الثلاثاء، 12 يونيو 2018

3. كتاب الفتن والملاحم والأمور العظام


حديث عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه تعالى عنه
قال عبد الله ابن الإِمام أحمد: وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده، حدثني عبد المتعال بن عبد الوهاب، حدثنا يحيى بن سعيد الأموي، حدثنا مجالد عن أبي الوداك قال: قال أبو سعيد: هل يلتقي الخوارج بالدجال? قلت: لا. فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِني خَاتَمُ ألف أَوْ أَكْثَرَ، وَمَا بعث نبيٌّ يُتْبَعُ إِلاَّ وَقَدْ حذَّرَ أمّتَه الدَّجَّالَ، وإني قَدْ بينَ لي مِن أمْرِهِ مَا لَمْ يُبَيَّنْ لأحَدٍ، إِنَّهُ أعْوَرُ وإِنَّ ربَّكُمْ لَيْسَ بأعْوَرَ، وَعَيْنه الْيُمْنى عَوْراءُ جَاحِظَةٌ لا تُخْفَى كأانَّهَا نَخَامَةٌ عَلَى حَائِط مجُصّص، وعَيْنُهُ الْيُسْرَى كَأنَّهَا كَوْكَب دُرِّي، مَعَهُ من كُلِّ لِسان ومعه صورةُ الجنّةِ خَضراءَ يَجْرِي فيها الماءُ وصورة النارِ سَوْدَاءَ تُدَخِّن".
تفرّد به أحمد، وقد روى عبد بن حميد في مسنده، عن حماد بن سلمة، عن الحجاج، عن عطية، عن أبي سعيد مرفوعاً نحوه.
حديث عن أنس بن مالك رضي اللّه تعالى عنه
قال أحمد: حدثنا بهز وعفان قالا: حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا إسحاق بن عبد الله عن ابن أبي طلحة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجِيءُ الدجال فيطا الأَرض إِلاّ َمَكَّةَ والمدينةَ فيأتِي المدينةَ فيجدُ بكل نقْبٍ من أنقابها صًفوفاً من الملائِكةِ فيأتي سِبخةِ الجَرْفِ فَيَضْرِبُ رَوَاقَة فتَرْجُص المدينة ثلاث رَجَفَاتٍ فيخرجُ إليه كلُّ منافق ومنَافِقة".
رواه مسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يونس بن محمد المؤدب، عن حماد بن سلمة بنحوه.
طريق أخرى عن أنس
قال أحمد: حدثنا يحيى، عن حميد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أن الدجال أعور العين الشمال عليها ظَفَرةٌ غَلِيظة مكتوبٌ بين عينيه كَفَر َأو كَافِر".
هذا حديث ثلاثي الإسناد وهو على شرط الصحيحين.
طريق أخرى عن أنس
قال أحمد: حدثنا محمد بن مصعب، حدثنا الأوزاعي، عن ربيعة، عن أبي عبد الرحمن، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يخرج الدجال من يهودية أصبهان معه سبعون ألفاً من اليهود عليهم التيجان"، تفرّد به أحمد.
قال أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثنيِ أبي، حدثنا شعيب هو ابن الحجاب، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الدجالُ مَمْسُوحُ العين، بَيْن عَيْنَيْه مكتوب كافر، ثم تهجاها كَ فَ رَ يقرؤه كل مسلم".
حدثنا يونس، حدثنا حماد يعني ابن سلمة، عن حميد وشعيب بن الحجاب، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الدجالُ أعورُ وإِنَّ ربّكم ليس بأعورَ مكتوبٌ بين عينيه كافِر يقرؤُه كل مُؤْمن كاتبٍ وغيرِ كاتب".
ورواه مسلم، عن زهير بن عفان، عن شعيب به بنحوه.
طريق أخرى عن أنس
قال أحمد: حدثنا عمرو بن الهيثم، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بُعِثَ نبي إلا أنْذَرَ أمّتَه الأعْوَرَ الكذابَ إلا أنَّه أعورُ وإنَّ رَبَّكمْ لَيْسَ بِأعْوَرَ مكتوب بَيْنَ عَيْنَيْه كافرٌ". ورواه البخاري ومسلم من حديث شعبة به.
حديث عن سفينة رضي اللّه تعالى عنه
قال أحمد: حدثنا أبو النضر قال: حدثنا سعيد بن جهمان، عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ألا إنَّهُ لم يكن نبيّ قَبْلِي إِلا وَقَدْ حَذَّرَ أمّتَهُ الدجالَ، هو أعورُ عينِه اليُمْنَى بِعَيْنِهِ اليمْنَى ظَفَرة غَلِظَةٌ مكتوب بين عَينيه كافِرٌ، يَخرجُ مَعَه واديان أحدهُما جنَّتُهُ والآخَرُ نَارُهُ فنارُهُ جَنّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ. معه مَلَكان من الملائكة يُشْبِهَانِ نَبِيّيْن مِنْ الأَنْبِياءِ، ولو شِئْتُ أن أسَمِّيهُمَا بِأسْمَائِهِمَا وأسماء آبَائِهما لَفَعَلْتُ، واحِدُهما عن يمينه والآخرَ عَن شِماله وتلك فتنةٌ. يقُولُ الدجالُ: ألستُ بِربِّكُم? ألست أحيي وأمِيتُ? فيقول له أحَدُ الملكين: كَذَبْتَ فلا يسمعه أحَدٌ مِنَ الناس إلاَّ صَاحِبُهُ فيقول لَهُ صَدَقْت فيسمعه الناس فيظنون أنما يصدق الدجال وذلك فتنة ثم يسير حتى يدخل المدسنة فلا يؤذن له بدخولها فيقول: هذه قرية ذاك الرجل: ثم يسير حتى يأتي الشام فيهلكه الله عند عقبة أفيق".
تفرد به أحمد وإسناده لا بأس به ولكن في متنه غرابة ونكاره والله أعلم.
حديث عن معاذ بن جبل رضي اللّه تعالى عنه
قال يعقوب بن سليمان الفسوي في مسنده، حدثنا يحيى بن بكير، حدثني خنيس بن عامر بن يحيى المعافري، عن أبي ليلى جبارة بن أبي أمية أن قوماً دخلوا على معاذ بن جبل وهو مريض فقالوا له: حدثنا حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تنسه? فقال: أجلسوني فأخذ بعض القوم بيده، فجلس بعضهم خلفه فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما مِن نبِيّ وقد حذَّر أمّتَه الدجالَ وإني أحذِّرُكُمْ أمْرَهُ إِنَّهُ أعورً وإِن ربي عَزَّ وجَلَّ ليس بأعوَرَ مكتوبٌ بين عينيه كافرٌ يقرؤُه الكاتبُ وغير الكاتِب معه جنَّةٌ ونارٌ فنارُه جنّةٌ وجَنَّتُهُ نار". قال شيخنا الحافظ الذهبي: تفرّد به خنيس، وما علمنا به جرحاً وإسناده صحيح.
وقال شيخنا الذهبي من كتابه- في الدجال-: عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة مرفوعاً: "الدجال أعور العين الشمال عليها ظفرة غليظة".
قلت: وليس هذا الحديث من هذا الوجه في المسند ولا في شيء من الكتب الستة، وكان الأولى لشيخاً أن يسنده أو يعزوه إلى كتاب مشهور والله الموفق.
حديث عن سمرة بن جنادة بن جندب رضي اللّه تعالى عنه
قال الإِمام أحمد: حدثنا أبو كامل، حدثنا زهير عن الأسود بن قيس، حدثني ثعلبة بن عباد العبدي من أهل البصرة، قال: شهدت يوماً خطبة سمرة فذكر في خطبته حديثاً في صلاة الكسوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب بعد صلاة الكسوف خطبة قال فيها: "والله لا تقوم الساعةُ حتى يخرجَ ثلاثُونَ آخِرُهُمْ الأعوَرُ الدّجالُ مَمْسُوحُ العين الْيُسْرَى كأنَّهَا عَيْنُ أبي يحيَى. وأنه مَتى يَخْرُجْ أوْ قَالَ متى ما يخرج فإِنه سوف يزعمُ أنه الله، فمن آمن به وصدَّقه واتبعه لم ينفعْه صالحٌ من عمله سَلَفَ، ومن كفَرَ بِهِ وكذبه لم يعاقَبْ بشيءٍ من عمله، وقال الحسن بشيء من عمله سلف، وإنه سوف يظهر على الأرض كلِّها إلا الحرمَ وبيتَ المقدس وإِنه يُحْصَرُ المؤمنون في بيت المقدس ويُزَلْزَلُون زِلزالاً شديداً ثم يُهْلِكُهُ اللَّهُ حتى إِنَّ هِدْمَ الحائِط وأصلَ الشجَرة لينادي يا مؤمِن هذا يهودي، وقال هذا كافرٌ فقال فاقْتُلْه ولكن لا يكون ذلك كذلك حتى تَرَوْا أموراً يتفاقَمَ شَأنَهَا في أنفسكم، فَتَسْألُونَ بَيْنَكم هَلْ كانَ نبيكم ذَكَرَ لَكُمْ منها? ذِكْراً وحتى تزولَ جِبَالُ عن مَراتِبِها".
ثم شهد خطبة سمرة مرة أخرى فما قدم كلمة ولا أخرها عن موضعها، وأصل هذا الحديث في صلاة الكسوف عند أصحاب السنن الأربعة، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم في مستدركه أيضاً.
حديث آخر عن سمرة
قال أحمد: حدثنا روح، حدثنا سعيد وعبد الوهاب، أخبرنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن
سمرة بن جنادة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "إن الدجال خارج وهو أعور العين الشمالِ عليها ظَفرةٌ غَلِظة وإِنه يُبْرىءُ الأكْمَه والأبْرَص، ويحيي الموتى، ويقول أنا رَبُّكم فَمَنْ قال أنْتَ رَبَي فقد فتِنَ، ومن قال ربي الله حتى يموت فقد عُصِمَ مِنْ فتنته ولا فِتْنَةَ عليه ولا عذابَ، فيلبث في الأرض ما شاء الله ثم يجيءُ عيسى ابنُ مريمَ من قِبَل المغربِ مُصَدِّقاً بمحمد وعلى مِلّتِهِ فيقتل الدجالَ ثمَّ إِنمَا هُو قِيَامُ السَّاعَةِ" وقال الطبراني: حدثنا موسى بن هارون، حدثنا مروان بن جعفر السهري، حدثنا محمد بن إبراهيم بن حبيب بن سليمان، عن جعفر بن سعد بن سمرة، عن حبيب، عن أبيه، عن جدة سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "إِنّ المسيحَ الدَّجَّالَ أعورُ العَيْن الشمالِ عليها ظَفَرة غَلِيظةٌ وإِنَّه يُبْرىءُ الأكمَه والأْرَص ويُحيي الموتَى ويقول أنا رَبّكم، فمن اعْتَصم بالله فقال ربي الله ثم أبَى ذَلِك حتى يموتَ فلا عذابَ عليه ولا فِتْنَةَ ومن قال أنت ربي فقد فُتِنَ وإِنَّهُ يَلْبَثُ في الأرض ما شَاءَ اللَّهُ أن يَلْبَثَ ثم يجيءُ عيسى ابنُ مرْيَمَ من المشرق مُصدقاً بمحمد وعلى مِلَّتِهِ ثم يَقْتُلُ الدَّجَّالَ"، حديث غريب.
حديث عن جابر رضي اللّه تعالى عنه
قال الإِمام أحمد بن حنبل: حدثنا عبد الملك بن عمرو بن دينار، حدثنا زهير، عن زيد يعني ابن أسلم، عن جابر بن عبد الله قال: أشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم على فلق من أفلاق الحرة ونحن معه فقال: "نِعْمَت الأرضُ المدِينةُ إذا خرج الدّجالُ، على كل نَقْبٍ من أنْقَابِها مَلَكٌ لاَ يَدْخُلُهَا فإِذا كان ذاكَ رَجَفَتِ المدينةُ بأهلها ثَلاثَ رَجَفاتٍ فلا يَبْقَى منافق ولا منافقةٌ إلا خَرَجَ إليه وأكثرُ يعني من يَخْرُجُ إليه من النساءِ وذلكَ يوم التخْلِيص يوم تَنْفِي المدينةُ الْخَبَثَ كما يَنْفي الكيرُ خَبثَ الحديدِ يكون معه سبعون ألفاً من اليهودِ على كل رجل ساجٌ وَسَيْفٌ مَحَلَى، فيضربُ رِوَاقُه بهذا الطَّرَفِ الذي عند مُجْتمع السُّلُولِ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كانت فتنةٌ ولا تكونُ حتى تقومَ الساعةُ أكْبَر من فِتنةِ الدجال، وما من نبي إلا وقد حذَّرَهُ أمّتَهُ لأخْبرنَّكُمْ بشيء ما أخْبَرَة نبي أمَّتَهُ ثم وضع يده على عَيْنيه ثم قال: "أشهد أن الله ليس بأعوَر". تفرّد به أحمد وإسناده جيد وصححه الحاكم.
طريق أخرى عن جابر
قال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا عمرو بن علي، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا مجالد، عن الشعبي، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لخاتم ألفِ نبيّ أو أكثرَ وإِنَّه ليس منهم نبِي إلا وقد أنذرَ قَومَه الدّجَال، وإنَّهُ قد تَبَينَ لي مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لأحدٍ منهم وإنه أعورٌ وإن ربكم ليس بأعور".
وتفرَّد به البزار وإسناده حسن ولفظه غريب جداً.
وروى عبد الله بن أحمد في السنة من طريق مجالد، عن الشعبي، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال فقال: "إنه أعورُ وإن ربّكُم ليس بأعْوَرَ".
ورواه ابن أبي شيبة عن علي بن مسهر عن مجالد به أطول من هذا.
طريق أخرى عن جابر
قال أحمد: حدثنا روح، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الدّجالُ أعْوَرُ وهو أشد الكذَّابِين".
وروى مسلم من حديث ابن جريح، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزال طائفة من أمتي ظَاهِرين على الحق حتى ينزلَ عيسى ابنُ مَرْيَم".
وتقدمت الطريق الأخرى عن أبي الزبير عنه، عن أبي سلمة عنه في الدجال.
حديث عن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنه
قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فى الدجال: "أعْوَرُ هَجِين أزهَر كأنَّ رأاسَه أصَلَةٌ أشْبَهُ النَّاس بعبد العُزَّى ابن قَطَن وإن ربَّكم ليس بأعور".
قال شعبة: فحدثت به قتادة فحدثني بنحو من هذا تفرد به أحمد من هذا الوجه.
وروى أحمد والحارث أبي أسامة وابن معلى من طريق هلال عن عكرمة عن ابن عباس في حديث الإِسراء قال: "ورأى الدّجالَ في صورتِهِ رأيَ عَيْن لاَ رُؤْيَا مَنَام وعيسى وإِبراهيم فَسئِلَ عَن الدَّجَّالِ فقال: "رأيْتُهُ إِحْدَى عينيه قائمةٌ كأنَّها كَوْكَبٌ دُرِّي كأن شعرَه أغصَانُ شجرةٍ".
ليس في الدنيا فتنة أعظم من فتنة الدجال
وذكر تمام الحديث حديث عن هشام بن عامر.
قال أحمد: حدثنا حسين بن محمد، حدثنا سليمان بن المغيرة، حدثنا حميد يعني ابن هلال، عن هشام بن عامر الأنصاري سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَا بَيْنَ خَلْق آدَمَ إِلى أنْ تقومَ الساعةُ فِتنَةٌ أكبرُ مِنَ الدجالِ".
وقال أحمد: حدثنا إسماعيل، حدثنا أيوب، عن حميد بن هلال، عن بعض أشياخهم قال: قال هشام بن عامر لجيرانه: إنكم تتخطوني إلى رجال ما كانوا بأحضر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أوعى لحديثه مني وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَا بَيْنَ خَلْق آدمَ إلى أن تقوم الساعة فِتْنَةٌ أكبرُمن الدّجالِ".
ورواه الإمام أحمد أيضاً، عن أحمد بن عبد الملك، عن حماد، عن زيد، عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن أبي الدهماء، عن هشام بن عامر أنه قال: إنكم لتجاوزوني إلى رهط من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانوا أحضر ولا أحفظ لحديثه مني وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمْرٌ أكبرُ من الدّجالِ".
وقد رواه مسلم من حديث أيوب، عن حميد بن هلال، عن رهط منهم أبو الدهماء وأبو قتادة عن هشام بن عامر فذكر نحوه.
وقال أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن هشام بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ رأسَ الدّجالِ من وَرَائِهِ حُبك حُبُكٌ فمن قال أنت ربي افْتُتِنَ وَمَنْ قالَ: كذبتَ. ربي اللَّهُ عليه توكلتُ، فلا يَضُرهُ أو قال فلا فتنةَ عليه".
حديث عن ابن عمر
قال أحمد: حدثنا أحمد بن عبد الملك، حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن طلحة، عن سالم، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "منزل الدجال في هذه السَّبِخَةِ فيكون أكثرَمن يَخْرُجُ إليه النساءُ حَتّى إنَّ الرجل ليَرجعُ إلى زوجته وإلى أمه وابنته واختِهِ وعمتِه فيُوثقُها رِبَاطاً مَخَافَةَ أن تَخْرُجُ إليه فَيُسَلّطُ اللَّهُ المسلمين عليه فَيَقتلونه ويقتلون شِيعَتُهُ حتى إنَّ اليهوديَّ ليَخْتَبِىءُ تحت الشجرةِ والحجر، فيقول الحجرُ والشجرةُ للمسلمين هذا يهودي تحتي فاقْتُلْهُ".
طريق أخرى عن سالم
قال أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال: "إِني لأنْذِرُكُمُوهُ وما من نبي إلا وقد أنْذَرَهُ قَوْمَهُ لقد أنْذَرَهُ نوح قومَه ولكن سأقول لكم فيه قولاً لم يَقُلْهُ نبي لقومه تَعْلَمُونَ أنَّهُ أعْوَرُ وأن الله ليس بأعورَ".
إشارة نبوية إلى أن المسلمين سيقاتلون اليهود وينتصرون عليهم حتى أن اليهودي لا يجد له مخبأ يحميه من سيف المسلم
وقد تقدم هذا في الصحيح مع حديث ابن صياد وبهذا الإِسناد إلى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تقاتلكم اليهودُ فَتُسَلَّطُونَ عليهم حتى يقول الحجرُ يا مُسْلِمُ هذا يهودي ورائي فاقْتُلْهُ".
وأصله في الصحيحين من حديث الزهري بنحوه.
طريق أخرى عن ابن عمر
قال أحمد: حدثنا يعقوب، حدثنا عاصم ابن أخيه، عن عمر بن محمد، عن محمد بن زيد يعني أبا عمر بن محمد قال: قال عبد الله بن عمر: كنا نتحدث بحجة الوداع ولا ندري أنه الوداع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان في حجة الوداع خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر المسيح الدجال فأطنب في ذكره قال: "ما بعث الله من نبي إلا قد أنْذَرَهُ أمتَه لقد أنْذَرَهُ نُوح أمّتَه وأنْذَرَهُ النبيون من بعده أمَمَهُمْ. ألا إنَّ ما خفي عليهم من شأنه فلَنْ يخفين عليكم إنَّه أعور وإِن ربكم ليس بأعور". تفرّد به أحمد من هذا الوجه.
طريق أخرى
قال أحمد: حدثنا يزيد، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّه لم يكن نبيّ إلاَّ وَصَفَهُ لأمَّتِهِ ولأصفَنَهُ صِفَةً لَم يَصِفْهَا من كان قبلي، إنه أعورُ وإِن الله ليس بأعورَ عينُه الْيُمْنى كأنها عِنَبَة طَافِيَةٌ" وهذا إسناد جيد حسن.
وقال الترمذي: حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الدجال فقال: "ألاَ إِنَّ ربكم عزَّ وجلَّ ليس بأعورَ وإن الدجالَ أعور عينه اليمنى كأنها عِنَبَةٌ طافيةٌ".
قال: هذا حديث حسن صحيح، وفي الباب عن سعد وحذيفة وأبي هريرة وجابر بن عبد الله وأبي بكرة وعائشة وأنس بن مالك وابن عباس والتلبان بن عاصم.
حديث عبد الله بن عمر
قال أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن شهر بن حوشب قال: لما جاءتنا بيعة يزيد بن معاوية قدمت الشام فأخبرت بمقام يقومه عوف البكالي فجئته فجاء رجل فأسدل الناس عليه خميصة، وإذا هو عبد الله بن عمرو بن العاص فلما رآه عوف أمسك عن الكلام فقال عبد الله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنّها ستكونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ يَنْحازُ النّاسُ إِلى مُهَاجَرِ إبراهِيمَ لا يبقى في الأرض إِلاَّ شرارُ الناس تَلْفِظَهم أَرضُوهُمْ تحشرهم النَّارُ مع المردَةِ والخنازيرِ وتَبِيتُ مَعَهًمْ إذا باتوا وتقيل معهم إذا قَالوا وتأكُلُ من تَخَلَّفَ".
قال: وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سَيَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ أمَّتِي مِنْ قِبَل الشَّرْق يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ كُلَّمَا خَرَجَ مِنْهُمْ قَرْنٌ قُطِعَ حَتّى عَدّ زِيَادَةً عَلى عَشْرِ مَرَّاتٍ كُلّما خرجَ منهم قَرَن قُطِعَ حتّى يَخرُج الدّجالُ من بَقِيَّتِهِمْ".
ورواه أبو داود من حديث قتادة عن شهر من طريق أخرى عنه.
حديث غريب السند والمتن
قال أبو القاسم الطبراني: حدثنا جعفر بن أحمد الثنائي، حدثنا أبو كريب، حدثنا فردوس الأشعري، عن مسعود بن سليمان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الدجال: "إِنّه أعْوَرُ وإِن اللَّهَ لَيْسَ بِأعْوَرَ، يخرُجُ فيكونُ فِي الأرض أرْبَعِينَ صَبَاحاً يَرِدُ كُلَّ مَنْهَل إِلاَّ الكعبةَ وبيتَ الْمَقْدِس والمدينةَ الشهرُ كَالجُمْعَةُ والْجُمْعَةُ كاليوم ومعَهُ جنّةٌ ونار فنارُهُ جنّةٌ وجنتهُ نار مَعَهُ جبل من خُبْز ونَهْرٌ من ماءٍ ة يَدْعُو بِرَجُل لا يُسَلِّطُهُ اللَّهُ عَلَى أحَدٍ إلا عليه فيقول: ما تقول في فيقول: أنت عدوُّ اللَّهِ، وأنت الدّجالُ الكذابُ فيدعو بمنشار فَيَضَعُهُ فَيَشُقُّه ثم يحْيِيه فيقولُ له: ما تقولُ? فَيقولُ: واللَّهِ ما كنتُ أشدّ بصيرةً مِنِّي فيك الآنَ، أنتَ عَدُوُّ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ الدَّجَّالُ الذِي أخبَرَنا عَنْكَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيَهْوِي إِلَيْهِ بِسَيْفِهِ فَلا يَسْتَطِيعُهُ فيقول أخروه عني".
قال شيخنا الذهبي: هذا حديث غريب فردوس ومسعود لا يعرفان وسيأتي حديث يعقوب بن عاصم عنه في مكث الدجال في الأرض ونزول عيسى ابن مريم.
التسبيح والتهليل والتكبير لا تطعم الأجساد حديث عن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية
قال الإِمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن أسماء
بنت يزيد الأنصارية قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فذكر الدجال فقال: "إنّ بينَ يديه ثلاثَ سِنينَ سنةً تمسكُ السماءُ ثلثَ مطرِها والأرضَ ثُلُثَ نَباتِها، والثَّانِيَةً تُمْسِكُ السماءُ ثُلُثَيْ مطرها والأرضُ ثلثي نباتِهَا، والثالثةُ تُمْسِكُ السماءُ مَطَرَها كًلَّه والأرض نباتَها كُلّه، ولا تبقى ذات ضِرس ولا ذات خُف من البَهَائِم إلا هَلَكَتْ، وإن مِنْ أشد فتنته أن يأتي الأعرابي فيقولَ: أرَأيْتَ إِن أحييتُ لكَ أبَاكَ وأحْيَيْتُ أخَاكَ ألَسْتَ تَعْلَمْ أني رَبُّكَ? فيقولَ: بَلى، فَيَتَمَثَّلُ لَهُ الشّيطان نَحْوَ أبِيهِ وَنَحْوَ أخِيه قالت ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته ثم رجع والقومُ في اهْتِمَام وغَمّ مِمَّا حَدَثَهُمْ قالت: فَأخَذَ بِحَلْقَتي الباب وقال: مَهْ مَهْ أسْماءُ، قالت: قّلت يا رسول الله وسلم خَلَعْتَ أفئِدَتِنا بذكرِ الدّجالِ قال: فإِن يَخْرُجُ وأنا حي فأنا حَجِيجُهُ وَإِلاَّ فَإن رَبي خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مؤمِن قَالَت أسماءُ: يَا رسول الله واللَّهِ انا لنَعْجِنَنَّ عَجِينَنَا فَمَا نَخْتَبِزُه حتى نجوعَ فكيف بالمؤمنين يَوْمَئِذ. قَال: يَجزِيهِمْ ما يَجْزِي أهْلَ السماءِ من التَّسْبِيح والتقديس" .
وكذلك رواه أحمد أيضاً، عن يزيد بن هارون، عن جرير بن حازم، عن عبادة، عن شهر عنها بنحوه وهذا إسناد لا بأس به، وقد تفرد به أحمد وتقدم له شاهد في حديث أبي أمامة الطويل، وفي حديث عائشة بعده شاهد له من وجه أيضاً والله أعلم.
وقال أحمد: حدثنا هاشم، حدثنا عبد الحميد، حدثنا شهر، حدثني أسماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث: "فمن حَضَرَ مَجْلِسِي وَسَمِعَ قَوْلي فَلْيُبْلِغُ الشاهدُ منكُمُ الغائبَ واعْلَمُو، أن الله صَحِيحٌ ليس بِأعْوَرُ ممسوحُ العَيْن مكتوب بين عينيه كافر يقرؤُه كل مؤمن كاتب وغير ِكاتبٍ".
وسيأتي عن أسماء بنت عميس نحوه والمحفوظ هذا، والله أعلم.
حديث عائشة
قال الإِمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثنا حماد، حدثنا علي بن زيد، عن الحسن، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر جهداً بين يدي الدجال فقالوا أي المال خير يومئذ قال: غلام أسود يسقي أهله الماء وأما الطعام فليس". قالوا فما طعام المؤمنين يومئذ قال: التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل قالت عائشة: فأين العرب يومئذ? قال: قليل". تفرّد به أحمد وإسناده فيه غرابة وتقدم في حديث أسماء وأبي أمامة شاهد له والله تعالى أعلم.
طريق أخرى عنها
قال أحمد: حدثنا سليمان بن داود، حدثنا حرب بن شداد، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني الحضرمي بن لاحق أن ذكوان أبا صالح أخبره أن عائشة أخبرته قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال: "ما يُبْكيكِ? قلت يا رسول الله ذكرتُ الدجال فَبَكَيْتُ".
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنْ يَخْرُجْ الدّجالُ وأنا حي كَفَيْتُكمُوهُ وإِنْ يَخْرُجْ بَعْدِي فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ إِنَّهُ يخرُجُ من يهوديةِ أصْبَهَان حتى يأتي المدينة فينزل ناحِيَتَها ولها يومئذ سَبْعةُ أبوابٍ على كل نَقْبٍ منها مَلَكَان، فيخرج إليه شرارُ أهلِها حتى يأتِيَ الشامَ بمدينةِ فلسْطِينَ باب لدّ، فينزلُ عيسى ابنُ مريم فيقتلُه ثم يَمْكُثُ عيسى في الأرض أربعين سنة إماماً عادِلاً وحَكَماً مُقْسطاً" تفرّد به أحمد.
لا يدخل الدجال مكة المكرمة ولا المدينة المنورة
وقال أحمد: حدثنا ابن أبي عدي? عن داود بن عامر، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل الدجالُ مكةَ ولا المدينةَ".
ورواه النسائْي، عن قتيبة، عن محمد بن عبد الله بن أبي عدي، والمحفوظ رواية عامر الشعبي عن فاطمة بنت قيس كما تقدم.
وثبت في الصحيح من حديث هشام بن عروة، عن زوجته فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت في حديث صلاة الكسوف: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يومئذ: "وإنّه قد أوحِيَ إليّ أنَّكُمْ تُفْتَنُون قرِيباً أوْ قَبْلَ فتنةِ المسيح الدّجالِ لا أدْرِي أيّ ذلك قَالَ". قالت أسماء الحديث بطوله.
وثبت في صحيح مسلم من حديث ابن جريح، عن أبي الزبير، عن جابر، عن أم شريك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليَنْفِرَنَّ النَّاسُ مِنَ الدجالِ حتى يَلْحَقُوا بُرؤوس الجبال قلت يا رسول الله: أيْنَ العربُ يَوْمَئِذٍ? قال: هم قَلِيلٌ".
حديث عن أم سلمة
قال ابن وهب أخبرني مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن عروة قالت أم سلمة ذكرت المسيح الدجال ليلة فلم يأتني نوم، فلما أصبحت دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: "لا تَفْعَلِي فإِنَّهُ إِنْ يخْرُجْ وأنا فيكُمْ يَكْفِيكُمُ اللَّهُ بِي وإِنْ يَخْرُجْ بَعْدَ أنْ أموتَ يَكْفِهِ الله الصَّالِحِينَ" ثم قام فقال: "ما من نبي إلا قد حًذّرَ أمَّتَهُ يعني مِنه وإني احذرُكُمُوهُ إِنَّهُ أعْوَرُ وإِن اللَّهَ تَعَالَى لَيْس بِأعْوَر". قال الذهبي: إسناده قوي.
حديث ابن خديج، رواه الطبراني، من رواية عطية بن عطية بن عطاء بن أبي رباح، عن عمر بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن رافع بن خديج، عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذم القدرية وأنهم زنادقة هذه الأمة، وفي زمانهم يكون ظلم السلطان، وحيفه، وكبره، ثم يبعث الله طاعوناً، فيفنى عامتهم، ثم يكون الخسف. فما أقل من ينجو منهم، المؤمن يومئذ قليل فرحه، شديد غمه، ثم يكون المسيح فيمسخ الله عامتهم، قردة، وخنازير، ثم يخرج الدجال على إثر ذلك قريباً، ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى بكينا لبكائه، وقلنا: ما يبكيك? قال: رحمة لأولئك القوم، لأن فيهم المقتصد، وفيهم المجتهد، الحديث بتمامه.
حديث عن عثمان بن أبي وقاص
قال أحمد: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي نضرة قال: أتينا عثمان بن أبي العاص في يوم جمعة، لنعرض عليه مصحفاً لنا على مصحفه، فلما حضرت الجمعة أمرنا فاغتسلنا، ثم أتينا بطيب فتطيبنا، ثم جئنا المسجد فجلسنا إلى رجل يحدثنا عن الدجال، ثم جاء عثمان بن أبي العاص فقمنا فجلس فجلسنا فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يكون للمسلمين ثلاَثَةُ أمْصَارٍ مِصْرٍ بِمُلْتَقَى البَحْرَيْن ومِصْرٍ بالجزيرَةِ ومصرٍ بالشام فَيَفْزَعُ الناسُ ثلاث فَزَعات فيخرج الدَّجالُ في أَعْراض الناس فَيَهْزِمُ مِنْ قِبَل المشرِق، فأوَّل مِصرٍ يَرُدُّه المِصرُ الذي بِمُلْتقى الْبَحْرَيْن فَيَصيرُ أهْلُهُ ثَلاَثَ فرق: فِرْقَةٌ تُقِيمُ بالشَّام وتَنْظرُ ما هُو وفرقَةٌ تَلْحَقُ بالأعرابِ، وفرقةٌ تلحق بالْمِصْر الذي يَلِيهم، ومع الدجال سبعون ألفاً عليهم التيجانُ وأكثرَ مَنْ مَعَهُ اليَهودُ والنِّساءُ، ثم يأتي المصرَ الذي يَليهم فيصير أهله ثلاثَ فرق فرقة تقيم بالشام وتنظر ما هو وفرقة تلحق بالأعراب، وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم بغربيّ الشام، وينحاز المسلمون إلى عَقَبَةِ أفيق فيبعَثون سَرحاً لهم فيصاب سَرْحُهُمْ فيشتد ذلك عليهِم وتَصيبهُم مجاعةٌ شَديدةٌ وجَهْدٌ شديدٌ حتى إن أحدَهم لَيَحْرِقُ وَتَرَ قَوْسه فَيأكلهُ، فبينما هم كذلك إذ نادى مُنَاد من السَّحَرِ يا أيها الناس: أَتَاكُم الْغَوْث ثلاثاً فيقول بعضهم لبعض: إن هذا الصوت صوتُ رجل شبعانَ وينزل عيسى ابن مريَمَ عليه السلام عند صلاةِ الفجرِ فيقول له أميرُهم: يا رُوحَ اللَّهِ تَقَدَّم فَصَل، فيقولُ هَذِهِ الأمَّةُ أمَرَاءُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْض فيتَقَدّمُ أميرُهم فَيُصَلِّي، فإِذا قَضَى صَلاَتَه أخذ عيسى حَرْبَتَهُ فَذَهَبَ نحو الدجَّالِ فإِذا رآه الدجالُ ذَابَ كما يذوبَ الرصاصُ فَيَضَعُ حَرْبَتَهُ تحت ثَنْدَوتهِ فيقتلهُ ويَنْهَزِمُ أصحابُهُ فليس يومئذ شيء يُوَاري مِنْهم أحَداً حتى إن الشجرةَ لتقولُ يا مؤمنُ هَذا كافر ويقول الحجرُ يا مؤمن هذا كافرٌ".
تفرّد به أحمد، ولعلّ هذين المصرين هما البصرة والكوفة بدليل ما رواه الإِمام أحمد.
حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، حدثنا الحشرح بن نباته القيس الكوفي، حدثني سعيد بن جهمان، حدثنا عبد الله بن أبي بكرة، حدثنا أبي في هذا المسجد يعني مسجد البصرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليَنْزِلَنَّ طائفة من أمتي أرضاً يقال لها الْبَصْرَةُ يَكثُرُ بها عَددُهُمْ ويَكْثُرُ بِهَا نَخْلهُمْ ثم يجيءُ بنو قَنْطُوراً صغارُ العيونِ حتى ينزلوا على جِسْرٍ لَهُمْ يقال له دِجْلَةُ فَيُفْرَقُ المسلمون ثلاثَ فرَق، فأما فِرقةٌ فَيأخذون بأذْنابِ الإِبِل يَلْحَقُونَ بالْبَادِيَةِ وَهَلَكَتْ وأما فرقةُ فَتَتَأخَّرُ خَائِفَةً عَلَى أنْفُسِهَا وهذِهِ وَتلْكَ سَوَاءُ وأمَّا فِرْقَةٌ فَيَجْعَلُونَ عِيَالَهُمْ خَلْفَ ظُهُورِهِمْ وهؤلاءَ يَكُونُ فُضلاوهُمْ شُهَدَاءَ وَيَفْتَح اللَّهُ عَلَى بَقِيَتِهَا".
ثم رواه أحمد، عن يزيد بن هارون وغيره عن العوام بن حوشب، عن سعيد بن جهمان، عن ابن أبي بكرة عن أبيه فذكره بنو قنطورا هم الترك، ورواه أبو داود، عن محمد بن يحيى بن فارس، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبيه، عن سعيد بن جهمان، عن مسلم بن أبي بكرة عن أبيه فذكره نحوه.
وروى أبو داود من حديث بشر بن المهاجر، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث: "يَلُونَكمْ صِغَارُ الأعْيُن يَعْنِي التُّرْكَ قال لَيَسُوقُنَّهُمْ ثَلاَث مِرَارٍ حَتى يَلْحَقُوا بِهِمْ بِجَزِيرةِ العَرَبِ، فَأما في السيَاقَةِ الأولى فَيَنْجُو مَنْ هَرَبَ مِنْهُمْ، وَأمَّا في الثانِيَةِ فَيَنْجُو بَعْضٌ ويَهْلِكُ بَعْضُ، وأمَّا في الثالِثَةِ فَيُصْطَلَمُونَ" أو كما قال لفظ أبي داود.
وروى الثوري، عن سلمة بن كفيل، عن الزهر، عن ابن مسعود قال: "يَفْتَرِق الناسُ عند خروج الدجال ثلاث فِرق: فرقة تتبعه، وفرقة تلحق بأرْض بِهَا مَنَابِتُ الشيح، وفرقة تأخذ بِشَطِ العِراق يقاتلُهم ويقاتلُونَه حتى يجتَمع المؤمنونَ بِقُرى الشام وَيَبْعَثونَ طَليعةً فيهم فارسٌ فَرَسُه أشقرُ أوْ أبْلَقُ فَيُقتَلونَ فلا يرجع منهم بَشَرُ".
حديث عن عبد اللّه بن بسر
قال حنبل بن إسحاق: حدثنا رحيم، حدثنا عبد الله بن يحيى المعافري هو المريسي أحد الثقات، عن معاوية بن صالح، حدثني أبو الزارع أنه سمع عبد الله بن يسر يقول سمعت صلى الله عليه وسلم يقول: "ليدْرِكَنَّ الدجالَ مَن رَأى". أو قال ليكونن قريباً من قولي قال شيخنا الذهبي أبو الزارع لا يعرف والحديث منكر. قلت: وقد تقدم في حديث أبي عبيدة شاهد له.
حديث عن سلمة بن الأكوع
قال الطبراني: حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطي، حدثنا يزيد بن الحريش، حدثنا أبو همام محمد بن الزبرقان، حدثنا موسى بن عبيدة.، حدثني يزيد بن عبد الرحمن، عن سلمة بن الأكوع قال: أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل العَقِيق حتى إذا كنا مع الثنِيَّةِ قال: "إني لأنظر إلى مواقع عدو الله المَسِيح إنهُ يقْبل حتى ينزل مِنْ كذا حَتى يَتَرَسل يخرج إليه الْغَوْغَاءُ مَا مِنْ نَقْبٍ من أنْقَاب المدنةِ إلاَّ عَلَيه مَلَكٌ أو ملكانِ يَحْرسَانِهِ، مَعَه صُورتانِ صورةُ الجنةِ وصورة النار وشياطينُ يَتَشَبَّهُونَ بِالأَبَوين يقول أحدهم للحي: أتَعْرفُنِي? أنا أبْوكَ أنَا أخُوك أنا ذُو قِرَابةٍ مِنْكَ ألسْتُ قَدْ مِت هذا رَبنَا فاتَّبِعْهُ، فَيَقْضِي الله مَا شاَء مِنْه ويبعث اللَّهُ له رَجُلاً من المسلِمِين فَيسْكِتُهُ ويبكتُهُ، ويقول هَذَا الكًذّابُ ياأيهَا الناسُ: لا يَغُرنَكُم فَإنه كذَّابٌ ويقولَ باطِلاً وإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْس بِأعْورَ، ويقول الدجَّالُ لَهُ: هَلاَّ أنْتَ مُتَّبِعِي? فَيأتي فَيَشُقُّهُ شُقَّتَيْن وَيَفْصِلُ ذَلِكَ ويقولُ أعِيدُهُ لَكُمْ فَيَبْعَثُهُ الله أشَدَّ مَا كانَ تكذيباً وأشدَّ شَتْماً فيقولُ: أيُّهَا الناسُ إنَّمَا رَأيْتُم بَلاَءَ ابْتُلِيتُمْ بِهِ وفتْنَةً افْتُتِنْتُمْ بِهَا ألاَ إنْ كانَ صَادِقاً فَلْيُعِدْني مَرَّةً أخْرَى ألاَ هُو كَذَّابً فَيَأمُرُ بهِ إلى هذِهِ النَّارِ وهي الجنةُ ثم يخرج قِبَلَ الشَّام" موسَى بن عبيدة اليزيدي ضعيف في هذا السياق.
حديث محجن بن الأدرع
قال أحمد: حدثنا يونس، حدثنا حماد يعني ابن سلمة، عن سعيد الجريري، عن عبد الله بن شفيق، عن محجن بن الأدرع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب يوماً الناس فقال: "يَوْمُ الخلاص ومَا يَوم الخلاص? ثَلاَثاً فَقِيلَ وَمَا يَوْمُ الخلاص? قال: يَجيءُ الدجالُ فيصعَدُ أحُداً فينظرُ إلى المدينةِ فيقول لأصحابِه: هل تدرون هَذَا القصرَ الأبيَضَ? هذا مسجدُ أحمد، ثم يأتي المدينة فيجد على كل نَقْب من أنقابِهَا مَلكاً مُصْلِتاً سَيْفَهُ فيأتي سِبْخَةَ الجرْفِ فيضرب رِواقَهُ ثم ترجف المدينة ثلاث رَجَفاتٍ فلاَ يبقى منافقٌ ولا منافقةٌ ولا فاسقٌ ولا فاسقةٌ إلاَّ خرج إليه فذلك يَوْمُ الخلاص". تفرًد به أحمد.
خير دينكم أيسره.
ثم رواه أحمد، عن غندر، عن شعبة، عن أبي بشر، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن أبي رجا، عن محجن بن الأدرع قال: أخذ رسول الله بيدي فصعد على أحد وأشرف على المدينة فقال: "وَيْل: إنها قُرَّةُ عَيْني أدَعُهَا خيرَ ما تكونُ أو كأخير ما تكونُ، فيأتيها الدَّجالُ فيجد على كل باب من أبوابها مَلَكاً مُصْلِتاً سَيفهُ فلا يَدْخُلُها. قال: ثم نزل وهو آخذ بيدي فدخل المسجد فإذا رجل يصلي فقال لي: من هذا? فأثنيت عليه خيراً، فقال: اسْكُتْ لا تُسْمِعْهُ فَتُهْلِكَة، قال: ثم أتى حجرة امرأةٍ من نِسائِهِ فَنَفَضَ يَدَه مِنْ يَدِي وقال: "إنَّ خَيرَ دِينكم أيْسَرَهُ إنَّ خَيرَ دِينَكُمُ أيْسَرُهُ".
حديث أبي هريرة رضي اللّه تعالى عنه
قال أحمد: حدثنا قتيبة، حدثنا يعقوب، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبىءُ اليهودي من وراءِ الحَجَرِ والشَجَرِ، فيقول الحَجَرُ أو الشَجَرُ: يا مسلم يا عبد َاللهِ هَذا اليَهُودِيُّ مِنْ خَلْفِي فَتَعَالَ فاقْتُلْه إلا الْغَرْقَدُ فإنه شَجَر الْيَهُودِ". وقد روى مسلم عن قتيبة بهذا الإسناد.
"لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك" الحديث. وقد تقدم هذا الحديث بطرقه وألفاظه. والظاهر والله أعلم، أن المراد أن الترك هم اليهود أيضاً والدجال من اليهود كما تقدم في حديث أبي بكر الصديق الذي رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.
طريق أخرى عن أبي هريرة
قال أحمد: حدثنا حسين بن محمد، حدثنا جرير، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليَنْزلًنّ الدجالُ بحُورَانَ وكِرْمَانَ في سبعين ألفاً كأن وجوههم الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ". إسناده جيد قوي حسن.
طريق أخرى عن أبي هريرة
قال حنبل بن إسحاق: حدثنا شريح بن النعمان، حدثنا فليح، عن الحارث بن النفيل، عن زياد ابن سعيد، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فذكر الدجال فقال: "إنه لم يكن نبي إلا حذَّرَهُ أمتَه وسأصِفُهُ لكم بما لم يصفه نبِي قَبْلي إِنه أعورُ مكتوب بين عينيه كافر بقرؤه كُل مؤمن يكتبُ أو لا يكتب". وهذا إسناد جيد لم يخرجوه من طريق أخرى.
طريق أخرى عن أبي هريرة
قال حنبل بن إسحاق: حدثنا شريح بن النعمان، حدثنا فليح، عن الحارث بن النفيل، عن زياد ابن سعيد، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فذكر الدجال فقال: "إنه لم يكن نبي إلا حذَّرَهُ أمتَه وسأصِفُهُ لكم بما لم يصفه نبِط قَبْلي? إنه أعورُ مكتوب بين عينيه كافر بقروُّه كُل مؤمن يكتبُ أو لا يكتبُ ". وهذا إسناد جيد لم يخرجوه من طريق أخرى.
المدينة المنورة ومكة المكرمة في حراسة من الملاكة بأمر اللّه
قال أحمد: حدثنا شريح، حدثنا فليح عن عمرو بن العلاء الثقفي عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " المدينةُ ومكةً محفوفَتَان بالملائكةِ على كل نقْب منهما ملائكةٌ لا يَدْخُلها الدجال ولا الطاعونُ".
هذا غريب جداً? وذكرمكة في هذا ليس محفوظاً وكذلك ذكر الطاعون والله تعالى أعلم، والعلاء الثقفي هذا إن كان مزيداً فهو أقرب.
حديث عبادة بن الصامت رضى اللّه تعالى عنه

قال أبو داود: حدثنا حيوة بن شريح، حدثنا بقية، حدثنا بجيرعن خالد عن جنادة بن أمية عن عبادة ابن الصامت أنه حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني قد حَدَّثتكم عن الدجال حتى خَشِيتُ أنْ لاَ تَفعلوا? إن المسِيحَ الدجالَ رجل قصيرٌ أبَح جَعْذ أعَورُ مطموسُ العين فإن لَبَّسَ عليكم فاعلموا أن ربكم عزَّ وجل ليس بأعورَ".
ورواه أحمد، عن حيوة بن شريح أو يزيد بن عبد ربه، والنسائي عن إسحاق بن إبراهيم كلهم عن بقية بن الوليد به.
شهادات نبوية كريمة بفضل بني تميم
وقال البخاري ومسلم: حدثنا زهر، حدثنا جرير عن أببما زرعة عن أبي هريرة قال: ما زلت أحب بني تميم من أجل ثلاث? سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "هم أشد امَّتي على الدجال!.
وجاءَت صدقاتهم فقال: "هذِه صدقات قومِي ".
وكانت سَبِيَّةٌ منهم عند عائشة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أعْتِقِيها فإنها من ولد إسماعيل ".
حديث عمران بن حصين رضي اللّه تعالى عنه
قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا جرير، حدثنا حميد بن هلال عن أبي الدهماء قال: سمعت عمران بن حصين يحدث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَنْ سَمِعَ من الدجال فَلَسْنَا مِنْهُ فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه بما يبعث به من الشُّبُهَاتِ أو ولما يبعث به من الشبهات". قال: هكذا تفرد به أبو داود.
وقال أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا هشام بن حسان، حدثنا حميد بن هلال، عن أبي الدهماء، عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سمع من الدجال فلسنا منه من سمع من الدجال فلسنا منه? فإن الرجل يأتيه يَحْسسِبُ إنه مؤمن فما يزال به لما معه من الشبه حَتى يَتْبَعَه".
وكذلك رواه عن يزيد بن هارون، عن هشام بن حسان وهذا إسناد جيد وأبو الدهماء واسمه فرقة ابن بهير الدوي ثقة.
وقال سفيان بن عيينة، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن عمران بن حصين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد أكلَ الطعامَ ومَشَى في الأسواق". يعني الدجال.
حديث المغيرة بن شعبة رضي اللّه تعالى عنه الدجال أهون على اللّه
قال مسلم: حدثنا شهاب بن عباد العبدي، حدثنا إبراهيم بن حميد الوارسي، عن إسماعيل، عن أبي خالد عن قيس بن حازم عن المغيرة عن شعبة قال: ما سأل أحد النبي عن الدجال أكثر مما سألت قال:وما يَضركَ مِنْهُ? إنه لا يضرك: قلت يا رسول الله إنهم يقولون إنَّ معه الطعامَ والأنهارَ قال هُو أهْونُ على الله من ذلك".
حدثنا شريح بن يونس، حدثنا هشام بن إسماعيل، عن قيس، عن المغيرة بن شعبة قال: ما سأل أحد النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال أكثر مما سألته: قال وما سؤالك? قال: إنهم يقولون إن معه جبالاً من خبز ولحم ونهراً من ماء، قال: "هو أهون على الله من ذلك".
ورواه مسلم أيصاً في الاستئذان من طرق كثيرة، عن إسماعيل عن قيس عن المغيرة بن شعبة قال: ما سأل أحد النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال أكثر مما سألته، قال: وما سؤالك? قال: إنهم يقولون إن معه جبالاً من خبز ولحم ونهراً من ماء? قال: "هو أهون على الله من ذلك".
ورواه مسلم أيضاً في الاستئذان من طرق كثيرة، عن إسماعيل بن أبي خالد، وأخرجه البخاري، عن مسدد، عن يحيى القطان، عن إسماعيل، وقد تقدم حديث حذيفة وغيره أن ماءه نار وناره ماء بارد وإنما ذلك في رأي العين وقد تمسك بهذا الحديث طائفة من العلماء كابن حزم والطحاوي وغيرهما في أن الدجال ممخرق مموه لا حقيقة لما يبدي للناس من الأمور التي تشاهد في زمانه بل كلها خيالات عند هؤلاء.
وقال الشيخ أبو علي الجبائي شيخ المعتزلة: "لا يجوز أن يكون كذلك حقيقة لئلا يشتبه خارق الساحر بخارق النبي وقد أجابه القاضي عياض وغيره بأن الدجال إنما يدعي الإلهية وذلك مناف للبشرية فلا يمتنع إجراء الخارق على يديه والحالة هذه. وقد أنكرت طوائف كثيرة من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة خروج الدجال بالكلية وردوا الأحاديث الواردة فيه فلم يصنعوا شيئاً وخرجوا بذلك عن حيز العلماء لردهم ما تواترت به الأخبار الصحيحة من غير وجه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم، وإنما أوردنا بعض ما ورد في هذا الباب، لأن فيه كفاية ومقنعاً وبالله المستعان.
والذي يظهر من الأحاديث المتقدمة أن الدجال يمتحن الله به عباده بما يخلقه معه من الخوارق المشاهدة في زمانه كما تقدم أن من استجاب له يأمر السماء لتمطرهم والأرض فتنبت لهم زرعاً تأكل منه أنعامهم وأنفسهم وترجع إليهم سماناً ومن لا يستجيب له ويرد عليه أمره تصيبهم السنة والجدب والقحط والعلة وموت الأنعام ونقص الأموال والأنفس والثمرات، وأنه تتبعه كنوز الأرض كيعاسيب النحل، ويقتل ذلك الشاب ثم يحييه، وهذا كله ليس بمخرفة بل له حقيقة امتحن الله به عباده في ذلك الزمان فيضل به كثيراَّ ويهدي به كثيراً، يكفر المرتابون، ويزداد الذين آمنوا إيماناً، وقد حمل القاضي عياض وغيره على هذا المعنى معنى الحديث. "هو أهون على الله من ذلك".
أي هو أقل من أن يكون معه من يضل به عباده المؤمنين، وما ذاك إِلا لأنه ظاهر النقص والفجور والظلم، وإن كان معه ما معه من الخوارق، وبين عينيه مكتوب كافر كتابة ظاهرة وقد حقق ذلك الشارع في خبره بقوله ك ف ر، وقد دل ذلك على أنه كتابة حسية لا معنوية كما يقوله بعض الناس، وعينه الواحدة عوراء شنيعة المنظر ناتئة، وهومعنى قوله "كأنها عنبة طافية" أي طافية على وجه الماء ومن روى ذلك طافية فمعناه لا ضوء فيها، وفي الحديث الآخر "كأنها نخامة على حائط مجصص" أي بشعة الشكل، وقد ورد في بعض الأحاديث أن عينه اليمنى عوراء رحا اليسرى فإما أن تكون إحدى الروايتين غير محفوظة أو أن العور حاصل في كل من العينين ويكون معنى العور النقص والعيب.
ويقوي هذا الجواب ما رواه الطبراني، حدثنا محمد بن محمد التمار وأبو خليفة قالا: حدثنا أبو الوليد، حدثنا زائدة، حدثنا سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدجال جعد هجين أخن كأن رأسه غصن شجرة مطموس عينه اليمنى، والأخرى كأنها عنبة طافية" الحديث. وكذلك رواه سفيان الثوري عن سماك بنحوه، لكن قد جاء في الحديث المتقدم وعينه الأخرى كأنها كوكب دري، وعلى هذا فتكون الرواية الواحدة غلطاً، ويحتمل أن يكون المراد أن العين الواحدة عوراء في نفسها، والأخرى عوراء باعتبار انبرازها والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
لماذا لم يذكر الدجال صراحة في القرآن الكريم?
وقد سأل سائل سؤالاً فقال: ما الحكمة في أن الدجال مع كثرة شره وفجوره وانتشار أمره ودعواه الربوبية وهو في ذلك ظاهر الكذب والافتراء، وقد حذر منه جميع الأنبياء لم يذكر في القرآن ويحذر منه ويصرح باسمه وينوه بكذبه وعناده? والجواب من وجوه: أحدهما: أنه قد أشير إلى ذكره في قوله تعالى: "يَوْمَ يَأتي بَعْضُ آيَاتِ ربِّكَ لاَ يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أوْ كَسَبَتْ في إيمَانِهَا خَيْراً". أ الأنعام: 158، الآية.
قال أبو عيسى الترمذي عند تفسيرها: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا يعلى بن عبيد، عن فضيل بن غزوان " عن أبي حازم، عن أبي هريرة، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثٌ إذا خَرَجْنَ لم يَنْفَعْ نَفْمساً إيمَانُهَا لَم تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْل اوكسبتْ في إِيمانِها خَيْراً الدجالُ والدابةُ وطلوعُ الشمس من المغربِ او من مغربها". ثم قال: هذا حديث حسن صحيح.
الثاني: أن عيسى ابن مريم ينزل من السماء الدنيا فيقتل الدجال كما تقدم وكما سيأتي، وقد ذكر في القرآن نزوله ني توله تعالى: )وقَوْلهمْ إنَّا قَتَلْنَا ألْمَسِيحَ عِيسى أبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ ومَا قَتَلُوهُ وَمَاَ صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شئبِّهَ لَهُمْ وإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْم إِلاَّ اتباع الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً وإِنْ مِنْ أهْل الكِتَابِ إِلاَّ ليُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهيداً".النساء: 157- 159.
وقد قررنا في التفسير أن الضمير في قوله: قبل موته عائد على عيسى أي سينزل إلى الأرض ويؤمن به أهل الكتاب الذين اختلفوا فيه اختلافاً متبايناً، فمن مدعي الإِتهية كالنصارى ومن قاثل فيه قولاً عظيماً وهوأنه ولد ريبة وهم اليهود، فإِذا نزل قبل يوم القيامة تحقق كل من الفريقين كذب نفسه فيما يدعيه فيه من الافتراء وسنقرر هذا قريباً.
وعلى هذا? فيكون ذكر نزول المسيح عيسى ابن مريم إشارة إلى ذكر المسيح الدجال شيخ الضلال وهو ضد مسيح الهدى، ومن عادة العرب أنها تكتفي بذكر أحد الضدين عن ذكر الآخر كما هو مقرر في موضعه.
الثالث: أنه لم يذكر بصريح اسمه في القران احتقاراً له حيث يدعي الإِتهية وهو ليسر ينافي حالة جلال الرب وعظمته وكبريائه وتنزيهه عن النقص، فكان أمره عند الرب أحقر من أن يذكر وأصغر وأدخر من أن يحكي عن أمر دعواه ويحذر، ولكن انتصر الرسل بجناب الرب عز وجل فكشفوا لأممهم عن أمره وحذروهم ما معه من الفتن المضلة والخوارق المضمحلة فاكتفى بإخبار الأنبياء، وتواترذلك عن سيد ولد آدم إمام الأتقياء عن أن يذكرأمره الحقير بالنسبة إلى جلال الله في القران العظيم ة ووكل بيان أمره إِلى كل نبي كريم.
فإن قلت: فقد ذكر فرعون في القرآن، وقد ادعى ما دعاه من الكذب والبهتان حيث قال: "أنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى". النازعات: 24،. وقال: "يَأئهَا المَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِن إِلهٍ غَيْرِي". أ القصص: والجواب: أن أمر فرعون قد انقضى وتبين كذبه لكل مؤمن وعاقل? وهذا أمر سيأتي وكائن فيما يستقبل فتنة واختباراً للعباد فترك ذكره في القرآن احتقاراً له وامتحاناً به إذ الأمر في كذبه أظهر من أن ينبه عليه ويحذر منه، وقد يترك الشيء لوضوحه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته وقد عزم على أن يكتب كتاباً بخلافة الصديق من بعده ثم ترك ذلك وقال: يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر".
فترك نصه عليه لوضوح جلالته وظهور كبر قدره عند الصحابة وعلم عليه الصلاة والسلام منهم أنهم لا يعدلون به أحداً بعده، وكذلك وقع الأمر، ولهذا يذكر هذا الحديث في دلائل النبوة كما تقدم ذكرنا له غير مرة في مواضع من الكتاب، وهذا المقام الذي نحن فيه من هذا القبيل وهو أن النبي قد يكون ظهوره كافياً عن التنصيص عليه، وأن الأمر أظهر وأوضح وأجلى من أن يحتاج معه زيادة على ما هو في القلوب مستقر، فالدجال واضح الذم ظاهر النقص بالنسبة إلى المقام الذي يدعيه وهو الربوبية، فترك الله ذكره والنص عليه لما يعلم تعالى من عباده المؤمين أن مثل هذا لايهدهم ولا يزيدهم إلا إيماناً وتسليماً لله ورسوله وتصديقاً بالحق ورداً للباطل ولهذا يقول ذلك المؤمن الذي يسلط عليه الدجال فيقتله ثم يحييه، والله ما ازددت فيك إلاَّ بصيرة. أنت الأعور الكذاب الذي حدثنا فيهَ رسول الله صلى الله عليه وسلم شفاهاً وقد أخذ بظاهره إبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه الصحيح عن مسلم، فحكى عن بعضهم أنه الخضر وحكاه القاضي عياض عن معمر في جامعه.
وقد قال أحمد في مسنده وأبو داود فيِ سننه، والترمذي في جامعه بإسنادهم إلى أبي عبيدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لعلَّهُ يدْرِكُهُ مَنْ رآني وسَمع كلامي".
وهذا مما قد يتقوى به بعض من يقول بهذا ولكن في إسناده في غرابة، ولعل هذا كان قبل أن يبين له صلى الله عليه وسلم من أمر الدجال ما بين في ثاني الحال والله تعالى أعلم.
وقد ذكرنا في قصة الخضر كلام الناس في حياته ودللنا على وفاته بأدلة أسلفناها هنالك، فمن أراد الوقوف عليها فليتأملها في قصص الأنبياء من كتابنا هذا والله تعالى أعلم بالصواب.
ذكر ما يعصم من الدجال
الاستعاذة المخلصة باللّه تعصم من فتنة الدجال فمن ذلك الاستعاذة من فتنته، فقد ثبت في الأحاديث الصحاح من غير وجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من فتنة الدجال في الصلاة وأنه أمر أمته بذلك أيضاً فقال: "اللَّهم إنا نعوذُ بك من عَذاب جَهَنَّمَ ومن فتنةِ القبْر ومنْ فتنة الْمَحْيَا والممَاتِ ومِنْ فتنةِ المسِيح الدجال".
ذلك من حديث أنس وأبي هريرة وعائشة وابن عباس وسعد وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وغيرهم:
حفظ عشر آيات من آخر سورة الكهف حفظاً عملياً يعصم من فتنة الدجال
قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي والاستعاذة من الدجال متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أبو داود، حدثنا حفص بن عمر، حدثنا همام، عن قتادة، حدثنا سالم بن أبي الجعد، عن معدان، عن أبي الدرداء يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حَفِظَ عَشْر آياتٍ من سُورةِ الكَهْفِ عصِمَ مِن فتنةِ الدجَّالِ".
قال أبو داود: كذا قال هشام عن دستواي عن قتادة إِلا أنه قال من حفظ من خواتيم، وقال شعبة عن قتادة من آخر الكهف، وقد رواه مسلم من حديث همام وهشام وشعبة عن قتادة بألفاظ مختلفة، وقال الترمذي: حسن صحيح وفي بعض روايات الثلاث: "آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال". وكذلك رواه عن روح عن سعيد عن قتادة بمثله، ورواه عن حسين عن شعبان عن قتادة كذلك، وقد رواه عن غندر وحجاج عن شعبة عن قتادة بمثله، ورواه عن حسين شعبان عن قتادة كذلك، وقد رواه عن غندر وحجاج عن شعبة عن قتادة وقال: "من حفظ عشر آيات من آخر سورة الكهف عصم من فتنة الدجال".
وكذلك الابتعاد منه كما تقدم في حديث عمران بن حصين: "منْ سَمِعَ مِنَ الدجالِ فَلَسْنَا مِنْه".
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ المؤمنَ ليأتِيهِ وهو يَحْسِبُ أنَّه مُؤمنٌ فَيَتَّبعَهُ مما يبعت بهِ منَ الشُبُهَات".
سكنى المدينة ومكة المشرفتين تعصم من فتنة الدجال
ومما يعصم من فتنة الدجال الذي سكن المدينة ومكة شرفهما الله تعالى، فقد روي في البخاري ومسلم من حديث الإِمام مالك عن نعيم المجمر عن نعيمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عَلَى انْقَابِ المدينة مَلاَئكةٌ لا يدخلها الطاعونُ ولا الدجال".
وقال البخاري: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، حدثني إبراهيم بن سعيد عن أبيه، حدثني أبو بكر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل المدينةَ رُعْبُ المسيح الدجالِ لها يومئذ سَبْعَةُ أبْوابٍ على كل بابٍ ملكان".
وقد روي هذا من غير وجه عن جماعة من الصحابة منهم أبو هريرة، وأنس بن مالك وسلمة بن الأكوع ومحجن بن الأدرع كما تقدم.
وقال الترمذي: حدثنا عبده بن عبد الله الخزاعي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا شعبة عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتِي الدجالُ المدينةَ فيجدُ الملائكةَ يَحْرُسُونَها فلا يدخلها الطاعون ولا الدجال إِن شاءَ الله".
وأخرجه البخاري، عن يحيى بن موسى وإسحاق بن أبي عيسى عن يزيد بن هارون ومحجن وأسامة وسمرة بن جندب رضي الله عنهم أجمعين. وقد ثبت في الصحيح: "أنَّهُ لا يدخلُ مكةَ ولا المدينةَ تَمْنَعهُ الملائكةُ" لشرف هاتين البقعتين فهما حرمان آمنان منه وإنما إذا نزل نزل عند سبخة المدينة فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات إما حساً أو معنى على القولين فيخرج منها كل منافق ومنافقة ويومئذ تنفي المدينة خبثها ويسطع طيبها كما تقدم في الحديث والله أعلم.
تلخيص سيرة الدجال لعنه اللّه
هو رجل من بني آدم خلقه الله تعالى ليكون محنة للناس في آخر الزمان: "يُضِلُ به كَثِيراً ويَهْدِي به كَثِيراً وَمَا يُضِل بِهِ إِلاَّ الفَاسِقِينَ".
وقد روى الحافظ أحمد بن علي الآبار في تاريخه من طريق مجالد، عن الشعبي أنه قال: كنية الدجال أبو يوسف، وقد روى عمر بن الخطاب وأبو داود جابر بن عبد الله وغيرهم من الصحابة وغيرهم كما تقدم أنه ابن صياد، وقد قال الإِمام أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي يزيد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَمْكُثُ أبَوَا الدجالِ ثلاثين عاماً لا يُولدُ لهما غًلام ثمَّ يولَدُ لَهُمَا بَعْد الثَلاثِينَ غُلام أعوَرُ أضَر شَيْءٍ وأقَلُهُ نَفْعاً تَنَام عَيْناهُ ولاَ يَنَامُ قَلْبَه".
ثم نعت أبويه فقال: "أبوه رجل مضطرب اللحم طويل الأنف كأن أنفه منقار وأمه امرأة عظيمة الثديين ثم بلغنا أن مولوداً من اليهود ولد بالمدينة قال: فانطلقت والزبير بن العوام حتى دخلنا على أبويه فوجدنا فيهما نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا هو منجدل في الشمس في قطيفة يهمهم فسألنا أبويه فقالا: مكثنا ثلاثين عاماً لا يولد لنا، ثم ولد لنا غلام أعور أضر شيء وأقله نفعاً، فلما خرجنا مررنا به فقال: عرفت ما كنتما فيه. قلنا: وسمعت? قال: نعم. إنه تَنَام عَيْنَاي وَلا يَنَامُ قلْبِي فإذا هُو ابْن صَيَّادٍ.
وأخرجه الترمذي من حديث حماد بن سلمة، وقال حسن قلت بل منكم جداً واللهَ أعلم.
وقد كان ابن صياد من يهود المدينة ولقبه عبد الله، ويقال صاف، وقد جاء هذا وهذا وقد يكون أصل اسمه صاف ثم تسمى لما أسلم بابن عبد الله، وقد كان ابنه عمارة بن عبد الله من سادات التابعين، وروى عنه مالك وغيره، وقد قدمنا أن الصحيح أن الدجال غير ابن صياد وأن ابن صياد كان دجالاً من الدجاجلة ثم تاب بعد ذلك فأظهر الإِسلام والله أعلم بضميره وسيرته، وأما الدجال الأكبر فهو المذكور في حديث فاطمة بنت قيس الذي روته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تميم الداري وفيه قصة الجساسة ثم يؤذن له في الخروج في آخر الزمان بعد فتح المسلمين مدينة الروم المسماة بقسطنطينية فيكون بدء ظهوره من أصبهان من حارة منها يقال لها اليهودية وينصره من أهلها سبعون ألف يهودي عليهم الأسلحة والتيجان وهي الطيالسة الخضراء، وكذلك ينصره سبعون ألفاً من التتار وخلق من أهل خراسان فيظهر أولاً في صورة ملك من الملوك الجبابرة ثم يدعي النبوة ثم يدعي الربوبية، فيتبعه على ذلك الجهلة من بني آدم والطغام من الرعاعٍ والعوام، ويخالفه ويرد عليه من هدى الله من عباده الصالحين وحزب الله المتقين، يأخذ البلاد بلداً بلداً وحصناً حصناً وإقليماً إقليماً وكورة كورة، ولا يبقى بلد من البلاد إلا وطئه بخيله ورجله غير مكة والمدينة، ومدة مقامه في الأرض أربعون يوماً يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيام الناس هذه ومعدل ذلك سنة وشهران ونصف شهر، وقد خلق الله تعالى على يديه خوارق كثيرة يضل بها من يشاء من خلقه ويثبت معها المؤمنون فيزدادون بها إيماناً مع إيمانهم، وهدى إلى هداهم، ويكون نزول عيسى ابن مريم مسيح الهدىَ فى أيام المسيح الدجال مسيح الضلالة، على المنارة الشرقية بدمشق فيجتمع عليه المؤمنون ويلتف به عباد الله المقتون، فيسير بهم المسيح عيسى ابن مريم قاصداً نحو الدجال، وقد توجه نحو بيت المقدس فيدركهم عند عقبة أفيق فينهزم منه الدجال فيلحقه عند مدينة باب لد، فيقتله بحربته وهو داخل إليها ويقول إن لي فيك ضربة لن تفوتني، وإذا واجهه الدجال ينماع كما يذوب الملح في الماء فيتداركه فيقتله بالحربة بباب لدّ، فتكون وفاته هناك لعنه الله كما دلت على ذلك الأحاديث الصحاح من غير وجه كما تقدم وكما سيأتي.
وقد قال الترمذي: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث عن عمر بن شهاب أنه سمع عبد الله بن عبد الله ابن ثعلبة الأنصاري يحدث عن عبد الرحمن بن يزيد الأنصاري من بني عمرو بن عوف سمعت عمي مجمع بن جارية يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يَقْتُل ابنُ مَرْيَمَ الدجالَ بِبَابِ لُدّ".
وقد رواه أحمد، عن أبي النضر، عن الليث به، وعن سفيان بن عيينة عن الزهري به. وعن محمد بن مصعب عن الأوزاعي عن الزهري، وعن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري فهو محفوظ من حديثه وإسناده من بعده ثقات، وكذا قال الترمذي بعد روايته له وهذا حديث صحيح قال: وفي الباب عن عمران بن حصين ونافع بن عتبة وأبي برزة وحذيفة بن أسيد وأبي هريرة وكيسان وعثمان بن أبي العاص وجابر وأبي أمامة وابن مسعود وعبد الله بن عمرو وسمرة بن جندب والنواس بن سمعان وعمرو بن عوف وحذيفة بن اليمان، وروى أبو بكر بن أبي شيبة عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن عمر سأل يهودياً عن الدجال فقال: "وُلدَ يَهودِياً لِيَقْتلَه ابْنُ مَرْيَمَ بِبَابِ لُد".
صفة الدجال قبحه اللّه

قد تقدم في الأحاديث أنه أعور وأنه أزهر هجين وهو كثير الشعر، وفي بعض الأحاديث أنه قصير وفي حديث أنه طويل، وجاء أن ما بين أذني حماره أربعون ذراعاً كما تقدم، وفي حديث جابر ويروى في حديث آخر سبعون باعاً ولا يصح وفي الأول نظر، وقال عبدان في كتاب معرفة الصحابة روى سفيان الثوري عن عبد الله بن ميسرة عن حوط العبدي عن مسعود قال: "إذن حمار الدجال يظل سبعون ألفاً" قال شيخنا الحافظ الذهبي: خوط مجهول والخبر منكر وإنه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن وإن رأسه ممن ورائه حبك حبك، وقال حنبل بن إسحاق: حدثنا حجاج، حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة قال: دخلت المسجد فإذا الناس قد تكابوا على رجل فسمعته يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِن بعدي الكذاب المضل وإن رأسه من ورائه حبك حبك".
وتقدم له شاهد من وجه آخر، ومعنى حبك أي جعد حسن كقوله تعالى: "والسَّمَاءِ ذَاتِ الحُبُكِ".
وقال الإِمام أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا المسعودي وأبو النضر، حدثنا المسعودي المعنّى عن عاصم ابن كليب عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خَرَجْتُ إِلَيْكُمْ وَقَدْ تَبَيَّنْتُ لَيْلَةَ الْقدْرِ وَمَسِيح الضلالةِ فَكان يُلوحُ بَيْنَ رَجُلَيْن بِسدَّةِ المسجد فأنَأيْتُهُمَا لأحْجُزَ بَيْنَهَا فأنْسِيتُهًمَا، وأمَّا لَيْلَةُ الْقَدْرِ فالتمسوها في العَشْر الأواخِر وتْراً، وأمَّا مَسِيحُ الضلالة فإِنه أعورَ العين أجْلَى الجَبْهَةِ عَرِيض النَّحرِ فيه دفا كَأنَّه قَطَنُ بن عبدِ العُزَّى قَالَ: يا رسول الله، هل يضرني شبهه? قال: لا. أنْتَ امرءٌ مسلمٌ وهو رجلٌ كافر".
تفرّد به أحمد وإسناده حسن، وقال الطبراني: حدثنا أبو أشعب الحراني حدثنا إسحاق بن موسى رحمه الله، وحدثنا محمد بن شعيب الأصبهاني، حدثنا سعيد بن عنبسة قالا: حدثنا سعيد بن محمد الثقفي، حدثنا خلاد بن صالح، أخبرني سليمان بن شهاب القيسي قال: نزل على عبد الله بن مغنم وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الدجالُ ليس به خَفَاء إنه يَجِيءُ من قِبَلَ المشْرِق فَيَدْعُو إلى حق فَيُتَّبَعُ، ويَذْهَبُ للناس فيقاتلُهم فَيَظْهَرُ عليهم، فلا يَزَال على ذلك حتى يَقْدُمَ الكوفة، فَيُظْهرُ دينَ اللهِ، ويعملُ بِهِ، فَيُتَّبَعُ ويُحب على ذلكَ، ثم يقول بعد ذَلكَ إني نَبي فَيَفْزَعُ من ذلك كل ذِي لُبّ ويُفَارِقُه، ويَمكث بعد ذلك ثم يَقول: أنا الله فَيَغْمِسُ اللَّهُ عينيه، ويقطعُ أذنيْه، ويُكْتب بين عينيه كافرٌ، فلا يخفَى على كل مسلم، فيفارقهُ كل أحد من الخَلْق في قَلبِهِ مِثْقَالُ حَبَةُ خَرْدَلٍ من إِيمانٍ، ويكون من أصحابِهِ اليهودُ والمجوسُ والنَصَارَى وهذِه الأعاجمُ من المشركين ثم يدعو برجل فيما يَرَوْنَ فَيَأمُرُ بِهِ فَيُقْتَلُ ثُمَ يُقطَّعُ أعضاءَ كلُّ عُضْوٍ على حدَةٍ فيفرَّقُ بينهما حتى يَرَاهَا الناس، ثم يُجْمع بَينها ثم يضربه بِعصاه فإذا هو قائم فيقول الدجال: أنا الله أحيي وأميت.
وذلك سحر يسحر به الناس ليس يصنع من ذلك شيئاً.
قال شيخنا الذهبي ورواه يحيى بن موسى عن سعيد بن محمد الثقفي وهو واه. وعن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال في الدجال: "هو صافي بن صائد يخرج من يهودية أصبهان على حمار أبتر ما بين أذنيه أربعون ذراعاً وما بين حافره إلى الحافر الأخصر أربع ليال يتناول السماء بيده أمامه جبل من دخان وخلفه جبل آخر مكتوب بين عينيه كافر يقول أنا ربكم الأعلى" أتباعه أصحاب الرياء وأولاد الزنا، رواه أبو عمرو الداني في كتاب الدجال ولا يصح إسناده.
خبر عجيب ونبأ غريب
قال نعيم بن حماد في كتاب الفتن: حدثنا أبو عمرو، عن عبد الله بن لهيعة، عن عبد الوهاب بن حسين، عن محمد بن ثابت، عن أبيه، عن الحارث، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بين أذني الدجال أربعون ذراعاً، وخطوة حماره مسيرة ثلاثة أيام، يخوض البحر كما يخوض أحدكم الساقية، ويقول: أنا رب العالمين وهذه الشمس تجري بإذني أفتريدون أن أحبسها? فيقولون: نعم فيحبسها حتى يجعل اليوم كالشهر واليوم كالجمعة ويقول: أتريدون أن أسيرها? فيقولون: نعم، فيجعل اليوم كالساعة? وتأتيه المرأة فتقول: يا رب أخي وابني وأخي وزوجي، حتى إنها تعانق شيطاناً وبيوتهم مملوءة شياطين ويأتيه الأعراب فيقولون: يا رب إحي لنا إبلنا وغنمنا? فيعطيهم شياطين أمثال إبلهم وغنمهم سواء بالسن فيقولن: لو لم يكن هذا ربنا لم يحي لنا موتانا ومعه جبل من برق وعراق وجبل من لحم حار ولا يبرد ونهر جار، وجبل من جنان وخضرة وجبل من نار ودخان يقول: هذه جنتي وهذه نادري وهذا طعامي وهذا شرابي، واليسع عليه السلام معه، ينذر الناس فيقول: هذا المسيح الكذاب فاحذوره لعنه الله ويعطيه الله من السرعة والخفة ما لا يلحقه الدجال فإذا قال: أنا رب العالمين قال له الناس كذبت، ويقول اليسع: صدق الناس فيمر بمكة فإذا هو بخلق عظيم فيقول من أنت? فيقول: أنا جبريل. وبعثني الله لأمنعك من حرم رسوله فيمر الدجال بمكة فإذا رأى ميكائيل ولّى هارباً ويصبح فيخرج إليه من مكة منافقوها ومن المدينة كذلك ويأتي النذير إلى الذين فتحوا قسطنطينية ومن تآلف من المسلمين ببيت المقدس قال: فيتناول الدجال منهم رجلاً ثم يقول: هذا الذي يزعم أني لا أقدر عليه? فاقتلوه، فينشر ثم يقول: أنا أحييه، فيقول: قمٍ فيقوم بإذن الله ولا يأذن لنفس غيرها فيقول: أليس قد أمتك ثم أحييتك? فيقول: الآن أزيد لك تكذيباً بشرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنك تقتلني ثم أحيا بإذن الله فيوضع على جلده صفائح من نحاس ثم يقول: اطرحوه في ناري، فيحول الله ذلك على النذير فيشك الناس فيه ويبادر إلى بيت المقدس فإذا صعد على عقبة أفيق وقع ظلمه على المسلمين ثم يسمعون أن جاءكم الغوث فيقولون: هذا كلام رجل شبعان وتشرق الأرض بنور ربها وينزل عيسى ابن مريم ويقول يا معشر المسلمين احذروا ربكم وسبحوه فيفعلون، ويريدون الفرار فيضيق الله عليهم الأرض فإذا أتوا باب لدّ وافقوا عيسى فإذا نظر إلى عيسى يقول: أقم الصلاة، قال الدجال: يا نبي الله قد أقميت الصلاة، فيقول: يا عدو الله زعمت أنك رب العالمين فلمن تصلي? فيضربه بمقرعة فيقتله فلا يبقى أحد من أنصاره خلف شيء إلا نادى يا مؤمن هذا دجال فاقتله، إلى أن قال فيمنعون أربعين سنة لا يموت أحد ولا يمرض أحد، ويقول الرجل لغنمه: اذهبي الى السرح ولدي به وأرعي وتمر الماشية بين الزرع ولا تأكل منه سنبلة والحيات والعقارب لا تؤذي أحداً والسبع على أبواب الدور لا يؤذي أحداً ويأخذ الرجل المؤمن القمح فيبذره بلا حرث فيجيء منه سبعمائة فيمكثون كذلك حتى يكسر سد يأجوج ومأجوج فيمرحون ويفسدون ويستغيث الناس فلا يستجاب لهم، وأهل طور سيناء هم الذين فتح الله لهم القسطنطينهة فيدعون فيبعث الله دابة من الأرض ذات قوائم فتدخل في آذانهم، فيصبحون موتى أجمعين وتنتن الأرض منهم، فيؤذون الناس بنتنهم أشد من حياتهم، فيستغيثون بالله فيبعث الله ريحاً يمانية غبراء فتصير على الناس غماً ودخاناً ويقع عليهم الزكمة ويكشف ما بهم بعد ثلاث، وقد قذفت جيفهم في البحر، ولا يلبثون إلاّ قليلاً حتى تطلع الشمس من مغربها وقد جفت الأقلام وطويت الصحف، ولا يقبل من أحد توبة، ويخر إبليس ساجداً ينادي إلهي مرني أن أسجد لمن شئت، ويجتمع إليه الشياطين فيقولون: يا سيدنا إلى من تفزع? فيقول: إنما سألت ربي أن ينظرني إلى يوم البعث وقد طلعت الشمس من مغربها، وهذا هو الوقت المعلوم، وتصير الشياطين ظاهرة في الأرض حتى يقول الرجل هذا قريني الذي كان يغريني فالحمد لله الذي أخزاه، ولا يزال إبليس ساجداً باكياً حتى تخرج الدابة فتقتله وهو ساجد، ويتمتع المؤمنون بعد ذلك أربعين سنة لا يتمنون شيئاً إلا أعطوه، ويترك المؤمنون حتى يتم أربعون سنة بعد الدابة ثم يعود فيهم الموت ويسرع فلا يبقى مؤمن، ويقول الكافر: ليس تقبل منا توبة، يا ليتنا كنا من
المؤمنين، فيتهارجون في الطرق تهارج الحمر، حتى ينكح الرجل أمه في وسط الطريق، يقوم واحد وينزل آخر، وأفضلهم من يقول لو تنحيتم عن الطريق كان أحسن، فيكونون على ذلك، ولا يولد أحد من نكاح ثم يعقم الله النساء ثلاثين سنة فيكونرن كلهم أولاد زنا شرار الناس عليهم تقوم الساعة".منين، فيتهارجون في الطرق تهارج الحمر، حتى ينكح الرجل أمه في وسط الطريق، يقوم واحد وينزل آخر، وأفضلهم من يقول لو تنحيتم عن الطريق كان أحسن، فيكونون على ذلك، ولا يولد أحد من نكاح ثم يعقم الله النساء ثلاثين سنة فيكونرن كلهم أولاد زنا شرار الناس عليهم تقوم الساعة".
كذا رواه الطبراني، عن عبد الرحمن بن حاتم المرادي، عن نعيم بن حماد فذكره.
حديث مرفوض
قال شيخنا الحافظ الذهبي إجازة إن لم يكن سماعاً: أخبرنا أبو الحسن اليونيني، أخبرنا عبد الرحمن حضوراً، أخبرنا عتيق بن مصيلاء، أخبرنا عبد الواحد بن علوان، أخبرنا عمرو بن دوسة، حدثنا أحمد بن سلمان النجاد، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا أبو سلمة النوذكي، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا علي بن زيد عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدجال يتناول السحاب ويخوض البحر الى ركبته ويسبق الشمس إلى مغربها وتسير معه الآكام وفي جبهته قرن مكسور الطرف، وقد صور في جسده السلاح كله حتى الرمح والسيف والدرق".
قلت للحسن: يا أبا سعيد ما الدرق? قال: الترس. قال شيخنا: هذا من مراسيل الحسن وهي ضعيفة.
حديث خرافة
قال ابن مندة في كتاب الإيمان: حدثنا محمد بن الحسين المدني، حدثنا أحمد بن مهدي، حدثنا سعيد بن سليمان بن سعدون، حدثنا خلف بن خليفة عن أبي مالك الأشجعي عن ربعي عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أعلم بما مع الدجال منه، معه نهران أحدهما نار تأجج في عين من يراه، والآخر ماء أبيض، فمن أدركه منكم فليغمض عينيه وليشرب من نهر النار الذي معه فإِنه ماء بارد، وإياكم والآخر فإنه فتنة، واعلموا أنه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه من كتب ومن لم يكتب، وأن إحدى عينيه ممسوحة عليها ظفرة، وأنه مطلع من آخر عمره على بطن الأردن على ثنية فيق، وكل أحد يؤمن بالله واليوم الآخر ببطن الأردن، وأنه يقتل من المسلمين ثلثاً ويهزم ثلثاً يبقى ثلث فيحجز بينهم الليل، فيقول بعض المؤمنين لبعض: ما تنظرون? ألا تريدون أن تلحقوا بإخوانكم في مرضاة ربكم? من كان عنده فضل طعام فليعد به على أخيه، وصلوا حين ينفجر الفجر وعجلوا الصلاة، ثم أقبلوا على عدوكم، قال: فلما قاموا يصلون نزل عيسى وإمامهم يصلي بهم، فلما انصرف قال هكذا: فرحوا بيني وبين عدو الله. قال: فيذوب كما يذوب الملح في الماء فيسلط عليهم المسلمين فيقتلونهم حتى إن الحجر والشجر ينادي يا عبد الله يا مسلم، هذا يهودي فاقتله، ويظهر المسلمون فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير وتوضع الجزية، فبينما هم كذلك إذ أخرج الله يأجوج ومأجوج، فيشرب أولهم، ويجيء آخرهم وقد انتشفوا فما يدعون منه قطرة، فيقولون: هاهنا أثر ماء، ونبي الله وأصحابه وراءهم حتى يدخلوا مدينة من مدائن فلسطين يقال لها باب لدّ فيقولون ظهرنا على من في الأرض، فتعالوا نقتل من في السماء، فيدعو الله نبيه بعد ذلك فيبعث الله عليهم قرحة فى حلوقهم فلا يبقى منهم بشر، ويؤذي ريحهم المسلمين، فيدعو عيسى عليهم، فيرسل الله عليهم ريحاً تقذفهم في البحر أجمعين".
قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي: هذا إسناد صالح. قلت: وفيه سياق غريب وأشياء منكرة والله تعالى أعلم.
ذكر نزول عيسى ابن مريم رسول اللّه من سماء الدنيا إِلى الأرض في آخر الزمان
قال الله تعالى: "وقَولهِمْ إنَّا قَتَلَنَا الْمَسِيحَ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ رسول الله وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ ولكِنْ شبهَ لَهُمْ وَإنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِن عِلْم إلاَّ اتبَاعَ الظَّن وَمَا قَتَلوهُ يَقِيناً بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً".
قال ابن جرير في تفسيره: حدثنا بن يسار، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان عن أبي حصين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: "وإنْ مِنْ أهل الكِتَابِ إِلاَّ ليُؤمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْته".
قال: قبل موت عيسى ابن مريم. وهذا اسناد صحيح وكذا ذكر العوفي عن ابن عباس.
هل مات عيسى عليه السلام أو رفع حياً إلى السماء?
وقال أبو مالك: "إن من أهل الكتاب إلاَّ ليؤمنن به قبل موته" ذلك عند نزول عيسى ابن مريم، وإنه الآن حي عند الله، ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعين رواه بن جرير، وروى ابن أبي حاتم عنه أن رجلاً سأل الحسن عن قوله تعالى: "وأن من أهل الكتاب إِلا ليؤمنن به قبل موته" فقال: قبل موت عيسى إن الله رفع إليه عيسى وهو باعثه قبل يوم القيامة مقاماً يؤمن به البر والفاجر، وهكذا قال قتادة بن دعامة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغير واحد وهو ثابت في الصحيحين عن أبي هريرة كما سيأتي موقوفاً وفي رواية مرفوعاً والله تعالى أعلم.
والمقصود من السياق الإخبار بحياته الآن في السماء وليس كما يزعمه أهل الكتاب الجهلة أنهم صلبوه بل رفعه الله إليه، ثم ينزل من السماء قبل يوم القيامة كما دخلت عليه الأحاديث المتواترة مما سبق في أحاديث الدجال ومما سيأتي أيضاً وبالله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إِلا بالله العزيز الحكيم العلي العظيم الذي لا إله إِلا هو رب العرش الكريم.
وقد روي عن ابن عباس وغيره أنه أعاد الضمير في قوله قبل موته على أهل الكتاب، وذلك لو صح لكان منافياً لهذا، ولكن الصحيح من المعنى والإسناد ما ذكرناه وقد قررناه في كتاب التفسير بما فيه كفاية ولله الحمد والمنة.
ذكر الأحاديث الواردة في غير ما تقدم
قال مسلم: حدثنا عبد الله بن معاذ العنبري، حدثنا أبي، حدثنا شعبة عن النعمان بن سالم سمعت يعقوب بن عاصم بن عروة يقول: سمعت عبد الله بن عمرو وقد جاءه رجل فقال: ما هذا الحديث الذي تحدث به? تقول: إن الساعة تقوم إلى كذا وكذا فقال: سبحان الله أو لا إله إلا الله أو كلمة نحوها، لقد هممت أن لا أحدث أحداً شيئاً أبداً إنما قلت إنكم سترون بعد قليل أمراً أعظماً يحزن ويكون، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يخرج الدَّجَّالُ في أمَتي فَيَمْكُثُ أرْبَعِينَ يَوْماً أوْ أرْبَعِينَ شَهْراً أوْ أرْبَعِينَ عَاماً، فَيَبْعَثُ اللَّهُ عيسى ابنَ مريم كأنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُود فَيَطْلُبُهُ فيُهْلِكُهُ، ثم يَمْكُثُ الناسُ سَبْع سِنِينَ لَيْسَ بَيْن اثْنَيْن عَدَاوَةُ، ثمَّ يُرْسِلُ الله رِيحاً بارِدَةً من قِبَل الشام فلا يَبْقَى عَلَى وَجهِ الأرض أحَد في قَتْبِهِ مِثْقَالُ ذَرّة مِنْ خَيْرِ أوْ إيمان إلأَ قَبَضَتْهُ، حَتى لَوْ أنَّ أحَدَكُمْ دَخَلَ في كَبَدِ جَبَل لَدَخَلَتْه عَلَيْهِ حَتَّى تَقْبِضَهُ قال: سَمَعتُ من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: فَيَبْقَى شِرَارُ الناس في خِفَّةِ الطَّيْرِ وأحْلاَم السبَاع لا يُعْرِفونَ مَعْرُوفاً ولا يُنْكِرُونَ مُنْكِراً فَيَتَمَثَّلُهُمْ الشيطانُ فَيَقُولُ: ألاَ تَسْتجِيبُونَ? فَيَقُولُونَ: فَمَا تأمُرُنَا? فَيَأمُرُهُم بِعِبَادَةِ الأوْثَانِ، وَهُمَ في ذَلِكَ دَار رِزْقُهُمْ، حَسَن عَيشُهُمْ، ثُم يُنْفَخُ في الصورِ فَلاَ يَبْقَى أحدٌ إلاَّ أصْغَى ليتاً وَرَفَعَ ليتاً قَالَ: وأوَل مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلَ يَلُوطُ حَوْضَ إبلهِ، قال: فَيُصْعَقُ ويُصْعَقُ الناسُ، ثمّ يُرْسِلُ اللَّهُ أو قَالَ: يُنزِل اللهُ مَطَراً كَأنَهُ الطَل أو الظل- نُعْمان الشاكُ فَيَنْبتَ مِنْه أجْسَادُ الناس ثم يُنْفَخُ فيه مرة اخرى فإذا هم قيَام يَنْظُرُون ثم يقال: يا أيها الناس هَلُموا إلى ربكم "وقفُوهُمْ إنَّهُمُ مَسْئُولُونَ".
"ثم يقال أخرجوا مِنَ النار، فيقال: مِنْ كَمْ? فيقال: مِنْ كُل ألْف تِسْعُمَائةٍ وتسعٌ وتسعون، قال: وذلك يوم يَجْعَلُ الوالدان شِيباً، ويَوْمَ يُكْشَفُ عن سَاق".
بعض العجائب قبل قيام الساعة
وقال الإمام أحمد: حدثنا شريح، حدثنا فليح، عن الحارث، عن فضيل، عن زياد بن سعد، عن
أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينزل ابْنُ مَرْيَمَ إمَاماً عَادِلاً وحَكَماً مُقْسِطاً فيكسر الصليبَ وَيَقْتُل الخنزير ويرجع السلم ويتخذ السيوف مناجل ويذهِب جمة كل ذاتِ جمة. وينزِل مِن السماءِ رِزقها، وَتَخْرُجُ مِنَ الأرض بَرَكَتُها، حَتَى يَلعَبَ الصَّبي بِالثعْبَانِ وَلاَ يَضُرُّه، وَتَرْعَى الْغَنَمُ والذِّئْبُ وَلاَ يَضُرها، وَيَرْعَى الأسَدُ وَالبَقَرُ وَلاَ يَضُرُّها". تفرّد به أحمد وإسناده جيد قوي صالح.
قبل قيام الساعة تقل العبادة وتكثر الأموال:
وقال البخاري: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثني يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً فيكسر الصليب، ويَقْتُل الخنزير ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يَقْبَلَه أحد، وحتى تكون السجدة خيراً من الدنيا وما فيها" ثم يقول أبو هريرة واقرءوا إن شئتم: "وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً".
وكذلك رواه مسلم عن حسن الحلواني وعبد بن حميد كلاهما عن يعقوب بن إبراهيم به وأخرجاه أيضاً من حديث ابن عيينة والليث بن سعد عن الزهري به.
وروى أبو بكر بن مردويه من طريق محمد بن أبي حفص عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن يكون فيكم ابن مريم حكماً عدلاً يقتل الدجال ويقتل الخنزير ويكسر الصليب ويضع الجزية، ويفيض المال، وثكون السجدة الواحدة لرب العالمين خيراً من الدنيا وما فيها" قال أبو هريرة واقرءوا إن شئتم "وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته" موت عيسى ابن مريم ثم يعيدها أبو هريرة ثلاث مرات.
قال الإمام أحمد حدثنا يزيد حدثنا سفيان وهو بن حصين عن الزهري عن حنظلة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينزل عيسى ابن مريم فيقتل الخنزير ويمحو الصَلِيبَ وتجمع له الصلاة ويُعطِي المال حَتى لا يقْبَل ويَضَعُ الخَرَاجَ فينزل بالروحاءَ فيحج منهما أو يعتمر أو يجمعهما قال: وتلا أبوهريرة: "وإن مِنْ أهْل الكِتَابِ إلأَ ليُؤمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتهِ ويَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شهيداً".
فيزعم حنظلة أن أبا هريرة قال: يؤمن به قبل موت عيسى فلا أدري أهذا كان حديث النبي صلى الله عليه وسلم أو شيئاً قاله أبو هريرة? وروى أحمد ومسلمِ من حديث الزهري عن حنظلة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَيَمْكُثَنَّ عِيسى ابنُ مَرْيَمَ بالروْحَاءِ فيَقُومَنَّ مِنْهَا بالْحَج أوْ بِالْعُمْرَةِ أو اثنتَيْهمَا جَمِيعاً".
الأنبياء أخوة أبناء علات
وقال البخاري: حدثنا ابن بكير، حدثنا الليث، عن يونس، عن ابن شهاب، عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنتم إذا نزل فيكم عيسى ابن مريم وإمامكم منكم" ثم قال البخاري تابعه عقيل الأوزاعي.
وقد رواه الإمام أحمد، عن عبد الرازق، عن معمر، عن عثمان بن عمر، عن أبي ذؤيب كلاهما عن الزهري به، وأخرجه مسلم من حديث يونس الأوزاعي وابن أبي ذؤيب عن الزهري به.
قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا همام أخبرنا قتادة عن عبد الرحمن وهو ابن آدم مولى أم برين صاحب السقاية عن أبي هريرة أن رسول الله قال: "الأنْبِيَاءُ إخوَةٌ عَلاتٍ، أمَّهاتُهُمْ شَتى ودِينُهُمْ وَاحدُ، وإني أولى الناس بِعِيسى ابن مَرْيَمَ، لأنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْني وَبَيْنَهُ نَبِي، وإنَّهُ نَازِلٌ، فإذا رَأيْتُمُوه فَاعْرِفُوهُ، إِنَّه رَجُلٌ مَرْبُوع، إلى الحُمْرَة والبياض، عليه ثَوبَانِ مُمَصَّرانِ كان رأسه يَقْطُرُ ماءً، وإن لم يصِبْه بَلَل، فَيدُقُّ الصليب ويقتلَ الخنزيرَ، ويَضَع الجِزَى ويدعُو النَّاسَ إِلى الإِسلام، ويُهْلِكَ اللَّهُ في زَمَانِه الأمَمَ كلَّهَا إِلا الإِسلامَ، ويهلكُ اللَّهُ في زمانه المسيحَ الدجال، ثم تقع الأمَنَة عَلَى الأرض حتى تَرتع الأسُودُ مع الإِبل، والنمورُ مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات فيمكث أربعين سنة، ثم يُتَوَفَّىِ ويُصَلي عليه المسلمون".
وهكذا رواه أبو داود عن هدبة بن خالد عن همام بن يحيى عن قتادة، ورواه ابن جرير ولم يورد عند تفسيرها غيره عن بسر بن معاذ عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بنحوه وهذا إسناد جيد قوي.
النبي عليه السلام أولى الناس بعيسى ابن مريم
وروى البخاري، عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا أوْلَى النَّاس بِابن مريمَ والأنبياءُ أولادُ عًلاّتٍ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِي".
ثم روي عن محمد بن سفيان، عن فليح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة الأنبياءُ إِخوةٌ عُلات أمهاتهم شَتّى ودِينُهُم واحد".
ثم قال: وقال إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عن صفوان بن سليم، عن ابن يسار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فهذه طرق متعددة كالمتواترة عن أبي هريرة رضي الله عنه.
حديث ابن مسعود رضي اللّه تعالى عنه
قال الإِمام أحمد: حدثنا هشام بن العوام بن حوشب، عن جبلة بن سحيم، عن ابن عمارة، عن ابن مسعود، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لقيت ليْلة أسْرِيَ بي إبراهيم وموسَى وعيسى عليهم الصلاة والسلام قال فَتَذاكروا أمرَ الساعةِ فَردوا أمرهم إلى إبراهيم قال: لا علم لي بها، فردوا أمرَهم إلى مُوسى، فقال: لا علمَ لي بِها، فردوا أمرَهم إلى عيسى فقال أمّا حِينُهَا فلا يعلم به أحدٌ إلا اللَّهُ، وفيما عَهَدَ إليَّ ربّي عزَّ وجلَّ أن الدجال خارج ومعه قَضِيبانِ، فإذَا رآني ذَابَ كما يذوبُ الرصاص، قال: فَيَهْلِكُهُ الله إذا رآنيِ? حتى إن الحجر والشجر يقول يا مسلم إن تحتي كافراً تَعَالَ فَاقْتُلْهُ? قال: فيُهْلِكُهُم اللَّهُ عزَّ وجلَّ? ثم يرْجعُ الناسُ إلى بِلادِهم وأوطانهم، فعند ذلك يخرج يأجُوج ومأجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلّ حَدَب ينسِلُونَ فَيَطؤونَ بِلادهم? لاَ يَأتُونَ عَلَى شَيْءٍ إلاَّ أكَلُوهُ، وَلاَ يَمُرونَ عَلَى مَاءٍ إلا شرِبُوهُ? قال: ثم يرجع الناس يَشْكُونَ فأدْعُو الله عَليهم فَيُهْلِكُهُمْ? ويَميتُهُمْ حتى تَمْتَلِىءَ الأرضُ من نَتَن ريحِهِم ويُنزل الله المطرَ فيُغْرِقُ أجْسَادَهُمْ حَتّى يَقْذِفَهُمْ في البحرِ فَفِيمَا عهد إلي ربّي عزَّ وجلَّ: أن ذلك إذا كان كذلك فإن الساعة كالحامل المُتمِّ لاَ يدْرِي أهْلُهَا مَتَى تَفْجأهُم".
ورواه ابن ماجه، عن محمد بن يسار، عن يزيد بن هارون، عن العوام بن حوشب به نحوه.
صفة المسيح عيسى ابن مريم
رسول اللّه عليه السلام
صفة أهل آخر الزمان
ثبت في الصحيحين من حديث الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليلة أسري بي لقيت موسى فَنَعَتهُ فإذا رجل مُضْطَرِبُ أيْ طَوِيل رَجْلُ الرأس كأنه من رجالِ شَنُوءَةَ? قال ولقيت عيسى فَنَعَتهُ، قال فرأيته أحْمَرَ كأنَّه خرجَ من ديماس يعني حَمَاماً".
وللبخاري من حديث مجاهد، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيت موسى وعيسى وإبراهيم، فأما عيسى فأحمرُ جَعْد عريض الصدر، وأما موسى فأدَمُ جَسِيم سَبط كأنه من رجال الزط ".
ولهما من طريق موسى بن عتيبة، عن نافع، عن ابن عمر قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوماً بين ظهراني الناس المسيح الدجال فقال: "إنّ الله ليس بأعوَرَ? ألاَ إن المسيحَ الدجال أعورَ العين الْيُمْنى? كأن عينه عَنِبة طافيةُ? وأراني الله عند الكعبةِ في المنام رجُلاً آدمَ كأحسن ما يُرَى مِن أدْم الرجَالِ يَضْرِبُ لِمَّتَهُ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ? رَجْلَ الشَّعْرِ يقطرُ رأسَهُ ماءً واضعاً يديهِ عَلَى مِنْكَبَيّ رجلين وهوَ يَطوف بالبيت فقلت: مَنْ هَذَا? قالوا: هو المَسِيح ابنُ مَرْيَم، ورأيت رجلاً وراءَهُ قَطَطاً أعوَرَ العين اليمنى كأشْبَه مِن رَأيت بابن قطَن واضِعاً يَدَيهِ على مِنْكبي رجل يطوف بالبيت، فقلت: مَنْ هَذَا? قالوا: "المَسِيحُ الدجالُ". تابعه عبيد الله، عن نافع.
ثم روى البخاري، عن أحمد بن محمد المكي، عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن سالم
عن أبيه قال: لا والله ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعيسى أحمر، ولكن قال: "بَيْنَمَا أنا نائمِ أطوف بالكعبة وإذا رجل آدَمُ سَبْطُ الشّعرِ يُهَوِّدُ بين رجلين يَنْطِف رأسهُ ماءً أو يُهْرِق ماء فقلت: من هذا? قالوا: هذا المسيح ابْنُ مَريمْ، فَذَهبت ألتفت فإذا رجل أحمرُجسيمٌ جَعْدُ الرأس? أعوَرُ الْعَيْن اليمنى كأن عينه عنبة طافِيةٌ? قلت: مَن هَذا? قالوا: الدجالُ: وأقرب الناس به شبهاً ابْنُ قطن قال الزهري: ابن قطن رجل من خزاعة هلك في الجاهلية وتقدم في حديث النواس بن سمعان "فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمَشقَ في مهْرُودَتَيْن واضعاً كفيه على أجنحة ملكين? إذا طأطأ رأسه قَطَر وإذا رفعهُ تحدَّر منه مثل جُمَانِ اللؤلؤ، ولا يحِل لكافر يجد ريح نَفَسِه إلا مَاتَ? ونَفَسُهُ يَنْتَهي حَيْثُ يَنْتَهي طَرْفه ".
هذا هو الأشهر في موضع نزوله أنه على المنارة البيضاء الشرقية بدمشق? وقد رأيت في بعض الكتب أنه ينزل على المنارة البيضاء شرقي جامع دمشق فلعل هذا هو المحفوظ، وتكون الرواية فينزل على المنارة البيضاء الشرقية بدمشق فتصرف الراوي في التعبير بحسب ما فهم، وليس بدمشق منارة تعرف بالشرقية سوى التي إلى شرق الجامع الأموي، وهذا هو الأنسب والأليق، لأنه ينزل وقد أقيمت الصلاة فيقول له: يا إمام المسلمين، يا روح الله، تقدم، فيقول: تقدم أنت فإنها أقيمت لك، وفي رواية بعضكم على بعض أمراء، يكرم الله هذه الأمة، وقد جدد بناء المنارة في زماننا في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة من حجارة بيض، وكان بناؤها من أموال النصارى الذين حرقوا المنارة التي كانت مكانها، ولعل هذا يكون من دلائل النبوة الظاهرة حيث قيض الله بناء هذه المنارة البيضاء من أموال النصارى حتى ينزل عيسى ابن مريم عليها فيقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ولا يقبل منهم جزية، ولكن من أسلم قبل من إسلامه وإلاّ قتل، وكذلك حكم سائر كفار الأرض يومئذ، وهذا من باب الإِخبار عن المسيح بذلك، والتشريع له بذلك فإنه إنما يحكم بمقتضى هذه الشريعة المطهرة، وقد ورد في بعض الأحاديث كما تقدم أنه ينزل ببيت المقدس، وفي رواية بالأردن، وفي رواية بعسكر المسلمين وهذا في بعض روايات مسلم كما تقدم والله أعلم.
وتقدم في حديث عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة: "وإنه نازل? فإذا رأيتموه فاعرفوه? رجل مَرْبُوعٌ إلى الحُمْرَةِ والبياض? عليه ثَوْبَانُ ممَصَّرانِ? كأنّ رأسه يَقْطُرُ? وإِن لم يصبه بَلَلٌ فيدق الصليب? ويقتل الخنزيرة ويضع الجزيةَ، ويدعو الناس إلى الإِسلام، ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام? ويهلك الله في زمانه المسيحَ الدجالَ? ثم تقع الأمَنَة على الأرض حتى يرتع الأسد مع الإِبل? والنَّمورُ مع البقر? والذئاب مع الغنم ويلعب الصبي بالحيات لا تضره، فيمكث أربعين سنة ثم يتوفى ويصلّي عليه المسلمون".
رواه أحمد وأبو داود هكذا وقع في الحديث أنه يمكث في الأرض أربعين سنة، وثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر أنه يمكث في الأرض سبع سنين فهذا مع هذا مشكل، اللهم إلا إذا حملت هذه السبع على مدة إقامته بعد نزوله وتكون مضافة إلى مدة مكثه فيها قبل رفعه إلى السماء، وكان عمره إذ ذاك ثلاثاً وثلاثين سنة على المشهور والله أعلم.
وقد ثبت في الصحيح أن يأجوج ومأجوج يخرجون في زمانه ويهلكهم الله ببركة دعائه في ليلة واحدة كما تقدم. وكما سيأتي وثبت أنه يحج في مدة إقامته في الأرض بعد نزوله.
وقال محمد بن كعب القرظي في الكتب المنزلة "أن أصحاب الكهف يكونون حوارييه وأنهم يحجون معه ".
ذكر القرطبي في الملاحم في آخر كتابه التذكرة في أحوال الآخرة: "وتكون وفاته بالمدينة النبوية فيصلي عليه هنالك ويدفن بالحجرة النبوية أيضاً" وقد ذكر ذلك الحافظ أبو القاسم بن عساكر.
ورواه أبو عيسى الترمذي في جامعه، عن عبد الله بن سلام فقال في كتاب المناقب:
حدثنا زيد بن أحزم الطائي النضري، حدثنا أبو قتيبة مسلم بن قتيبة، حدثنا مودود المديني، حدثنا عثمان بن الضحاك، عن محمد بن يوسف، عن عبد الله بن سلام، عن أبيه عن جده قال: مكتوب في التوراة صفة محمد وأن عيسى ابن مريم يدفن معه قال، فقال أبو مودود: "وقد بقي في البيت موضع قبر" هذا حديث حسن غريب. هكذا قال عثمان بن الضحاك والمعروف الضحاك بن عثمان المديني التجيبي ما ذكره الترمذي رحمه الله تعالى.
ذكر خروج يأجوج ومأجوج
ذلك في أيام عيسى ابن مريم بعد قتله الدجال فيهلكهم الله أجمعين في ليلة واحدة ببركة دعائه عليهم قال الله تعالى: "حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأجُوجُ وَمَأجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَة أبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ" الأنبياء: 96-97.
وقال تعالى في قصة ذي القرنين: "ثُمَّ أتْبَعَ سَبَباً، حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدّيْن وَجَدَ مِن دونهِما قَوْماً لاَ يَكَادونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً، قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْن إِنَّ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ مُفْسِدون في الأرْض فَهَلْ نَجعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً، قالَ مَا مًكّنِّي فيهِ رَ بِّي خَيْرٌ فَأعِينُوني بِقوَّة أجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً، آتُوني زُبَرَ الحَدِيدِ حَتَّى إذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْن قَالَ انْفُخُوا حَتّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُوني أفْرِغْ عَليهِ قِطْراً، فَما اسْطَاعُوا أنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً، قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبّي جَعَلَهُ دَكّاءَ وكَانَ وَعْدُ رَبَي حَقّاً، وتَرَكْنَا بَعْضُهُمْ يَوْمَئِذ يَمُوجُ فِي بَعْض وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً" الكهف: 92-99.
وقد ذكرنا في التفسير في قصة ذي القرنين وخبر بنائه للسد من حديد ونحاس بين جبلين فصار ردماً واحداً، وقال: هذا رحمة من ربي أن يحجز به بين هؤلاء القوم المفسدين في الأرض وبين الناس، فإذا جاء وعد ربي أي الوقت الذي قدر انهدامه فيه جعله دكاً أي مساوياً للأرض وكان وعد ربي حقاً أي وهذا شيء لا بد من كونه، وتركنا بعضهم يموج في بعض، يعني بذلك يوم انهدامه، يخرجون على الناس فيمرحون فيهم وينسلون، أي يسرعون المشي من كل حدب ثمٍ يكون النفخ في الصور للفزع قريباً من ذلك الوقت كما قال في الآية الأخرى "حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأجُوج ومَأجُوجُ وَهُمْ مِنْ كل حَدَب يَنْسِلونَ، وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَق فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ" الأنبياء: الآية 96. وقد ذكرنا في الأحاديث الواردة في خروج الدجال ونزول المسيح طرفاً صالحاً في ذكرهم من رواية النواس بن سمعان وغيره:
إشارة نبوية إلى شر قد اقترب من العرب
وثبت في الصحيحين من حديث زينب بنت جحش: "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نام عندها ثم استيقظ مُحْمَرّاً وَجْهُة وَهُوَ يَقُولُ: لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَر قَد اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليومَ مِن رَدْم يَأجُوجَ ومَأجُوجَ مثل هذِهِ وحَلَق بين أصبعيه، وفي رواية وعقد سَبْعِين أوْ تِسْعِيْنَ قالت: قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَهْلِكُ وفينا الصَّالِحُونَ? قَالَ: نَعَمْ إذَا كَثُرَ الخَبَثُ".
خروج يأجوج ومأجوج
وفي الصحيحين أيضاً من حديث وهيب عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فُتِحَ اليوْمَ مِنْ رَدْم يأجوجَ ومَأجوجَ مثلُ هذا وعقد تِسْعِين".
وقال الإِمام أحمد: حدثنا روح، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، حدثنا أبو رافع، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن يأجوجَ ومأجوج ليَحْفرون السَّدّ كلّ يَوْم، حتى إذا كانوا يَرَوْن شعاع الشمس قال الذي عَلَيْهِمْ ارْجعُوا فسَتَحفُرُونَه غداً، فيعودون إليه كأشَد ما كان، حتى إذا بَلَغتْ مدتهُم وأراد الله أنْ يَبْعَثَهُمٍ على الناس حَفَروا، حتى إذا كانوا يَرَوْنَ شُعاعَ الشمس قال الذي عليهم: اغدوا فَتَحْفُرون غَداً إنْ شاءَ الله، ويَسْتثْني، فيعودون إليه وهو كهَيئته حين تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس فَيُنْشفون الماء ويتحصَّنُ الناسُ منهم في حصونهم فيرمون بِسهامِهِم إلى السماء فيبعث الله عليهم نَغَفاً في أقْفَائِهِمْ فيقتلُهم بها".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نَفْسُ محمّدٍ بيدهِ إن دوابَّ الأرض لتَسْمَنُ وتشكرُ شكراً مِنْ لًحُومِهم ودِمائهم ".
ثم رواه أحمد والترمذي وابن ماجه من غير وجه عن قتادة به.
وقد روى ابن جرير وابن أبي حاتم، عن كعب الأحبار قريباً من هذا والله أعلم.
قال الإمام أحمد حدثنا يعقوب، حدثنا أبي عن أبي إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تُفْتَحُ يأجوجُ ومأجُوجُ فيخْرجون كما قال الله تعالى "مِنْ كُل حَدَب يَنْسِلُونَ" فَيُفِشُّ النَاسُ ويَنْحازُون عنهم إلى مَدَائِنهم وحصونهم، ويضمون إليهم مواشِيهُم، فيَضْربون ويَشْرَبُونَ مياهَ الأرض حتى أن بعضهم ليمُرَّ بذلك النهرِ فيقول: قد كان هاهُنَا ماء مَرَّةً، حتى إذا لم يَبْقَ من النّاس أحدَ إلا أخَذَ في حِصْن أو مدينةٍ قال قائلهم هؤلاء أهلُ الأرض، قدْ فَرَغنَا منهم، بَقي أهلُ السماء. قال: ثم يَهُز أحدهم حَرْبَتَهُ ثمّ يَرْمِي بِهَا إلى السماءِ فَتَرجعُ إلَيْهمْ مُخَضَّبَةَ دِمَاءَ لِلْبلاءِ والفتنَةِ، فبينما هم عَلَى ذلك إذ بَعَثَ الله عليهم داء في أعْناقِهِم كَنَغَفِ الجرادِ الذي يخرج في أعْناقِه، فيُصْبِحُونَ مَوْتَى لا يُسْمَعُ لَهُمْ حِس، فيقول المسلمون: ألا رَجُل يَشْري لنا نَفْسَه فينظر ما فعل هَذَا العَدُو? قال: فَيَنْجَرِد رجلٌ منهم مُحْتَسِباً نَفْسَهُ، قد أوْطَنَها على أنَّهُ مَقْتُولٌ ، فَيَنْزِلُ فَيَجدهُم مَوْتَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْض، فَيُنادِي: يَا مَعْشَرَ المسلمينَ ألا أبْشِرُوا، إنَّ اللَّهَ قد كفَاكُمْ عَدُوّكُمْ، فَيَخْرجُوْنَ مِنْ مَدَائِنِهِمْ وحُصُونهِمْ ويُسرحُونَ مَوَاشِيَهُمْ فَمَا يَكُونُ لَهَا مَرْعَى إلاَّ لُحُومُهُمْ فَتَشْكَر ُعَنْهُمْ كأحْسَن مَا شَكِرَتْ عن شيْء من النَّباتِ أصابَتْه?".
وهكذا أخرجه ابن ماجه من حديث يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق به وهو إسناد جيد.
وفي حديث النواس بن سمعان بعد ذكر قتل عيسى الدجال عند باب لدّ الشرقي قال: "فبينما كذلك إذ أوْحَى اللّهُ الى عيسى ابن مريم عليه السلام إنًي قد أخْرَجتُ عباداً من عبادي لا يَدَان لكَ بقتالهم فحَرزْ عبادي الى الطور، فيبعثُ الله يأجوجَ ومأجوجَ وهم كما قال الله تعالى: "وهم مِنْ كُل حَدَبٍ يَنْسِلُونَ" فَيَرغَبُ عِيسَى وأصحابُهُ إلى اللَّهِ عًزّ وجلّ، فيرسِلُ اللَهُ عليهم نغفاً في رقابهم فيُصْبِحونَ فَرْسى كمَوْتِ نَفْس وَاحِدة فيرغبُ عيسَى وأصحابُه إلى الله عزَّ وجَلَّ فيرسِلُ الله عليهم طَيْراً كأعْنَاق البُخْتِ فَيَحْمِلُهمْ فَيَطْرَحُهُم حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ تَعالى. قال كعب الأحبار- بمكان يقال له المهيلُ عِنْدَ مَطْلَع الشمس- ويرسل الله مَطَراً لا يكُن مِنْهُ بَيْتُ مدَر ولا وَبَر أربعينَ يوماً عَلَى الأرض حَتّى يَدَعَها كالرلَفَةِ ويقال للأرض أنْبِتِي ثَمريك ورُدّي بَرَكَتَكِ? فيومئِذ يَأكُلُ النَّفَرُ من الرمَّانَةِ ويَسْتظِلونَ بقِحفِها" الحديث إلى أن قال: "فبينما هم على ذلك إذ بعث الله ريحاً طيبة تحت آباطِهم فيقبضُ روحَ كل مسلم أوْ قال مؤمن ويَبْقى شرارُ الناس يتهارجُون تَهَارُجَ الحُمُرِ وعَلَيْهِمْ تَقُومُ الساعَةُ".
وفي حديث مدبر بن عبادة، عن ابن مسعود في اجتماع الأنبياء يعني محمد وإبراهِيم وموسى وعيسى عليهم من الله أفضل الصلاة والسلام، وتذاكرهم أمر الساعة ورَدهِمْ أمْرَهُم إلى عيسى وقَوْلهِ: "أمّا حينُهَا فَلاَ يَعْلم به إلاَّ اللَّه، وفيما عَهَدَ إلىّ رَبي أنَّ الدَّجَّالَ خارجُ ومَعَهُ قَضِيبَانِ فإذا رَآني ذَابَ كما يذوب الرصاصُ قال: فيهلكه اللَّهُ إذا رآني حَتّى إن الحجر والشجرَ ليَقول: يا مسلمُ إنَّ تَحتي كافِراً فتعالَ فاقْتُلْه? قال: فيهلكهُم اللَّهُ، ويَرْجع الناسُ إلى أوْطَانِهم? قال: فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوجُ وهمْ مِنْ كُل حَدَب يَنْسِلُونَ فَيطؤُونَ بِلاَدَهُمْ، لا يَمُرُّونَ عَلَى شيءٍ إلاَّ أهْلَكُوه? وَلا يمُرون عَلَى ماء إِلاَّ شرِبُوهُ? قال: ثم يرجع الناسُ يشكونَهم فأدْعُو اللَّهَ عَلَيْهِم فَيًهْلِكُهُم اللَّهُ ويُمِيتُهُمْ حَتّى تَمْتَلِىء الأرض مِن نَتَنَ ريحهم? ويُنزِلُ اللَّهُ المطَرَ فَيَجْرِف أجْسَادَهُمْ حَتّى يَقْذِفْهُمْ في البحرِ، فَفيمَا عَدِ إليّ ربي أنَّ ذَاكَ إذَا كَانَ كذلِك فإن الساعَةَ كالْحَامِل الْمُتِمَّ لاَ يَدْرِي أهْلُها مَتى تَفْجأهُمْ بولادَتِها لَيْلاً أو نَهَاراً".
وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن بشر، حدثنا محمد بن عمرو، عن ابن حرملة، عن خالته، قالت: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عاصب أصبعه من لدغة عقرب فقال: "إنكُم تَقُولُونَ لا عدوَّ لَكُمْ? إنّكم لا تزالون تُقاتِلون عدوّاً حَتّى يخرج يأجوجُ ومَأجُوجُ عِراض الوجوهِ صِغَارُ العيونِ صُهْبٌ مِنْ كُلِّ حَدَبْ ينسِلُونَ كَأنَّ وجُوهَهُمْ المجان المُطرقةُ".
قلت: يأجوج ومأجوج طائفتان من الترك من ذرية آدم عليه السلام كما ثبت في الصحيح. يقول الله تعالى يوم القيامة "يَا آدمُ فيقولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ فَيُنَادِي بصوت: ابْعَثْ بَعْثَ النارِ وسَعْدَيْكَ فَيُنادِي بصوت أبْعَثُ بَعْثَ النارِ فيقول كم? فيقول من كًل ألفٍ تِسْعمائةٍ وتسعٌ وتسْعُون إلى النار وواحدٌ إلى الجنّةِ، فيومئذ يشيب الصغير وتَضَعُ كُلّ ذَاتِ حَمْل حَمْلَهَا، فَيُقال: أبْشِروا، فإن في يأجوجَ ومأجُوجَ لكم فداء? وفي رواية فيقال: إن فيكُمْ أمَّتَيْن ما كَانتا في شيءٍ إلاَّ كًثّرتاه، يأجوجُ ومأجوجُ " وسيأتي هذا الحديث بطرقه وألفاظه.
ثم هم من حواء عليها السلام، وقد قال بعضهم: إنهم من آدم لا من حَوَّاء.
وذلك أن آدم احتلم فاختلط منيه بالتراب فخلق الله من ذلك الماء يأجوج ومأجوج، وهذا مما لا دليل عليه لم يرد عن من يجب قبول قوله في هذا والله تعالى أعلم وهو من ذرية نوح عليه السلام، من سلالة يافث أبي الترك وقد كانوا يعيشون في الأرض ويؤذون، فحصرهم ذو القرنين في مكانهم داخل السد، حتى يأذن الله بخروجهم على الناس فيكون من أمرهم ما ذكرنا في الأحاديث.
يأجوج ومأجوج ناس من الناس
وهم يشبهون الناس كأبناء جنسهم من الأتراك المخرومة عيونهم الزلف أنوفهم الصهب شعورهم على أشكالهم وألوانهم، ومن زعم أن منهم الطويل الذي كالنخلة السحوق أو أطول، ومنهم القصير الذي هو كالشيء الحقير، ومنهم من له أذنان يتغطى بإحداهما ويتوطى بالأخرى، فقد تكلف ما لا علم له به، وقال ما لا دليل عليه، وقد ورد في حديث: "أن أحدهم لا يموت حتى يرى من نسله ألف إنسان " فاللّه أعلم بصحته، قال الطبراني: حدثنا عبد الله بن محمد بن العباس الأصبهاني، حدثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات، حدثنا أبو داود الطيالسي، حدثنا المغيرة بن مسلم، عن أبي إسحاق، عن وهب بن جابر، عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِن يأجوجِ ومأجوج من وَلَدِ آدَمَ، ولو أرْسِلُوا لأَفْسَدُوا على الناس معايِشَهُم ولن يموتَ مِنهم رجلٌ إلا ترك ألفاً فصاعِداً، وإن من ورائهم ثلاث أمم، تأويل ومارس ومنسك".
وهذا حديث غريب وقد يكون من كلام عبد الله بن عمرو والله أعلم.
وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن مسمع، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عبد الله بن أبي يزيد قال: رأى ابن عباس صبياناً ينزو بعضهم على بعض يلعبون فقال ابن عباس: هكذا يخرج يأجوج ومأجوج.
ذكر تخريب الكعبة
شرفها اللّه على يدي ذي السويقتين الأفحج قبحه اللّه

وروينا عن كعب الأحبار في التفسير عند قوله تعالى: "حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج" أن أول ظهور ذي السويقتين في أيام عيسى ابن مريم عليه السلام، وذلك بعد هلك يأجوج ومأجوج، فيبعث إليهم عيسى عليه السلام طليعة ما بين السبعمائة إلى الثمانمائة، فبينما هم يسيرون إليه إذ بعث الله ريحاً يمانية طيبة فيقبض بها روحِ كل مؤمن، ثم يبقى عجاج من الناس يتسافدون كما تتسافد البهائم ثم قال كعب: وتكون الساعة قريباَ حينئذ.
قلت: وقد تقدم في الحديث الصحيح: أن عيسى عليه السلام يحج بعد نزوله إلى الأرض.
سيبقى حجاج ومعتمرون بعد ظهور يأجوج ومأجوج
وقال الإِمام أحمد: حدثنا سليمان بن داود، حدثنا عمران، عن قتادة، عن عبد الله بن أبي عقبة، عن أبي سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليُحَجَّنَّ هَذَا الْبَيْتُ وليُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ خُروج يأجوجَ ومأجوج". انفرد بإخراجه البخاري رواه عن أحمد بن حفص، عن عبد الله، عن أبيه، عن إبراهيم بن طهمان، عن حجاج بن منهال، عن قتادة.
يهجر الحج قبيل قيام الساعة
وقال عبد الرحمن عن شعبة عن قتادة: "لا تقوم الساعة حتى لا يُحَجّ البيت".
قال أبو عبد الله: والأول أكثر، انتهى ما ذكره البخاري، وقد رواه البزار، عن محمد بن المثنى، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن أبان، عن يزيد العطار، عن قتادة، كما ذكره البخاري، ورواية سليمان بن داود القطان عن عمران قد أوردها الإِمام أحمد كما رأيت.
وقال أبو بكر البزار: حدثنا أبو بكر بن المثنى، حدثنا عبد العزيز، حدثنا شعبة عن قتادة سمعت عبد الله بن أبي عتبة يحدث عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى لا يُحَجَّ البيت".
قال: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلاَّ بهذا الإِسناد.
قلت: ولا منافاة في المعنى بين الروايتين لأن الكعبة يحجها الناس،- يعتمرون بها بعد خروج يأجوج ومأجوج وهلاكهم وطمأنينة الناس وكثرة أرزاقهم في زمان المسيح عليه السلام، ثم يبعث إليه ريحاً طيبة فيقبض بها روح كل مؤمن، ويتوفى نبي الله عيسى عليه السلام، ويصلي عليه المسلمون، ويدفن بالحجرة النبوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يكون خراب الكعبة على يدي ذي السويقتين بعد هذا، وإن كان ظهوره في زمن المسيح كما قال كعب الأحبار.
ذكر تخريبه إياها قبحه اللّه وشرفها
قال الإِمام أحمد: حدثنا أحمد بن عبد الملك وهو الحراني، حدثنا محمد بن سِلمة، عن محمد بن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، عن المجاهد، عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يُخَرِّبُ الكعبة ذُو السُّوَيْقَتَيْن من الحبشة، ويَسْلبها حًلِيَّها، ويُجَرِّدُهَا مِن كُسْوَتهَاة ولكأني أنظرُ إليه أصَيلِعاً أفَيْدِعاً بضرب عليها بمَسَاحِيه ومِعْوَلهِ". وهذا إسناد جيد قوي.
وقال أبو داود: باب النهي عن تهيج الحبشة، حدثنا القاسم بن أحمد، حدثنا أبو عامر، حدثنا زهير، عن موسى بن جبير، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتركوا الحبشة ما تركوكم، فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة.
وقال الإِمام أحمد: حدثنا يحيى، عن عبد الله بن الأخنس، أخبرني ابن أبي مليكة وهو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة أن ابن عباس أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كَأنّي أنظرُ إليه أسْوَدَ أفْحَجَ يَنْقُضُهَا حجَراً حَجَراً يعني الكعبة".
تفرّد به البخاري، فرواه عن عمرو بن الغلاس عن بجير وهو ابن سعيد القطان.
وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا بأبو عامر، حدثنا عبد العزيز، عن ثور، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ذو السويقتين من الحبشة يُخَرب بيت الله".
ورواه مسلم عن قتيبة بن سعيد، عن عبد العزيز بن محمد المراوردي به.
إشارة إلى ظهور ظالم من قحطان قبل قيام الساعة
وبهذا الإِسناد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقومُ الساعة حتى يخْرج رجلٌ مِنْ قحطان يسوق الناس بعصاه".
ورواه البخاري عن عبد العزيز بن عبد الله بن سليمان بن بلال، ومسلم عن قتيبة عن عبد العزيز المراوردي، كلاهما عن ثور بن يزيد الديلي، عن أبي الغيث سالم مولى ابن مطيع، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله سواء بسواء، وقد يكون هذا الرجل هوذا السويقتين، ويحتمل أن يكون غيره فإن هذا من قحطان، وذاك من الحبشة فالله أعلم.
وقال الإِمام أحمد: حدثنا أبو بكر الحنفي، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن عمر بن الحكم الآنصاري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَذْهب الليلُ والنهارُ حَتّى يَمْلِكَ رجُلٌ من المَوالي يُقَالُ لَهُ جَهْجَاه".
ورواه مسلم عن محمد بن بشار، عن أبي بكر الحنفي به، فيحتمل أن يكون هذا اسم ذي السويقتين الحبشي والله تعالى أعلم.
وقد قال الإِمام أحمد: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا أبو الزبير، عن جابر أن عمر بن الخطاب أخبر أنه سمِع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سَيَخرُجُ أهل مكة ثم لا يَمُرُّ بِهَا أوْ لاَ يَعْبُرُ بها إِلاَّ قليل، ثم تَمْتلىء ثم يَخْرجُون مِنْهَا فَلاَ يَعُودُون إليها أبداً".
فصل
لا يدخل الدجال مكة ولا المدينة
وأما المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، فقد ثبت في الصحيح كما تقدم أن الدجال لا يمكنه الدخول إلى مكة ولا إلى المدينة، وأنه يكون على أنقاب المدينة ملائكة يحرسونها منه لئلا يدخلها، وفي صحيح البخاري من حديث مالك عن نعيم المجمر، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المدينة لا يدخلها المسيحُ الدجال ولا الطاعون".
وقد تقدم أنه يخيم بظاهرها، وأنها ترجف بأهلها ثلاث رجفات، فيخرج إليه كل منافق ومنافقة، وفاسق وفاسقة، ويثبت فيها كل مؤمن ومؤمنة، ومسلم ومسلمة، ويسمى يومئذ يوم الخلاص، وهي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها طيبة تَنْفِي خَبَثَها ويَضوعَ طيبُهَا".
وقال الله تعالى: الخَبِيثَاتُ لِلْخَبثين والخبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ والطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبينَ والطَّيِّبُونَ لِلطَّيّبَاتِ أولَئِكَ مُبرّءون".
والمقصود أن المدينة تكون عامرة أيام الدجال، ثم تكون عامرة في زمان المسيح عيسى ابن مريم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى تكون وفاته بها ودفنه فيها ثم يخرج الناس منها بعد ذلك كما سبق.
قال الإِمام أحمد: حدثنا يحيى بن إسحاق، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر قال: أخبرني عمر بن الخطاب قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ليَسيرَنَّ الراكبُ بِجَنَبَاتِ المدينةِ ثم يقولنّ لَقَدْ كَانَ في هَذَا حَاضِر مِنَ المسلمين كثير".
قال الإِمام أحمد: ولم يخرجه حسن، إلا بثبت عن جابر، انفرد بهما أحمد.
خروج الدابة من الأرض تكلم الناس
قال الله تعالى: "وإِذَا وَقَعَ القَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّة مِنَ الأرْض تُكَلّمهُمْ أنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يوقنون".
قد تكلمنا على ما يتعلق بهذه الآية الكريمة في التفسير، وأوردنا هنالك من الأحاديث المتعلقة بذلك ما فيه كفاية، ولو كانت مجموعة ها هنا كان حسناً كافياً ولله الحمد.
قال ابن عباس والحسن وقتادة: تكلمهم أي تخاطبهم مخاطبة، ورجح ابن جرير أنها تخاطبهم فتقول لهم: إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون، وحكاه عن عطاء وعلي، وفي هذا نظر، وعن ابن عباس تكلمهم، تخرجهم، يعني يكتب على جبين الكافر كافر، وعلى جبين المؤمن مؤمن، وعنه تخاطبهم وتخرجهم، وهذا القول ينتظم من مذهبين وهو قوي حسن جامع لهما والله تعالى أعلم.
عشر آيات قبل قيام الساعة
وقد تقدم الحديث الذي رواه أحمد ومسلم وأهل السنن عن أبي شريحة حذيفة بن أسيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَقُومُ الساعة حتّى تَرَوا عَشْرَ آياتٍ طُلًوعَ الشمس من مغربها والدخان والدابة وخروجَ يأجوجِ ومأجوجَ، وخروجَ عيسى ابن مَرْيمَ والدجالَ، وثلاثةَ خسوفٍ خَسفاً بالمغربِ وخسفاً بالمشرِق وخَسفاَ بجزيرةِ العربِ، وناراً تخرجُ من قَعْرِ عَدَنٍ تَسُوقُ النَّاسَ أو تَحْشر الناس تَبيت مَعَهُمْ حَيث بَاتوا وتقفِيلُ مَعهمْ حَيْثُ قالوا".
ولمسلم من حديث العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بَادِرُوا بالأعْمالِ الدجال والدخانَ ودابة الأرض وأمْرَ العامَّة وخُوَيصة أحدِكُم".
وروى ابن ماجه، عن حرملة، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحرص، وابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سنان، عن سعد، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بادروا بالأعمال سِتّاً طلوعَ الشمس من مغربها والدخانَ ودابةَ الأرض والدجال وخُوَيِّصةَ أحَدِكُمْ وأمرَ العامَّةِ". تفرد به ابن ماجه من هذا الوجه.
وقال أبو داود الطيالسي عن طلحة بن عمرو وجرير بن حازم، فأما طلحة فقال: أخبرني عبد الله بن عبيد الله بن عمر أن ابن الطفيل حدثه، عن حذيفة بن أسيد الغفاري أبي شريحة وأبي جرير فقال عن عبد الله بن عبيد عن رجل من آل عبد الله بن مسعود وحديث طلحة أتم وأحسن قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدابة فقال: "لَها ثَلاثُ خَرْجاتٍ مِنَ الدَّهْر فَتَخْرُجُ خَرْجَةً مِنْ أقصى البادِيَةِ وَلاَ يَدْخُلُ ذِكْرُها القَرْيَةَ يَعْني مَكَّةَ، ثُمّ تَكْمُنُ زَمَناً طَوِيلاً ثُمّ تَخْرُجُ خَرْجَةَ أخْرى دون تِلك فَيَعْلُو ذكرُها في أهْل البادية ويَدْخُل ذكرُها القَرْيَةَ يعني مًكّة".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثم بينما الناس في أعظم المساجد على الله حُرْمَةً وأكرَمها، المسجدِ الحرام لم يَرُعْهُمْ إلاَّ وهِيَ ترغو بين الركْن والمَقَام، تَنْفُضُ عن رأسِها التراب فَارْفضَ الناس عنها شَتّى ومعاً، وبقَيت عِصَابَةُ المؤمنين، وعَرفوا أنهم لَمْ يَعْجزوا الله فبدأت بهم فَجَلَت وجوههم حَتّى جَعَلًتْهَا مِثْلَ الكوكب الدري وولَتْ في الأرض لا يدركها طالبٌ ولا ينجو منها هاربٌ، حتى إن الرجلَ ليَتعَوَّذُ فَتأتِيهِ مِن خَلفِه فتقول: يا فلانُ: الآن تصلي? فيقبل عَلَيْها فتسِمُه في وَجْهه، ثم تَنْطَلِقُ ويشترك الناس في الأمْوالِ، ويَصْطَحِبونَ في الأمصار، يُعْرَفَ المؤمنُ من الكافر حتّى إن المؤمن ليقول: يا كافر اقضني حقِّي وحتى إن الكافر ليقول يا مؤمن اقضني حقي".
وهكذا رواه مرفوعاً من هذا الوجه بهذا السياق، وفيه غرابة، ورواه ابن جرير عن اليمان، مرفوعاً، وفيه أن ذلك في زمان عيسى ابن مريم، وهو يطوف بالبيت، ولكن في إسناده نظر والله تعالى أعلم.
وقد قال ابن ماجه: حدثنا أبو غسان محمد بن عمر، حدثنا أبو نميلة، حدثنا ابن عبيد، حدثنا عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: ذهب بي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع بالبادية قريب من مكة، فإذا أرض يابسة حولها رمل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَخْرُجُ الدَّابَّةُ من هذا الموضع فإذا فِتر في شبْر".
قال ابن بريدة: فحججت بعد ذلك بسنين فأرانا إياه، فإذا هو يقاس بعصاي هذه كذا وكذا، يعني أنه كلما مضى وقت يتسع حتى يكون وقت خروجها? والله تعالى أعلم.
وقال عبد الرزاق المعمر: عن قتادة، أن ابن عباس قال: هي دابة ذات زغب لها أربع قوائم تخرج من بعض أودية تهامة، ورواه سعيد بن منصور، عن عثمان بن مطر، عن قتادة عن ابن عباس بنحوه.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن روحاء حدثنا فضيل بن مرزوق عن عطية قال: قال عبد الله تخرج الدابة من صدع من الصفا كجري الفرس ثلاثة أيام لا يخرج ثلثها، وعن عبد الله بن عمرو أنه قال: تخرج الدابة من تحت صخرة فتستقبل المشرق فتصرخ صرخة تنفذه ثم تستقبل الشام فتصرخ صرخة تنفذه، ثم تستقبل اليمن فتصرخ صرخة تنفذه، ثم تروح من مكة فتصبح بعفسان قيل له: ثم ماذا? قال: ثم لا أعلم. وعنه أنه قال: تخرج الدابة من تحت السدوم يعني مدينة قوم لوط، فهذه أقوال متعارضة والله تعالى أعلم.
وعن أبي الطفيل أنه قال: تخرج الدابة من الصفا أو المروة رواه البيهقي.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو صالح: كاتب الليث، حدثني معاوية بن صالح، عن أبي مريم، أنه سمع أبا هريرة يقول: "إن الدابة فيها كل لون، ما بين قرنيها فرسخ للراكب".
وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه قال: إنها دابة لها رأس وزغب وحافر، ولها ذنب، ولها لحية، وإنها تخرج حضر الفرس الجواد ثلاثاً وما خرج ثلثاها، رواه ابن أبي حاتم.
وقال ابن جريج، عن أبي الزبير أنه وصف الدابة فقال: رأسها رأس ثور، وعينها عين خنزير، وأذنها أذن فيل، وقرنها قرن أيل وعنقها عنق نعامة، وصدرها صدر أسد، ولونها لون نمر، وخاصرتها خاصرة هر، وذنبها ذنب كبش، وقوائمها قوائم بعير، بين كل مفصلين اثنا عشر ذراعاً، تخرج معها عصا موسى، وخاتم سليمان فلا يبقى مؤمن إلا يكتب في وجهه بعصا موسى نكتة بيضاء، فتفشو تلك النكتة، حتى يبيض لها وجهه، ولا يبقى كافر إلا يكتب في وجهه نكتة سوداء بخاتم سليمان، فتفشو تلك النكتة حتى يسود لها وجهه، حتى إن الناس يتبايعون في الأسواق فيقولون: بكم ذا يا مؤمن. بكم ذا يا كافر? وحتى إن أهل البيت ليجلسون على مائدتهم فيعرفون مؤمنهم وكافرهم، ثم يقول لهم الدابة: يا فلان: أبشر أنت من أهل الجنة، ويا فلان: أنت من أهل النار، فذلك قول الله تعالى: "وَإِذا وَقَعَ القَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْض تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاس كانُوا بآيَاتِنَا لاَ يُوقنُون".
وقد ذكرنا فيما تقدم عن ابن مسعود، أن الدابة من نسل إبليس الرجيم، وذلك فيما رواه أبو نعيم عن حماد، في كتاب الفتن والملاحم، تصنيفه، والله أعلم بصحته.
وقال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن بشر، عن أبي حيان، عن أبي زرعة، عن عبد الله بن عمرو، قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً لم أنسه بعد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ أولَ الآيات خروجاً طلوعُ الشمس من مغرِبها، وخروجُ الدابةِ على الناس ضُحىً فَأيَّتُهُمَا كَانَتْ قَبْل صَاحِبَتِهَا فالأخْرَى على إِثْرهَا قَرِيباً".
أي أول الآيات التي ليست مألوفة، وإن كان الدجال ونزول عيسى عليه السلام من السماء قبل ذلك، وكذلك خروج يأجوج ومأجوج، فكل ذلك أمور مألوفة لأن أمر مشاهدته ومشاهدة أمثاله مألوف، فأما خروج الدابة على شكل غريب غير مألوف ومخاطبتها الناس ووسمها إياهم بالإيمان أو الكفر، فأمر خارج عن مجاري العادات، وذلك أول الآيات الأرضية، كما أن طلوع الشمس من مغربها على خلاف عادتها المألوفة أول الآيات السماوية.
ذكر طلوع الشمس من المغرب
لا تنفع توبة التائب بعد طلوع الشمس من مغربها
قال الله تعالى: "هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أنْ تَأتِيَهُمُ المَلاَئِكَةُ أوْ يَأتِن ربُّكَ أوْ يَأتِي بعْضُ آياتِ رَبك يِوْمَ يأتي بَعْضُ آياتِ رَبك لاَ يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُهَا لَمْ تكن آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُل إنتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُون".
قال الإِمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا ابنِ أبي ليلى، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم: "يَوْمَ يَأتي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفعُ نَفْساً إِيمَانُهَا".
قال: "طلوع الشمس من مغربها"، ورواه الترمذي، عن سفيان بن وكيع، عن أبيه به. وقال: غريب وقد رواه بعضهم فلم يرفعه.
وقال البخاري عند تفسير هذه الآية: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عبد الواحد، حدثنا عمارة، حدثنا أبو زرعة، حدثنا أبو هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَقومُ السَّاعَةُ حَتى تَطْلًعَ الشّمْسُ مِنْ مَغْرِبِها? فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا? فَذَلِكَ حِينَ لاَ يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُهَا لمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ".
وقد أخرجه بقية الجماعة إِلا الترمذي من طرق عن عمارة بن القعقاع بن شبرمة، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة مرفوعاً مثله.
ثم قال البخاري: حدثنا إسحاق، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَقُومُ الساعَةُ حَتى تَطْلُعَ الشمسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإذَا طَلَعَتْ ورآهَا الناسُ آمَنُوا أجْمَعُونَ وذَلِكَ حِينَ لاَ يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُها"، ثم قرأ هذه الآية.
وكذا رواه مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق بن همام الصنعاني بإخراجه من طريق العلاء ابن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة.
وقال أحمد: حدثنا وكيع، عن فضيل بن غزوان، عن أبي حازم سلمان، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثَلاَثٌ إِذا خَرَجْنَ لاَ يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أوْ كَسَبَتْ في إيمانِها خَيْراً طُلُوع الشَّمْس مِنْ مَغْرِبِها والدُّخَانُ وَدابَّةُ الأرْض".
ورواه مسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب عن وكيع به. ورواه مسلم أيضاً والترمذي وابن جرير من غير وجه عن فضيل بن غزوان نحوه.
من علم فليقل بعلمه ومن لم يعلم فليسكت
وقد ورد هذا الحديث من طرق، عن أبي هريرة وعن جماعة من الصحابة أيضاً، فعن أبي شريحة حذيفة بن أسيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتى تَروا عَشْر آياتٍ طُلوعَ الشمس مِنْ مغربها، والدابَّةَ وخروجَ يَأجوجَ ومأجوجَ وخروج عيسى ابن مَرْيَمَ، والدجالَ وثلاثة خسوف خسفاً بالمشرق وخسفاً بالمغربِ وخسفاً بجزيرةِ العربِ وناراً تَخْرج من قَعْرِ عَدنَ تَسُوق أو تَحْشُرُ الناسَ، تَبِيتُ مَعهمْ حَيثً بَاتَوا، وتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا".
رواه أحمد ومسلم وأهل السنن كما تقدم غير مرة.
ولمسلم من حديث العلاء عن أبيه، عن أبي هريرة، ومن حديث قتادة عن الحسن، عن زياد بن رباح، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بادروا بالأعمال ستاً، فذكر منهن طلوع الشمس من مغربها والدخان والدابة"، كما تقدم.
وثبت في الصحيحين من حديث إبراهيم بن يزيد بن شريك، عن أبيه، عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتدْرِي أيْ تَذْهَبُ هذه الشمسُ إِذا غَرَبَتْ. قلتُ: لاَ، قال: إنها تَنْتَهي فَتَسْجُدُ تَحْتَ الْعرْش ثم تَسْتَأذِنُ فَيُوشِكُ أَنْ يُقَالَ لَهَا: ارْجِعِي مِن حَيْثُ جِئْتِ، وذلكَ حين لا يَنْفعُ نَفْساً إيمَانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ في إِيمانِهَا خَيْراً".
وقال الإِمام أحمد: حدثنا اسماعيل بن إبراهيم، حدثنا أبو حيان، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، قال: جلس ست نفر من المسلمين إِلى مروان بالمدينة فسمعوه يقول وهو يحدث في الآيات: إن أولها خروج الدجال. قال: فانصرف النفر إلى عبد الله بن عمرو، فحدثوه بالذي سمعوه من مروان في الآيات فقال عبد الله: لم يقلِ مروان شيئاً. قد حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: "إِن أولَ الآياتِ طلوعُ الشمس، وخروجُ الدَّابّةِ ضُحَى فأيتُهُما كَانَتْ قبَلَ صَاحِبَتِهَا فَالآخْرَى عَلَى إِثرِهَا قريباً".
ثم قال عبد الله وكان يقرأ الكتب: وأظن أولاهما خروجاً طلوع الشمس من مغربها، وذلك أنها كلما غربت أتت تحت العرش فسجدت واستأذنت فى الرجوع فأذن لها في الرجوع، حتى إذا أذن الله أن تطلع من مغربها فعلت كما كانت تفعل وأتت تحت العرش فسجدت، واستأذنت في الرجوع فلا يرد عليها شيء ثم تستأذن في الرجوع فلا يرد عليها شيء، حتى إذا ذهب من الليل ما شاء الله أن يذهب، وعرفت أنه وإن أذن لها في الرجوع لم تدرك المشرق، قالت: رب ما أبعد المشرق من لي بالناس حتى إذا صار الأفق كأنه طوق استأذنت في الرجوع، فيقال لها: ارجعي من مكانك فاطلعي، فطلعت على الناس من مغربها، ثم تلا عبد الله هذه الآية: "لاَ يَنفعُ نَفْساً إِيمانُها لَم تكن آمَنَت من قبل أو كسَبتْ في إِيمانِها خيْراً".
وقد رواه مسلم في صحيحه، وأبو داود، وابن ماجه، من حديث أبي حيان يحيى بن سعيد بن حيان، عن أبي زرعة، عن عبد الله بن عمرو قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: "إِن أَولَ الآيات خروجاً طلوعُ الشمس مِن مَغْرِبِهَا وخروجُ الدابَّةِ على الناس ضُحى فَأيَّتُهُما كَانَتْ قَبْل صَاحِبَتِهَا فَالأخْرَى عَلَى إِثْرِهَا قَرِيباً".
وقد ذكرنا أن المراد بالآيات هاهنا الآيات التي ليست مألوفة، وهي مخالفة للعادات المستقرة فالدابة التي تكلم الناس، وتعيين الكافر منهم من المؤمن، وطلوع الشمس من مغربها، متقدم على الدابة وذلك محتمل ومناسب والله أعلم.
وقد ورد ذلك في حديث غريب رواه الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه فقال: حدثني أحمد بن يحيى بن خالد بن حبان الرقي، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن بريق الحمصي، حدثنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار، حدثنا ابن لهيعة، عن حييِّ بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحيلي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا طَلَعَتِ الشمس مِنْ مَغْرِبِهَا خَرّ إِبْلِيسُ سَاجِداً ينَادِي ويَجْهَرُ مُرْني أنْ أَسْجد لِمَنْ شِئْتَ قَالَ فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ زَبَانِيَتُه" يَقولونَ لَه يَا سَيِّدَهُمْ: مَا هَذَا التَّفَزعُ? فَيَقولً: إِنَّما سَألتُ رَبي أنْ يُنْظِرَنِي إِلَى الوَقْتِ المَعْلوم. قَال: ثُمّ تَخْرجُ دَابَّةُ الأَرْض مِنْ صَدْع فِي الصَّفَا قال: فَأوَّلُ خُطْوَةٍ تَضَعُها بِإِنطَاكِيَّةَ، فَيأتي إِبْلِيسُ فَتَلطِمُه".
وهذا غريب جداً ورفعه فيه نكارة ولا بد أنه من المزملتين اللتين أصابهما عبد الله بن عمرو يوم اليرموك من كتب أهل الكتاب فكان يحدث منهما بأشياء غرائب.
وقد تقدم في خبر ابن مسعود الذي رواه أبو نعيم بن حماد في الفتن أن الدابة تقتل إبليس، وهذا من أغرب الأخبار، والله تعالى أعلم.
وفي حديث طالوت بن عباد، عن فضالة بن جبير، عن أبي أمامة صدى بن عجلان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أول الآيات طلوع الشمس من مغربها".
لا يزال في المسلمين من يقوم الليل عابداً حتى تطلع الشمس من مغربها



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق