الأحد، 10 يونيو 2018

53. نفخة البعث

نَفْخَةُ الْبَعْثِ
قَالَ تَعَالَى : ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ [ الزُّمَرِ : 68 ] . الْآيَاتِ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ ، وَقَالَ : يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا [ النَّبَإِ : 18 ] .
[ ص: 343 ] الْآيَاتِ ، وَقَالَ تَعَالَى : يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ [ الْإِسْرَاءِ : 52 ] الْآيَةَ . وَقَالَ تَعَالَى : فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ [ النَّازِعَاتِ : 13 ، 14 ] . وَقَالَ تَعَالَى : وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ الْآيَاتِ إِلَى قَوْلِهِ : وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [ يس : 51 - 65 ] .
وَذُكِرَ فِي حَدِيثِ الصُّورِ بَعْدَ نَفْخَةِ الصَّعْقِ وَفَنَاءِ الْخَلْقِ ، وَبَقَاءِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ الَّذِي لَا يَمُوتُ ، الَّذِي كَانَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَهُوَ الْآخِرُ بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَأَنَّهُ يُبَدِّلُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ ، ثُمَّ يَأْمُرُ بِإِنْزَالِ الْمَاءِ عَلَى الْأَرْضِ ، الَّذِي تُخْلَقُ مِنْهُ الْأَجْسَادُ فِي قُبُورِهَا ، وَتَتَرَكَّبُ فِي أَجْدَاثِهَا ، كَمَا كَانَتْ فِي حَيَاتِهَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا ، ثُمَّ يَدْعُو اللَّهُ بِالْأَرْوَاحِ ، فَيُؤْتَى بِهَا تَتَوَهَّجُ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ نُورًا ، وَالْأُخْرَى ظُلْمَةً ، فَتُوضَعُ فِي الصُّورِ ، وَيَأْمُرُ اللَّهُ تَعَالَى إِسْرَافِيلَ أَنْ يَنْفُخَ نَفْخَةَ الْبَعْثِ ، فَتَخْرُجُ الْأَرْوَاحُ كَأَنَّهَا النَّحْلُ قَدْ مَلَأَتْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، فَتَدْخُلُ كُلُّ رُوحٍ عَلَى جَسَدِهَا الَّتِي كَانَتْ فِيهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ ، فَتَمْشِي الْأَرْوَاحُ فِي الْأَجْسَادِ مَشْيَ السُّمِّ فِي اللَّدِيغِ ، ثُمَّ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْهُمْ ، كَمَا تَنْشَقُّ عَنْ نَبَاتِهَا فَيَخْرُجُونَ مِنْهَا سِرَاعًا إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ [ الْقَمَرِ : 8 ] . حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا .
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ [ الْمَعَارِجِ : 43 ] . إِلَى آخِرِ السُّورَةِ ، وَقَالَ تَعَالَى : وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ [ ق : 41 ] . إِلَى آخِرِ السُّورَةِ ، وَقَالَ تَعَالَى : خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ [ الْقَمَرِ : 7 - 8 ] . وَقَالَ تَعَالَى : فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ [ ص: 344 ] [ الْمُدَّثِّرِ : 8 - 10 ] . وَقَالَ تَعَالَى : وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى [ طه : 55 ] . وَقَالَ : وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا [ نُوحٍ : 17 ، 18 ] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : يُرْسِلُ اللَّهُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ رِيحًا فِيهَا صِرٌّ بَارِدَةً ، وَزَمْهَرِيرًا بَارِدًا; فَلَا تَذَرُ عَلَى الْأَرْضِ مُؤْمِنًا إِلَّا كُفِتَ بِتِلْكَ الرِّيحِ ، ثُمَّ تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى النَّاسِ ، فَيَقُومُ مَلَكٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ بِالصُّورِ ، فَيَنْفُخُ فِيهِ ، فَلَا يَبْقَى خَلْقٌ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا مَاتَ ، ثُمَّ يَكُونُ بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ، فَيُرْسِلُ اللَّهُ مَاءً مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ ، فَتَنْبُتُ جُسْمَانُهُمْ وَلُحْمَانُهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ ، كَمَا تَنْبُتُ الْأَرْضُ مِنَ الثَّرَى ، ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ : كَذَلِكَ النُّشُورُ [ فَاطِرٍ : 9 ] . ثُمَّ يَقُومُ مَلَكٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ بِالصُّورِ ، فَيَنْفُخُ فِيهِ ، فَتَنْطَلِقُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَى جَسَدِهَا ، فَتَدْخُلُ فِيهِ ، وَيَقُومُونَ ، فَيَجِيئُونَ قِيَامًا لِرَبِّ الْعَالَمِينَ .
[ ص: 345 ] وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : يَبْلَوْنَ فِي الْقُبُورِ ، فَإِذَا سَمِعُوا الصَّرْخَةَ عَادَتِ الْأَرْوَاحُ فِي الْأَبْدَانِ ، وَالْمَفَاصِلُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ، فَإِذَا سَمِعُوا النَّفْخَةَ الثَّانِيَةَ وَثَبَ الْقَوْمُ قِيَامًا عَلَى أَرْجُلِهِمْ ، يَنْفُضُونَ التُّرَابَ عَنْ رُءُوسِهِمْ ، يَقُولُ الْمُؤْمِنُونَ : سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق