الثلاثاء، 12 يونيو 2018

6. كتاب الفتن والملاحم وأشراط الساعة والأمور العظام يوم القيامة لابن كثير

تابع للسابق 5

قال ابن أبي الدنيا: حدثني الحسن بن الصباح، حدثنا مكي بن إبراهيم، حدثنا موسى بن عبيدة، عن أبي بكر بن عبيد الله بن أنس، عن جده أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت حوضي، فإذا على حافتيه آنية مثل نجوم السماء، فأدخلت يدي فإذا هو عنبر أذفر".
رواية بريدة رضي اللّه تعالى عنه ابن الخصيب الأسلمي
قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا يحيى بن معين، حدثنا يحيى بن يمان، عن عائذ بن بشر البجلي، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حوضي كما بين عمان إلى اليمن، فيه آنية عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً".
وهكذا رواه ابن صاعد، وابن أبي الدنيا، عن عبد الله بن وضاح الأزدي اللؤلؤي، عن يحيى بن يمان به.. ولفظه: "حوضي ما بين عمان واليمن فيه آنية عدد النجوم، أحلى من العسل، وأبيض من اللبن، واللبن من الزبد، من شرب منه لم يظمأ بعدها أبداً". لم يخرجوه.
رواية ثوبان رضي اللّه تعالى عنه
قال الإِمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن سالم بن معدان، عن ثوبان رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أنا بعقر حوضي يوم القيامة، أذود عنه الناس لأهل اليمن وأضربهم بعصاي، حتى يرفض عنهم قال: قيل: يا رسول الله، ما سعته? قال: من مقامي إلى عمان يغت فيه ميزابان يمدانه".
ورواه أحمد أيضاً عن عبد الصمد، عن هشام، عن قتادة، وعن عبد الوهاب، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، وعن عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة به فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عرضه فقال: "من مقامي هذا إلى عمان".
وقال عبد الرزاق: "ما بين بصرى وصنعاء أو ما بين أيلة ومكة".
أو قال: "من مقامي هذا إلى عمان".
وسئل عن شرابه فقال: "أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، ينبعث فيه ميزابان يمدانه من الجنة أحدهما من ذهب والآخر من ورق".
وقال أبو يعلى: حدثنا أبو بكر، هو ابن أبي شيبة، حدثنا محمد بن بشر العبدي، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة، عن ثوبان رضي، لله عنه، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "أنا عند عقر حوضي، أذود عنه الناس لأهل اليمن، إني لأضربهم بعصاي حتى يرفضوا".
قال: وسئل نبي الله صلى الله عليه وسلم عن سعة الحوض فقال: "من مقامي هذا إلى عمان، ما بينهما شهر أو نحو ذلك".
فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شرابه فقال: "أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، بعث فيه ميزابان، مداده أو مدادهما من الجنة، أحدهما ورق والآخر ذهب".
وهكذا رواه مسلم عن أبي غسان مالك بن إسماعيل، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن بشار ثلاثتهم عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة بنحوه.
من مظاهر خشية عمر بن عبد العزيز رضي اللّه تعالى عنه
طريق أخرى عن ثوبان أيضاً رضي اللّه تعالى عنه وأرضاه
قال أحمد: حدثنا حسين بن محمد، حدثنا ابن عياش، عن محمد بن المهاجر، عن العباس بن سالم اللخمي، قال: بعث عمر بن عبد العزيز إلى أبي سلام الحبشي، يسأله عن الحوض فحمل إليه على البريد، فقدم به عليه، فسأله فقال: سمعت ثوبان رضي اللّه عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن حوضي من عدن إلى عمان البلقاء، ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وأكاويبه عدد النجوم، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً، أول الناس وروداً عليه فقراء المهاجرين"، فقال عمر بن الخطاب من هم يا رسول الله? قال: "هم الشعث رؤوساً الدنس ثياباً، الذين لا ينكحون المتنعمات المتمتعات، ولا تفتح لهم أبواب السدد، فقال عمر بن عبد العزيز: لقد نكحت المتنعمات وفتحت لي السدد إلا أن يرحمني الله والله لا أدهن رأسي حتى تشعث ولا أغسل ثوبي الذي بلى جسدي حتى يتسخ".
ورواه أيضاً الترمذي في الزهد عن أنس بن إسماعيل، عن يحيى بن صالح. وابن ماجه فيه، عن محمود بن خالد الدمشقي، عن مروان بن محمد الطاطري كلاهما عن محمد بن المهاجر، عن العباس بن سالم عن أبي سلام به قال: شيخنا المزي في أطرافه، ورواه اليزيد بن مسلم عن يحيى بن الحارث وشيبة بن الأحنف وغيرهما عن أبي سلام، وقال أبو بكر بن أبي عاصم: حدثنا هشام بن عمار، حدثنا صدقة. حدثنا زيد بن واقد، حدثني بشر بن عبيد الله، حدثنا أبو سلام الأسود، عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حوضي بين عدن إلى عمان أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل وأطيب رائحة من المسك أكاويبه كنجوم السماء من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً، وأكثر الناس عليه وروداً فقراء المهاجرين قلنا: ومن هم? قال: الشعث رؤوساً الدنس ثياباً الذين لا ينكحون المتمتعات ولا تفتح لهم أبواب السدد الذين يعطون الحق الذي عليهم ولا يعطون الذي لهم" وهذه طريق جيدة أيضاً، والله الحمد، والمنة.
رواية جابر بن سمرة رضي اللّه تعالى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم فرط لأمته يوم القيامة على الحوض المورود
قال أبو يعلى: حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع، حدثنا أبي، حدثنا زياد بن خيثمة، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني فرطكم على الحوض، وإن بعد ما بين طرفيه كما بين صنعاء وأيلة، كأن الأباريق فيها النجوم" وهكذا رواه مسلم: عن أبي همام، به وقال: "أنا فرط لكم على الحوض". والباقي مثله، والله سبحانه وتعالى أعلم.
رواية جابر بن سمرة أيضاً رضي اللّه سبحانه وتعالى عنه
قال مسلم: وحدثنا قتيبة بن سعيد، وأبو بكر بن أبي شيبة قال: أخبرنا حاتم بن إسماعيل، عن المهاجر بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، قال: كتبت الى جابر بن سمرة مع غلامي نافع، أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فكتب إلي إني سمعته يقول: "أنا الفرط على الحوض".
رواية جابر بن عبد الله رضي اللّه تعالى عنهما
وقال الإِمام أحمد: حدثنا روح، حدثنا زكريا بن إسحاق، حدثنا أبو الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا على الحوض، أنظر من يرد علي، قال: فيؤخذ ناس دوني، فأقول: يا رب هؤلاء مني ومن أمتي، قال: يقال: وما يدريك ما عملوا بعدك? ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم.
قال جابر رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحوض مسيرة شهر، وزواياه يعني عرضه مثل طوله، وكيزانه مثل نجوم السماء، أطيب ريحاً من المسك، وأشد بياضاً من اللبن، من شرب منه لم يظمأ بعده أبداً".
هذا اسناد صحيح، على شرط مسلم، ولم يروه، وقد روي من طريق زكريا عن أبي الزبير، عن جابر، بستة أحاديث ليس هذا منها.
الرسول صلى الله عليه وسلم مكاثر بأمته يوم القيامة، وهو يأمرهم ألا يرجعوا كفاراً بعده يقتل بعضهم بعضاً
طريق أخرى عن جابر أيضاً رضي اللّه تعالى عنه وأرضاه
قال أبو بكر البزار: حدثنا محمد بن عمر، حدثنا يحيى بن عبد الرحمن الأرجي، حدثنا عبيدة بن الأسود، عن مجالد، عن عامر هو الشعبي، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني فرطكم على الحوض، وإني مكاثر بكم الأمم فلا ترجعوا بعدي كفاراً، يقتل بعضكم بعضاً، فقال رجل: يا رسول الله ما عرضه? قال: ما بين أيلة أحسبه قال: إلى مكة، فيه مكايل أكثر من عدد النجوم، لا يتناول مؤمن منها واحداً فيضعه من يده حتى يتناوله أخوه".
ثم قال: لا يروى عن جابر إلا من هذا الوجه، ورواه ابن أبي الدنيا، عن أبي عبد الرحمن القرشي، عن عبيدة بن الأسود به.
رواية جندب بن عبد الله البجلي رضي اللّه عنه
قال البخاري: حدثنا عبدان، أخبرني أبي، عن شعبة، عن عبد الملك قال: سمعت جندباً يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا فرطكم على الحوض".
ورواه مسلم، من حديث شعبة، وزائدة، ومسعر، ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن عمر به.
ورواه الإمام أحمد عن سفيان بن عيينة ثم قال: قال سفيان: الفرط الذي يسبق.
رواية جارية بن وهب الخزاعي رضي الله عنه
قال البخاري: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا جرير بن عمارة، حدثنا شعبة عن معبد بن خالد، أنه سمع جارية بن وهب يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول وذكر الحوض فقال: "كما بين المدينة وصنعاء". وزاد ابن أبي عدي، عن شعبة، عن معبد بن خالد، عن جارية بن وهب سمع النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "حوضه ما بين صنعاء والمدينة".
فقال له المستورد: "ألم تسمعه? قال: ألا وإني، قال: لا، فقال المستورد: نرى فيه: "الآنية مثل الكواكب".
وقال: رواه مسلم، عن محمد بن عرعرة، عن حرمي بن عمارة، عن شعبة، كما ساقه البخاري، ورواه عن محمد بن عبد الله، وهو ابن أبي عدي، عن شعبة كما ذكره البخاري سواء، والمستورد هذا هو ابن شداد بن عمرو الفهري، صحابي جليل، علق له البخاري، وأسند ذلك مسلم، وروى له أهل السنن الأربعة، وله أحاديث.
رواية حذيفة بن أسيد رضي اللّه عنه
عن أبي شريحة الغفاري، أنبأنا عن الحافظ الضياء محمد بن عبد الواحد المقدسي رحمه الله أنه قال في الجزء الذي جمعه في أحاديث الحوض: أخبرنا محمد بن أحمد بن نصر الأصبهاني بها: أن الحسن بن أحمد الحداد أخبرهم قراءة عليه وهو حاضر، أخبرنا أحمد بن عبد الله يعني أبا نعيم الأصبهاني، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا إسماعيل بن عبد الله، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا زيد بن الحسن، حدثنا معروف بن خربوذ، حدثنا أبو الطفيل، عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه قال: لما صدر النبي صلى الله عليه وسلم عن حجة الوداع قال: "أيها الناس إني فرطكم على الحوض، إنكم واردون على حوض عرضه ما بين بصرى، وصنعاء فيه أكواب عدد النجوم" لم يروه من أصحاب الكتب أحد ولا أحمد أيضاً.
رواية حذيفة بن اليمان رضي اللّه عنه العبسي
قال أبو القاسم البغوي: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا علي بن مسهر، عن سعد بن طارق، عن ربع بن حراش، عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن حوضي لأبعد من أيلة وعدن، والذي نفسي بيده لآنيته أكثر من عدد النجوم، وهو أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، والذي نفسي بيده إني لأذود عنه الرجال، كما يذود الرجل الإِبل الغريبة عن حوضه، قال قيل: يا رسول الله: تعرفنا يومئذ? قال: نعم، تردونه عليّ غراً محجلين من آثار الوضوء، وليست لأحد غيركم".
رواه مسلم، عن عثمان بن أبي شيبة، بنحوه، وعلقه البخاري فقال: حصين عن أبي وائل، عن حذيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم والله سبحانه وتعالى أعلم.
رواية زيد بن أرقم رضي اللّه عنه
قال أحمد: حدثنا عفان، حدثنا شعبة، قال عمرو بن مرة، أخبرني قال: سمعت أبا حمزة يقول: إنه سمع زيد بن أرقم قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلاً فسمعته يقول: "ما أنتم بجزء من مائة ألف جزء ممن يرد على الحوض من أمتي".
قلت لزيد: كم كنتم يومئذ? قال: سبعمائة أو ثمانمائة.
وكذا رواه عن أبي هاشم، عن شعبة، ورواه أبو داود، عن حفص بن عمر، عن شعبة، قلت: وأبو حمزة هذا هو طلحة بن يزيد الأنصاري مولى قرظة بن كعب، والله سبحانه وتعالى أعلم.
النار جزاء من يتعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم رواية أخرى عن زيد بن أرقم أيضاً رضي اللّه عنه
قال الحافظ البيهقي: أخبرنا عبد الله الحافظ أخبرنا الحسن بن يعقوب العدل، حدثنا محمد بن عبد الوهاب، أخبرنا حفص بن عون، أخبرنا أبو حيان يحيى بن سعيد التيمي تيم الرباب، حدثنا يزيد بن حيان التيمي، قال: شهدت ابن أرقم وقد بعث إليه عبيد الله بن زياد فقال: ما أحاديث بلغني عنك أنك تحدث بها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزعم أن له حوضاً في الجنة فقال: حدثنا ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعدناه، فقال: كذبت، لكنك شيخ قد خرفت، قال: أما إنه سمعته أذناي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعته يقول: "من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" وما كذبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما رواية سلمان الفارسي رضي الله عنه، فروى الإمام أبو بكر بن خزيمة رحمه الله، من حديث زيد بن علي بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن سلمان رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر يوم من شعبان فقال: "يا أيها الناس: قد أظلكم شهر عظيم مبارك".
وذكر تمام الحديث بطوله في فضل شهر رمضان إلى أن قال: "من أشبع فيه صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة".
فصل
لكل نبي حوض يوم القيامة، يتباهون أيهم أكثر وراداً
رواية سمرة بن جندب- رضي اللّه تعالى عنه- الفزاري
تال أبو بكر بن أبي عاصم: حدثنا إبراهيم بن المعتمر، حدثنا محمد بن بكار بن بلال، حدثنا سعيد هو ابن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لكل نبي حوض، يتباهون أيهم أكثر واردة، وإني لأرجو أن أكون أكثرهم واردة".
وكذا رواه الترمذي، عن أحمد بن محمد بن نيزك، عن محمد بن بكار بن بلال، عن سعيد بن بشير، وقال: هذا حديث غريب، والله سبحانه وتعالى أعلم.
رواية سهل بن سعد الساعدي رضي اللّه تعالى عنه
قال البخاري: حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا محمد بن مطرف، حدثنا أبو حازم، عن سهل بن سعد، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني فرطكم على الحوض، من مر عليَّ يشرب، ومن شرب لم يظمأ أبداً، ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم".
قال أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عياش فقال: هكذا سمعت من سهل فقلت: نعم، فقلت: أشهد على أبي سعيد الخدري أننا نسمعه وهو يزيد فيها: فأقول: إنهم مني، فيقال لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً لمن غيّر بعدي".
فقال ابن عياش: سحقاً بعداً، ويقال: سحيق، بعيد، وأسحقه: أبعده. تفرَّد به من هذا الوجه والله أعلم.
رواية عبد الله بن زيد بن عاصم المدني
ثبت في الصحيحين عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قسم غنائم حنين فأعطى من أعطى من صناديد قريش والعرب فغضب بعض الأنصار فخطب قال لهم فيما قال: "إنكم ستجدون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض".
رواية عبد الله بن عباس رضي اللّه عنهما
قال أبو بكر البزار: حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا جرير، حدثنا الليث بن أَبي سليم البزاز، عن عبد الملك بن صعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله يقول: "إني آخذ بحجزكم، أقول: إياكم وجهنم، وإياكم والحدود، ثلاث مرات، وإن أنا مت تركتكم، وأنا فرطكم على الحوض، فمن ورد أفلح، ويؤتى بقوم فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: يا رب، أحسبه قال: فيقال إنهم ما زالوا بعدك يرتدون على أعقابهم".
ثم قال: تفرّد به ليث، عن عبد الملك بن سعيد بن جبير.
وقال البخاري: في باب الحوض من صحيحه: حدثنا عمرو بن محمد، حدثنا هشام، أخبرنا أبو بشر وعطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: "الكوثر هو الخير الكثير الذي أعطاه الله للرسول عليه الصلاة والسلام".
قال أبو بشر: قلت لسعيد بن جبير إن ناساً يزعمون أنه نهر في الجنة فقال: من الكوثر إلى الحوض ميزابان من ذهب وفضة".
طريق أخرى عن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما
قال الطبراني: حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي، حدثنا محمد بن عبد الواهب الحارثي، حدثنا عبد الله بن عبيد بن عمير، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس رضي اله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حوضي مسيرة شهر وزواياه سواء، وأكوابه عدد نجوم السماء ماؤه أبيض من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب يعني ريحاً من المسك، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً".
طريق أخرى عن ابن عباس رضي اللّه عنهما
قال ابن أبي الدنيا: حدثنا العباس بن محمد، حدثنا حسين بن محمد المروزي، حدثنا محصن بن عقبة اليماني، عن الزبير بن شبيب، عن عثمان بن حاضر، عن ابن عباس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوقوف بين يدي رب العالمين هل فيه ماء? قال: "والذي نفسي بيده إن فيه لماء، إن أولياء الله ليردن حياض الأنبياء ويبعث الله بسبعين ألف ملك في أيديهم عصى من نار، يذودن الكفار عن حياض الأنبياء".
رواية عبد الله بن عمر رضي اللّه عنهما
قال البخاري: حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن عبيد الله، حدثني نافع: عن بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أمامكن حوضاً كما بين جرباء وأذرح".
ورواه أحمد، عن يحيى القطان، ورواه مسلم من حديث عبيد الله وأيوب وموسى بن عقبة وغيرهم عن نافع، وفي بعض الروايات: "أمامكم حوض كما بين جرباء وأذرح، وهما قريتان بالشام فيه أباريق عدد نجوم السماء، من ورده فشرب منه لم يظمأ بعدها أبداً".
طريق أخرى عن ابن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنهما
قال الإِمام أحمد: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا عمر بن عمرو أو عثمان بن عمرو الأحموسي، حدثنا المخارق بن أبي المخارق، عن عبد الله بن عمر، أنه سمعه يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حوضي كما بين عدن وعمان، أبرد من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب ريحاً من المسك، أكوابه مثل نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً، أول الناس عليه وروداً صعاليك المهاجرين، قال قائل: ومن هم يا رسول الله قال: الشعثة رؤوسهم، الشحبة وجوههم، الدنسة ثيابهم، لا تفتح لهم أبواب السدد، ولا ينكحون المنعمات، الذي يعطون كل الذي عليهم، ولا يأخذون الذي لهم". تفرَّد به أحمد.
طريق أخرى عنه رضي الله تعالى عنه
قال أبو داود الطيالسي: حدثنا أبو عوانة، حدثنا عطاء بن السائب قال: قال محارب بن دثار: ما كان سعيد بن جبير يقول في الكوثر? قلت: كان سعيد بن جبير يحدث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما نزلت: "إِنَّا أعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ".
قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هو نهر في الجنة، حافتاه من ذهب، يجري على الدر والياقوت، تربته أطيب ريحاً من المسك، وطعمه أحلى من العسل، وماؤه أشدّ بياضاً من الثلج".
ورواه البيهقي من حديث حماد بن زيد، عن عطاء بن السائب، به، وقال الترمذي: حسن صحيح.
رواية عبد الله بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما
قال البخاري: حدثنا شعبة بن أبي مريم، حدثنا نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، قال: قال عبد الله بن عمرو: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء، من شرب منه فلا يظمأ أبداً".
ورواه مسلم عن داود بن عمر، عن نافع، عن عمر، به.
طريق أخرى أيضاً عنه رضي اللّه تعالى عنه
قال الإِمام أحمد: حدثنا يحيى، حدثنا حسين المعلم، حدثنا عبد الله بن بريدة، عن أبي سبرة، واسمه سالم بن سبرة، قال: كان عبيد الله بن زياد يسأل عن الحوض، حوض محمد صلى الله عليه وسلم، وكان يكذب به بعدما سأل أبا بريدة، والبراء بن عازب، وعائذ بن عمر، ورجلاً آخر، وكان يكذب فقال أبو سبرة: أما أحدثك بحديث فيه شفاء هذا إن أباك بعث معي بمال إلى معاوية، فلقيت عبد الله بن عمرو، فحدثني بما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله لا يحب الفحش والتفاحش، أو يبغض الفحش والمتفحش، ولا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفاحش، وقطيعة الرحم وسوء المجاورة وحتى يؤتمن الخائن، ويخون الأمين، وقال: ألا إن موعدكمٍ حوضي عرضه وطوله واحد، وهو كما بين أيلة ومكة، وهو مسيرة شهر، فيه مثل النجوم أباريق، شرابه أشد بياضاً من الفضة، من شرب منه شراباً لم يظمأ بعده أبدأ".
قال: فقال عبيد الله:ما سمعت في الحوض، حديثاً أثبت من هذا وأصدق وأخذ الصحيفة فحبسها عنده.
طريق أخرى عنه
قال أبو بكر البزار في مسنده: حدثنا محمود بن بكر، عن عبد الرحمن، حدثنا أبي، حدثنا عيسى بن المختار، عن محمد بن أبي ليلى، عن عبيد الله بن أبي مليكة، عن عبيد الله بن عمر الليثي، عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن لي حوضاً في الجنة، مسيرته شهر، وزواياه سواء، ريحه أطيب من المسك، ماؤه كالورق، أقداحه كنجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً".
ثم قال: يعلم بما روى عبيد الله بن عمر، عن عبد الله بن عمر.
طريق أخرى أيضاً
رواها الطبراني عن أبي برزة رضي الله عنه من رواية أبى الوازع جابر ابن عمرو.
عن أبي برزة، رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما بين ناحيتي حوضي كما بين أيلة الى صنعاء، مسيرة شهر، عرضه كطوله، فيه مرزابان ينبعثان من الجنة من ورق وذهب، أبيض من اللبن، وأبرد من الثلج، فيه أباريق عدد نجوم السماء".
رواها الطبراني وابن حيان في صحيحه من رواية أبي الوازع واسمه جابر بن عمرو عن أبي برزة.
رواية عبد الله بن مسعود رضي اللّه عنه
قال البخاري: حدثنا يحيى بن حماد، حدثنا أبو عوانة، عن سليمان، عن شقيق، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا فرطكم على الحوض".
قال البخاري: وحدثنا عمرو بن علي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن المعتمر، سمعت أبا وائل يحدث عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا فرطكم على الحوض، وليرفعن رجال منكم، ثم يحتجزون دوني، فأقول: يا رب أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك".
تابعة عن أبي وائل وقال: حصين عن أبي وائل، عن حذيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
طريق أخرى عن ابن مسعود رضي الله عنه في الحوض وغيره
قال الإمام أحمد: حدثنا عارم بن الفضل، حدثنا سعيد بن زيد، حدثنا علي بن الحكم البناني عن عثمان، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود، عن ابن مسعود، قال: جاء ابنا مليكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالا: "إن أمنا تكرم الزوج، وتعطف على الولد قال: وتقري الضيف، غير أنها ماتت في الجاهلية فقالا: أمكما في النار، قال: فأدبرا والسوء في وجوههما، فأمر بهما فردا، فرجعا والسرور يرى في وجوههما، رجيا أن يكون قد حدث شيء فقال: أمي مع أمكما، فقال رجل من المنافقين: ما يغني هذا عن أمه شيئاً ونحن نطأ عقبيه، فقال رجل من الأنصار، ولم أر رجلاً قط أكثر سؤالاً منه. يا رسول الله: هل وعدك ربك فيها أو فيهما? قال: فظن أنه من شيء قد سمعه فقال: ما سألته ربي، وما أطمعني فيه، وإني لأقوم المقام المحمود يوم القيامة، فقال الأنصاري: وما ذاك المقام المحمود? قال: ذاك إذا جيء بكم حفاة، غراة، غرلاً، فيكون أول من يكسى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فيقول الله: اكسوا خليلي: فيؤتى بريطتين بيضاوين فيلبسهما، ثم يقعد فيستقبل العرش، ثم أوتى بكسوتي، فألبسها فأقوم عن يمينه مقاماً لا يقومه أحد غيري، يغبطني به الأولون والأخرون، قال: ويفتح من الكوثر إلى الحوض، فقال المنافق: إنه ما جرى ماء قط إلا على حال أو رضراض، فقال الأنصاري: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: على حال أو رضراض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حاله المسك ورضراضه التوم فقال المنافق: لم أسمع كاليوم، قلما جرى ماء قط على حال أو رضراض إلا كان له نبته، فقال الأنصاري: يا رسول الله، هل له نبت? فقال: نعم. قضبان الذهب، فقال المنافق: لم أسمع كاليوم، قلما نبت قضيب إلا أورق، وإلا كان له ثمر، فقال الأنصاري: يا رسول الله، هل له ثمر قال: نعم ألوان الجوهر، وماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، إن من شرب منه مشرباً لم يظمأ بعده، وإن من حرمه لم يرو بعده". تفرّد به أحمد وهو غريب جداً.
رواية عتبة بن عبد السلمي رضي اللّه عنه
قال الطبراني: حدثنا أحمد بن خليد الحلبي، حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، حدثنا معاوية بن سلام: أنه سمع أبا سلام يقول: حدثني عامر بن زيد البكالي: أنه سمع عتبة بن عبد السلمي يقول: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما حوضك الذي تحدث عنه فقال: "كما بين البيضاء إلى بصرى، لا يدري إنسان ممن خلق الله أين طرفاه".
من رغب عن سنة الرسول عليه السلام ضربت الملائكة وجهه عن الحوض يوم القيامة
قال أبو عبد الله القرطبي: وخرج الترمذي يعني الحكيم في نوادر الأصول من حديث عثمان بن مظعون عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يا عثمان لا ترغب عن سنتي، فإنه من رغب عن سنتي ثم مات قبل أن يتوب ضربت الملائكة وجهه عن حوضي يوم القيامة".
خشية الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته من التنافس في الدنيا رواية عقبة بن عامر الجهني رضي اللّه تعالى عنه قال البخاري: حدثنا عمرو بن خالد، حدثنا الليث، عن يزيد، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوماً فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف، فصعد على المنبر، فقال: "إني فرط لكم على الحوض، وأنا شهيد عليكم، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإني أعطيت مفاتيح خزائن أو مفاتيح الأرض، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها".
ورواه مسلم، عن قتيبة، عن الليث من حديث يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب به، وعنده: "إني فرطكم على الحوض وإن عرضه كما بين أيلة إلى الجحفة وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي، ولكني أخشى عليكم الدنيا، أن تتنافسوا فيها وتقتتلوا، فتهلكوا، كما هلك من كان قبلكم".
قال عقبة: فكان آخر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ذكر ما روي عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه في ذلك
أسند البيهقي من طريق علي بن المديني: حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم، ورحم أبو بكر، ورحمت، وسيكون قوم يكذبون بالرحم، والدجال، والحوض، والشفاعة، و بعذ اب القبر، وبقوم يخرجون من النار".
رواية النواس بن سفيان العلابي رضي اللّه عنه أول من يرد الحوض يوم القيامة من يسقي العطاش في الدنيا
قال عمر بن محمد بن بحر البحيري: حدثنا سليمان بن سلمة حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا ابن جريج، عن مجاهد، عن النواس بن سفيان، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن حوضي عرضه وطوله كما بين أيلة إلى عمان، فيه أقداح كنجوم السماء، أول من يرده من أمتي من يسقط كل عطشان".
أورده الضياء من هذا الوجه ثم قال: أرى أن هذا الحديث من صحاح البحيري والله أعلم.
من شرب من الحوض المورود حيل بينه وبين الظمأ وحفظ وجهه فلم يسود
رواية أبي إمامة الباهلي رضي الله تعالى عنه
قال أبو بكر بن أبي عاصم: حدثنا دحيم، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا صفوان، عن سليم بن عامر، عن أبي اليمان الهورني، عن أبي أمامة أبي يزيد بن الأخنس: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما سعة حوضك? فقال: "كما بين عدن إلى عمان- وأشار بيده وأوسع- فيه ضفتان من ذهب وفضة، قال: فما شراب حوضك? قال: أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل وأطيب رائحة من المسك، من شرب منه لم يظمأ بعده أبداً، ولم يسود وجهه".
طريق أخرى عن أبي أمامة
قال ابن أبي الدنيا: حدثنا محمد بن يوسف بن الصباح، حدثنا عبد الله بن وهب، عن معاوية بن صالح، عن أبي يحيى، عن أبي إمامة الباهلي قال: قيل يا رسول الله ما سعة حوضك? قال: ما بين عدن وعمان- وأشار بيده وأوسع- وفيه ضفتان من ذهب وفضة، قيل: يا رسول الله: فما شرابه? قال أبيض من اللبن وأحلى مذاقاً من العسل، وأطيب ريحاً من المسك، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً، ولم يسود وجهه بعدها أبداً.
رواية أبي برزة الأسلمي رضي الله تعالى عنه
قال أبو داود: حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا عبد السلام بن أبي حازم أبو طالوت قال: شهدت أبابرزة دخل على عبيد الله بن زياد فحدثني فلان- سماه- مسلم، وكان في السماط، فلما رآه عبيد الله قال: إن محدثكم هذا الدحداح ففهمها الشيخ فقال: ما كنت أحسب أني أهان في قوم يعيروني بصحبة محمد صلى الله عليه وسلم!! فقال له عبيد الله: إن صحبة محمد لك زين غير شين: ثم قال: إنما بعثت إليك لأسألك عن الحوض، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر فيه شيئاً. قال أبو برزة: نعم. لا مرة، ولا اثنتين، ولا ثلاثاً، ولا أربع، ولا خمساً، فمن كذب به فلا سقاه الله منه ثم خرج مغضباً.
لا يسقى من الحوض من كذب به
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثني أبو خيثمة، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن مهرم العبدي، عن أبي طالوت العنزي، سمعت أبا برزة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لي الحوض، فمن كذب به فلا سقاه الله منه".
وقد رواه البيهقي من طريق أخرى، عن محمد بن يحيى الذهلي، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن قرة بن خالد، عن أبي حمزة طلحة بن يزيد مولى الأنصار، عن أبي برزة في دخوله على عبيد الله بن زياد بنحو ما تقدم.
طريق أخرى عن أبي برزة
قال أبو بكر بن عاصم: حدثنا عبده بن عبد الرحيم، حدثنا النضر بن شميل، حدثنا شداد بن سعيد قال: سمعت أبا الوازع وهو جابر يزعم أنه سمع أبا برزة الأسلمي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما بين ناحيتي حوضي كما بين أيلة إلى صنعاء، مسيرة شهر، عرضه كطوله، فيه ميزابان يعبان من الجنة، من ورق وذهب، أبيض من اللبن، وأحلى من العسل، فيه أباريق عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً، ومن كذب به فلا سقاه الله" يعني منه.
رواية أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه
قال أبو بكر بن أبي الدنيا في الأهوال: حدثنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا روح، حدثنا حماد بن زيد، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن أبي بكرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أنا فرطكم على الحوض".
رواية أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه
قال مسلم بن الحجاج في صحيحه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم، وابن أبي عمر المكي، واللفظ لأبي شيبة قال إسحاق: أخبرنا وقال الآخران: حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد: عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر، قال: قلت يا رسول الله ما آنية الحوض قال: "والذي نفسي بيده لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها في الليلة المظلمة لا المصحية، من آنية الجنة، يشخب فيه ميزابان من الجنة، من شرب منه لم يظمأ، عرضه مثل طوله، ما بين عمان إلى أيلة، ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل" هذا لفظه إسناداً ومتناً.
الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر أنبياء اللّه تابعين يوم القيامة رواية أبي سعيد الخدري رضي اللّه تعالى عنه
قال ابن أبي عاصم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن بشر، حدثنا زكريا، عن عطية العوني، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن لي حوضاً طوله ما بين الكعبة إلى بيت المقدس، أبيض من اللبن، وآنيته عدد النجوم، وإني لأكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة".
ورواه ابن ماجه: عن أبي بكر بن أبي شيبة.
وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا محمد بن سليمان الأسدي، حدثنا عيسى بن يونس، عن زكريا، عن عطية عن أبي سعيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن لي حوضاً طوله ما بين الكعبة إلى بيت المقدس، أشد بياضاً من اللبن آنيته عدد النجوم، وكل نبي يدعو أمته، ولكل نبي حوض، فمنهم من يأتيه الفئام، ومنهم من يأتيه العصبة ومنهم من يأتيه النفر، ومنهم من يأتيه الرجلان، ومنهم من يأتيه الرجل، ومنهم من لا يأتيه أحد، فيقال: قد بلغت، وإني لأكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة".
بين قبر الرسول عليه الصلاة والسلام ومنبره روضة من رياض الجنة
وروى البيهقي من طريق روح بن عبادة، عن مالك، عن حبيب، عن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة، وأبي سعيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة".

ثم قال: ورواه البخاري من وجه آخر عن مالك، وأخرجاه من حديث عبد الله بن عمر عن حبيب بدون ذكر سعيد.
رواية أبي هريرة الدوسي رضي الله عنه
قال البخاري: حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا أنس بن عياض، عن عبيد الله بن حبيب، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي".
ورواه البخاري أيضاً ومسلم من طرق، عن عبيد الله بن عمر، وأخرجه البخاري من حديث مالك، كلاهما عن حبيب بن عبد الرحمن به، والله تعالى أعلم.
طريق أخرى عن أبي هريرة
قال البخاري: حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا محمد بن فليح، حدثنا أبي، حدثنا هلال، عن يسار، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينا أنا قائم إذا زمرة، حتى إذا عرفتهم، خرج رجل من بيني وبينهم. فقال لهم: هلم، قلت: إلى أين? قال: إلى النار والله، قلت: ما شأنهم? قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ثم إذا زمرة أخرى، حتى إذا عرفتهم، خرج رجل بيني وبينهم، فقال: هلم قلت: إلى أين? قال: إلى النار والله. قلت: ما شأنهم قال: إنهم ارتدوا على أدبارهم، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم" انفرد به.
طريق أخرى عن أبي هريرة
قال مسلم: حدثنا عبد الرحمن بن سلام الجمحي، حدثني الربيع يعني ابن مسلم، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لأذودن عن حوضي رجالاً كما تذاد الغريبة من الإِبل".
وحدثنيه عبد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن محمد بن زياد، أنه سمع أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله.
طريق أخرى عن أبي هريرة
قال مسلم: حدثنا سويد بن سعيد وابن أبي عمر جميعاً، عن مروان الفزاري، قال ابن أبي عمر، حدثنا مروان الفزاري، عن أبي مالك الأشجعي سعد بن طارق، عن أبي حازم، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن حوضي أبعد من أيلة إلى عدن، هو أشد بياضاً من الثلج، وأحلى من العسل باللبن، ولآنيته أكثر من عدد النجوم، وإني لأصد الناس عنه، كما يصد الرجل إبل الناس عن حوضه، قالوا: يا رسول الله: أتعرفنا يومئذ? قال: نعم. لكم سيماء ليست لأحد من الأمم، تردون عليَّ غراً محجلين من أثر الوضوء".
هذا لفظه أخرجه مسلم، من حديث إسماعيل بن جعفر، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة به، والله سبحانه وتعالى أعلم.
طريق أخرى عن أبي هريرة
روى الحافظ الضياء أيضاً: من حديث يحيى بن صالح، حدثنا سليمان بن هلال، حدثنا إبراهيم ابن أبي أسيد، عن جده، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أنا هلكت فأنا فرطكم على الحوض، قيل يا رسول الله وما الحوض? قال: عرضه مثل ما بينكم وبين جرباء وأذرح، بياضه بياض اللبن، وهو أحلى من العسل والسكر، آنيته مثل نجوم السماء، من ورد على شرب، ومن شرب منه لم يظمأ أبداً، وإياكم أن يرد عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني، فيحال بيني وبينهم، فأقول: إنهم من أمتي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: بعداً أو سحقاً لمن بدل".
ثم قال الحافظ الضياء: لا أعلم أني سمعت بلفظ السكر عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا في هذا الحديث.
قلت: بل قد ورد لفظ السكر في حديث رواه البيهقي في باب الوليمة والنثار: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حضر عقداً فأتى بأطباق الجوز والسكر، فنثر، فجعل يخاطفهم ويخاطفونه". الحديث بتمامه، وهو غريب جداً.
طريق أخرى عن أبي هريرة
قال البخاري: وقال أحمد بن شبيب بن سعيد الخيطي، حدثنا أبي، عن يونس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يرد عليَّ يوم القيامة رهط. من أصحابي، فيجفلون من الحوض، فأقول: يا رب أصحابي، فيقول: إنك لا تعلم بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أعقابهم القهقرى".
قال: قال شعيب، عن الزهري، كان أبو هريرة يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيجفلون وقال عقيل: فيجلون. وقال الزبيري: عن أبي هريرة، عن محمد بن علي، عن عبد الله بن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا كله تعليق ولم أر أحد أسنده بشيء من هذا الوجه، عن أبي هريرة إلا أن البخاري قال بعدهذا: حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن المسيب، أنه كان يحدث عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: "إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم ا لقهقرى".
وقال ابن أبي الدنيا: حدثني يعقوب بن عبيد وغيره، عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن كلثوم امام مسجد بني قشير، عن الفضل بن عيسى، عن محمد بن المنكدر، عن أبى هريرة قال: "كأني بكم صادرين على الحوض، يلقى الرجل الرجل فيقول: أشربت? فيقول: نعم، ويلقى الرجل الرجل فيقول: واعطشاه".
رواية أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما
قال البخاري: حدثنا سعيد بن أبي مريم، عن نافع، عن ابن عمر، حدثني ابن أبي مليكة، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني على الحوض، حتى أنظر من يرد عليّ منكم، وسيؤخذ أناس دوني، فأقول: يا رب: مني ومن أمتي، فيقال: هل شعرت بما عملوا بعدك والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم".
فكان ابن أبي مليكة يقول: اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نفتن عن ديننا.
ورواه مسلم: عن داود بن عمر، عن نافع، عن ابن أبي مليكة، عن أسماء مثله.
رواية أم المؤمنين عائشة بنت الصديق رضي اللّه عنهما
قال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، قال: سألت عائشة أم المؤمنين عن الكوثر فقالت: "هو نهر أعطيه نبيكم صلى الله عليه وسلم في الجنة، حافتاه در مجوف، عليه من الآنية عدد النجوم".
رواه البيهقي، ورواه البخاري، عن خالد بن يزيد الكاهلي، عن إسرائيل واستشهد برواية مطرف.
وقال مسلم: حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا يحيى بن أبي أسلم، عن ابن خيثم، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، أنه سمع عائشة تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين ظهراني أصحابه يقول: "إني على الحوض انتظر من يرد عليَّ منكم، فوالله ليقتطعن دوني رجال فلأقولن: أي رب، مني، ومن أمتي، فيقول: إنك لا تدري ما عملوا بعدك ما زالوا يرجعون على أعقابهم". تفرد به مسلم، والله تعالى الموفق للصواب.
رواية أم المؤمنين أم سلمة رضي اللّه عنها
قال مسلم: حدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي، أنبأنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمر وهو ابن الحارث، أن بكيراً حدثه عن القاسم بن عباس الهاشمي، عن عبد الله بن نافع مولى أم سلمة، عن أم سلمة زوج النبي قالت: كنت أسمع الناس يذكرون الحوض، ولم أسمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كنت يوماً، والجارية تمشطني، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أيها الناس: فقلت للجارية: استأخري عني، فقالت: إنما دعا الرجال ولم يدع النساء، فقلت: إني من الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني فرط لكم على الحوض، فأنا انتظر من يرد عليَّ منكم، لا يأتين أحدكم فيذب عني كما يذاب البعير الضال، فأقول: فيم هذا فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول: سحقاً".
ثم رواه مسلم، والنسائي، من حديث أفلح بن سعيد، عن عبد الله بن رافع عنها، فقد تلخص من مجموع هذه الأحاديث المتواترة صفة هذا الحوض العظيم، والمورد الكريم، من شراب الجنة، من نهر الكوثر، الذي هو أشهد بياضاً من اللبن، وأبرد من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب ريحاً من المسك وهو في غاية الإشباع، عرضه وطوله سواء، كل زاوية من زواياه مسيرة شهر، وأنه ينبت في حال من المسك، ورضراض من اللؤلؤ، فسبحان الخالق الذي لا يعجزه شيء، لا إله إلا هو، ولا معبود سواه.
ذكر أن لكل نبي حوضاً وأن حوض نبينا صلى الله عليه وسلم عظمها وأجلها وأكثرها وراداً
قال الحافظ أبو بكر بن أبي الدنيا في كتاب الأهوال: حدثنا محمد ابن سليمان الأسدي، حدثنا عيسى بن يونس، عن زكريا، عن عطية، عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن لي حوضاً ما بين الكعبة إلى بيت المقدس، أشد بياضاً من اللبن، آنيته عدد النجوم، وكل نبي يدعو أمته، ولكل نبي حوض، فمنهم من يأتيه الفئام ومنهم من يأتيه العصبة، ومنهم من يأتيه النفر ومنهم من يأتيه الرجلان، والرجل، ومنهم من لا يأتيه أحد، فيقال: لقد بلغت، وإني لأكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة".
ورواه ابن ماجه، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمد بن بشر، عن زكريا بن أبي زائدة، عن عطية بن سعيد العوني، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه والله أعلم بالصواب.
أولياء الله يردون حياض أنبياء الله عليه الصلاة والسلام حديث آخر
قال ابن أبي الدنيا: حدثنا العباس بن محمد، حدثنا الحسن بن محمد المروزي، حدثنا محصن بن عقبة اليماني، عن الزبير بن شبيب، عن أبي عثمان، عن ابن عباس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوقوف بين يدي رب العالمين هل فيه ماء? قال: "إي والذي نفسي بيده، إن فيه لماء، إن أولياء الله ليردون حياض الأنبياء ويبعث الله سبعين ألف ملك في أيديهم عصي من نار يذودون الكفار عن حياض الأنبياء".
وهذا حديث غريب من هذا الوجه وليس هو في شيء من الكتب الستة، وتقدم ما رواه الترمذي وغيره من حديث شعبة بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن سميرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال. "إن لكل نبي حوضاً، يتباهون أيهم أكثر وارده، وإني لأرجو أن أكون أكثرهم وارده".
ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب، وقد رواه أشعث بن عبد الملك عن الحسن مرسلاً وهو أصح.
وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا خالد بن حراش، حدثنا حزم بن أبي حزم، سمعت الحسن البصري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا فقدتموني فأنا فرطكم على الحوض، إن لكل نبي حوضاً، وهو قائم على حوضه، بيده عصا يدعو من عرف من أمته، ألا وإنهم يتباهون أيهم أكثر تبعاً، والذي نفسي بيده، إني لأرجو أن أكون أكثرهم تبعاً".
وذكر تمام الحديث، وهذا مرسل عن الحسن، وهو حسن، صححه يحيى بن سعيد القطان، وغيره، وقد أفتى شيخنا المزي بصحته من هذه الطرق.
فصل
الحوض المورود قبل الصراط الممدود وما أفهم عكس ذلك ضعيف أو مردود أو مؤول
إن قال قائل: فهل يكون الحوض قبل الجواز على الصراط أو بعده قلت: إن ظاهر ما تقدم من الأحاديث يقتضي كونه قبل الصراط، لأنه يذاد عنه أقوام يقال عنهم إنهم لم يزالوا يرتدون على أعقابهم منذ فارقتهم، فإن كان هؤلاء كفاراً فالكافر لا يجاوز الصراط، بل يكب على وجهه في النار قبل أن يجاوزه، وإن كانوا عصاة فهم من المسلمين فيبعد حجبهم عن الحوض لاسيما وعليهم سيما الوضوء، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أعرفكم غراً محجلين من آثار الوضوء".
"ثم من جاوز لا يكون إلا ناجياً مسلماً فمثل هذا لا يحجب عن الحوض فالأشبه والله أعلم أن الحوض قبل الصراط، فأما الحديث الذي قال الإمام أحمد: حدثنا يونس، حدثنا حرب بن ميمون، عن النضر بن أنس، عن أنس قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشفع لي يوم القيامة قال: "أنا فاعل قال: فأين أطلبك يوم القيامة يا نبي الله قال: اطلبني أول ما تطلبني على الصراط قلت: فإن لم ألقك? قال: فاطلبني عند المنبر، قال: فإن لم ألقك? قال: فأنا عند الحوض لا أخطىء هذه الثلاثة المواطن يوم القيامة" ورواه الترمذي من حديث بدل بن المحبر وابن ماجه في تفسيره من حديث عبد الصمد كلاهما عن حرب بن ميمون بن أبي الخطاب الأنصاري البصري، من رجال مسلم، وقد وثقه علي بن المديني، وعمرو بن علي الغلاس وقوفاً بينه وبين حرب بن ميمون بن أبي عبد الرحمن العبدي البصري أيضاً صاحب الأدعية وضعفاً هذا، وأما البخاري فجعلهما واحداً، وحكى عن سليمان بن حرب أنه قال: هذا أكذب الخلق وأنكر الدارقطني على البخاري ومسلم جعلهما هذين حديثاً واحداً وقال: شيخنا المزي جمعهما غير واحد، وفرق بينهما غير واحد، وهو الصحيح.
قلت: وقد حررت هذا في التكميل بما فيه كفاية، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، والمقصود أن ظاهر هذا الحديث يقتضي أن الحوض بعد الصراط، وكذلك الميزان أيضاً، وهذا لا أعلم به قائلاً، اللهم إلا أن يكون ذلك حوضاً ثانياً لا يذاد عنه أحد، والله سبحانه وتعالى أعلم.
فصل
وإذا كان الظاهر كونه قبل الصراط، فهل يكون ذلك قبل وضع الكرسي للفصل أو بعد ذلك هذا مما يحتمل كلاًّ من الأمرين? ولم أر في ذلك شيئاً فاصلاً، فالله أعلم أي ذلك يكون.
صحيح العلماء أن الحوض قبل الميزان
وقال العلامة أبو عبد الله القرطبي في التذكرة أيضاً، واختلف في كون الحوض قبل الميزان، قال أبو الحسن القابسي: والصحيح أن الحوض قبل، قال القرطبي: والمعنى يقتضيه، فإن الناس يخرجون عطاشاً من قبورهم كما تقدم، فيقدم على الميزان والصراط، قال أبوحامد الغزالي في كتاب علم كشف الآخرة، حكى بعض السلف من أهل التصنيف: أن الحوض يورد عبد الصراط، وهو غلط من قائله، قال القرطبي: هو كما قال، ثم أورد حديث منع المرتدين على أعقابهم القهقرى عنه، ثم قال: وهذا الحديث مع صحته أدل دليل على أن الحوض يكون في الموقف قبل الصراط، لأن الصراط من جاز عليه سلم، كما سيأتي، قلت: وهذا التوجيه قد أسلفناه ولله الحمد.
اختلاف تحديد الرسول عليه السلام لحجم الحوض طولاً وعرضاً لاختلاف المخاطبين فحدد لكل بالأمكنة التي يعرف
قال القرطبي: وقد ظن بعض الناس أن في تحديد الحوض تارة بجرباء وأذرح، وتارة بما بين الكعبة إلى كذا وتارة بغير ذلك اضطراباً، قال: وليس الأمر كذلك، فإنه عليه الصلاة والسلام حدث أصحابه مرات متعددة، فخاطب في كل مرة القوم بما يعرفون من الأماكن، وقد جاء في الصحيح تحديده بشهر في شهر، قال: ولا يخطر في بالك أنه في هذه الأرض، بل في الأرض المبدلة، وهي أرض بيضاء كالفضة، لم يسفك فيها دم، ولم يظلم على ظهرها أحد قط، تطهر لنزول الجبار جل جلاله لفصل القضاء، قال: ورد في الحديث: أن على كل جانب منه واحداً من الخلفاء الأربعة، فعلى الركن الأول أبو بكر، وعلى الثاني عمر، وعلى الثالث عثمان، وعلى الرابع علي، رضي الله عنهم، قلت: وقد رويناه في الغيلانيات، ولا يصح إسناده، لضعف بعض رجاله.
فصل
مجيء الرب سُبْحَانه وَتَعَالى يَومَ الْقِيَامَة لفصل القَضَاءَ
ذكر في حديث الصوم المتقدم: أنه إذا ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشفع عند الله ليفصل بين عباده بعدما يسأل في ذلك آدم فمن بعده، فكل يقول لست بصاحب ذاكم، حتى ينتهي الأمر إليه صلوات الله وسلامه عليه، فيشفع عند ربه، وتنزل الملائكة تنزيلاً، فينزل أهل السماء الدنيا، وهم قدر هل الأرض من الجن والإِنس، فيحيطون بهم دائرة، ثم تنشق السماء الثانية وتنزل ملائكتها، وهم قدر أهل الأرض، فيحيطون بهم دائرة، ثم كذلك السماء الثالثة والرابعة، ثم الخامسة، ثم السادسة، ثم السابعة، فكل سماء تحيط بمن قبلهم دائرة، ثم تنزل الملائكة الكروبيون، وحملة العرش المقربون، ولهم زجل بالتسبيح والتقديس والتعظيم، يقولون سبحان ذي العزة والجبروت سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان الحي الذي لا يموت، سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت، سبوح قدوس، سبوح قدوس، سبحان ربنا الأعلى، رب الملائكة والروح، سبحان ربنا الأعلى، يميت الخلائق ولا يموت.
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا في الأهوال: حدثني حمزة بن العباس، أخبرنا عبد الله بن عثمان، أخبرنا ابن المبارك، أخبرنا عوف، عن أبي المنهال سيار بن سلامة الرياحي، حدثنا شهر بن حوشب، حدثني ابن عباس، قال: إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم، وزيد في سعتها كذا، وجمع الخلائق في صعيد واحد، جنهم وإنسهم، فإذا كان كذلك قبضت هذه السماء الدنيا عن أهلها نشوراً على وجه الأرض، ولأهل هذه السماء وحدهم أكبر من جميع أهل الأرض، جنهم وإنسهم، بالضعف، فإذا رآهم أهل الأرض فزعوا إليهم يقولون: أفيكم ر بنا فيفزعون من قولهم ويقولون: سبحان ربنا، ليس فينا، وهو آت، ثم يقبض السموات سماء سماء، كلما قبضت سماء كانت أكثر من أهل السماء التي تحتها، ومن جميع أهل الأرض، بالضعف، جنهم وإِنسهم، كلما مروا على وجه الأرض فزع إليهم أهلها يقولون مثل ذلك، ويرجعون إليهم مثل ذلك، حتى تقبض السماء السابعة، ولأهلها وحدهم أكبر من أهل ست سموات، ومن أهل الأرض بالضعف ويجيء الله تعالى فيهم والأمم صفوف فينادي مناد: ستعلمون من أصحاب الكرم اليوم، ليقم الذين كانت "تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَن الْمَضَاجع يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمعاً وَمِمَّا رزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ".
فيقومون، فيسرحون إِلى الجنة، ثم ينادي ثانية ستعلمون من أصحاب الكرم اليوم، ليقم الذين كانت "لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَام الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقلَّبُ فِيهِ الْقلوبُ وَالأبْصَارُ".
فيقومون، فيسرحون إِلى الجنة فإِذا أخذ هؤلاء، خرج عنق من النار فأشرف على الخلائق، له عينان بصيرتان ولسان فصيح فيقول: إني وكلت بثلاثة وكلت بكل جبار عنيد، فيلقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم فيحبس بهم في جهنم ثم يخرج الثانية فيقول: إني وكلت بمن آذى الله ورسوله، فيلقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم، فيحبس في جهنم، ثم يخرج الثالثة فيقول: إني وكلت بأصحاب التصاوير، فيلقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم فيحبس بهم في جهنم، فإذا أخذ هؤلاء، وهؤلاء نشرت الصحف، ووضعت الموازين، وعيت الخلائق للحساب، وقد قال الله تعالى: "كًلاّ إِذَا دُكَّتِ الأرْضُ دَكَّاً دكّاً وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً وجيءَ يَوْمَئذ بِجِهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى".
وقال تعالى: "هلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أنْ يَأتِيَهُمُ اللَّهُ في ظلَل مِنَ الْغَمَام وَالمَلاَئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرجَعُ الأمُورُ".
وقال تعالى: "وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيء بِالنَبِيِّينَ وَالشُّهَداء وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ وَوُفِّيَتْ كُلِّ نَفْس مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ".
وقال تعالى: "وَيَوْمَ تَشَقق السَّمَاءُ بِالْغَمَام ونُزِّلَ الْمَلاَئِكَةُ تَنْزِيلاً الْمُلْكُ يَوْمَئِذ الْحَقُّ لِلرَّحْمن وَكَانَ يَوْماً عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيراً".
وقال في حديث الصور: فيضع الله كرسيه حيث شاء من أرضه يعني بذلك كرسي فصل القضاء، وليس هذا بالكرسي المذكور في الحديث المروي في صحيح ابن حبان.
"ما السموات السبع، والأرضون السبع، وما فيهن وما بينهن، وما الكرسي، إِلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وما الكرسي في العرش إلا كتلك الحلقة بتلك الفلاة، والعرش لا يقدر قدره إِلا الله عز وجل".
وقد يطلق على هذا الكرسي اسم العرش وقد ورد ذلك في بعض الأحاديث كما في الصحيحين: "سبعة يظلهم في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله" الحديث بتمامه.
وثبت في صحيح البخاري من حديث الزهري، عن أبي سلمة، وعبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان يوم القيامة، فإن يصعقون وأكون أول من يفيق فأجد موسى باطشاً بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أصعق فأفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور"?.
فقوله: أم جُوزي بصعقة الطور يدل على أن هذا الصعق الذي يحصل للناس يوم القيامة، سببه تجلي الرب تعالى لعباده لفصل القضاء فيصعق الناس من العظمة والجلال، كما صعق موسى يوم الطور، حين سأل الرؤية فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً، وخر موسى صعقاَ فموسى عليه الصلاة والسلام يوم القيامة إذا صعق الناس، إما أن يكون جوزي بتلك الصعقة الأولى فما صعق عند هذا التجلي، وإما أن يكون صعق أخف من غيره، فأفاق قبل الناس كلهم، والله أعلم.
وقد ورد في بعض الأحاديث: "أن المؤمنين يرون الله عز وجل في عرصات القيامة".
كما ثبت في الصحيحين واللفظ للبخاري من بشر بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة البدر فقال: "إنكم سترون ربكمِ يوم القيامة كما ترون هذا، لا تضامون في رؤيته " وفي رواية للبخاري: "إنكم سترون ربكم عياناَ".
وجاء أنهم يسجدون له تعالى، كما قال ابن ماجه: حدثنا جبارة بن المغلس الجمالي، حدثنا عبد الأعلى بن أبي المساور، عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة أذن لأمة محمد في السجود، فيسجدون له طويلاً، ثم يقال: ارفعوا رؤوسكم، فقد جعلنا عدتكم فداكم من النار".
له شواهد من وجوه أخر كما سيأتي.
وقال البزار: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا يحيى بن حماد، حدثنا أبو عوانة عن الأعمش، عنأبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حتى إن أحدكم ليلتفت فيكشف عن ساق، فيقعون سجوداً، وترجع أصلاب المنافقين حتى تكون عظماً، كأنها صياصي البقر" ثم قال: لا تعلم من حدث به عن الأعمش إلا أبا عوانة قلت: وسيأتي له شاهد من وجه آخر، وذكر في حديث الصور: "أن الله ينادي العباد يوم القيامة فيقول: إني قد أنصت لكم منذ خلقتكم لي يومكم هذا، أرى أعمالكم، وأسمع أقوالكم فأنصتوا إليَّ فإنما هي أعمالكم وصحفكم تقرأ عليكم، فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه".
وروى الإِمام أحمد: من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله، أنه اشترى راحلة فسار إلى عبد الله بن أنيس شهراً، ليسمع منه حديثاً بلغه عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يحشر الناس يوم القيامة- أو قال العباد- عراة، غرلاً، بهماً قال، قلنا: وما بهما قال: ليس معهم شيء، ثم يناديهم بصوت، يسمعه من بعد، كما يسمعه من قُرب: أنا الملك، أنا الديان، لا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار، وله عند أحد من أهل الجنة حق إلا قضيته له منه، حتى اللطمة، قال: قلنا: وكيف وإننا إنما نأتي الله بهما? قال: بالحسنات والسيئات".
وفي صحيح مسلم، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الإلهي الطويل: "يا عبادي: إنما هي أعمالكم أحصيها لكم فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إِلا نفسه".
وقد قال الله تعالى: "إنَّ في ذَلِكَ لآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَاب الآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْموعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوم مَشْهود وَمَا نُؤخرُهُ إلا لأجَل مَعدود يَوْمَ يأتِ لاَ تَكًلّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بإذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِي وَسَعِيدً".
ثم ذكر ما أعده للأشقياء وما وعد به السعداء، وقال تعالى: "رب السَّموات والأرْض وَمَا بَيْنَهما الرَحْمن لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً "يَوْمَ يَقُومُ الروحُ والمَلاَئِكَةُ صَفّا لاَ يَتَكًلّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقَالَ صَواباً".
وثبت في الصحيح: ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، وقد عقد البخاري رحمه الله باباً في ذلك، في كتاب التوحيد في صحيحه.
الجزء الثاني
كلام الرب سبحانه وتعالى يوم القيامة مع الأَنبياء
ولا يتكلم يومئذ إِلا الرسل، وقد عقد البخاري رحمه الله باباً في ذلك فقال في باب التوحيد من صحيحه في باب كلام الرب سبحانه وتعالى يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم.
ثم أورد فيه حديث أنس في الشفاعة بتمامه وسيأتي، وحديث: "ما منكم من أحد إِلا سيكلمه ربه، ليس بينه وبينه ترجمان".
وسيأتي حديث ابن عمر في النجوى أيضاً، ونحن نورد في هذه الترجمة أحاديث أخر مناسبة له أيضاً، وبالله المستعان وقد قال تعالى: "يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُل فيَقُولُ مَاذَا أجِبْتُمْ قَالوا لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عًلاّمُ الْغُيُوبِ".
وقال تعالى: "فَلَنَسْألَنَّ الَّذِينَ أرْسِلَ إِلَيْهِمْ ولَنَسْألَنَّ الْمُرْسَلِينَ فَلَنقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْم وَمَا كنَّا غَائِبِينَ والْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقًّ فَمَنْ ثَقلَتْ مَوَازِينُهُ فَأولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأولَئِكَ الَّذِينَ خَسِروا أنْفسَهُمْ بِمَا كَانُوا بآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ".
وقال تعالى: "فَوَرَبِّكَ لَنَسْألَنَّهُمْ أجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ".
شهادة أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الأمم يوم القيامة
وقال ابن أبي الدنيا: أخبرنا ابن المبارك، أخبرنا رشدين بن سعد، أخبرنا ابن أرقم المغافري، عن جبلان بن أبي جبلة، بسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جمع الله عباده يوم القيامة، كان أول من يدعى إسرافيل، فيقول له ربه: ما فعلت في عهدي هل بلغت عهدي? فيقول: نعم قد بلغت، فيخلي عن إسرافيل، ويقال لجبريل: هل بلغت عهدي. فيقول: نعم قد بلغت الرسل، فيقول الله عز وجل لهم: هل بلغكم جبريل عهدي? فيقولون: نعم، فيخلي عن جبريل، ويقال للرسل: ما فعلتم فعهدي فيقولون: بلغنا أممنا، فتدعى الأمم فيقال لهم: هل بلغكم الرسل عهدي فيقولون: بلغناهم فمنهم المكذب ومنهم المصدق، وإن لنا عليهم شهداء يشهدون أن قد بلغنا مع شهادتك، فيقول: من يشهد لكم فيقولون: أمة محمد، فتدعى أمة محمد فيقول الله تعالى لهم: أتشهدون أن رسلي هؤلاء قد بلغوا عهدي إلى من أرسلوا إليهم فيقولون: نعم يا ربنا شهدنا أن قد بلغوا. فتقول تلك الأمم: كيف يشهد علينا من لم يدركنا فيقول لهم الرب: كيف تشهدون على من لم تدركوا فيقولون: ربنا بعثت إلينا رسولاً، وأنزلت إلينا عهدك وكتابك، وقصصت علينا أنهم قد بلغوا، فشهدنا بما عهدت إلينا فيقول الرب: صدقوا فذلك قوله تعالى: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنهمْ أمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاس وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً".
قال ابن أرقم: فبلغني أنه يشهد أمة أحمد إلا من كان في قلبه إحنة.
كلامه سبحَانه وتَعالى مَع آدم عَلَيه الصَّلاة والسَّلام يَوم القيامة
أمة محمد عليه الصلاة والسلام في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود
قال الإِمام أحمد: حدثنا قتيبة، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن ثور، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أول من يدعى يوم القيامة آدم، فيقال: هذا أبوكم آدم، فيقول: ربِّ لبيك وسعديك، فيقول له ربنا: أخرج نصيب جهنم من ذريتك، فيقول: يا رب وكم? فيقول: من كل مائة تسعة وتسعين، فقلنا: يا رسول الله أرأيت إذا أخذ من كل مائة تسعة وتسعين فماذا يبقى منا? قال: إن أمتي في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود".
أول من يدعى يوم القيامة آدم عليه الصلاة والسلام
ورواه البخاري، عن إسماعيل بن عبد الله، عن أخيه، عن سليمان بن بلال، عن ثور بن زيد الديلمي، عن سالم أبي الغيث مولى بن معطيع، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أول من يدعى يوم القيامة آدم فتراه ذريته فيقال: هذا أبوكم آدم، فيقول: لبيك وسعديك فيقول، أخرج بعث جهنم من ذريتك". وذكر تمامه مثل ما تقدم.
رجاء الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون أتباعه نصف أهل الجنة:
وقال الإِمام أحمد: حدثنا وكيع عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله يوم القيامة: يا آدم قم فابعث بعث النار، فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك يا رب وما بعت النار فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون. قال: فيومئذ يشيب المولود". وقد قال تعالى: "وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْل حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا همْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ".
قال: فيقولون أين ذلك الواحد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تسعمائة وتسعة وتسعون من يأجوج ومآجوج ومنكم واحد قال: فقال الناس الله أكبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، والله إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة، والله إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة"، قال: فكبر الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنتم في الناس إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في الثور الأبيض".
ورواه البخاري، عن عمر بن حفص بن غياث، عن أبيه، عن الأعمش به، ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيع به، وأخرجاه من طرق آخر عن الأعمش به، وفي صحيح البخاري، عن بندار، عن غندر، عن شعبة، عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن مسعود، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في فيد فقال: "أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة? قلنا: نعم، قال: والذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة وذلك أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة، وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر".
كَلام الرب سُبْحَانَه وتَعَالى مَع نوح عَليه الصَّلاة والسَّلام وَسؤاله إِيَّاه عَن الْبَلاغ كَمَا قالَ تَعَالى: "فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسألًنّ الْمُرْسَلِينَ"
قال الإِمام أحمد: حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يدعى نوح يوم القيامة فيقال له: هل بلغت? فيقول: نعم، فيدعى قومه فيقال: هل بلغكم? فيقولون: ما أتانا من نذير، وما أتانا من أحد، قال: فيقال لنوح من يشهد لك فيقول: محمد وأمته": وذلك قوله: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنهمْ أمَّة وَسَطاً لِتَكونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاس".
قال: والوسط العدل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فتدعون، فتشهدون له بالبلاغ وأشهد عليكم، وقال: وهكذا رواه البخاري والترمذي والنسائي من طرق عن الأعمش، وقال الترمذي: حسن صحيح.
وقد رواه الإِمام أحمد بلفظ أعم من هذا فقال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد رضي اللّه عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجيء النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ومعه الرجل، والنبي ومعه الرجلان، وأكثر من ذلك، فيدعى قومه، فيقال لهم: هل بلغكم هذا? فيقولون: لا، فيقال له: هل بلغت قومك فيقول: نعم، فيقال: من يشهد لك فيقول: محمد وأمته، فيدعى محمد فيقال له: هل بلغ هذا قومه. فيقول: نعم، ثم تدعى أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيقال لهم: هل بلغ هذا أمته فيقولون: نعم، فيقال لهم: ومن أعلمكم فيقولون جاءنا محمد نبياً، وأخبرنا أن الرسل قد بلغوا. قال: فذلك قوله: "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً.
قال: يقول عدلاً لتكونوا شهداء على الناس، ويكون الرسول عليكم شهيداً".
وهكذا رواه ابن ماجه، عن أبي كريب، وأحمد بن سنان، كلاهما عن أبي معاوية.
شهادة أمة محمد عليه الصلاة والسلام على جميع الأمم يوم القيامة دليل عدالة هذه الأمة وشرفها
قلت: شهادة أمة محمد صلى الله عليه وسلم على جميع الأمم يوم القيامة برهان على عدالة هذه الأمة وشرفها، ومضمون هذا، أن هذه الأمة يوم القيامة يكونون عدولاً عند سائر الأمم، ولهذا يستشهد بهم سائر الأنبياء على أممهم، ولولا اعتراف أممهم بشرف هذه الأمة لما حصل إلزامهم بشهادتهم، وفي حديث بهز بن حكيم عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنكم وفيتم سبعين أمة، أنتم خيرها وأكرمها على اللّه سبحانه وتعالى".
تشريف إِبْرَاهيم عَليهِ الصَّلاة والسَّلام يَوْم الْقِيَامة عَلَى رؤوس الأَشْهَاد
قال اللهّ تعالى: "وآتَيْناهُ في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّه في الآخِرَةِ لَمِنَ الصَالِحِين".
قال البخاري: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: "إِنكم تُحْشَرون حُفاةً عراةً". ثم تلا قوله تعالى: "كَمَا بَدَأْنَا أوَّلَ خَلْق نعِيده".
وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: يا رب أصحابي، فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: كما قال العبد الصالح: "وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمت فِيهِمْ" إِلى قوله: "إِنَّكَ أنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم".
قال: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم. ذكر موسى عليه الصلاة والسلام وذكر شرفه وجلالته يوم القيامة وكثرة أتباعه وانتشار أمته.
ذكر عيسَى عَليه الصَّلاة والسَّلام وكَلام الرَّب عَزَّ وَجَلّ مَعه يَوم القيامة
قال اللّه تعالى: "وَإِذْ قَالَ الله يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قًلْتَ لِلنَّاس اتَّخِذُوني وأمِّيَ إِلهَيْن مِنْ دونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكونُ لِي أَنْ أَفولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتًهُ فَقَدْ عَلِمْتَة تَعْلَمُ مَا في نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا في نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عًلام الْغيُوبِ مَا قًلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَن اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُّمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهيداً مَا دُمْتَ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوفَّيْتَنِي كنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وأَنْتَ عَلَى كلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لهمْ فإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ، لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ العَظِيمُ".
وهذا السؤال من الله تعالى لعيسى ابن مريم، مع علمه تعالى أنه لم يقل شيئاً من ذلك، إنما هو على سبيل التقريع والتوبيخ لمن اعتقد فيه ذلك من ضلال النصارى وجهلة أهل الكتاب، فبرأ إلى الله تعالى من هذه المقالة، كما تتبرأ الملائكة ممن اعتقد فيهم شيئاً من الإِلهية حيث يقول الله تعالى: "وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أهؤلاءِ إِياكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قالوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَليُّنَا مِنْ دونهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبدونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤمِنُونَ".
وقال تعالى: "وَيَوْم يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدونَ مَنْ دونِ اللَّهِ فَيَقولُ أَ أَنْتُمْ أضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤلاء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ قَالوا سبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دونكَ مِنْ أَوْليَآءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءهمْ حَتى نَسُوا الذّكْرَ وَكَانُوا قَوْماً بُوراً فَقَدْ كًذّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلاَ نَصْراً وَمن يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً".
وقال تعالى: "وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمّ نَقُولُ لِلّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أنْتُمْ وَشُرَكَاءُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنهمْ وَقَالَ شُرَكَاؤهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ فَكَفَى باللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكمْ إِنْ كًنّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ هُنَالِكَ تَبْلُوُا كُلَّ نَفْس مَا أَسْلَفَتْ وَردوا إِلى اللّه مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ وضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانوا يَفْتَرُونَ".
مقام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عند الله يوم القيامة لا يدانيه مقام
فلا يساويه بل ولا يدانيه أحد فيه، ويحصل له من التشريفات ما يغبطهذا بها كل الخلائق من العالمين، من الأولين والآخرين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وقد تقدم ما ورد في المقام المحمود من الأحاديث والآثار، وأنه أول من يسجد بين يدي الله يوم القيامة، وأول من يشفع فيشفع، وأول من يكسى بعد الخليل، يكسى الخليل ريطتين. بيضاوين، ويكسى محمد صلى الله عليه وسلم حلتين خضراوين، ويجلس الخليل بين يدي العرش، ومحمد صلى الله عليه وسلم عن يمين العرش فيقول: "يا رب إن هذا- ويشير إلى جبريل- أخبرني عنك أنك أرسلته إلي، فيقول الله عز وجل صدق جبريل".
وقد روى ليث بن أبي سليم، وأبو يحيى القتات، وعطاء بن السائب وجابر الجعفي، عن مجاهد أنه قال في تفسير المقام المحمود: إنه يجلسه معه على العرش، وروي نحو هذا عن عبد الله بن سلام، وجمع فيه أبو بكر المروزي جزءاً كبيراً، وحكاه هو وغيره وغير واحد من السلف وأهل الحديث كأحمد وإسحاق بن راهويه وخلق وقال ابن جرير: وهذا شيء لا ينكره مثبت ولا ناف، وقد نظمه الحافظ أبو الحسن الدارقطني في صيدة له.
قلت: ومثل هذا لا ينبغي قبوله إلا عن معصوم، ولم يثبت فيه حديث يعول عليه، ولا يصار بسببه إليه، وقول مجاهد في هذا المقام ليس بحجة بمفرده، ولكن قد تلقاه جماعة من أهل الحديث بالقبول، وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: أخبرنا شريح بن يونس، أخبرنا أبو سفيان المعمري، عن معمر، عن الزهري، عن علي بن الحسين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم، حتى لا يكون للإِنسان إلا موضع قدميه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فأكون أول من يدعى، وجبريل عن يمين الرحمن، والله ما رآه قبلها، فأقول: يا رب: إن هذا أخبرني أنك أرسلته إِليَّ، فيقول الله: صدق، ثم أشفع، فأقول: يا رب عبادك في أطراف الأرض" فهو المقام المحمود.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق