الأحد، 10 يونيو 2018

37.ذكر طلوع الشمس من مغربها

37.ذكر طلوع الشمس من مغربها

ذِكْرُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا . الْآيَةَ [ الْأَنْعَامِ : 158 ] . قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا .

[ ص: 256 ] قَالَ : " طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا " . وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيعٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، بِهِ . وَقَالَ : غَرِيبٌ ، وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يَرْفَعْهُ .

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ - عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ، فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا ، فَذَاكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ " . وَقَدْ أَخْرَجَهُ بَقِيَّةُ الْجَمَاعَةِ - إِلَّا التِّرْمِذِيَّ - مِنْ طُرُقٍ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ شُبْرُمَةَ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ .

ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ ، وَذَلِكَ حِيَنَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا " . ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ . وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيِّ بِهِ ، وَانْفَرَدَ مُسْلِمٌ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ .

وَقَالَ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ سَلْمَانَ ، [ ص: 257 ] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثَلَاثٌ إِذَا خَرَجْنَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا; طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وَالدُّخَانُ ، وَدَابَّةُ الْأَرْضِ " . وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، وَزُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ وَكِيعٍ بِهِ ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَابْنُ جَرِيرٍ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ ، بِهِ ، نَحْوَهُ .

وَقَدْ وَرَدَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَيْضًا ، فَعَنْ أَبِي سَرِيحَةَ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَرَوْا عَشْرَ آيَاتٍ; طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا . . . . " . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَمُسْلِمٌ ، وَأَهْلُ السُّنَنِ ، كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ .

وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ الْعَلَاءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَمِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ رَبَاحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا " . فَذَكَرَ مِنْهُنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، كَمَا تَقَدَّمَ .

وَثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ الشَّمْسُ إِذَا غَرَبَتْ " ؟ قُلْتُ : لَا أَدْرِي . قَالَ : " إِنَّهَا تَنْتَهِي فَتَسْجُدُ تَحْتَ الْعَرْشِ ، ثُمَّ تَسْتَأْذِنُ ، فَيُوشِكُ أَنْ يُقَالَ لَهَا : ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ . وَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ [ ص: 258 ] نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا " .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ ، قَالَ : جَلَسَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَرْوَانَ بِالْمَدِينَةِ ، فَسَمِعُوهُ يَقُولُ وَهُوَ يُحَدِّثُ فِي الْآيَاتِ : إِنَّ أَوَّلَهَا خُرُوجُ الدَّجَّالِ . قَالَ : فَانْصَرَفَ النَّفَرُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، فَحَدَّثُوهُ بِالَّذِي سَمِعَ مِنْ مَرْوَانَ فِي الْآيَاتِ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : لَمْ يَقُلْ مَرْوَانُ شَيْئًا ، قَدْ حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ حَدِيثًا لَمْ أَنْسَهُ بَعْدُ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ ضُحًى ، فَأَيَّتُهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالْأُخْرَى عَلَى إِثْرِهَا ، قَرِيبًا " . ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ ، وَكَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبَ : وَأَظُنُّ أُولَاهُمَا خُرُوجًا طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وَذَلِكَ أَنَّهَا كُلَّمَا غَرَبَتْ أَتَتْ تَحْتَ الْعَرْشِ فَسَجَدَتْ وَاسْتَأْذَنَتْ فِي الرُّجُوعِ ، فَأُذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ ، حَتَّى إِذَا بَدَا لِلَّهِ أَنْ تَطْلُعَ مِنْ مَغْرِبِهَا فَعَلَتْ كَمَا كَانَتْ تَفْعَلُ; أَتَتْ تَحْتَ الْعَرْشِ فَسَجَدَتْ وَاسْتَأْذَنَتْ فِي الرُّجُوعِ ، فَلَمْ يُرَدَّ عَلَيْهَا شَيْءٌ ، ثُمَّ تَسْتَأْذِنُ فِي الرُّجُوعِ ، فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهَا شَيْءٌ ، ثُمَّ تَسْتَأْذِنُ فِي الرُّجُوعِ ، فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهَا شَيْءٌ ، حَتَّى إِذَا ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَذْهَبَ ، وَعَرَفَتْ أَنَّهُ إِنْ أَذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ لَمْ تُدْرِكِ الْمَشْرِقَ ، قَالَتْ : رَبِّ ، مَا أَبْعَدَ الْمَشْرِقَ ، مَنْ لِي بِالنَّاسِ؟ حَتَّى إِذَا صَارَ الْأُفُقُ كَأَنَّهُ [ ص: 259 ] طَوْقٌ ، اسْتَأْذَنَتْ فِي الرُّجُوعِ ، فَيُقَالُ لَهَا : ارْجِعِي مِنْ مَكَانِكِ فَاطْلُعِي . فَطَلَعَتْ عَلَى النَّاسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، ثُمَّ تَلَا عَبْدُ اللَّهِ هَذِهِ الْآيَةَ : يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا [ الْأَنْعَامِ : 158 ] .

وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " ، وَأَبُو دَاوُدَ ، وَابْنُ مَاجَهْ ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي حَيَّانَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا لَمْ أَنْسَهُ بَعْدُ . . . وَذَكَرَهُ كَمَا تَقَدَّمَ . وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَاتِ هَاهُنَا الَّتِي لَيْسَتْ مَأْلُوفَةً ، بَلْ هِيَ مُخَالِفَةٌ لِلْعَادَاتِ ، وَقَدْ ظَنَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا مُتَقَدِّمٌ عَلَى خُرُوجِ الدَّابَّةِ ، وَذَلِكَ مُحْتَمَلٌ وَمُنَاسِبٌ ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ فِي " مُعْجَمِهِ " ، فَقَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ حَيَّانَ الرَّقِّيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زِبْرِيقٍ الْحِمْصِيُّ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ حُيَيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا خَرَّ إِبْلِيسُ سَاجِدًا يُنَادِي وَيَجْهَرُ : إِلَهِي ، مُرْنِي أَنْ أَسْجُدَ لِمَنْ شِئْتَ " . قَالَ : " فَتَجْتَمِعُ إِلَيْهِ زَبَانِيَتُهُ ، فَيَقُولُونَ : يَا سَيِّدَهُمْ ، مَا هَذَا التَّضَرُّعُ؟ [ ص: 260 ] فَيَقُولُ : إِنَّمَا سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يُنْظِرَنِي إِلَى الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ، وَهَذَا الْوَقْتُ الْمَعْلُومُ . قَالَ : " ثُمَّ تَخْرُجُ دَابَّةُ الْأَرْضِ مِنْ صَدْعٍ فِي الصَّفَا " . قَالَ : " فَأَوَّلُ خُطْوَةٍ تَضَعُهَا بِأَنْطَاكِيَةَ ، فَتَأْتِي إِبْلِيسَ فَتَلْطِمُهُ " . وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا ، وَرَفْعُهُ فِيهِ نَكَارَةٌ ، لَعَلَّهُ مِنَ الزَّامِلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَصَابَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يَوْمَ الْيَرْمُوكِ مِنْ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَكَانَ يُحَدِّثُ مِنْهُمَا أَشْيَاءَ غَرَائِبَ .

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي خَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي رَوَاهُ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ فِي " الْفِتَنِ " ، أَنَّ الدَّابَّةَ تَقْتُلُ إِبْلِيسَ . وَهَذَا مِنْ أَغْرَبِ الْأَخْبَارِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفِي حَدِيثِ طَالُوتَ بْنِ عَبَّادٍ ، عَنْ فَضَّالِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ صُدَيِّ بْنِ عَجْلَانَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا " .

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي " تَفْسِيرِهِ " : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ ، حَدَّثَنَا ضِرَارُ بْنُ صُرَدٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ [ ص: 261 ] اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ لَيْلَةٌ تَعْدِلُ ثَلَاثَ لَيَالٍ مِنْ لَيَالِيكُمْ هَذِهِ ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ يَعْرِفُهَا الْمُتَنَفِّلُونَ ، يَقُومُ أَحَدُهُمْ ، فَيَقْرَأُ حِزْبَهُ ، ثُمَّ يَنَامُ ، ثُمَّ يَقُومُ ، فَيَقْرَأُ حِزْبَهُ ، ثُمَّ يَنَامُ ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ صَاحَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ ، فَقَالُوا : مَا هَذَا؟ فَيَفْزَعُونَ إِلَى الْمَسَاجِدِ ، فَإِذَا هُمْ بِالشَّمْسِ قَدْ طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا ، حَتَّى إِذَا صَارَتْ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ رَجَعَتْ فَطَلَعَتْ مِنْ مَطْلِعِهَا " . قَالَ : " فَحِينَئِذٍ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا " .

ثُمَّ سَاقَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ رِبْعِيٍّ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا آيَةُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا؟ فَقَالَ : " تَطُولُ تِلْكَ اللَّيْلَةُ حَتَّى تَكُونَ قَدْرَ لَيْلَتَيْنِ ، فَيَنْتَبِهُ الَّذِينَ كَانُوا يُصَلُّونَ فِيهَا ، فَيَعْمَلُونَ كَمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ قَبْلَهَا ، وَالنُّجُومُ لَا تُرَى; قَدْ بَاتَتْ مَكَانَهَا ، ثُمَّ يَرْقُدُونَ ، ثُمَّ يَقُومُونَ ، فَيُصَلُّونَ ، ثُمَّ يَرْقُدُونَ ، ثُمَّ يَقُومُونَ ، فَتَكِلُّ عَلَيْهِمْ جُنُوبُهُمْ حِينَ يَتَطَاوَلُ اللَّيْلُ ، فَيَفْزَعُ النَّاسُ وَلَا يُصْبِحُونَ ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَنْتَظِرُونَ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَشْرِقِهَا إِذْ طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا ، فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنُوا ، وَلَا يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ " .

[ ص: 262 ] وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ " : أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُصَيْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ بْنِ سَهْلٍ الْمَرْوَزِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّادٍ الْآمُلِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِيَاسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّهُ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ لِجُلَسَائِهِ : أَرَأَيْتُمْ قَوْلَ اللَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ : تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ؟ [ الْكَهْفِ : 86 ] مَاذَا يَعْنِي بِهَا؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : إِنَّهَا إِذَا غَرَبَتْ سَجَدَتْ لَهُ وَسَبَّحَتْهُ وَعَظَّمَتْهُ ، ثُمَّ كَانَتْ تَحْتَ الْعَرْشِ ، فَإِذَا حَضَرَ طُلُوعُهَا ، سَجَدَتْ لَهُ وَسَبَّحَتْهُ وَعَظَّمَتْهُ ثُمَّ اسْتَأْذَنَتْهُ ، فَيُؤْذَنُ لَهَا ، فَإِذَا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي تُحْبَسُ فِيهِ ، سَجَدَتْ لَهُ وَسَبَّحَتْهُ وَعَظَّمَتْهُ ثُمَّ اسْتَأْذَنَتْهُ ، فَيُقَالُ لَهَا : اثْبُتِي . فَإِذَا حَضَرَ طُلُوعُهَا سَجَدَتْ لَهُ وَسَبَّحَتْهُ وَعَظَّمَتْهُ ثُمَّ اسْتَأْذَنَتْهُ فَيُقَالُ : اثْبُتِي . فَتُحْبَسُ مِقْدَارَ لَيْلَتَيْنِ . قَالَ : وَيَفْزَعُ الْمُتَهَجِّدُونَ ، وَيُنَادِي الرَّجُلُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ جَارَهُ : يَا فُلَانُ ، مَا شَأْنُنَا اللَّيْلَةَ؟ لَقَدْ نِمْتُ حَتَّى شَبِعْتُ وَصَلَّيْتُ حَتَّى أَعْيَيْتُ . ثُمَّ يُقَالُ لَهَا : اطْلُعِي مِنْ حَيْثُ غَرَبْتِ . فَذَلِكَ يَوْمٌ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ الْآيَةَ [ الْأَنْعَامِ : 158 ] .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ زُرْعَةَ ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ ، يَرُدُّهُ إِلَى مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ ، عَنِ ابْنِ [ ص: 263 ] السَّعْدِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا دَامَ الْعَدُوُّ يُقَاتِلُ " . فَقَالَ مُعَاوِيَةُ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ الْهِجْرَةَ خَصْلَتَانِ; إِحْدَاهُمَا أَنْ تَهْجُرَ السَّيِّئَاتِ ، وَالْأُخْرَى أَنْ تُهَاجِرَ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَلَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا تُقُبِّلَتِ التَّوْبَةُ ، وَلَا تَزَالُ التَّوْبَةُ مَقْبُولَةً حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنَ الْمَغْرِبِ ، فَإِذَا طَلَعَتْ ، طُبِعَ عَلَى كُلِّ قَلْبٍ بِمَا فِيهِ ، وَكُفِيَ النَّاسُ الْعَمَلَ " . وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ قَوِيٌّ ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ .

وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ - وَالنَّسَائِيُّ ، وَابْنُ مَاجَهْ ، مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ اللَّهَ فَتَحَ بَابًا قِبَلَ الْمَغْرِبِ عَرْضُهُ سَبْعُونَ - أَوْ قَالَ : أَرْبَعُونَ - عَامًا لِلتَّوْبَةِ ، لَا يُغْلَقُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْهُ " .

فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْمُتَوَاتِرَةُ ، مَعَ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَحْدَثَ إِيمَانًا ، أَوْ تَوْبَةً بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا لَا تُقْبَلُ مِنْهُ ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ; لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَكْبَرِ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَعَلَامَاتِهَا الدَّالَّةِ عَلَى اقْتِرَابِهَا وَدُنُوِّهَا ، فَعُومِلَ ذَلِكَ الْوَقْتُ مُعَامَلَةَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ [ الْأَنْعَامِ : 158 ] .

[ ص: 264 ] وَقَالَ تَعَالَى : فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ [ غَافِرٍ : 84 ، 85 ] .

وَقَالَ تَعَالَى : فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ [ مُحَمَّدٍ : 18 ] .

وَقَدْ حَكَى الْبَيْهَقِيُّ ، عَنِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ قَالَ : أَوَّلُ الْآيَاتِ ظُهُورًا خُرُوجُ الدَّجَّالِ ، ثُمَّ نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، ثُمَّ فَتْحُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، ثُمَّ خُرُوجُ الدَّابَّةِ ، ثُمَّ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، قَالَ : لِأَنَّهَا إِذَا طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا ، فَلَوْ كَانَ نُزُولُ عِيسَى بَعْدَهَا ، لَمْ يَلْقَ كَافِرًا .

وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ فِيهِ نَظَرٌ; لِأَنَّ إِيمَانَ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُهُمْ ، فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ، فَمَنْ أَحْدَثَ إِيمَانًا أَوْ تَوْبَةً يَوْمَئِذٍ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُؤْمِنًا أَوْ تَائِبًا قَبْلَ ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ نُزُولِ عِيسَى فِي آخِرِ الزَّمَانِ : وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ [ النِّسَاءِ : 159 ] . أَيْ قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى ، وَبَعْدَ نُزُولِهِ يُؤْمِنُ جَمِيعُ أَهْلِ الْكِتَابِ بِهِ إِيمَانًا ضَرُورِيًّا ، بِمَعْنَى أَنَّهُمْ يَتَحَقَّقُونَ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، فَالنَّصْرَانِيُّ يَعْلَمُ كَذِبَ نَفْسِهِ فِي دَعْوَاهُ فِيهِ الرُّبُوبِيَّةَ وَالْبُنُوَّةَ ، وَالْيَهُودِيُّ يَعْلَمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ ، لَا وَلَدَ زَانِيَةٍ ، كَمَا كَانَ الْمُجْرِمُونَ مِنْهُمْ يَزْعُمُونَ ذَلِكَ ، عَلَيْهِمْ [ ص: 265 ] لِعَائِنُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ الْمُتَدَارِكُ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق