، وهذا مشكل مع الذي قبله
اللهم إلا أن يكون بين أول الملحمة وآخرها ست سنين، ويكون بين آخرها وفتح المدينة
وهي القسطَنطينية مدة قريبة بحيث يكون ذلك مع خروج الدجال في سبعة أشهر والله
تعالى أعلم.
قال الترمذي: حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا أبو داود، عن شعبة، عن يحيى بن سعيد، عن
أنس بن مالك قال: "فتح القسطنطينية مع قيام الساعة".
قال محمود: هذا حديث غريب، والقسطيطينية مدينة الروم تفتح عند خروج الدجال،
والقسطنطينية فتحت في زمان الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم هكذا قال إنها
فتحت في زمن الصحابة وفي هذا نظر، فإن معاوية بعث إليها ابنه يزيد في جيش فيهم أبو
أيوب الأنصاري ولكن لم يتفق أن فتحها وحاصرها مسلمة بن عبد الملك بن مروان في زمان
دولتهم ولم تفتح أيضاً، ولكن صالحهم على بناء مسجد بها كما قدمنا ذلك مبسوطاً.
مقدمة
فيما ورد من ذكر الكذابين الدجالين وهم كالمقدمة بين يدي المسيح الدجال
خاتمتهم
قبَّحه اللّه وإياهم وجعل نار الجحيم متقلبهم ومثواهم
إشارة
نبوية إلى أنه سيكون بين يدي الساعة كذابون يدعون النبوة
روى
مسلم من حديث شعبة وغيره، عن سماك، عن جابر بن سمرة سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: "إنَّ بَيْنَ يَدي الساعة كذابين".
قال جابر: فاحذروهم.
وقال
الإِمام أحمد، حدثنا موسى، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر أنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن بين يدي الساعة كذابين منهم صاحبُ
اليمامةِ وصاحب صنعاء العَبْسِيّ، ومنهم صاحبُ حِمْيَر، ومنهم الدجالُ وهو أعظمهم
فتنةً".
قال جابر: "وبعض أصحابي يقول قريباً من ثلاثين رجلاً" تفرّد به أحمد.
وثبت في صحيح البخاري، عن أبي اليمان، عن شعيب، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي
هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى يُبْعَثَ
دجالون كذابون قريبٌ من ثلاثين كل يزْعُمُ أنَّه رسول الله".
وذكر تمام الحديث وطوله.
وفي صحيح مسلم من حديث مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبيِ هريرة عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من
ثلاثين كل يزعم أنه رسول الله".
حدثنا محمد بن زامع، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن همام بن منبه، عن أبي
هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم غير أنه قال: "يَنْبَعِث".
وقال الإمام أحمد، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، سمعت العلاء بن عبد الرحمن
يحدث، عن أبيه، عن أَبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم
الساعة حتى يظهر دجالون ثلاثون كلهم يزعم أنه رسول الله ويَفِيضُ المالُ فيكثرُ
وتظهرُ الفتن ويكثر الْهَرْجُ والْمَرْجُ قال: قيل أيّ الهرْج.? قال القتلُ القتلُ
القتلُ ثلاثاً".
تفرّد به أحمد من هذا الوجه وهو على شرط مسلم.
وقد رواه أبو داود عن القعنبي، عن الدراوردي، عن العلاء به. ومن حديث محمد بن
عمرو، عن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون دجالاً كذابون، كلهم يكذب على الله وعلى
رسوله".
وقال أحمد، حدثنا يحيى بن عوف، حدثنا جلاس، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: "بين يدي الساعة قريبٌ من ثلاثين دجالين كلهم يقول أنَا
نَبِي".
وهذا إسناد جيد حسن تفرّد به أحمد أيضاً.
وقال أحمد، حدثنا حسن بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، أخبرنا سلامان بن عامر، عن أبي
عثمان الأصبحي قال: سمعت أبا هريرة يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:" سيكون في أمتي دجالون كذابون يأتونكم بِبِدَع من الحديثِ بما لم تسمعوا
أنْتُم ولا آباؤُكُم فإيَّاكم وإياهم لا يَغُشُّونَكم ".
وفي صحيح مسلم من حديث أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم :وإِنَّه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزْعُمُ أنه نبي وأنا
خاتم الأنبياء لا نَبِيّ بعدي" الحديث بتمامه.
وقال الإِمام أحمد: حدثنا أبو الوليد، حدثنا عبدالله بن أياد بن لقيط، حدثنا أبار،
عن عبد الرحمن بن أنعم أو نعيم الأعرجي مثله: أبو الوليد قال: سأل رجل ابن عمرعن
المتعة وأن عنده متعة النساء? فقال: والله ما كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم مرتابين ولا مسافحين ثم قال: والله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: "ليكونَنَّ قَبْلَ يوم القيامة المسيحُ الدجال وكذابون ثلاثون أو
أكثر".
اشارة
نبوية إلى أنه سيكون في الأمة الاسلامية دعاة إلى النار
ورواه
الطبراني من حديث مورق العجلي عن ابن عمر بنحوه. تفرّد به أحمد.
قال الحافظ أبو يعلى، حدثنا واصل بن عبد الأعلى، حدثنا ابن فضيل، عن ليث، عن سعيد
بن عامر، عن ابن عمرقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن في
أمتي لنَيفاً وسبعينَ داعِياً كلُّهُم داع إلى النار لوأشاءُ لأنْبأتُكم بأسْمائهم
وقبائلهم ". وهذا إسناد لا بأس به.
وقد روى ابن ماجه به حديثاً في الكرع والشرب باليد، وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا
أبو كريبط،حدثنا محمد بن الحسن الأسدي، حدثنا هارون بن صالح الهمداني، عن الحرص بن
عبد الرحمن، عن أبي الجلاس قال: سمعت علياً يقول لعبد الله بن سبأ، ويلك والله ما
أفضي إليَّ بشيء كتمته أحداً من الناس، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: "إن بين يدي الساعة ثلاثين كذاباً " وإنك لأحدهم.
ورواه أيضاً عن أبي بكر بن شيبة، عن محمد بن الحسين به.
وقال
أبو يعلى: حدثنا زهرة، حدثنا جرير، عن ليث، عن بشر، عن أنس قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم :"يكون قبل الدجال نَيّفٌ وسبعون دجالاً".
فيه غرابة والذي في الصحاح أثبت والله أعلم.
وقال أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن طلحة بن عبدالله، عن
عوف، عن أبي بكرقال: وافى مسيلمة قبل أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه
شيئاً فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً فقال: "أما بعد ففِي بيان
هذا الرجل الذي قَد أكْثَرْتم فيه أنه كذابٌ من ثلاثينَ كذاباً يخرجون بين يدي
الساعة وأنه ليس بلدٌ إلاَّ يبلغهارُعْب المسيح ".
وقد رواه أحمد أيضاً، عن حجاج، عن الليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شسهاب، عن طلحة،
عن عبد الله بن عوف، عن عياض بن نافع، عن أبي بكرة فذكره وقال فيه: "فإنه
كذّاب من ثلاثين كذاباً يخرجون قبل الدجال، وإنه ليس بلد إلا سيدخله رعب
المسيح". تفرّد به أحمد من الوجهين.
وقال الإِمام أحمد: حدثنا أبو جعفر المدايني وهو محمد بن جعفر، أخبرنا عباد بن
العرام، حدثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن المنمدر، عن أنس بن مالك قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: "إن أمَامَ الدجال سنين خِداعةً يَكْذبُ فيها
الصادقُ ويُصدق فيها الكاذب، فيَخُون فيها الأمينُ ويُؤتَمَنُ فِيها الخائِنُ،
ويتكلم فيها الرُّوَيْبِضةُ قيل وما الرُّوَيْبِضَةُ? قال الْفُوَيْسِق يتكلم في
أمر العامة" وهذا إسناد جيد. تفرّد به أحمد من هذا الوجه.
الكلام
على أحاديث الدجال
بعض
ما ورد من الآثار في ابن صياد
قال
مسلم: حدثني حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران التجيبي، أخبرني ابن
وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب أن سلم بن عبد الله أخبره أن عبد الله بن عمر بن
الخطاب انطلق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط قبل ابن صياد حتى وجده يلعب
مع الصبيان عند أطم بني مغالة، وقد قارب ابن صياد يومئذ الحلم فلم يشعر حتى ضرب
رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره بيده? ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لابن صياد: أتشهد أني رسول الله? فنظر ابن صياد فقال: أشهد أنك رسول الأميين: وقال
ابن صياد لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشهد أني رسول الله? فقال له رسول الله
صلى الله عليه وسلم: آمنت باللة ورسله? ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماذا
ترى? قال ابن صياد: يأتيني صادق وكاذب? فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلط
عليك الأمر? ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني قد خبأت إليك خبأ،
فقال ابن صياد: هو الرخ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اخْسَأ فَلَنْ
تَعْدوَ وقَدَرك".
وقال عمر بن الخطاب مرني يا رسول الله أضرب عنقه، فقال له رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "إن يكنه فلن تُسلَّطَ وإن لا يَكُنْه فلا خَيْرَ لك في
قَتْلِهِ".
وقال سالم بن عبد الله: سمعت عبد الله بن عمر يقول: انطلق بعد ذلك رسول الله صلى
الله عليه وسلم وأبيّ بن كعب إلى النخل التي فيها ابن صياد، حتى إذا دخل رسول الله
صلى الله عليه وسلم النخل طفق يتقي بجذع النخل وهو يختل أنه يسمع من ابن صياد
شيئاً قبل أن يراه ابن صياد، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على
فراش في قطيفة له فيها زمزمة فرأت أم ابن صياد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
يتقي بجذوع النخل فقالت لابن صياد: يا صاف وهو اسم ابن صياد هذا محمد فثار ابن
صياد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو تركته بين" قال سالم، قال
عبد الله بن عمر: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما
هو له أهل ثم ذكر الدجال فقال: "إني لأنْذِركُمُوهُ ما من نَبِي إلاّ وقد
أنْذَرْ قَوْمَهُ لقد أنذره نوحٌ قومِه ولكِنْ أقول لكم فيه قولاً لم يَقُلْه نبي
لقومه تعلَمُوا أنه أعورُ وإنَّ الله ليس بأعْور".
قال ابن شهاب: وأخبرني عمر بن ثابت الأنصاري أنه أخبره بعض أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً يحذر الناس الدجال:
"إنَّهُ مَكْتُوبٌ بين عينيه كافرٌ يَقرؤُهُ مَنْ كَرِهَ عَمَلَهُ أوْ يقرؤُه
كل مؤمن، وقال تعلَّموا أنه لن يرى أحد منكم لربِّه حتى يموت".
تحذير
الرسول من الدجال وذكر بعض أوصافه
وأصل
الحديث عند البخاري هو حديث الزهري عن سالم عن أبيه بنحوه، وروى مسلم أيضاً من
حديث عبيد الله بن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال
بيْنَ ظهْراني اَلناس فقال: "إن اللَّهَ ليسَ بأعورَ إلا إن المسيحَ الدجالَ
أعورُ العين اليُمْنى كأنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طافِية".
وسملم من حديث شعبة عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" مَا مِنْ نبِيّ إلاَّ قَدْ أنذر أمتَه الأعورَ الكذابَ ألا إنَّهُ أعورُ
وإن ربَّكم ليس بأعورَ مكتوبٌ بيْنَ عَيْنَيْه كافرٌ".
رواه البخاري من حديث شعبة بنحوه.
قال مسلم، وحدثني زهير بن حرب، حدثنا عثمان، حدثنا عبد الوارث، عن سعيد بن الحجاب،
عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدجالُ ممسوخُ العين مكتوبٌ
بين عينيه كافرٌ ثم تهجَّاها كافرٌ يقرؤُها كل مسلم ".
ولمسلم من حديث الأعمش، عن سفيان، عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "لأنَا أعْلَمُ بِمَا مَعَ الدّجالِ مِنْهُ، مَعَهُ نهران يجريان
أحدهُما رَأيَ العين مَاء أبيضُ، والآخر رَأيَ العين نارٌ تَأجَّجُ فإمّا
أدْرَكَنَّ أحدَكم فَلْيَأتِ الذي رآه ناراً وليُغْمض ثم ليُطاطِىءْ رأسَه فيشربَ
فإنه ماءٌ بَارِد، وإِن الدجال ممسوحُ العين عَلَيْهَا ظَفَرة غَليظةٌ مكتوب بين
عينيه كافرٌ يقرؤُه كل مؤمن كاتبٍ وغير كاتبٍ".
نار
الدجال جنة وجنته نار
ثم
رواه من حديث شعبة، عن عبد الملك بن عمرو، عن ربعي، عن حذيفة، عن النبي صلى الله
عليه وسلم بنحوه. قال ابن مسعود وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورواه البخاري من حديث شعبة بنحوه. وروى البخاري ومسلم من حديث شيبان، عن عبد
الرحمن، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "ألا اخْبركم عن الدجال حديثاً ما حَدَّثَهُ نبيٌّ قومَه إنه
أعورُ وإنه يجيءُ معه مِثْلُ الجنّةِ والنارِ فالتي يقول إنها الجنّةُ هي النارُ
وإني أنذرتكم به كما انذر بهِ نوحٌ قومَه ".
تحذير
الرسول صلى الله عليه وسلم أمته من أن تغتر بما مع الدجال من أسباب القوة والفتنة:
وروى
مسلم من حديث مسلم بن المنكدر قال: رأيت جابر عبد الله يحلف بالله أن ابن صياد هو
الدجال، فقلت: تحلف بالله? فقال: إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي صلى الله
عليه وسلم فلم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم.
وروي من حديث نافع أن ابن عمر لقي ابن صياد في بعض طرق المدينة، فقال له ابن عمر
قولاً أغضبه فانتفخ حتى ملأ السكة، وفي رواية أن ابن صياد نخر كأشد نخير حمار
يكون، وأن ابن عمر ضربه حتى تكسرت عصاه، ثم دخل على أخته أم المؤمنين حفصة فقالت:
ما أردت من ابن صياد أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ غَضْبَةٍ يغضبها"?.
ليس
ابن صياد هو الدجال الأكبر وإنما هو أحد الدجالة الكبار الكثار
قال
بعض العلماء: إن ابن صياد كان بعض الصحابة يظنه الدجال، وهو ليس به إنما كان رجلاً
صغيراً.
وقد ثبت في الصحيح أنه صحب أبا سعيد فيما بين مكة والمدينة، وأنه تبرم إليه بما
يقول الناس فيه إنه الدجال، ثم قال لأبي سعيد ألم يقل رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "إنه لا يدخل المدينةَ وقد ولدتُ بها، وإِنه لا يُولَدُ له وقد وُلدَ
لي، وإِنه كافر وإِني قد أَسلمت ".
قال: ومع هذا فإني أعلم الناس به وأعلمهم بمكانه ولو عرض عليَّ أن أكون إياه لما
كرهت ذلك.
وقال أحمد، حدثنا عبد المتعال بن عبد الوهاب، حدثنا يحيى بن سعيد الأموي، حدثنا
المجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد قال: ذكر ابن صياد عن النبي صلى الله عليه وسلم
فقال عمر: إنه يزعم أنه لا يمر بشيء إِلا كلمه والمقصود أن ابن صياد ليس بالدجال
الذي يخرج في آخر الزمان قطعاً، وذلك لحديث فاطمة بنت قيس الفهرية فإنه فيصل في
هذا المقام والله أعلم.
حديث
فاطمة بنت قيس في الدجال
قال
مسلم، حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث وحجاج بن الشاعر كلاهما
عن
عبد الصمد، واللفظ لعبد الوارث بن عبد الصمد، حدثني أبي، عن جدي، عن الحسين ابن
ذكوان، حدثنا ابن بريدة، حدثني عامر بن شراحيل الشعبي، سمعت حمدان يسأل فاطمة بنت
قيس أخت الضحاك بن قيس وكانت من المهاجرات الأول فقال: "حَدِّثِينِي حديثاً
سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تَسْتَنِدِينَ فيه إلى أحَدٍ غيرِهِ،
فقالت: نَكَحْت المُغيرةَ وهو من خيار شباب قريش يَومئِذٍ ، فأصِيبَ في أوَلِ
الجهادِ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمَا ماتَ خَطَبَنِي عبدُ الرحمن بنُ
عوفٍ في نَفَر من أصحابِ محمد صلى الله عليه وسلم وخَطَبَنِي رسول الله صلى الله
عليه وسلم عَلَى مَوْلاَه أسَامَةَ، وقد كنتَ حُدِّثْتُ أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: مَنْ أحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ أسَامَةَ، فلما كًلّمَنِي رسول الله
صلى الله عليه وسلم قلتُ أمْرِي بِيدِكَ فأنكِحْني مَنْ شِئْتَ? فقال: انْتَقلي
إِلى أمِّ شَريك وأمُّ شَريك امرأة غنيةٌ من الأنصَار عظيمةُ النفَقةِ في سَبيل
الله ينزل عليها الضيفَانُ فقلت: سأفعَل.
فقال: لا تفعلي إِنَّ أمَّ شَريك امرأةٌ كثيرةُ الضيفان وإِني أكْرَه أن يَسْقُطَ
عَنْكَ خِمَارُكِ أوْ يَنْكَشِفَ الثَوبُ عن سَاقَيْك فَيَرَى القَومُ منك بَعْضَ
ما تكرهين، ولكن انتقلي إِلى ابن عمك عبد الله بن عمرو بن أم مكثوم وهو رجل من بني
فِهْر ِفِهْر ِقريش من البطن الذي هِيَ مِنهُ، فانتقلت إِليه فلما انقضَتْ عِدَّتي
سمعت المناديَ مناديَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي الصلاةُ جامعةٌ فخرجتُ
إِلى المسجد فصليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكنت في صف النساءِ التي تلي
ظهور القوم.
ما
روي عن تميم الداري من رؤية الجساسة والدجال
فلما
قَضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلاتَه جَلَسَ على المنبرِ وهو يَضْحَكُ
فقالَ: لِيَلْزَمْ كل إِنسانٍ مُصلاهُ ثم قال: أتدرُونَ لِم جَمَعْتًكُمْ? قالوا:
اللَّهُ ورسولهُ أعلمُ: قال: إِني واللَّهِ ما جمعتكم لِرغبةٍ ولا لِرَهْبَة، ولكن
لأن تميماً الدَّارِي كان رجلاً نَصرانياً فجاءَ فبايع وأسلم، وحدثني حديثاً وافق
الذي كنت أحَدّثكم عن المسيح الدجالِ، حدثني أنه ركب البحر في سفينة بحرية مع
ثلاثين رجلاً من لَخْم وجُذَامَ، فلعب بهم الموج شهراً في البحر ثم أرْسَوا إِلى
جزيرة في البحر حيث تَغْرُبُ الشمسُ فجلسوا في أقرب السفينة فدخلوا الجزيرة
فَلَقيَهُمْ شَيْءُ أهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعْرِ لاَ يدْرُونَ مَا قُبُلُه مِن
دُبُرِهِ مِنْ كِثْرَةِ الشَّعْرِ، فَقَالُوا: وَيْلَكَ مَا أنْتَ? قال: أنا الجَسَّاسَةُ.
قالوا: وما الجَسَّاسَةُ? قالت: أيها القوم انطلقوا إِلى هذا الرجل بالدَّيْر
فإِنه
إِلى
خَبَرِكُم بِالأشواق قال: فلما سَمّتْ لَنَا رجلاً فَرقْنَا منها أَن تكون شيطانة.
قال: فانْطَلَقْنَا سِرَاعاً حتى دخلنا الديرَ، فإِذا فيه أعظمُ إِنسان رأيناه قط
خَلْقاً وأشَدَّه وثاقاً مجموعةٌ يداه إِلى عُنُقِهِ ما بين ركبتيهِ إِلى كعبيه
بالحديد. قلنا: وَيْلَكَ مَا أنْتَ? قالَ: قَدْ قدَرْتُمْ على خَبَرِي فأخبروني ما
أَنتم? قالوا: نحن أناسٌ من العرب ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين
اغتَلَمَ، فلعب بنا الموج شهراً ثم أرْفأنا إِلى جزيرتك هذه، فجلسنا في أقربهَا
فدخلنا الجزيرة فلقينا دابة أَهلب كثيرةَ الشَعر ِما ندري ما قبُلهُ من دُبُرِهِ
من كثرة الشعرِ، فقلنا وَيْلَكَ ما أنت? فقالت: أنا الجَسَّاسَةُ، قالت: أَعمدوا
إِلى هذَا الرجل في الدَّيْر ِفإِنه إِلى خَبَركُمْ بِالأشوَاق، فأقبلنا إليكم
سراعاً وفَرَغنَا منها ولم نَأمَنْ أن تكون شيطانة، فقال: أخبروني عن نخل
بَيْسَانِ فَقلنا عن أيّ شأنَها تَسْتَخْبِرُ? قال: أسألكم عن نَخْلها هل
يُثْمَرُ? قلنا له: نَعَم. قال: أمَا إِنَّه يُوشِك أن لا يُثْمِرَ. قال: أخبروني
عن بحيرة الطَّبَرَيَّةِ، قلنا: عن أي شَأنَها تستخبر? قال: هل فيهَا مَاءَ?
قالوا: هي كثيرة الماءَ. قال: إِن ماءَها يوشك أن يذهب. قال: أخبروني عن عين
زُغَرْ قالوا: عن أَي شأنها تستخبر? قال: هل في العين ماءُ? وهل يَزْرَعُ أهلها
بماءٍ العين? قلنا له: نعم هي كثيرة الماءِ وأَهلها يزرعون من مائها. قال: أخبروني
عن نبي الأمِيّينَ ما فعل? قالوا: قد خرج من مكة ونزل بِيَثْرِب. قال: أقاتله
العرب? قلنا: نعم. قال: كيف صنع بهم? فأخبرناه أنه قد ظَهَرَ على مَنْ يليهِ من
العرب وأَطاعوه قال: قال لهم قد كان ذاكَ? قلنا: نعم. قال: أمَا إِنه خيرٌ لهم أنْ
يطيعوه وإِني مخبركم عَنِّي، إِنِّي أنَا المسِيحُ، وإِني يُوشِكُ أنْ تُؤْذَن لِي
في الخروج فَأخْرُجَ فأسيرُ في الأرض فلا أدَعَ قريةً إِلا هَبَطتُها في أربعين
ليلةً غير مكة وطيبةَ فهما محرمتانِ عليَّ كِلّتَاهُمَا كُلما أرَدْتُ أن أدخل واحدة
أو إِحداهما اسْتَقْبَلَني مَلك بِيَدِهِ السيفُ صَلْتا يَصُدَّني عَنْهَا، وإِنَّ
عَلَى كلِّ نَقْبٍ منها ملائكة يحرسونها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"وطَعَنَ بِمِخْصَرتِهِ في المنبر هذه: طيبةُ يَعني المدينَةَ ألاَّ هَلْ كنت
حدثتكم ذلك? فقال الناسُ: نَعَمْ. قال: إنَّهُ أعْجَبَني حديث تميم إنَّهُ وافق
الذي كنتُ أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة ألاَ إِنه في بحر الشام أو بحر اليمين لا
بل من قبل المشرق وَأوْمأ بيده إِلى المشرق. قالت: فحفظت هذا من رسول الله صلى
الله عليه وسلم".
حديث
فاطمة بنت قيس
رواه
مسلم من حديث سيار، عن الشعبي، عن فاطمة قالت: فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو
على المنبر يخطب فقال: إِن بني عم لتميم الداري ركبوا في البحر وساق الحديث، ومن
حديث غيلان بن جرير، عن الشعبي عنها فذكرته أن تميماً الداري ركب البحر فتاهت به
السفينة فسقط إلى جزيرة فخرج إليها يلتمس الماء فلقي إنساناً يجر شعره فاقتص
الحديث، وفيه فأخرجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلى الناس يحدثهم فقال:
"هذه طيبة وذلك الدجال".
حدثني أبو بكر بن إسحاق، حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا المغيرة يحيى الحرامي، عن أبي
الزناد، عن الشعبي، عن فاطمة بنت قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قعد على
المنبر فقال: أيها الناس حدثني تميم الداري أن ناساً من قومه كانوا في البحر وساق
الحديث.
وقد رواه أبو داود، وابن ماجه من حديث إسماعيل بن أبي خالد، عن مجالد، عن الشعبي
عنها بنحوه. ورواه الترمذي من حديث قتادة? عن الشعبي عنها وقال: حسن صحيح غريب من
حديث قتادة عن الشعبي: وروراه النسائي من حديث حماد بن سلمة، عن داود بن أبي هند،
عن الشعبي عنها بنحوه، وكذلك رواه الإِمام أحمد عن عفان وعن يونس بن محمد المؤدب
كل منهما.
وقال
الإِمام أحمد، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا مجالد عن عامر قال: قدمت المدينة فأتيت
فاطمة بنت قيس فحدثتني: أن زوجها طلقها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فقال أخوه: اخْرجي مِن الدار، فقلت
له: إِن لي فيها نَفَقَةً وسَكنى حتى يَحِلَّ الأَجَلُ. قال: لا. قالت: فأَتيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إِن فلاناً طلَّقَنِي وإِن أَخاه أَخرجني
ومَنَعَني السُّكْنى والنفقةَ فأَرسلَ إِليه فقال: ما لك ولابنة آل قيس? قال يا
رسول الله: إِنَّ أَخي طلقها ثلاثاً جميعاً، فقال رسول الله: انظُري يا ابنة قيس
إِنَّما النفقةُ والسكْنَى للمرأة على زوجها ما كانت له عليها رَجعة، فإِذا لم يكن
له عليها رجعةٌ فلا نفقةَ ولا سكنى اخرُجي فانزلي على فلانةَ، ثم قال: إِنه يتحدثُ
إِليها إنزلي على ابن أمِّ مكثوم فإِنه أَعْمى لا يَرَاكِ، ثم لا تنكحي حَتى أكون
أَنا أَنكحك، قالت: فَخَطَبَنِي رجلٌ مِنْ قُرَيْش فأَتَيْتُ رسول الله صلى الله
عليه وسلم اسْتأمُره، فقال: أَلا تَنْكَحِينَ مَنْ هُو أَحَبُّ إِلَيّ منه? فقلت:
بلى يا رسول الله فأَنْكَحْنِي مَنْ أَحبَبَتَ. قَالت: فَأَنْكَحَنِي مِن أسَامَةَ
بن زيد. قالت: فَلَمَّا أَردتُ أَنْ أخْرجَ قَالَتْ اجْلِسْ حتى أَحَدِّثَكَ
حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوماً من الأَيام فصلَّى صلاةَ الهاجرةِ ثم قَعَدَ فَفَرَغَ الناس، ثم قال:
اجلِسُوا أيُها الناسُ فَإِني لم أَقُمْ مقامي هذا لِفَزَع ولَكِنْ تَميم الداريُّ
أَتاني فأَخبرني خبراً فمنعني من القيلولَةِ مِن الفَرَح وَقُرَةِ الْعَيْن،
فأَحْبَبْتُ أَنْ أَنْشرَ عَلَيْكُم فَرَحَ نَبِيّكم، أَخبرني أَنَّ رَهْطاً من
بني عمه ركبوا البحر فأَصَابتهم عواصفُ فأَلجأَتهم الريحُ إِلى جزيرة لا يعرفونها
فقعدوا في قُوَيْرِبِ سفينة حتى إِذا خرجوا إِلى جزيرةٍ فإِذا هم بشيءٍ أَهْلَبَ
كثيرِ الشَّعرِ لا يدرُون أَرَجلٌ هو أَم امرأَة، فسلَّموا عليه فَردَّ عَلَيهم
السلامَ، فقالوا له: أَلا تخبرُنا. فقال: مَا أَنَا بمخْبِرِكُمْ ولا
بِمُسْتَخْبِركُمْ، ولكِنْ هَذَا الدَيْرُ الذِي قَد رَأَيْتُمًوهُ فيهِ مَنْ هُوَ
إِلى خَبَرِكُمْ بِالأَشْواق أَنْ يُخْبِرَكُمْ ويَسْتَخْبِرَكُمْ، قَالَ: قُلْنا:
مَا أَنْتَ? قَال: الْجَسَّاسَةَ? فانطلقوا حتى أَتَوا الدير فإِذا هُمْ بِرَجْل
مُوَثَّق شدِيدٍ الوثاق يًظْهرُ الحزنَ كثيرَ الشكر فسلّموا عَلَيْهِ فَرَدَّ
عليهم قال: فَمَنْ أنْتُمْ? قالوا: نَحْن أنَاسُ مِنَ الْعَرَبِ. قال: ما فَعَلتِ
العربُ اخرَجَ نَبيُّهُمْ? قالوا: نعم. قال: فما فَعَلوا? قَالوا: خيراً آمنوا به
وصدَّقوهُ. قال: ذَاكَ خير لهم. قالوا: لَقَدْ كَانُوا له أعْدَاءَ فَأظْهَرَه
الله عليهم. قال: فالعربُ اليوم إِلهُهُمْ واحِد ونبيُّهُم واحِدُ وكلمتهم واحدةُ?
قالوا نعم: قال: فما عَمِلتْ عين زًغرَ? قالوا: صالحةٌ يَشْرَبُ مِنها أهلُها
تَسْقِيهم ويَسْقونَ منها زَرْعَهُمُ. قال: فَمَا فَعَلَ نَخْلٌ بَيْنَ عَمّانَ
وبَيْسَانَ. قالوا: صالح مُطْعِمٌ جَنَاهُ كُلَّ عَام. قال: ما فعلت بحيرة
الطَّبَريةِ? قالوا: مَلأى. قال: فَزَفَر َثم حَلَفَ لو خَرَجتً مِن مكاني هذا ما
تركت أرضاً من الله إِلا وَطِئْتًهَا غَيْرَ طيبةَ ومًكّةَ ليس لي عليهما سلطانً.
قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الدجال طيبة".
إِلى هنا إِنتهى فرحي إِن طيبة المدينةُ إِن الله حرمها على الدجال أنْ يدخلَها ثم
حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله الذي لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ مَا
لَهَا طَريق ضَيقٌ ولاَ واسعُ وَلاَ سَهْلُ وَلاَ جَبَلٌ إِلاَّ عَلَيْه مًلكٌ
شَاهِرٌ السَّيْفَ إِلى يَوْم الْقِيَامةِ مَا يَسْتَطِيعُ الدَّجالُ أنْ يدخلَها
على أهلِها".
قَالَ عامر: فلقيت المحرز بن أبي هريرة فحدثته بحديت فاطمة بنت قيس فقال: أشهد على
أبي أنه حدثني كما حدثتك فاطمة غير أنه قال قال صلى الله عليه وسلم: "إِنه في
بَحْر الشَّرْق".
قال: ثم لقيت القاسم بن محمد فذكرت له حديث فاطمة فقال: أشهد على عائشة أنها
حدثتني كما حدثتك فاطمة غير أنها قالت: "الحرمَانِ عليه حرام مكةُ
والمدينةُ".
وقد
رواه أبو داود وابن ماجه من حديث إسماعيل أبي خالد، عن مجالد عن عامر الشعبي، عن
فاطمة بنت قيس بسطه ابن ماجه وأحاله أبو داود على الحديث الذي رواه قبله ولم يذكر
متابعة أبي هريرة وعائشة كما ذكر ذلك الإِمام أحمد.
وقال أبو داود، حدثنا النفيلي، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن، حدثنا ابن أبي ذئب، عن
الزهري، عن أبي سلمة، عن فاطمة بنت قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخّر
العشاء الآخرة ذات ليلة ثم خرج فقال: " إِنَّهُ حَبَسَني حديث كان
يُحدثُنِيهِ تميمُ الداري عن رجل في جَزيرة من جزائر البحر، فإِذا أَنا بإِمرأة
تجر شَعْرَهَا فقال: ما أنْتِ? فقالت: أنا الجسَّاسة اذهب إِلى ذلك القصْرِ
فأتَيتهُ فإِذا رجل يجرُّ شَعْرَهُ مُوَثَّقٌ بالأغلالِ يَنْزُو فيها بين السماءِ والأرض
فقلت من أنت? قال: أَنا الدجال. قال: ما فعلت العرب? أخرج نبيهم? قلت: نعم. قال:
أطَاعُوه أَمْ عَصَوْهُ? قلت: بلَ أطَاعُوة. قال: ذلك خير لهم".
فهذه رواية لعامر بن شراحيل الشعبي عن فاطمة بنت قيس بطوله كنحو ما تقدم.
ثم قال أبو داود، حدثنا ابن فضيل، عن الوليد بن عبد الله بن جميع، عن أبي سلمة بن
عبد الرحمن، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم على المنبر:
"إِنَّه بَيْنَمَا أنَاس يسَيرُونَ في البحر فَنَفَدَ طعامُهم فرُفِعَتْ لهم
جزيرةً فخرجوا يريدون الْخُبْزَ فلقيتهم الجساسة قلت لأبي سلمة: وما الجسَّاسة?
قال: امرأة تجر شعرها شعر جلدِها ورأسِها".
وقال في هذا القصر وذكر هذا الحديث، وسأل عن نخل بيسان، وعن زغر قال هو المسيح
فقال لي ابن سلمة: أن في الحديث شيئاً ما حفظته. قال: شهد جابر أنه ابن صياد. قلت:
فإنه قد مات قلت: فإنه أسلم. قلت: وإن أسلم قلت: فإنه قد دخل المدينة. قال: وإن
دخل المدينة تفرّد به أبو داود وهو غريب جداً.
وقال الحافظ أبو يعلى، حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا أبو عاصم سعد بن زياد، حدثني
نافع مولاي، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استوى على المنبر،
فقال: حدثني تميم فرأى تميماً في ناحية المسجد، فقال يا تميم: حدِّث الناس ما
حدثني قال: "كنا في جزيرة فإِذا نحن بدابة لا ندْرِي ما قُبُلُها من دُبُرِها
فقالت: تَعْجَبُون مِنْ خَلْقِي وفي الدَّيْر مَن يشتهي كَلاَمَكُمْ? فدخلنا
الديْرَ فإِذا نحن برجل مُوَثقٌ في الحَديدِ من كَعْبِهِ إِلى أذُنِهِ، وإِذا أحد
مِنْخَرَيْهِ مسدود وإِحدى عَينيه مطموسةٌ قال: فمن أنتم? فأخبرناه، فقال: ما فعلت
بُحيرة طَبَريَّة? قلنا: كعهدها. قال: فما تفعل نَخْل بَيْسَانَ? قلنَا: كعهده.
قال: لأَطأَن الأرض بقدمي هاتين إِلا بلدة إِبراهيم وطيبة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طيبةُ هِيَ الْمَدِينَةُ". وهذا
حديث غريب جداً، وقد قال أَبو حاتم ليس هذا بالمتين.
ابن
صياد من يهود المدينة
وقال
أحمد، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير، عنِ جابر بن
عبد الله أنه قال: "إِن إِمرأَة من اليهود بالمدينة ولدت غلاماً ممسوحةٌ
عينُه طالعةً نابُه، فأَشْفق رسول الله صلى الله عليه وسلم أَن يكون الدجالَ
فوجَدَه تحت قطيفة يهَمْهِم، فأدنَتْهُ أمه فقالت يا عبد الله: هذا أَبو القاسم قد
جاءَ فاخْرُجْ إِليه من القطِيفةِ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما
لها. قَاتَلَها اللَّهُ لو تَرَكَتْه لَبَيّنَ ثم قال: يا ابنَ صَيّادٍ مَا تَرَى?
قال: أَرَى حقاً وأرى باطلاً وأرى عرشاً على الماءَ. قال: فليس، فقال: أَتشهد أَني
رسول اللهّ، فقال هو: أتشهد إِني رسول الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"آمنت باللَّهِ ورسله، ثم خرج وتركهُ، ثم أَتاه مرةً أخرى في نَخْل لَهم
فأدْنته أمُّهُ فقالت يا عبد الله: هذا أَبو القاسم قد جاءَ فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "مَا لَهَا قَاتَلَهَا اللَّهُ لو تَرَكَتْهُ لبيّن".
قال:
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطمع أن يسمع من كلامه شيئاً ليعلم أهو هو أم
لا. قال: يا ابن صياد ما ترى? قال: أرى حقاً وأرى باطلاً وأرى عرشاً على الماء.
قال: أتشهد إني رسول الله? قال هو: أتشهد إني رسول الله? قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "آمنت بالله ورسله فلبس عليه، ثم خرج فتركه، ثم جاء في الثالثة
والرابعة ومعه أبو بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما في نفر من المهاجرين
والأنصار وأنا معه، قال: فبادر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أيدينا ورجا أن
يسمع من كلامه شيئاً فسبقته أمه إليه فقالت يا عبد الله: هذا أبو القاسم قد جاء
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما لها قاتلها الله لو تركته لبيّن?
فقال: يا ابن صياد ما ترى? قال: أرى حقاً وأرى باطلاً أرى عرشاً على الماء. قال:
تشهد أني رسول الله. فقال رسول الله: آمنت بالله ورسوله? يا ابن صياد إِنا قد
خبأنا لك خبأ، قال: فما هو? قال: الدخ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أخسأ
أخسأ. قال عمر بن الخطاب: ائذن لي فأقتله يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "إن يَكنْه فلست بصاحبه إِنما صاحبه عيسى ابن مريم، وإِلاَّ
يكُنْه فليس لك أن تقتل رجلاً من أهل العهد. قال: يعني جابر فلم يزل رسول الله صلى
الله عليه وسلم مشفقاً أنه الدجال وهذا سياق غريب جداً.
وقال الإِمام أحمد، حدثنا يونس حدثنا المعتمر، عن أبيه عن سليمان الأعمش، عن شفيق
بن سلمة، عن عبد الله بن مسعود قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ
مرّ بصبيان يلعبون فيهم ابن صياد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ترِبَتْ
يداك أتَشْهَدُ أَني رسول الله? فقال هو: أتَشْهَد أني رسول الله? فقال عمر:
دَعْنِي فَلأضْرِب عُنُقَه، فقال رسول الله: "إِنْ يَكُن الذي يُخَافُ فَلَنْ
تَسْتَطِيعَه".
مرويات
مرفوضة لأنها لا تصدق عقلاً وليس بمعقول صدورها عن الرسول عليه السلام
والأحاديث
الواردة في ابن صياد كثيرة، وفي بعضها التوقف في أمره على هو الدجال أم لا. فالله
أعلم، ويحتمل أن يكون هذا قبل أن يوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن
الدجال وتعيينه، وقد تقدم حديث تميم الداري في ذلك وهو فاصل في هذا القام، وسنورد
من الأحاديث ما يدل على أنه ليس بابن صياد والله تعالى أعلم وأحكم.
فقال البخاري: حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن سالم بن
عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بَيْنَا أنَا قائِمُ
أطوفُ بالكعبةِ فإِذا رجل آدَمُ سَبْطُ الشَّعْرِ يَنْطِفُ أَو يُهْرَاقُ رَأسُهُ،
فَقُلْتُ: مَنْ هَذا? فقيل: ابنُ مَرْيَمَ ثم التَفتْ فإِذَا رجُلٌ جسِيمٌ أحْمَرُ
أجَذُّ الرّأس أعْوَرُ الْعَيْن أقْرَبُ الناس بِه شبَهاً ابن قَطُن رَجُل من
خَزاعةُ".
وقال الإِمام أحمد، حدثنا محمد بن سابق، أخبرنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير،
عن جابر بن عبد الله أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يخرج
الدّجالُ في خِفَّةٍ مِنَ الدِّين وإِدْبَارٍ من العِلم وله أربعون ليلَةً
يَسْبَحُهَا في الأرض اليومُ منها كالسنةِ، واليوم منها كالشهر. واليوم منها
كالجُمُعَةِ، ثم سائر أيامه كأيامكم هذِهِ وله حمار يركبه عرض ما بين أذنيه أربعون
ذِراعاً، فيقول للناس: أنا ر بّكم وهو أعورُ وإِن ربكم ليس بأعْوَرَ مَكْتُوبٌ
بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَفَرَ بِهَجَاءٍ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِن كاتب أوْ غير كاتب
يَرد كلَّ ماءٍ ومنهل إلا المدينةَ ومكّةَ حًرّمهمَا الله عليه وقامَت الملائكةُ
بِأبْوابِهما، ومعه جبال من خبز والناس في جهد الأمن اتبعه، ومعه نهران أنا أعلم
بهما منهما نهر يقول له الجنة ونهر يقول له النار، فمن أدخل الذي يسميه الجنة فهي
النار، ومن أدخل الذي يسميه النار فهي الجنة قال: وسمعت معه شياطين تكلم الناس
ومعه فتنة عظيمة يأمر السماءَ فتمطر فيما يَرَى الناسُ ويقتل نفساً ثم يُحييها
فيما يرى الناس، ويقول للناس: هل يفعل مثلَ هذا إلا الرّبُّ? قال فيفِدُ المسلمون
إلى جبل الدخان بالشام فيأتيهم فيحاصرُهُم فَيُشثدُ حِصَارهم ويُجْهِدُهم جُهداً
شديداً، ثم ينزل عيسى ابن مريم فينا من السًحَر ِفيقول: يا أيّها الناس ما يمنعكم
أن تخرجوا إلى الكذاب الخبيث? فيقولون: هذا رجل حي فينطلقون فإذا هم بعيسى ابن
مريَم فتقام الصلاة، فيقال له تقدم يا روحَ الله، فيقول: لِيَتَقَدَّمْ
إِمَامُكُمْ لِيُصَلِّ بِكُمْ فإذا صلّوا صلاة الصبح خرجوا إليه، قال فحين يراه
الكذابُ يَنْماثُ كَمَا يَنْمَاثُ المِلْحُ في الماء، فيمشي إليه فيقتلُه حتى إن
الشجرةَ والحجرَ ينادي يا روحَ الله هذا يهوديٌّ فلا يَتْرُكَ مِمَّنْ كَانَ
يَتبعُه أحداً إِلاَّ قَتَلَه تفرّد به أحمد أيضاً. وقد رواه غير واحد عن إبراهيم.
حديث
النواس بن سمعان الكلابي في معناه وأبسط منه
قال
مسلم: حدثني أبو خيثمة زهير بن حرب، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثني ابن جبير، عن
أبيه ابن نفير الحضرمي أنه سمع النواس بن سمعان الكلابي، وحدثني محمد بن مهران
الرازي واللفظ له، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن جابر الطائي،
عن يحيى بن جابر الطائي، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه جبير بن نفير، عن
النواس بن سمعان قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذَات غداةٍ فخَفَّض
فيه ورَفَّع يتى ظنناه في طائفة النَّخْل، فلما رُحنا إليه عَرَفَ ذَلِكَ فينا
فقالَ: "مَا شَأنُكُمْ? قُلنا يا رسول الله ذكرت الدَّجَّال غداةً فخفَّضْتَ
فيه ورَفَّعْتَ حتى ظَننَّاه في طَائِفَةِ النَّخْل فقال: غَيْرَ الدجالِ
أخْوَفُنِي عَلَيْكم إِنْ يَخْرجْ وأَنَا فِيكمْ فأَنَا حَجِيجُه دُونكُمْ، وإِن
يَخْرج ولَستُ فِيكم فكل امرىء حَجِيجُ نفسِهِ واللَّهُ خَليفتي على كُلِّ امرىءٍ
مسلم.
إنه
شابٌّ قَطط عَيْنُهُ طَافِيَةٌ إني أشبهه بعبد العُزَّى ابن قَطُن مَنْ أَدْرَكَهُ
مِنْكم فليقرأ عليْهِ فَوَاتِحَ سورة الكهف إنه خارج في خلَّة بين الشام والعراق
فَعَائِث يميناً وعَائِثٌ شِمَالاً يا عبادَ الله فاثبُتُوا قلنا يا رسول الله
وَمَا لَبْثُهُ في الأرْض قال: أربعون يوماً? يومٌ كسَنَةٍ، ويوم كشَهْرٍ ، ويومٌ
كَجُمْعَةٍ، وسَائِرُ أيّامه كأَيّامكم. قلنا يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة
أَتكْفِينَا فيه صلاةُ يَوْم? قال: لا: اقدرُوا لهُ قدْرَهُ: قلنا يا رسول الله:
وما إِسْرَاعُهُ في الأرض قال: كالْغَيْثُ اسْتَدْبَرَتْهُ الريحُ? فيأتي عَلَى
الْقوم فَيَدْعُوهُم فيُؤْمِنُونَ بهِ ويَسْتَجِيبُونَ لَهُ فَيأمُرُ السَّمَاءَ
فَتُمْطِر والأَرْضَ فَتنْبِت فَتَرُوحُ عَليهم سَارِحَتُهُمْ أَطْوَلَ ما كَانَتْ
ذرا وأَسْبَغهُ ضُرُوعاً وأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثمّ يَأتِي القَوْمَ فيدعوهم
فيرُدُّونَ قَوْلَهُ فَيَنْصرِفُ عَنْهُم فيُصْبِحُون مُمْحِلينَ لَيْسَ
بِأَيْدِيهِمْ مِن أَمْوَالِهِمْ شَيءٌ، ويَمُرُّ بالخَرِبَةِ فيقول أَخرِجي
كنوزَكِ فَتَتبَعُه كنوزُها كَيَعَاسِيبِ النَّحْل، ثم يَدْعُو رجُلاً مُمْتَلِئاً
شَبَاباً فَيَضْربُهُ بالسَّيْفِ فَيَقطعهُ جَزلَتَيْن رَمْيَةَ الغَرَض? ثم
يدعوَه فيقْبِلُ يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ وهو يَضْحَكُ? فَبَيْنَما هُو كذلك إِذ
بَعَث اللَّهُ المسيحَ ابن مريمُ فينزلُ عند المنارةِ البيضاء شرقي دِمَشْقَ في
مهروذتين واضعاً كفّيْه على أَجْنِحَة مَلَكَيْن إذا طأطأَ رأسَه قَطَرَ وإِذا
رَفَعه تَحَدَّرَ مِنْه جُمَانٌ كاللُّؤْلُؤُ، ولا يَحِلُّ لكافر يَجِد رِيحَ
نفسِه إلاَّ ماتَ، ونَفَسُهُ يَنْتهي حيْثُ يَنْتَهِي طرْفه، فيطلُبه حتى يدركه
بباب لدّ فيقتله، ثم يَأْتي عيسى ابن مريم قوماً قد عصمهم الله منه فيمسحَ عن
وجوهِهِم ويحدثُهم عن دَرَجاتِهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذْ أَوْحى الله تعالى
إلى عيسى إني قد أخرجت عباداً لي لا يَدان. لأحَدٍ بقتالهم فَحَرز عبادي إلى
الطُّورِ، ويبعث اللّه يأجوجَ ومأجوجَ وهم من كل حَدَب يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ
أوائلهُم على بُحيرة الطبرية فيشربون ما فيها، ويمرّ آخرهم فيقولون لقد كان بهذه
مرةً ماءُ، ويحضر نبي الله عيسى وأصحابُهُ حتى يكون رأسُ الثورِ لأحَدِهم خيراً من
مائة دينارٍ لأحدكُم اليومَ فيرغَبُ نبي الله عيسى وأَصحابه إلى اللَّهِ فيرسلُ
الله إليهم النغْفَ في رقَابِهم فيصبحونَ فَرْس كَمَوتِ نَفْس واحِدَة، ثم يَهْبط
نبي الله عيسَى وأَصحابُه إلى الأَرض فلا يجدونَ موضعَ شبرٍ إلا ملأه زَهَمِهِمْ
ونَتَنُهُمْ فَيَرْغَبُ نبيًّ الله عيسى وأصحابُهُ إلى اللَّهِ فَيُرْسِل اللَّهُ
طَيْراً كَأعْنَاق الْبُخْتِ فَتَطَرحهمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يرسل الله
مطراً لاَ يُكِنُّ منه بَيْتٌ ولا وَبَر، فيَغْسِل الله الأرض حتى يتركها
كالزَّلفَةِ، ثم يقال للأَرض أنبتي ثمرَتِكَ ورُدِّي بَرَكَتَكِ? فيومئذ تأْكل
العِصابَةُ من الرُّمَّانَةِ ويَسْتَظِلّونَ بِقِحْفِهَا ويُبَارَكُ في الرِّسْل،
حتى إِنَّ اللِّقْحَةَ من الإِبل لتكفي الفِئامَ من الناس، واللِّقْحَةَ مِن
البَقَر لتكفي القبيلةَ من الناس، واللَقْحَةَ من الغنم لتكفي الفَخِذَ من الناس،
فبينما هم كذلك إِذ بعث الله ريحاً طيبة فتأخذهم تحت آبَاطِهم، فَتَقْبِضُ روح كل
مُؤمن وكلِّ مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارَجًون فيها تَهَارُجَ الحُمْرِ فعليهم
تقوم الساعة".
حدثني علي بن حجر السعدي، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر والوليد
بن مسلم قال ابن حجر: دخل حديث أحدهما في حديث الآخر عن عبد الرحمن بن يزيد بن
جابر بهذا الإِسناد نحو ما ذكرناه وزاد بعد قوله: "لقد كان بِهَذِه مَرَّةً
ماء ثم يسيرون حتى يَنْتهوا إلى جَبَل الخَمر وهو جبلُ بَيْتِ المَقْدِس فيقولون
لقد قتلنا من في الأرض هَلمّا فَلْنَقْتُلْ من في السماء فيرمون بِنُشَّابِهِمْ لى
السماء فيرد الله عليهم نُشَابَهُمْ مَخْضُوبَةَ دماء".
وفي رواية ابن حجر: "فإني قد أنزلت عباداً لي لا يد لأحد بقتالهم"
انتهى.
رواه
مسلم إسناداً ومتناً، وقد تفرّد به عن البخاري، ورواه الإِمام أحمد بن حنبل في
مسنده عن الوليد بن مسلم بإسناده نحوه، وزاد في سياقه بعد قوله: فيطرحهم الله حيث
شاء. قال ابن حجر: فحدثني عطاء بن يزيد السكسكي عن كعب أو غيره قال: "فيطرحهم
بالمهبل قال ابن جابر وأين المهبل? قال: مطلع الشمس".
ورواه أبو داود، عن صفوان بن عمرو المؤذن، عن الوليد بن مسلم ببعضه. ورواه
الترمذي، عن علي بن حجر وساقه بطوله وقال غريب حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث ابن
جابر، ورواه النسائي في فضائل القرآن عن علي بن حجر مختصر، ورواه ابن ماجه عن هشام
بن عمار عن يحيى بن حمزة عن عبد الرحمِن عن زيد بن جابر بإسناده قال: "سيوقد
الناس مِن قِسِيّ يأجوج ومأجوج ونُشَّابِهم وتُرُوسِهِمْ سَبْعَ سِنِين".
وذكره قبل ذلك بتمامه عن هشام بن عماد ولم يذكر فيه هذه القصة، ولا ذكر في إسناده
عن جابر الطائي حديث عن أبي أمامة الباهلي صدى بن عجلان في معنى حديث النواس بن
سمعان.
قال أبو عبد الله بن ماجه، حدثنا علي بن محمد بن ماجه، حدثنا عبد الرحمن المحاربي،
عن إسماعيل بن رافع أبي رافع، عن أبي زرعة الشيباني يحيى بن أبي عمرو، عن أبي
أمامة الباهلي قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أكثرُ خُطْبَتِه
حديثاً حَدَّثنَاهُ عن الدجال وحَذَّرْنَاهُ فكانَ من قوله أنْ قَالَ:
"إِنَّهُ لم تكن فِتْنَةٌ في الأَرض مُنْذُ ذَرَأ اللَّهُ ذُرِّيَّة آدَمَ
أعْظَمَ من فتنة الدجال، وإِن الله لَمْ يَبْعَثْ نبيّاً إلا حَذَّرَ من الدجال،
وأنا آخر الأنبياء وأَنتم آخرُ الأمَم، وهو خارج فيكم لاَ مَحَالَةَ، فإِن يخرج
وأنا بين أظْهرِكُم فأنا حَجِيجٌ لكل مسلم، وإِن يخرج من بعدي فكل حَجِيجُ
نَفْسِهِ، والله خَلِيفتي على كل مسلم، وإِنه يخرج من خَلَّة بين الشام والعراق
فيَعِيثُ يميناً وشِمالاً،. يا عباد الله أيها الناس فاثبُتُوا، وإِني سَأصِفُه
لكم صِفَةَ لم يَصِفْها إِيَّاه نبيٌّ قَبْلي، إِنَّهُ يَبْدأ فَيَقولُ: أنا نَبي
ولا نَبِيَّ بَعْدِي، ثُمّ يُثنِّي فيقول: أنا ربّكم، وَلاَ تَرَوْنَ ربكم حتى
تَمُوتوا، وإِنَّه أَعورُ وإِن ربكم عزَّ وجل ليس بأعورَ، وإنه مَكتُوبٌ بين عينيه
كافرٌ يقرؤُه كل مؤمن كاتبٍ وغير كاتبٍ، وإِن من فتنته أن معه جنَّةً وناراً.
فنارُه جَنّةٌ وَجَنَّتُهُ نار، فمن ابْتُلِيَ بِنَارِهِ فَلْيَسْتَغثْ بِاللَّهِ
وليقرأْ فَوَاتِحَ الكهْفَ فَتَكُونَ عَلَيْهِ بَرْداً وَسَلاماً كما كانت النارُ
على إِبراهِيمَ، وإِن مِن فتنته أن يقول لأعرابِيّ أَرأَيت إِن بَعَثث لك أَبَاكَ
وأمَّكَ أتشهد أنِّي ربُّك? فيقول له: نَعَمْ، فَيَتَمًثّلْ لَهُ شيطانان في صورة
أبيه وأمه فيقولان يا بُنَيّ اتَّبِعْهُ فإنه ربُّك، وإن من فتنته أن يُسًلّطَ على
نَفس واحدة فيقتلها يَنْشُرُها بالمِنْشَارِ ثم يُلْقِيها شقَّتين، ثم يقول انظروا
إلى عَبْدِي فإني أبتَعِثُهُ الآن، ثم يزعم أن له رباً غيري، فيَبْعَثُهُ الله
فيقول له الخبيث: من ربك? فيقول: ربِّي اللَّهُ، وأنت عدوّ اللَّهِ الدجالُ
واللَّهِ ما كنتُ بَعْدُ أشدَّ بَصِيرَةً بِكَ منِّي اليومَ".
قال أبو الحسن يعني علي بن محمد، فحدثنا المحاربيّ حدثنا عبيد الله بن الوليد
الوصالي، عن عطية، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذاك
الرجلُ أرفعُ أمَّتي درجةً في الجنّةِ".
قال:
قال أبو سعيد ما كنا نرى ذلك الرجل إلا عمر بن الخطاب حتى مضى لسبيله. قال
المحاربي ثم رجعنا إلى حديث أبي رافع قال: من فتنته أن يأمر السماءَ أنْ تُمْطِرَ
فتمطرَ، ويأمرَ الأرض أن تُنْبِتَ فتُنبت، وإِن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه
فلا تبقى لهم سَائِمةٌ إلا هلكت، وإن من فتنته أن يمر بالحي فيصدقونه فيأمر
السماءَ أن تُمْطِرَ فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت، حتى تروح عليهم مواشِيهِم
من يومهم ذلك أسمنَ ما كانَتْ وأعظمه، وأمَدَّه خَوَاصِرَ، وأدَرَّهُ ضُرُوعاً وإِنه
لا يبقى من الأرض شيئاً إلا وَطِئَه وظَهَر عليه إلا مكّةَ والمدينة، فإنه لا
يَأتيهما مِن نَقب من نِقَابِهِما إِلاّ لقيته الملائكة بالسيوف صَلْتَةً حتى ينزل
عند الطريب الأحمر عند منقطع السبْخَةِ فَتَرْجُفُ المدينة بأهلها ثلاث رجَفَاتٍ
فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا خَرَج إليه فَيُنقًّى الخَبَث منها كما يُنقَّى
الكيرُ خَبَثَ الحديد وَيُدْعَى ذَلِكَ الْيومُ يَوْمَ الخلاص، فقالت أمّ شَريكٍ
ابنةُ أبي الْعَسْكَر: يا رسول الله فأيْنَ العربُ يَومَئِذٍ? قال: هُمْ قَلِيلٌ
وجُلًّهُمْ ببيت المقدِس وإِمَامُهُمْ رجلٌ صالحٌ ، فبينما إِمَامُهُمْ قدْ
تَقَدَّمَ فَصًلّى الصُبحَ إذ نزل عليهم عِيسى ابنُ مَرْيَمَ، فَرَجَعَ ذلك
الإِمَامُ يمشي القَهْقَرى ليتقدّمَ بهم عيسى يُصلّي، فيضعُ عيسى عليه الصلاة
والسلام يده بين كتفيه فيقول له: تَقَدَّمْ فَصَلِّ فإنها لك أقيمَتْ، فيصلي بهم إمامهم
فإذا انصرفَ قال عيسى: أقِيمُوا البابَ فَيُفْتَحُ وَوَرَاءَه الدجالُ مَعَهُ
سبعون ألف يهوديٌّ كُلُّهُم ذو سيْف مُحَلَّى وساج، فإذا نظر إليه الدجال ذَاب كما
يذوبُ المِلحُ في الماء وينطلق هارِباً ويقول عيسى: إن لي فيك ضَرْبَةً لَنْ
تَسْبقَني بِها? فيدْرِكُه عندَ بابِ الدارِ الشرقي فيقتله فَيَهزِمُ اللَّهُ
اليهودَ فَلاَ يَبْقى شَيء بِهَا خَلَقَ اللَّهُ يَتَوَارى بِهِ يَهوديٌّ إلا
أنطَقَ اللَّهُ الشيء، لاَ حَجَرَ وَلاَ شَجَرَ وَلاَ حَائِطَ وَلاَ دابَّةَ إلا
الغَرْقَدَة فإِنها من شَجَرِهِمْ لاَ تَنْطِقُ إلا قال: يا عبد الله المسلم هذا
يهوديٌّ فَتَعَالَ فاقْتُلْهُ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وإِن
أيامِه أربعون سنةً السنةُ كنصف السنةِ، والسنةُ كالشهر، والشهر ُكالجمعةِ، وآخر
أيامِهِ قصيرةٌ يصبح أحدكم على باب المدينة فما يصل إلى بابها الآخر حتى يُمْسي،
فقيل له يا رسول الله: كيف نصلي في تلكَ الأيّام القِصارِ? قال: تَقدُرُونَ فيها
للصَلاةِ كما تقدرونه في هذه الأيام الطوال ثم صلّوا".
قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لِيَكونَنَّ عيسى ابنُ مريمَ في أمَّتي
حَكَماً عَدْلاً وإِماماً قِسْطاً يدُق الصليبَ ويَقْتلُ الخنزيرَ ويَضَعُ الجزيةَ
ويترك الصَّدقةَ فلا تسعى على شاةٍ ولا بعيرٍ، ويرفَع الشحناء والتباغضَ وينزع
جُمَّةِ كل ذي جُمَّة حتى يدخل الوليد يده في فَم الحيّة فلا تَضُرُّه، وينفر
الوليد الأسد فلا يَضرُّه ويكون الذئب في الغنم كأنَّهُ كَلبها، وتملأ الأرْضُ من
السّلْم كما يملأ الاناء من الماءِ? وتكون الكلمَةُ واحةً فلا يعبدُ إِلا اللَّهُ،
وتَضعُ الْحَرب أوزَارها، وتَسْلَبُ قريشٌ فلْكَهَا وتكونُ الأرض كَعَاثُور
الفِضّةَ يَنْبُتُ نَبَاتها كعهد آدمَ حتى يجتمِع النَّفَرُ على القِطْفِ من
العِنَبِ فَلْيُشْبِعُهُمْ ويجتمع النَّفَرُ على الرًّمَانةِ فَتُشْبعهمْ، ويكونَ
الثَّور بكذا وكذا من المال، ويكون الفرَسُ بالدريهمات قيل يا رسول الله: وَمَا
يُرْخصُ الفرسَ? قال: لا يركب لحرب أبداً قيل له: فما يُغْلي الثور? قال: لحرث
الأرض كلّها: وإن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شدادٍ يصيب الناس فيها جوعٌ شديدٌ
يأمر اللَّهُ السماء أن تَحْبِسَ ثلثَ مطرِها، ويأمرَ الأرضَ أن تَحْبِسَ ثلثَ
نباتِها، ثم يأمر السماء في السنةِ الثانية فتحبسُ ثلثي مَطَرِها ويأمر الأرضَ
فتحبسُ ثلث نبَاتِها، ثم يأمر السماءَ في السنةِ الثالثةِ فتحبسُ مطرها كلَّهُ فَلاَ
تَقْطر قطرةً، ويأمر الأرض فتحبسُ نَداتَها كلَّها فلا تُنْبِتَ خضراءَ، فلا تبقى
ذاتُ ظلْفٍ إلا هلكت إلا ما شاء الله، فقيل: ما يُعيش الناس في ذلك الزمان? قال:
التهليلُ والتكبير والتسبيحُ والتحميدُ ويجري ذلك عليهم مُجْرى الطعام".
بعض
العجائب الغرائب التي وردت نسبة قولها إلى الرسول عليه السلام
قال
ابن ماجه سمعت أبا الحسن الطنافسي يقول، سمعت عبد الرحمن المحاربي يقول ينبغي أن
يدفع هذا الحديث إلى المؤدب حتى يعلمه الصبيان في الكتّاب انتهى سياق ابن ماجه،
وقد وقع تخبيط في إسناده لهذا الحديث، فكما وجدته في نسخة كتبت إسناده، وقد سقط
التابعي منه وهو عمرو بن عبد الله الحضرمي أبو عبد الله الجبار الشامي المرادي عن
أبي أمامة قال شيخنا الحافظ المزي، ورواه ابن ماجه في الفتن عن علي بن محمد، عن
عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن أبي رافع إسماعيل بن رافع، عن أبي عمرو الشيباني
زرعة. عن أبي أمامة بتمامه كذا قال، وكذا رواه سهل بن عثمان عن المحاربي، وهو وهم
فاحش. قلت: وقد جرد إسناده أبو داود فرواه عن عيسى بن محمد، عن ضمرة، عن يحيى بن
أبي عمرو الشيباني، عن عمرو بن عبد الله، عن أبي أمامة نحو حديث النواس بن سمعان.
وقد روى الإِمام أحمد بهذا الإِسناد حديثاً واحداً في مسنده فقال أبو عبد الرحمن
عبد الله ابن الإِمام أحمد: وجدت في كتاب أبي بخط يده حدثني مهدي بن جعفر الرملي،
حدثنا ضمرة، عن الشيباني واسمه يحيى بن أبي عمر، وعن عمرو بن عبد الله الحضرمي عن
أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمّتي
ظاهرين على عَدوَهِم قاهرين لا يضرهم من خالفهم ولا ما أصابهم من لأواء حتى يأتي
أمر الله وهم كذلك. قالوا يا رسول الله وأين هم? قال: في بيت المقدس وأكْتَافِ
بَيْتِ المقدِس".
حديث
يجب صرفه عن ظاهره الى التأويل
وقال
مسلم: حدثنا عمرو بن الناقد والحسن الحلواني وعبيد بن حميد وألفاظهم متقاربة
والسياق بعيد قال حدثني وقال الآخران: حدثنا يعقوب هو ابن إبراهيم بن سعد، حدثنا
أبي عن صالح، عن ابن شهاب، أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا سعيد
الخدري قال، حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً حدثنا طويلاً عن الدجال
فكان فيما حدثنا قال: "يأتي وهو محرَّم عليه أن يدخلَ نِقَابَ المدينةِ
فينتهي إلى بعض السباخ التي تلي المدينة فيَخرجُ إليه يومئذٍ رجل هو خيرُ الناس أو
مِنْ خير الناس فيقول له: أشهد أَنَّك الدجالُ الذي حدّثَنا رسول الله صلى الله
عليه وسلم حديثه فيقول الدجال: أرَايْتُمْ إِن قتلتُ هذا ثم أحْيَيْتُه أتَشكُّون
في الأمرِ? فيقولون: لا. قال: فَيَقْتُلُهُ ثم يُحْيِيه فيقول حين يُحييه: والله
ما كنتُ فيك قَطُّ أشَدّ بصيرةً مني الآن. قال: فيريدُ الدجال أن يقتلَه فلا
يُسلّطَ عليه".
قال
أبو إسحاق: "يُقَالُ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ هو الخِضْرُ".
قال مسلم: وحدثني عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب،
عن الزهري في هذا الإِسناد بمثله.
وقال مسلم: حدثني محمد بن عبد الله بن فهران من أهل مرو، حدثنا عبد الله بن عثمان،
عن أبي حمزة، عن قيس بن وهب، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: "يخرج الدجال فَيَتَوَجَّهُ قِبَلَهُ رجل من
المؤمنين فتلقاه الْمَسَالحُ مَسالحُ الدجالِ فيقولون له أين تَعْمَدُ? فيقول:
أَعْمَدُ إلى هذا الذي خرج. قال: فيقولون له أو ما تُؤْمن بربنا? فيقول: ما بربنا
خَفَاءُ، فيقولون: اقتلوه، فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربُّكم أن تقتلوا
أحداً دونه? قال: فينطلقون إلى الدجالِ فإِذا رآه المؤمنُ قال يا أيها الناس: هذا
الدجالُ الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: فيأمر الدجال به فَيُشَجُّ فيقول خذوه وشُجوه فَيُوسَعُ ظَهْرَهُ وبَطْنَهُ
ضَرْباً قال فيقول: أما تؤمن بي? قال فيقول: أنت المسيح الكذاب.
قال: فيؤمر به فَيُنْشَرُ بالمنشارِ من مَفْرِقِهِ حتى يَفْرِقَ بينَ رِجْلَيْه
قال: ثم يَمشي الدجال بينَ الْقِطْعَتَيْن ثم يقول له: قُم فَيَسْتَوِي قَائِماً.
قال: ثم يقول له أَتؤمِنُ بي? فيقول: مَا ازْدَدْتُ فيك إِلاَّ بصِيرَةً قال: ثم
يقول يا أَيها الناس إِنه لا يفعل بعدي بأَحد من الناس مِثْلَ الذي فَعَلَ بي.
قال: فيأخذه الدجال ليذبحه فَيَحُول مَا بَيْنَ رقبتِه إِلى تَرْقُوتِهِ نُحاس فلا
يستطيع إِليه سبيلاً، قال فيأخذ بيديه ورجليه لِيَقْذِفَ به فَيَحْسِبُ الناس
أَنَّما قَذَفَه إِلى النَّارِ وإِنَّمَا ألقِيَ في الجنةِ قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "هَذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين".
ذكر
أحاديث منثورة عن الدجال
حديث
عن أبي بكر الصديق رضي اللّه تعالى عنه
قال
أحمد: حدثنا روح، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن أبي التياح، عن المغيرة بن سبيع، عن
عمرو بن حريب أن أبا بكر الصديق أفاق من مرض له فخرج إلى الناس فاعتذر بشيء وقال:
ما أردنا إلا الخير، ثم قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن
الدجالَ يخرجُ في أرض بِالمشرِق يقال لها خًرَاسَانُ يَتْبَعه أقوامٌ كأَن وجوهَهم
المجانُّ المُطْرَقَةُ".
ورواه الترمذي، وابن ماجه من حديث روح بن عبادة به، وقال الترمذي: حسن صحيح. قلت:
وقد رواه عبيد الله بن موسى العبسي، عن الحسن بن دينار، عن أبي التياح فلم ينفرد
به روح كما زعمه بعضهم ولا سعيد بن عروبة، فإن يعقوب بن شعبة قال: لم يسمعه ابن
أبي عروبة من أبي التياح إنما سمعه من ابن شوذب عنه.
حديث
علي بن أبي طالب كرم اللّه تعالى وجهه
قال
أحمد: حدثنا أبو النضر، حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن جابر بن عبد الله بن عبد الله
بن يحيى، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ذكرنا الدجال عند النبي صلى
الله عليه وسلم وهو نائم فاستيقظ محمر اللون فقال: "غير ذلك أخوف لي
عليكم". وذكر كلمة. تفرّد به أحمد.
حديث
سعد بن أبي وقاص رضي اللّه تعالى عنه
قال
أحمد: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن داود بن عامر، عن سعد، عن
مالك، عن أبيه أن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّهُ لم
يكنْ نَبِيٌ إلا وَصَفَ الدجالَ لأمَّتِهِ ولأَصِفَنَّهُ صِفَةً لم يَصِفْهَا
أَحدٌ كانَ قَبْلِي، إِنَّهُ أعورُ واللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَيس بأَعورَ".
تفرّد به أحمد.
حديث
أبي عبيدة بن الجراح رضي اللّه تعالى عنه
قال
الترمذي: حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي، حدثنا حماد بن سلمة عن خالد بن الحذاء،
عن عبد الله بن شفيق، عن عبد الله بن سراقة، عن أبي عبيدة بن الجراح قال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّهُ لم يكن نبيّ إلاّ أنْذَرَ قَومَه
الدجالَ وأنا أنْذِرُكُمُوهُ فوصفَه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
لَعَلَّهُ سَيدْرِكُهُ بَعْضُ مَنْ رَأى وَسَمعَ كلامي? قالوا يا رسول الله: كيف
قُلُوبُنَا يَوْمَئِذ? قال: مِثْلُها. يَعْني اليوْمَ أوْ خَيْرٌ".
ثم
قال الترمذي: وفي الباب عن عبد الله بن بسر وعبد الله بن معقل وأبي هريرة وهذا
حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث الحذاء، وقد روى أحمد بن عفان وعبد الصمد، وأخرجه
أبو داود، عن موسى بن إسماعيل كلهم عن جمال بن سلمة له، وروى أحمد عن غندر، عن
شعبة، عن خالد الحذاء ببعضه.
حديث
عن أبيّ بن كعب رضي اللّه تعالى عنه
روى
أحمد عن غندر وروح وسليمان بن داود ووهب بن جرير كلهم عن شعبة عن حبيب بن الزبير،
سمعت عبد الله بن أبي الهذيل، سمع عبد الرحمن بن ابزى، سمع عبد الله بن خباب، سمع
أبيّ بن كعب يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ذكر عنده الدجال فقال:
"إِحْدَى عَيْنَيْه كأنَّهَا زُجَاجَةٌ، وتَعَوَّذُوا? بالله من عَذَاب
الْقَبْر". تفرّد به أحمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق